عندما انفعل المصريون بمسلسل «رأفت الهجان»، عن حياة رفعت الجمَّال، ذلك البطل الذى اخترق عمق الكيان الصهيونى، فى واحدة من أعظم عمليات المخابرات المصرية، وجدنا من يشكك فيه استجابة لروايات صهيونية، اختلقها الموساد تزعم أن «الجمَّال» كان عميلا مزدوجـًـا ضلل الأجهزة المصرية، بمعلومات غير صحيحة.
هذه الأيام، وقبل أسابيع من ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة، تعود من جديد المحاولات الصهيونية لتشويه الراحل أشرف مروان، حيث نشرت الصحف العبرية، ما وصفته بـ«الوثاثق» التى تشير إلى تعاونه مع الموساد بزعم أن الرجل كان عميلا مزدوجـًا قدم لإسرائيل خدمات كبيرة.
أنا لست هنا بصدد الدفاع عن أشرف مروان، فالحديث عن أنه قدم معلومات خطيرة لإسرائيل، لم تلتفت إليها، كلام ساذج لا يستحق الرد عليه، فكيف لا يهتم قادة الكيان الصهيونى بمعلومات مصدرها صهر الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، وسكرتير الرئيس السادات للمعلومات.
ومسألة أنه أخبر «إسرائيل» بموعد الحرب فى 5 أكتوبر، خلال لقائه مع رئيس الموساد فى لندن عشية الحرب، تكشف أنه خدع الاستخبارات الصهيونية، حيث أبلغهم بأن الهجوم سيكون فى السادسة من مساء السادس من أكتوبر، فى الوقت الذى كان يعرف فيه أشرف مروان موعد الحرب منذ شهر مارس 1973.
أى عاقل يدرك أن روايات إسرائيل عن أشرف مروان مجرد أكاذيب، أطلقتها ماكينة الدعايات الصهيونية، لتشويهه انتقامـًا منه لدوره الكبير فى تضليل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية قبل حرب أكتوبر المجيدة، وهو الدور الذى كشفت عنه الكثير من شهادات قادة إسرائيل أنفسهم حول الحرب، وأكدته مجريات الحرب ذاتها.
من يرددون هذه الدعاية الصهيونية، هل سألوا أنفسهم: كيف سافر أشرف مروان خارج مصر فى 5 أكتوبر 1973، ليبلغ رئيس المخابرات الإسرائيلية بموعد الهجوم؟! وكيف برر للرئيس السادات وغيره السفر ليلة الحرب؟!.. ولماذا أبلغ إسرائيل متأخرًا وهو يعرف الموعد قبل أسابيع؟!
أشرف مروانأسئلة تجعلك تتشكك فى رواية خيانة الرجل، وكلها أجاب عليها «شمعون منديس» ضابط شعبة المخابرات العسكرية بالجيش الإسرائيلى خلال حرب أكتوبر، فى مقطع فيديو منشور على الموقع الرسمى للمجموعة «73 مؤرخين» فقد قال الرجل: «إنه حتى 5 أكتوبر كان هناك مَن يزعم أن أشرف مروان رجُلنا، مؤكدًا أن الرجل ما كان ليسافر إلى لندن ليلة الحرب، إلا بتكليف من المخابرات المصرية، مشيرًا إلى أن إبلاغ إسرائيل بالموعد قبل ساعات، جاء لمعرفة مصر بأن الجيش الإسرائيلى يحتاج إلى 48 ساعة ليكون مستعدًا للحرب، وكان الهدف من إبلاغ إسرائيل فى هذا التوقيت، دفعها لاستخدام قوات الطيران لوقف عبور المصريين، فالحل الوحيد كان شن ضربة جوية وقائية، ولو فعلت إسرائيل ذلك لتحطم سلاح الجو تمامـًا أمام حائط الصواريخ المصرى.. ولم يمنع ذلك المصريين من العبور».
تشويه أشرف مروان نكاية في جمال عبد الناصرالأخطر فى تقديرى من تشويه سمع الرجل، أن محاولات البعض للترويج لهذه الأكاذيب عن أشرف مروان، نكاية فى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، أو لأى غرض آخر، يصب فى صالح الرواية الصهيونية التى تزعم أن حرب أكتوبر «تمثيلية عسكرية سياسية!»، متفق عليها بين قادة مصر واسرائيل وأمريكا، ما جعلهم يخبرون بعضهم البعض بالخطط الحربية، والتنسيق فيما بينهم، للتوقيع على اتفاقية السلام، فى النهاية.
محاولات صهيونية لا تتوقف، لتشويه نصر أكتوبر المجيد، وإهالة التراب على ما تحقق خلال هذه الحرب المقدسة التى خاضها الشعب المصرى وفى القلب منه الجيش، لتحرير الأرض.. هدفها زعزعة ثقة المصريين فى أنفسهم، وكسر إرادتهم، وهزيمتهم من داخلهم بتعميق حالة التشكيك فى قدرتنا على تجاوز التحديات.
أشرف مروان والزعيم الراحل جمال عبد الناصروللأسف.. يلقى هذا الهراء صدى، لدى البعض ممن يخلطون عمدًا بين انتصارات أكتوبر المجيدة والبطولات والتضحيات التى قدمتها قواتنا المسلحة الباسلة، وإلحاق الهزيمة الساحقة بجيش الاحتلال الصهيونى، وبين ما جرى خلال اتفاقية كامب ديفيد، والإنجاز العظيم الذى تحقق.
المسألة ممتدة، ومحاولات التشكيك فى كل ما هو عظيم لا تتوقف، ففى الوقت الذى يهاجم فيه البعض الناصر صلاح الدين، ويشوه تاريخه باختلاق روايات وهمية، أو تفسير وقائع تاريخية بشكل مغلوط، تجد من يتحدث عن شيمون بيريز قاتل الأطفال والرضع والنساء والشيوخ، الذى يمتلئ تاريخه بالمجازر والمذابح والجرائم ضد العرب والإنسانية، بوصفه ملاك الرحمة، الذى خسر العالم برحيله!.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: نصر أكتوبر إسرائيل مروان الزعيم جمال عبد الناصر حرب اكتوبر أشرف مروان اشرف مروان الموساد الإسرائيلي أشرف مروان حرب أکتوبر جمال عبد
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يحي قانون تم طرحه بعد فشل إسرائيل في حرب أكتوبر 1973
أفادت صحيفة "إسرائيل اليوم"، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قرر المضي قدماً في مشروع قانون تأسيس جهاز استخبارات مستقل، داخل مكتبه رغم معارضة جهاز "الموساد" الذي يرى أن هذا يشكل خطراً على "أمن المصادر الاستخباراتية" والمستشارة القانونية للحكومة التي تخشى من أن تكون هيئة أمنية، يفترض بها تقديم تقدير موقف مهني خاضعة لرغبات الحكومة والمستوى السياسي.
وأضافت الصحيفة، أنه سيكون مطلوباً من الجهاز استخلاص المعلومات من جميع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وتقديم رأي مستقل وبديل للمجلس الوزاري المصغر.
وأشارت إلى أن فكرة إنشاء جهة استخباراتية تقدم تفكيراً ورأياً مختلفاً، ظهرت بعد الفشل في حرب أكتوبر 1973 ولكنها لم تكن قوية بشكل كاف بسبب سيطرة قائد أركان الجيش عليها.