هل فتحت إيران باب الخلاف العراقي ـ الكويتي مجدداً؟
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
أصدرت المحكمة الاتحادية العراقية، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد، قراراً يوم الإثنين الماضي قضى بعدم دستورية اتفاقية "خور عبدالله" بين العراق والكويت وذلك بعد مرور حوالي 10 سنوات من اعتمادها. وقالت المحكمة في تعليل قرارها أنّ الاتفاق الذي تمّ مع الكويت حينها يخالف المادة 61 البند الرابع من الدستور العراقي، والتي تقضي بضرورة تنظيم جميع المعاهدات والاتفاقيات الدولية بقانون يتم إقراره بأغلبية الثلثين في البرلمان، علماّ أنّ الإتفاقية المذكورة كان قد تمّ التصويت عليها بأغلبية بسيطة.
واتفاقية "خور عبد الله" هي اتفاقية دولية تمّ تصديقها من قبل العراق في 25 نوفمبر من العام 2013، وذلك بهدف تنظيم الملاحة البحرية بين العراق والكويت في المنطقة التي تمّ تقاسمها بين الطرفين وفق خط الوسط استناداً إلى قرار مجلس الأمن رقم 833 لعام 1993 والذي رسّم الحدود بين البلدين بُعيد الغزو العراقي للكويت في العام 1990.
ويثير قرار المحكمة المذكور تساؤلات حول التوقيت والهدف من إحياء وتغذية الخلافات الحدودية بين العراق والكويت خاصة أنّ تحرّك المحكمة الإتحادية جاء بعد أنّ تقدّم عدد من المشرّعين بطعن في الإتفاقية، وهو ما يتزامن مع تصاعد الخلاف بين إيران من جهة وكل من الكويت والسعودية من جهة أخرى حول حقل الدرّة في المنطقة المحايدة المغمورة الكويتية ـ السعودية.
وكانت إيران قد أعادت التأكيد مؤخراً على أنّ لها حق في حقل الدرّة وأنّها ستقوم باتخاذ إجراءات أحادية لتثبيت الأمر الواقع ما لم يتم التجاوب مع طروحاتها من قبل الكويت، وهو الأمر الذي رفضته الكويت والسعودية معاً حيث أكّد الطرفان في بيانات مشتركة أنّ الحقل مملوك لكل من الكويت والسعودية. كما أكّد الجانب الكويتي أنّه وفي غياب قرار إيراني لترسيم الحدود مع الكويت، فانّ الجانب الإيراني لا يحق له المطالبة بشيء من الناحية القانونية.
وفي هذا السياق، أكّد بيان صادر عن إجتماع المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي يوم الخميس الماضي على أنّ ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة السعودية ـ الكويتية، بما فيها حقل الدرة بكامله، هي ملكية مشتركة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت فقط، ولهما وحدهما كامل الحقوق لاستغلال الثروات في تلك المنطقة.." مشدّداً على الرفض القاطع لأي ادعاءات بوجود حقوق لأي طرف آخر في هذا الحق.
كانت إيران قد أعادت التأكيد مؤخراً على أنّ لها حق في حقل الدرّة وأنّها ستقوم باتخاذ إجراءات أحادية لتثبيت الأمر الواقع ما لم يتم التجاوب مع طروحاتها من قبل الكويت، وهو الأمر الذي رفضته الكويت والسعودية معاً..ويستخدم بعض العراقيين هذا الملف كورقة للضغط أو المزايدة حيث يتم الترويج بأنّ الاتفاق يدخل في إطار تقديم العراق "تنازلات" بشأن ما يدّعي البعض انّها حقوق تاريخية له. فيما يرى البعض الآخر أنّ البصمة الإيرانية في هذه الملفات موجودة ليس لحكم نفوذها وتحكّمها الى حد بعيد بالمؤسسات العراقية عبر السياسيين والميليشيات المحسوبة عليها في البلاد فقط، وإنما من خلال التوقيت والظروف التي يتم فيها إفتعال ملفات خلافية بين البلدين أو إثارتها والتلويح بها.
ويجادل البعض بشكل محق بأنّه إذا الأمر يتعلق بمعطيات قانونية وليس سياسيّة، فلماذا ظل الأمر سارياً مدّة 10 سنوات قبل أن يتذكّر البعض فجأة بأنّ الاتفاق لم يتم المصادقة عليه وفق الأصول القانونية المرعيّة الإجراء، ولماذا لا يتم الدفع الى المحكمة الإتحادية بقضايا تتعلق بانتهاك إيران لحقوق العراق وهي أكثر من أن تُحصى.
وفي هذا السياق، يعتقد البعض بأنّ سياق القرار هو بمثابة أداة ضغط إيرانية على الكويت عبر العراق، أو بمعنى آخر، فانّ إيران تستخدم العراق للضغط على الكويت بعد أن فشلت هي في تحقيق مبتغاها حينما فضّلت إجراء مباحثات ثنائية حصراً مع الكويت لفرض وجهة نظرها عليها. ومن المنتظر أن يترك قرار المحكمة العراقية تداعيات على علاقات البلدين الجارين من الممكن أن تؤثّر بدورها بشكل سلبي على الاستقرار الإقليمي.
ووفقاً لوزير خارجية العراق السابق، هوشيار زيباري، فانّ قرار المحكمة يشكك في مصداقية العراق واستقلال سلطته القضائية وسيضع العراق أمام عواقب على المستوى الدولي والعربي. ويذهب البعض الى الإعتقاد خطأً أنّ إلغاء الإتفاقية هو إلغاء للحدود المرسومة بين الطرفين، علماّ انّ ترسيم الحدود كما ذكرنا سابقاً تمّ بناءً على قرار مجلس الامن 833 وليس على بناءً على إتفاقية "خور عبدالله".
ومع ذلك، فإنّ العراق مُلزم بواقع المسؤولية القانونية أن يقوم بالتصويت عليه، فإمّا أن يتم التصويت بنعم بأغلبية الثلثين، وتعود الأمور الى نصابها، وإمّا أن يتم رفضها ويكون هناك تداعيات ليس فقط على العراق وإنما على العلاقات العراقية ـ الكويتية والكويت، وربما المنطقة أيضاً. ولذلك، فإنّ الممطالة في البت في الموضوع من شأنها أن تؤيد الإتجاه القائل بأنّ الموضوع مدفوع إيرانياً بغض النظر عمّا اذا كانت إيران قد طلبت من أتباعها في العراق ذلك أم انّهم قاموا بذلك طواعية بما يتناسب مع موقف إيران من الخلاف الجاري مع الكويت والسعودية حول حقل الدرّة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العراقية اتفاقية الكويت الحدود العراق الكويت اتفاقية حدود رأي مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة صحة اقتصاد مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الکویت والسعودیة مع الکویت
إقرأ أيضاً:
البنك المركزي العراقي 77 عاما في مسيرة التحديات والاصلاحات
في 2024/11/16 يكون البنك المركزي العراقي قد مضى على تاسيسه ومباشرته بمهامه 77 عاما .مر خلالها بمراحل من التحديات الاقتصادية والمالية التي واجهت تطبيقات السياسة النقدية .
وكان خلال تلك السنوات في مواجهة مباشرة لتجاوز تللك التحديات والتأثيرات السياسية والتغيرات في الانظمة الاقتصادية التي كانت سائدة انذاك. ومع ذلك اثبت البنك المركزي انه مؤسسة اقتصادية مالية سيادية رصينة تاسست في عام 1947 من القرن الماضي وهو المختص برسم مسارات وسياسات تطبيقات السياسة النقدية والاشراف والرقابة على القطاع المصرفي ويعتبر المستشار المالي للحكومة. وكان دوره اساسيا في ادارة العملية الاقتصادية في العراق وتولى على قيادة ادارته 24 محافظا اتسموا بخبرات ومواصفات فنية وادارية متميزة .
وبعد التغيير في عام 2003 ووفقا لقانونه الجديد 56 لسنة 2004 ومن خلال ادارتة للسياسة النقدية وتحقيق اهدافها حيث مرّ العراق خلال 21 سنة الماضية بمرحلة مهمة من مراحل نظامه الاقتصادي حيث شمل التغيير بداية تطبيقات جديدة للبناء الاقتصادي تعتمد بناء مقدمات الانتقال من فلسفة واستراتيجيات النظام الاقتصادي المركزي في إدارة الاقتصاد إلى فلسفة واستراتيجيات وآليات اقتصاد السوق. لذلك فان البنك المركزي العراقي خطى خطوات تطور كبيرة باتجاه الانتقال من النشاط الصيرفي الى النشــــاط الحقيقي والتنموي خصوصا خلال السنوات الثمانية الاخيرة فمنذ صدور القوانين التي تنظم العمل المصرفي في عام 2004 تحققت إنجازات كبيرة في مجال الحد من التضخم الجامح الذي كان يعاني منة العراق والوصول به إلى معدلات جيدة ومتقدمة على مستوى الدول المجاورة والاقليمية.
كما تشير البيانات والمؤشرات المالية وأن البنك المركزي العراقي استطاع المحافظة لعدة سنوات على سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأميركي بشكل متوازن بالرغم من التذبذب والتباين صعوداً ونزولاً تبعاً للظروف الاقتصادية الصعبة والازمــــات المالية والاقتصادية بسبب الانخفاض في اسعار النفط والحرب على الارهاب والمضاربات التي تحدث في الأسواق. كما حافظ على المستوى العام للاسعار حيث يلاحظ أن التدخل اليومي للبنك المركزي العراقي في إدارة ادوات السياسة النقدية في ضوء معطيات السياسة النقدية واصداره التعليمات والضوابط والمذكرات واللوائح التنظيمية والارشادية التي تنسجم مع المعايير الدولية ومتطلبات انظمة ومعايير الامتثال ومكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب واصدار قانون ينظم ذلك برقم 39 لسنة 2015 وتصفية الملاحظات المشخصة من قبل مجموعة العمل للمالي (FATF) والتي نقلت العراق من المنطقة الرمادية الى المتابعة الاعتيادية وحاول السيطرة على الخروقات التي تحدث بالمراجعة والتقييم وتصنيف المصارف لاغراض الثقييم الشامل وفق نظام (camels) واستخدام المنصة الالكترونية لاغراض نافذة بيع العملة الاجنبية والتحويلات الخارجية وتحفيز وتشجيع المصارف على ايجاد علاقات مصرفية جديدة مع البنوك الاجنبية المراسلة بهدف السيطرة على حركة العملة الأجنبية والحد من التصرف بها بخلاف الاهداف الاقتصادية المحددة لتطبيقات السياسة النقدية وتحقيق وصول 95%من الحوالات الخارجية بشفافية عالية في 2024الى المستفيد الاخير .
حيث إن التعامل ببيع العملة الأجنبية يعتبر من أكبر عمليات السوق المفتوحة في السيطرة على مناسيب السيولة المحلية ووضع الفائض النقدي في مساراتة السليمة وهو مؤشر اقتصادي جيد بأن يتم استقرار سعر الصرف بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي مر بها العراق مابعد 2014 و2020 و2022 كذلك استطاع البنك المركزي العراقي الاحتفاظ باحتياطي نقدي أجنبي جيد تجاوز حاليا 100 مليار دولار اضافة الى احتياطه من الذهب بحدود 153 طن. بالرغم من ظروف الركود والمتغيرات الاقتصادية العالمية ، ومع ذلك فقد شكلت الاحتياطيات غطاءا أميناً للدينار العراقي بنسبة 140% في التداول ولتغطية التجارة الخارجية كما ساهم بشكل واضح في تغطية العجز في الموازنات العامة وفقا لما هو مخطط من خلال اعادة خصم سندات الخزينة التي تصدرها وزارة المالية واصدارة لسندات الخزينة الدولية اضافة الى اشادة البنك الدولي ببرامج الاصلاح الاقتصادي والمالي التي اعتمدها البنك المركزي وفقا لاستراتيجيتة الاولى والثانية والثالثة وتوقعاته بنسب نمو جيدة خلال العام القادم 2025بحدود 5.3% للاقصاد العراقي مسجلا تقدما على مستوى الدول العربية والاقليمية .
وتشكيل لجنة مشتركة فيما بينه وبين المالية للتنسيق بين السياستين المالية والنقدية وقد تحققت بسبب ذلك اجراءات تنسيقية عديدة. ان الاجراءات الاقتصادية والمالية المحسوبة والجريئة التي قام بها البنك المركزي وتجربته الناجحة في تقديم الدعم المتواصل للاقتصاد العراقي اضافة الى مبادرته بتنشيط الدورة الاقتصادية وتحفيز الاقتصاد واطلاق ومتابعة تنفيذ مبادراته المتعدده لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة والاسكانية واطلاقه الاستراتيجية الوطنية للاقراض المصرفي في العراق وتحقيق هدفين اقتصادي واجتماعي في آن واحد كذلك اتخاذ اجراءات اخرى مهمة بتأسيس الشركة العراقية لضمان الودائع والتي باشرت مهامها لغرض اعادة الثقة بالقطاع المصرفي وزيادة نسبة الادخار للكتلة النقدية في المصارف على حساب نسبة الاكتناز . والتهيئ لاطلاق استراتيجية الشمول المالي قريبا والتي بلغت نسنته بحدود 48% .
ان كل ذلك رافقه تطورات بنيوية وهيكلية وتطويرية في كافة دوائر البنك الاختصاصية والنوعية والتركيز على ادارة الجودة الشاملة والتطوير المؤسسي واعتماد المعايير الدولية والالتزام بقواعد وانظمة الامتثال وادارة المخاطر ومكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب والتوعية المصرفية والتطورات التقنية في انظمة المدفوعات والدفع الالكتروني وتكنلوجيا المعلومات والعمل بشكل متسارع بالتعاون مع الحكومة بالانتقال من الاقتصاد النقدي الى الاقتصاد الرقمي مما ساهم بالانتقال بسياسات واجراءات العمل بالبنك المركزي الى مرحلة متقدمة على خطى تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي والمصرفي وبشكل خاص الاتفاق مع الشركات الاستشارية والتدقيقية العالمية لغرض هيكلة وتطوير القطاع المصرفي الحكومي والخاص .