الحراك الفرنسي يصطدم بالخماسية…
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
سيصل المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان الاثنين إلى بيروت لاستئناف الحراك السياسي الذي بات مرتبطاً بشكل أساسي بطاولة الحوار التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي بالتوازي مع الرغبة الفرنسية بتفعيل مبادرتها للوصول الى نتائج إيجابية في الأزمة السياسية والرئاسية في لبنان.
لكنّ وصول لودريان لا يعني بالضرورة نجاح الحراك الفرنسي بالرغم من حجم الإيجابية الذي بات يسوّق له عبر بعض الجهات الاعلامية والسياسية التي تربطها علاقة جيّدة برئيس مجلس النواب نبيه برّي إذ بات شهر أيلول الجاري شهر التسوية وفق الحسابات اللبنانية حيث تراقب القوى السياسية مدى إمكان الوصول الى توافق ما يؤدّي لاحقاً الى فكّ شيفرة الملف الرئاسي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
هذا التطور السياسي الحاصل والمتمثل بطاولة الحوار المنبثقة من "عين التينة" ليس مؤشراً عملياً وواقعياً لأي تسوية مرتقبة في شهر أيلول، خصوصاً أن أصل الحراك الفرنسي المدعوم من برّي قد لا يفلح بتحقيق نتائج جديّة مرتبطة بإنجاز الاستحقاق الرئاسي خلال أسابيع قلية على اعتبار ان هذا الملف يحتاج الى العديد من العوامل التي لا تبدو حتى اللحظة متوفّرة.
لذلك فإن التفاؤل الذي يخيّم على الاوساط السياسية لا يزال يفتقر إلى نضوج الموقف الاميركي الذي سيؤدي حتماً الى تبدّلات في مواقف بعض القوى السياسية المتحالفة مع واشنطن ما يسهّل عملية وصول رئيس جديد الى قصر بعبدا إذ يرى متابعون عن كثب للشأن الداخلي أنه من دون الموافقة الاميركية لا أمل بتسوية قريبة.
الأهم من كلّ ذلك أنّ الحراك الفرنسي يبدو غير متمتّع بغطاء "الخماسية" إذ إن موقف الدول الخمسة المُهتمة بالشأن اللبناني لا يزال على حاله حيث أن كلّ الأجواء تشير الى سلوك هؤلاء مساراً تصعيدياً غير تسووي أقله خلال الاشهر القليلة المقبلة بانتظار حصول تبدّلات حقيقية في المشهد.
الايجابي في الموضوع أن باريس لا تزال تضع الملفّ اللبناني كأولوية قصوى بالنسبة اليها الامر الذي من شأنه، بحسب المصادر، أن يُثمر على المدى المتوسّط ما يشير الى أن لبنان سيكون بحاجة جدية الى الكثير من التوافقات الداخلية والخارجية للحفاظ على مستوى الانهيار الحالي وعدم الذهاب الى مستويات خطيرة تودي بالاستقرار الاجتماعي والامني.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
رئيس ما بعد الوصايات
كتب محمد قواص في "النهار": تغيّرت جداً موازين القوى، ولا يملك لبنان، رغم عناد بعض تياراته ومكابرتهم، أن لا يأخذ ذلك في الاعتبار. فقدت طهران بعد دمشق جدارة الإملاء على برلمان البلد ومشهده السياسي، كما فقدت العاصمتان وجاهة أن يأتي رئيس لبنان متّسقاً مع أجنداتهما. وإذا ما أظهر "الثنائي" معاندة، فإنها تبدو شكلية، تشتري الوقت، وربما الوهم، لاجترار زمن ولى.
ولئن تنكفئ طهران وترتبك بانتظار ما تحمله الإدارة الجديدة في واشنطن، فإن دمشق تعلن في حدثها الكبير واقعاً جديداً، على بيروت أن تتأمله بعناية وتستخلص دروسه وتداعياته على لبنان.
وجب على الرئيس الجديد للبنان أن يدرك أن الحدث السوري هو تحوّل إقليمي دولي جامح لا يبقى للبلد إلا الالتحاق به. تكفي مراقبة الاحتضان، في نسختيه، العاجلة والمتدرّجة، من قبل تركيا والعالم العربي وعواصم القرار الدولي، لاستنتاج أن العالم يتموضع من جديد على توقيت دمشق. تفقد طهران وموسكو، بنسب مختلفة، نفوذاً في الشرق الأوسط وإطلالة محتملة على البحر المتوسط. يتقدم العالم العربي لاحتلال حيّز واسع مما كان قبل أسابيع فقط داخل نفوذ إيران منذ عقود. تدق أوروبا والولايات المتحدة أبواب العاصمة السورية راسمة من هناك خرائط جديدة، وربما طويلة الأجل، لتوازنات الكوكب.
أمام لبنان فرصة تاريخية، وربما مجانية، لاستعادة وجهة فقدها في عهود الوصايات القهرية المباشرة. والحذر الحذر من الانزلاق مجدداً إلى ارتكاب خطيئة الجزع من ركوب التحوّلات الكبرى عبر الخضوع لصفقات لا تقرأ التاريخ، على منوال تخريجة "الاتفاق الرباعي" عام 2005. لا يمكن أن يرأس لبنان وجه مستفزّ للعالم العربي مستهتر بتبدل الأوزان في هذا العالم. ولا يمكن أولاً وأخيراً، أن يأتي رئيس يعاكس رياح سوريا الجديدة ولا يكترث بتغير البوصلة هناك، بما في ذلك وعد قائد الإدارة الجديدة هناك، أحمد الشرع، بأن "سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان على الإطلاق وستحترم سيادته ووحدة أراضيه واستقلال قراره واستقراره الأمني".
كان مسعد بولس، الذي عيّنه الرئيس دونالد ترامب مستشاراً للشؤون العربية وشؤون الشرق الأوسط، قد تحدّث عن الاستحقاق الرئاسي ناصحاً بالعمل عليه "بدقة من دون تسرّع بشكل غير مدروس". ذهب إلى نصيحة من ذهب: "من صبر أكثر من سنتين على الفراغ، يمكن أن يصبر شهرين أو ثلاثة ويعمل على الأمر بشكل متكامل ودقيق بعيداً عن التسرع". نصيحة تشبه الوعيد ضد من لا يقرأ الحسابات الجديدة.