ألقت الحرب في السودان بظلالها على حركات دارفور المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، إذ عصفت المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع باستقرار بعضها، ومن أبرزها تصدع حركتي “تمازج” و”العدل والمساواة”.

ووجدت حركات دارفور التي كانت تقاتل نظام الرئيس السابق عمر البشير والشريكة في الحكم بموجب اتفاق جوبا، أن عليها الاختيار بين تأييد الجيش الممسك بالسلطة والذي يقول إنه يخوض حرباً مع متمردين، أو دعم قوات الدعم السريع، وإما البقاء على الحياد والابتعاد عن مؤسسات السلطة مع الدعوة لوقف الحرب.

وتمثل الأوضاع داخل الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا “نتيجة طبيعية” لحالة الاستقطاب التي تسود الساحة السودانية منذ 15 أبريل.

منذ توقيع اتفاق سلام جوبا بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة في العام 2020، تحاول الحركات المسلحة التحول من التمرد وقتال الحكومة إلى ممارسة السياسة، لدخول غمار العمل العام استعداداً للانتخابات، التي أطاحت الحرب بآمال انعقادها.

ومع اندلاع القتال في 15 أبريل الماضي، شكلت الحركات التي تنتمي إلى إقليم دارفور قوة مشتركة لحماية المدنيين، توزعت مهامها بين حفظ الأمن بالأسواق والمرافق العامة في ولاية شمال دارفور، وتأمين القوافل التجارية والمساعدات الإنسانية، وإرسال قوة لحماية المدنيين في مدينة نيالا بجنوب دارفور، غربي البلاد.

ومن بين الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا، تبرز حركة “العدل والمساواة” التي يتزعمها وزير المالية جبريل إبراهيم، وحركة جيش “تحرير السودان”، بقيادة مني أركو مناوي، وجيش “تحرير السودان” (القيادة الجماعية)، وجيش “تحرير السودان” (المجلس الانتقالي)، والجبهة الثالثة (تمازج)، والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة مالك عقّار، نائب رئيس مجلس السيادة الحالي، والتي لم تصمد طويلاً، إذ انشق عنها ياسر عرمان، وشكّل الحركة الشعبية (التيار الثوري) مبتعداً بالبرامج والمواقف عن الحركة الأم.

ولا تزال الحركات المسلحة تشغل جميع مقاعدها في المجلس السيادي ومجلس الوزراء حتى الآن، إذ لم تقدم استقالتها من كلا المجلسين.

وتسببت الأوضاع الحالية، والمشهد السياسي المتأزم في ظهور تباينات واضحة وانقسامات معلنة داخل الحركات المسلحة.

في منتصف أغسطس الماضي، أعلنت حركة “تمازج” انضمامها للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع ودعت عناصرها في دارفور وكردفان وبقية المناطق إلى تسليم أنفسهم لنقاط انتشار قوات الدعم السريع، لكن سرعان ما أعلنت مجموعة من داخل الحركة انحيازها للجيش رافضة قرار رئيس الحركة بالانضمام لقوات الدعم السريع.

في المقابل، وصف عثمان عبد الرحمن، مستشار المتحدث الرسمي باسم الحركة، “ما يشاع عن وجود تصدع داخل الحركة” بأنه “محاولات فاشلة من جهات مجهولة للنيل أو التقليل من موقف الحركة أو قرارها بالانحياز للدعم السريع”.

ولا يقتصر الانقسام على حركة “تمازج”، لكنه وصل إلى حركة “العدل والمساواة” التي تعتبر من أكبر الحركات الموقعة على اتفاق السلام.

وعقد الأمين السياسي للحركة ومسؤول الترتيبات الأمنية في اتفاق جوبا، الفريق سليمان صندل، وعدد من قيادات الحركة، مؤتمراً، نهاية أغسطس الماضي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، قالوا إنه استثنائي لتصحيح الأوضاع، معلنين الإطاحة برئيس الحركة، جبريل إبراهيم، وزير المالية الحالي، واختيار صندل لرئاستها وتعديل عدد من المواقع.

في مواجهة هذا التحرك، أعقب المؤتمر لقاءاً حاشداً لقيادات الحركة بمدينة بورتسودان، وقال نائب الأمين السياسي في الحركة، محمد زكريا، لـ”الشرق”: “هناك مجموعة لم تلتزم بالنظام الأساسي للحركة، وعقدنا هذا الاجتماع للتأكيد على ضرورة الالتزام بالمؤسسية والقيادة الشرعية، وندعو الجميع للوحدة”.

وأضاف زكريا أن “الحركة تحكمها نظم ولوائح”، معتبراً أن الهيكل الحالي يتسق مع مضامين ما تنص عليه هذه اللوائح، وأن ما فعله “المنشقون” لا يتأسس على النظم واللوائح التي تدير عمل الحركة.

وعلى صعيد بقية الحركات، يبدو الوضع مستقراً في حركة جيش تحرير السودان (المجلس الانتقالي)، التي يتزعمها عضو مجلس السيادة الهادي إدريس، فمنذ اليوم الأول للحرب اختار إدريس التواصل مع القوى السياسية الموقعة على الاتفاق الإطاري، وأعلن الحياد والدعوة لوقف الحرب.

لكن مسؤول عسكري بارز يشغل منصب مسؤول الأمن والاستخبارات بالحركة، أعلن دعمه وتأييده للجيش ضد قوات الدعم السريع، إلا أن المتحدث باسم الحركة قال إن ما فعله لا يعبر عن موقف الحركة ومؤسساتها الشرعية.

ويرى مراقبون أن ما حدث هو بداية انقسام في حركة جيش تحرير السودان، خاصة بعد تعقد العلاقة بين مسؤول الأمن والاستخبارات، والقائد العام للحركة.

الشرق للأخبار

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الحرکات المسلحة تحریر السودان

إقرأ أيضاً:

تلفزيون السودان يقحم الكنيسه فى الصراع بين الكيزان والدعم السريع

كنت اتمنى ان يكون الجامع والكنيسه بعيدين عن الصراع السياسى الدائر فى بلادنا ولكن للاسف لقد اقحم الاخوان المسلمين الدين فى هذا الصراع واستغلوا الجوامع لاستقطاب مرتاديها لجانبهم وللاسف اصبحت خطبة الجمعه ملك للاخوان المسلمين يبثوا من خلالها مايريدوا ان يقولونه وهذا خطا فالطرفان مسلمين وكنا نتمنى ان يكون هذا صراع عسكرى وسياسي فقط ويحصر فى هذا المجال ولكن الاخوان المسلمين وكدابهم نقلوا هذا الصراع للجوامع واستغلوا الجوامع لبث وجهة نظرهم واستقطبوا ائمة الجوامع
واليوم استمعت لبرنامج مؤسف جداً فى تلفزيون السودان وهو استغلال الكنيسه سياسياً
ففى برنامج باسم سلسلة جرائم الدعم السريع انتقل التلفزيون لبعض الكنائس وجعلهم يشيدون بالجيش والمخابرات العام وهذا اقحام الكنيسه فى صراع سياسى وهذا سلوك غير محمود فيجب ان نبعد دور العباده سواء الجوامع او الكنائس بعيداً عن السياسه وعن صراعاتنا السياسيه فدور العباده يجب ان تظل للعباده فقط ولا غير وليستمر صراعنا السياسى خارج دور العباده

محمد الحسن محمد عثمان
omdurman13@msn.com  

مقالات مشابهة

  • مواقف دول الجوار من حرب السودان (3)
  • هواجس الشرعية هل تعصف بمقترح تشكيل حكومة جديدة في السودان؟
  • لافروف: لابد من ضمان أمن روسيا في أي اتفاق سلام مع أوكرانيا
  • سياسي أنصار الله: القوات المسلحة جاهزة للرد السريع على العدوان الإسرائيلي
  • تصاعد وتيرة المعارك على ثلاثة محاور رئيسية في السودان
  • انطلاق ورشة تقييم اتفاق جوبا لسلام السودان بمدينة بورتسودان
  • تلفزيون السودان يقحم الكنيسه فى الصراع بين الكيزان والدعم السريع
  • لافروف يرفض أي اتفاق سلام في أوكرانيا لا يضمن أمن روسيا
  • انا بتفق مع الاستاذ يوسف عزت كبير مستشارى الدعم السريع (سابقا؟) لانه علي حق
  • الحركة الشعبية والدعم السريع- رؤى متضاربة وصراع المصير