حرب من هذه؟ وما هو هدفها؟

خراب سوبا «2»

الباقر العفيف

• “إذا كذَّبت كذبة كبيرة، وردِّدتها بكثافة، وعلى مدى طويل، فسوف يصدقك الكثير من الناس”.
• “لا تعترف أبدا بالخطأ. لا تقبل اللوم. ركز على عدو واحد وحمله مسؤولية كل ما يحدث. ستجد الناس عاجلا أم آجلا يرددون ما تقول دون وعي”.
(جوزيف غوبلز)

خلصنا في الحلقة الأولى من هذه السلسلة إلى أن هذه الحرب هي حرب الكيزان دون أدنى شك.

فهم الذين وخططوا لها، ومهدوا لها، وأطلقوا رصاصتها الأولى، فورطوا فيها الجيش كمؤسسة، كما ورطوا فيها البلد بأسرها، وأدخلوا الشعب السوداني قاطبة في أتون محرقتها دون ذنب جناه سوى أنه أسقطهم. والكيزان الآن هم من ينفخ في كيرها ويتولى كِبَر توسعتها لتصبح حرب الكل ضد الكل بهدف هزيمة الثورة التي أقضت مضاجعهم، والعودة للحكم ولو على أشلاء البشر وتمزيق البلد.

وبدل أن تثير هذه الحرب غضب المثقفين تجاههم، فيحملونهم المسؤولية الأخلاقية والقانونية والسياسية على إشعالها، ويُصرُّون على معاقبتهم عليها، والاقتصاص منهم، وفق الحق والعدل، ليدفعوا ثمن خسائرها كاملا من أرواحهم وأجسادهم وحريتهم وأموالهم، نجد بالعكس تماما. فبكل أسف هناك من المثقفين من يسير في ركبهم فيها كتفا بكتف، مُتوَكِّئين على تنظير لا يستقيم، ملئ بالثقوب والتناقضات والارتباك،مما سنفرد له حلقة قادمة. أما الكيزان وجيشهم وجحافل مجاهديهم فيسيرون في حربهم المدمرة تحت رايات الكذب ونظريات الخداع النازية التي يلخصها المقتبسان أعلاه.

تلاميذ غوبلز
وجوزيف غوبلز هو وزير الدعاية النازي. وقد جاء في وصفه في الويكيبيديا على أنه “رجل دقيق الجسم، كبير الرأس، أعرج، تنقص إحدى رجليه بوصتين عن الأخرى، عالي الصوت، عديم الضمير”. وهو صاحب تقنية “الكذبة الهائلة” التي أوردنا نصوصها أعلاه. وقد ظللنا نقرأ ونستمع خلال هذه الحرب المدمرة لمجموعة من كتاب الكيزان، تلاميذ غوبلز النجباء، ومحلليهم وخبرائهم (الاصطراطيجيين) الذين تعرفهم بسيماهم “ولتعرفنهم في لحن القول”. أولئك الذين كانوا يبشروننا بالنصر على “التمرد” في سويعات، ثم تدرجوا في البشارة بالحسم في يوم واحد، ثم يومين، ثم ثلاثة، تمددت لبحر أسبوع، فأسابيع، ثم عندما تبخرت جميعها في الهواء أصيبوا “بهاء السكت”، بحسب تعبير الروائي بشرى الفاضل، فصمتوا عن النصر القريب، و”صبر الساعة” وانخرطوا في تبريرات غبية، لتأخر النصر المزعوم، لا تجوز على من له ذرة من عقل. هؤلاء استحقوا لقب “هبنقة” بامتياز لدرجة صاروا معها أضحوكة للشعب رغم نكبته، مما يذكرنا بقول المتنبي في هجاء كافور: “ومثلك يؤتى من بلاد بعيدة ليضحك ربات الحداد البواكيا”.

الكيزان والسردية الغوبلزية الكاذبة
رَكَّز الكيزان على فرض سردية معينة للحرب مبنية على تقنية “الكذبة الهائلة” لغوبلز. وصاروا يرددونها مع شيطنة قوى الحرية والتغيير، وتسميتها “قحط” والتركيز عليها كعدو واحد يحملوه مسؤولية كل الشرور، وبالفعل وجدوا أناسا كثيرين، بما في ذلك بعض الجذريين وبعض لجان المقاومة، يرددون ما يقولون دون وعي، حتى أصبحت كلمة “قحط” و”قحاطة” جزءا من مفردات بعض من ينتمون للثورة. أما أركان هذه السردية الكاذبة فهي:

• أن الاتفاق الإطاري هو سبب الحرب. وأن المُحَرِّض الأساسي للحرب هي قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي التي “وسوست”، عن طريق ياسر عرمان، في أذن حميدتي ليفض تحالفه مع عسكر الكيزان ويتمرد عليهم، وينفذ انقلابا عسكريا نيابة عن الحرية والتغيير.
• أن الدعم السريع هو الحليف الاستراتيجي، وأحيانا يصفونه بالجناح العسكري لقوى الحرية والتغيير. وأنه هو الذي بدأ الحرب بتحريك قواته لمروي.
• أما هدف الحرب وفق السردية الكيزانية فهو استفراد القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري بالسلطة وإقصاء (الآخرين) -يعنون أنفسهم- و(تفكيك الجيش السوداني) -يعنون إصلاحه- وإحلال الدعم السريع محله.

نجاح محدود
وبكل أسف فقد جازت هذه السردية كليا أو جزئيا على البعض، خصوصا أصحاب الميول الإسلاموية، والمحافظين، وأنصاف المتعلمين، وأشباه الأميين الذين تمتلئ بهم وسائط السوشيال ميديا. وقد أوكلت مهمة ترديد الكذبة ونشرها، لدرجة إغراق الفضاءات الإعلامية بها، لمتحدثيهم الذين حُشِدُوا حشدا، وملأوا شاشات الجزيرة والعربية الحدث وسكاي نيوز، وأغرقوها بهذه السردية الكاذبة المضللة. وبالطبع تولى الذباب الالكتروني الكيزاني من قطاع الطرق الإسفيرية أمر الترويج للأكذوبة والتربص بمن يأتي بما يناقضها بتكتيكات معروفة منها النقاش الانصرافي الديماغوجي ومنها التهاتر والسباب وقلة الأدب.

محاولة طمس الحقائق والأدلة الدامغة
هذه السردية بالطبع تحاول طمس حقيقة أن هذه الحرب حرب الكيزان وأنهم هم الذين أشعلوها وورطوا بقية الجيش فيها، وأن هدفها هو هزيمة ثورة ديسمبر واستعادة فردوسهم المفقود. فجميع الوقائع الموضوعية تثبت أن الكيزان هم من بدأ الحرب بهجومهم على قوات الدعم السريع في أرض المعسكرات بسوبا، لقطع الطريق على لقاء البرهان بحميدتي صباح الجمعة ١٥ أبريل الذي رتبته الوساطة المكونة من أعضاء في الحرية والتغيير وبعض أطراف اتفاقية جوبا. وأكبر الشواهد على ذلك هو وقوع قادة الجيش الكبار في أسر قوات الدعم السريع وهم في طريقهم لدوامهم الروتيني. مما يدلل على أنهم لم يتخذوا قرار الحرب، وأن من اتخذ القرار لم يحفل حتى بتنويرهم بها مجرد تنوير. وهناك شواهد أخرى مهمة منها دفعهم للبرهان بالتراجع عن الاتفاق الإطاري، ومطالبتهم المفاجئة بدمج الدعم السريع في الجيش والتحرش به بالصوت العالي خلال إفطارات رمضان التي اتخذوها منابرا إعلامية، وظهر فيها قادتهم المتطرفون وهم يرسلون التهديدات للجميع، ويقرعون طبول الحرب.

وأخيرا قطعت جهيزة قول كل خطيب. فبالأمس القريب، وتحديدا يوم الخميس ٧ سبتمبر، ظهر تسجيل للقيادي بالحركة الاسلامية وبالمؤتمر الشعبي د. محمد بدرالدين، في قروب (نقاشات فكرية) ضمن حوار داخلي بين قيادات إسلاموية. وقد جاء في هذا التسجيل اعتراف صريح وواضح بتنفيذ الكيزان لانقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١، وكذلك إشعالهم الحرب في ١٥ ابريل ٢٠٢٣. يقول الدكتور محمد بدر الدين إن الضباط الاسلاميين في الجيش وكتائب الظل هم من أطلق الرصاصة الأولى، برغم اعتراض بعضهم. ويضيف قائلا أنه عندما طالب هذا البعض بإيقاف الحرب بعد أن بدأت، كان رد الصقور والمجاهدين “الحصة حرب “، أي لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، و “بَلْ بَسْ”.

هذه هي الحقيقة البسيطة الناصعة التي يراها كل من لا ينكر ضوء الشمس من رمد. بيد أن سردية الكيزان المخادعة المضللة تقلب الحقائق رأسا على عقب وتُزَوِّر التاريخ. والكيزان يبنون على تلك الأكاذيب حملتهم الداعية إلى تأييد الجيش ودعمه في هذه الحرب “المقدسة” لاستعادة “الكرامة الوطنية”، و”هيبة” (قواتنا المسلحة)، وسلامة شرفها الرفيع من الأذى الذي يريدوننا أن نريق على جوانبه الدم. ولذلك فالحرب يجب أن تستمر إلى أن يستسلم الدعم السريع استسلاما كاملا أو يحطم تحطيما شاملا. وأن أي مطالبة بوقف الحرب هي خيانة للجيش، وتُعتَبر تأييدا للدعم السريع، يُهَدَّّد أصحابها بالويل والثبور وعظائم الأمور. وهم لن يوقفوا الحرب “حتى لو حُرِق السودان كله” كما صرح بذلك الفريق فتح الرحمن القائد السابق للقوات البحرية. هذه هي سرديتهم المخادعة. وهذا هو زعمهم الكذوب. ونحن ندرك أن حربهم في حقيقتها تهدف لاستعادة فردوسهم المفقود، وحكمهم الذي تَفَلَّت من بين أيديهم. يريدون أن يُنيخوا هذا الشعب كالبعير، وأن يضعوا على ظهره سرجا وثيرا، وعلى فمه لجاما محكما، ويركبونه من جديد لعقود أخرى عديدة، وهيهات.

وعلى كل حال فهذه هي السردية الكيزانية المضللة التي تمتلئ بها الفضائيات وتعج بها منصات السوشيال ميديا، ويقيم لها المنتديات التي تنظمها مراكز البحوث التي يسيطرون عليها، مثل المركز العربي لدراسة السياسات في الدوحة، ويحاولون عبرها أن يكسبوا الأكذوبة وقارا أكاديميا، على طريقة مؤتمرات القذافي الأكاديمية لدراسة الكتاب الأخضر. وأكبر من عبر عن هذه السردية تعبيرا خاما هو كبير الجاسوسية الكيزانية السابق صلاح قوش، والعميد صلاح كرار (المشهور بصلاح دولار) عبر تسجيلات صوتية. والآن يروج لها الكيزان وعدد من السياسيين والكتاب المتحالفين معهم. فبالإضافة لكتابهم المعروفين خريجي مدرسة ألوان “الفاتية” أمثال عادل الباز وعبد الماجد عبد الحميد، وضياء الدين بلال، والطاهر ساتي، والطاهر التوم، هناك من جمعتهم بهم المصالح أمثال عائشة الماجدي وأردول وحسن إسماعيل (الشهير بحسن طرحة). ويقف وراء هذه الكتيبة من تلاميذ غوبلز النجباء أبوهم الروحي مفتي الدم عبد الحي يوسف صاحب الفتوى الإجرامية بقتل ثلث الشعب أو نصفه.

استحقار الكيزان لقوى الحرية والتغيير
في أيام صبانا كنا نقول عبارة “حقيرتي في بقيرتي” عندما يكون أحد الصبية دائم التحرش والتعدي على صبي آخر، وهو في مأمن من العقاب. وعادة ما يكون الصبي المُتُحَرَّش به أصغر سنا أو أضعف بنية من غريمه، وغالبا ليس له من يحميه. و”حقيرتي” تصغير لكلمة “حقارة”، و”بقيرتي” تصغير بقرة. والمثل يعني أن يَستذِل شخصٍُ شخصا آخرَ، فيُستَذلُّ له ويستكين كما تستكينُ البقرة الزلول لحالبها. وعند أهلنا الرباطاب مثل مشابه مستمد من بيئتهم هو “شديرتي القصيرة المتعود طلوعها”. وشديرتي تعني “شُجَيرتِي” تصغير شجرة، وهي النخلة القصيرة التي لا يمثل طلوعها بغرض تلقيحها أو جني ثمارها تحديا كبيرا.

وتحميل الكيزان مسؤولية الحرب لقوى الحرية والتغيير من باب استحقار هذه القوى والتحرش بها دون سبب، أو بأسباب واهية. فهم يدركون أن بإمكانهم تلطيخ هذه القوى والاعتداء عليها دون أن يطالهم أي أذى، ولو بكلمة نابية. فهي قوى مدنية عزلاء لا تحمل السلاح ولا تمارس العنف حتى على مستوى الخطاب، لذلك تمادوا في التحرش بها وتحقيرها والاستهانة بها، وإرسال التهديدات تجاهها، كما سمعنا مرارا وتكرارا من متحدثيهم، وآخرهم أنس عمر الذي كان يردد عبارة “ما في أرجل من المؤتمر الوطني في البلد دي”، على بؤس هذه العبارة المتخلفة التي تجرد النساء من قيم الشجاعة والبطولة. أما عجيبة العجائب في سردية الكيزان فالقول بأن انشقاق المكون العسكري قد أحدثته هذه القوى. فهم يرددون ليل نهار أن قوى الحرية والتغيير حرضت حميدتي أن يتمرد على الجيش وأن يرفض خطة “الدمج السريع” التي رمى بها البرهان فجأة ودون مقدمات لتُسَوٍّغ له “النطة” والتراجع عن الاتفاق الإطاري.

فلكي نقبل هذه السردية المعتلة يتسنى علينا أن نلغي عقولنا. فهي تفترض أولا أن حميدتي ليس له أدنى إرادة أمام قوى الحرية والتغيير، وأنه خاضع لها تماما ورهن إشارتها، وأنه من الممكن أن يخوض حربا نيابة عنها يتحمل هو تكلفتها وجميع نتائجها دون دوافع ذاتية، يعني “مَحَرَّش”. وأهلنا يقولون “المَحَرَّش ما بكاتل”. وبطبيعة الحال هذا أمر ظاهر البطلان. وثانيا تفترض السردية أن قائد الجيش لم يكن ضمن الموقعين على الإطاري. وهذا أيضا غير صحيح.

أما حقيقة الأمر فهي أن البرهان بعد أن وقَّع على الإطاري تَعَرَّض لضغوط كبيرة من الكيزان ليتراجع عنه، وخضع لتلكم الضغوط، وطلب من حميدتي أن يتراجع معه، ولكن الرجل رفض التراجع عن الاتفاق الإطاري وتمسك به لمصلحته الذاتية وليس نيابة عن قوى الحرية والتغيير. لذلك أفشل الكيزان ورشة الترتيبات الأمنية، وأمروا ضباطهم بالانسحاب من جلسة التوصيات بقاعة الصداقة في نهاية مارس هذا العام، ثم شرعوا في التحرش به. لقد فضَّ حميدتي تحالفه مع البرهان بعد أن استبان له أن البرهان مُرتَهَن بالكامل لدي الكيزان، لا يملك مخالفتهم. لذلك لم يكن أمامه سوى خيار واحد فقط، وهو التمسك بالاتفاق الإطاري، مما يضعه في صف الحرية والتغيير.

شروط القبول في المعية الكيزانية
أدرك حميدتي الشروط المطلوبة منه بواسطة شريكه البرهان، وحاضنته السياسية التي تمثل الكيزان والكتلة الديمقراطية، ومجموعة أهل السودان التي اتخذت من الطيب الجد راعيا لها. هؤلاء يريدون الدعم السريع أن يظل كما كان، منذ أيام البشير وحتى انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر ٢٠٢١، كلب حراستهم الأمين، وهراوتهم الغليظة المرفوعة فوق رأس الشعب وخاصة شباب الثورة. فعندما كان يكيد معهم ضد الثورة، ويشاركهم في قمع الثوار، مثلما حدث في مجزرة الثامن من رمضان ٢٠١٩، وفي مجزرة القيادة العامة في نهاية ذات الشهر الفضيل “وقبايل العيد”، وعندما كان يتآمر معهم على حكومة حمدوك ويُمَوِّل لهم اعتصام الموز، ويوفر لهم لحوم الحاشي والمحاشي، ويغلق معهم الميناء، ويشاركهم في الانقلاب، كانوا يدافعون عنه، ويمدحونه، ويبررون جميع أفعاله. بل وحتى أخوات نسيبة، احتفلن به، وتغزلن فيه، وأَدِنَّ الحملات التي اعتبرنها تشوه صورته، وقلن عنه بالحرف إن “الكنداكات صرن آَمِِنَاتِ في خدورهن بفضله “.
وأكثر من ذلك فقد صبر الكيزان وعسكرهم على إذلاله لضباط الجيش العظام، وتمريغ كرامتهم في التراب عندما كان لازما غرزهم. فهم لم يقولوا “بغم” عندما جلد أفراد من قواته بعض ضباط الجيش الكبار بالسياط أمام جنودهم، وجردوا البعض الآخر من نجومهم و”دبابيرهم”، وسخروا منهم، واعتقلوهم وربطوهم بالحبال، وألقوا بهم في حديد السيارات الخلفي كالخراف، وذهبوا بهم إلى جهة غير معلومة. بل وأضافوا الملح على الجرح بإهانة المحكمة العسكرية التي شُكِّلَت لمحاسبتهم ورفضوا حتى المثول أمامها. صبر الكيزان وعسكرهم على كل ذلك الذل والهوان ونسوا شرف الجيش وكرامته وتغاضوا عنها، وهم الذين ما فتئوا يبررون تنكيلهم بالثوار بحجة استفزازهم للجيش. فلكأن إلقاء الثوار حجرا على أبوطيرة أو هتافهم “العسكر للثكنات والجنجويد ينحل” أكثر استفزازا للجيش من جلد ضباطه في وضح النهار وعلى ملأ من الناس. إن هذه المفارقات العجيبة تثبت لنا المرة بعد الأخرى أن الكيزان يجسدون في مسالب البشر أكثرها خسة وانحطاطا، ألا وهي الاستقواء على العزل المسالمين، والازورار والخنوع أمام الأقوياء المسلحين.

أما عندما “حرن” حميدتي لأسباب تخصه، وأبى أن يظل كرباجا في أيدي البرهان والكيزان الى الأبد، وقرر مفارقة خطهم المتآمر على الثورة، وأعلن تأييده للاتفاق الإطاري وعدم رغبته في التراجع عنه، أصبح فجأة عقبة يجب أن تزاح عن الطريق.

الفرق بين أن تكون ود حلال أم ود حرام في نظر الكيزان
ولكننا لا نعجب عندما ندرك أن الثمن الأساسي لقبولهم الذلة والإهانة من حميدتي هو أن يبقى نصيرا لهم، يقمع لهم الشعب ويتآمر معهم على الثورة، ويرتكب معهم الجرائم، ويهين لهم الشباب في الشوارع. وما زالت الذاكرة حية بصور توقيف الشباب في الطرقات وإنزالهم من الحافلات وإجلاسهم على الأرض وحلق رؤوسهم بالسونكي.

إذن كان الشرط الأساسي لاستمرارية مشروعية حميدتي في نظر البرهان والكيزان، هو تآمره على ثورة الشعب وتنكيله بالثوار. فإذا حقق لهم هذا الشرط اعتبروه ابنا شرعيا حبلت به المؤسسة العسكرية بالحلال، في زواج اكتملت أركانه، وأُشهِرت وثيقة عقده أمام مئات العمائم والجلاليب البيضاء الناصعة المضمخة بالعطور الباريسية الفاخرة، من داخل المجلس الوطني. ثم حبلت به أمه وحملته في رحمها وهنا على وهن، حتى ولدته بشرا سويا اختارت له اسم “الدعم السريع”. وبطبيعة الحال لم يكن يشغل بال أحد من الكيزان وعسكرهم حكاية “الدمج السريع أو البطيء” لقواته في الجيش. أما الآن وقد شب الولد عن الطوق، وخرج عن الطوع، وقال للكيزان لا، تَحَوَّل على التو لابن سفاح يجب أن يُزَاح فورا، ويُدفَن بعيدا في الظلام، ليصبح نسيا منسيا.

أما عجيبة العجائب فهي أن يتوقع الكيزان منا، كشعب، أن نقبل سرديتيهم الإثنين معا حول الدعم السريع، أي نقبل الشيء ونقيضه، وأن ننتقل معهم من حال إلى حال وكأنهم هم السحرة، ونحن المسحورون. فلماذا يا ترى يتوقعون منا ذلك الأمر الذي يستحيل على كل من يحترم عقله؟ الإجابة ببساطة لأنهم يعتبروننا شعبا غبيا، “يُُصرفه المُُضَلِِّّل كيف شاء”. فنحن في ظنهم شعب من الأنعام يمكن سوقها للمسلخ وهي تتقافز لعبا. ويا له من ظن خائب. فالشعب الذي أطاح بكم في واحدة من أعظم الثورات في العالم المعاصر، شعبٍ عظيم، واع وحصيف. لا “يؤثر بهتانكم” فيه ولا “ينطلي زوركم” عليه.

الوسومالجيش الحرب الدعم السريع خراب سوبا د. الباقر العفيف

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش الحرب الدعم السريع

إقرأ أيضاً:

حملة الجيش لاصطياد الرؤوس الكبيرة بالدعم السريع.. مَن بعد الجنرال حسين؟

قال مصدر عسكري مطلع في الجيش السوداني للجزيرة إن مسيّرة للجيش السوداني قتلت الاثنين الماضي قائدا كبيرا من قوات الدعم السريع عبر قصف سيارته، وقد أعلن القيادي بقوات الدعم السريع عمر جبريل مقتل اللواء عبد الله حسين قائد قوات الدعم السريع بولاية الجزيرة.

مقتل الجنرال حسين يأتي في سياق حملة للجيش السوداني استهدفت عددا من قادة الدعم السريع البارزين. وفي التقرير التالي، يسعى المنتج التنفيذي في مكتب الجزيرة بالخرطوم عبد الباقي الظافر إلى تقديم صورة عن حملة الجيش السوداني ضد قيادات الدعم السريع، وعن المستهدف القادم.

كيف انتهت حياة المحارب اللواء حسين؟

يرسم الصحفي عزمي عبد الرازق الساعات الأخيرة للواء عبد الله حسين قائد قوات الدعم بولاية الجزيرة، ويقول إن اللواء حسين كان قد انسحب مع قواته إلى منطقة جياد الصناعية شمالي ولاية الجزيرة عقب سيطرة الجيش على مدينة ود مدني يوم 11 يناير/كانون الثاني الماضي.

ويضيف عبد الرازق أن مجموعة من القوات الخاصة في الجيش قامت بالهجوم على مدينة الكاملين ثم انسحبت، لاستفزاز قوات الدعم السريع المسيطرة على المدينة، ونجحت الإستراتيجية، إذ اندفع اللواء حسين على رأس قوة كبيرة لدفع الأذى عن دفاعاته بمدينة الكاملين، وبالفعل نشر اللواء حسين قواته في أنحاء متفرقة من المدينة، لكنه وجد نفسه وقواته تحت فوهة النيران الكثيفة من قبل الجيش والقوات المساندة له، في حين أكد مصدر في الجيش السوداني للجزيرة نت أن اللواء حسين لقي مصرعه الاثنين الماضي بعد استهدافه بمسيرة عقب تحديد إحداثيات وجوده بشكل دقيق.

 

مثول علي كوشيب المتهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور أمام المحكمة الجنائية الدولية (مواقع التواصل) من حليف "كوشيب" الذي تبحث عنه الجنائية؟

لكن من اللواء عبد الله حسين الذي بات عنوانا للأخبار؟ حسين يقدم نفسه في حديث لقناة "الحقيقة" الناطقة باسم قوات الدعم السريع قبل مقتله بالقول إنه سليل أسرة عريقة تولت شؤون العشيرة في بادية دارفور، مما مكنه من الميل للحلول عبر التسويات حتى في الأعمال العسكرية.

إعلان

لكن الصحفي يوسف عبد المنان، في حديثه للجزيرة نت، يتتبع حياة الجنرال حسين الذي ولد في منطقة المرعزو القريبة من مدينة عد الفرسان بولاية جنوب دارفور، حيث ينتمي حسين لقبيلة البني هلبة، من كبرى القبائل العربية في دارفور. وحسب عبد المنان، لم يتجاوز حسين في تعليمه المرحلة الابتدائية، وانخرط منذ صباه الباكر في الصراعات المسلحة ذات الطبيعة القبلية في المنطقة، وكان أحد أبرز قادة تنظيم "أم باغة" الذي يتخطى في أعماله السودان ويعبر حدود الدول المجاورة ويرفعون شعار "أم باغة لا جنسية لا بطاقة" كناية عن توجهاتهم العابرة للحدود.

عقب اندلاع الحرب في دارفور عام 2003، يجد حسين الطريق ممهدا لاحتراف الجندية، إذ انضم لسلاح حرس الحدود الذي كان يقوده موسى هلال الذي ساند الجيش في نسخة الحرب الأولى في دارفور.

برز اسم عبد الله حسين في تحقيقات اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق التي شكلها الرئيس المعزول عمر البشير برئاسة الوزير والقاضي السابق دفع الله الحاج يوسف، وحسب عبد المنان، فقد أوصت تلك اللجنة بالتحقيق مع محمد عبد الرحمن -الشهير باسم كوشيب والذي يحاكم حاليا في المحكمة الجنائية في لاهاي- وآخرين كان من ضمنهم عبد الله حسين.

وبما أن نتائج تحقيقات تلك اللجنة قد غطاها الغبار ولم يعمل بها، غاب حسين عن الأنظار لحين تكوين قوات الدعم السريع، التي انضم لها وكانت بداياته حول مضارب أهله، قبيلة بني هلبة ذات الأصول الهلالية في منطقة عد الفرسان، ثم صعد للقمة مستندا على الرافعة القبلية، إذ كانت إستراتيجية قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان حميدتي الاستقواء بالقبائل المؤثرة، ومنح أبنائها رتبا رفيعة في قواته.

 

اسم الجنرال عبد الله حسين ارتبط بعدد من المواجهات بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني (الفرنسية)

 

كيف تدرج الجنرال في ميادين المواجهة؟

ارتبط اسم الجنرال عبد الله حسين بعدد من المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بولاية الخرطوم، حيث كان موجودا بشكل مكثف في قيادة القوات التي استهدفت سلاح المدرعات، كما انتقل إلى أم درمان، حيث حاول إسقاط سلاح المهندسين إلا أن مساعيه هنا وهنالك لم تنجح.

إعلان

انتقل عبد الله حسين -طبقا لمصادر عسكرية تحدثت للجزيرة نت- إلى قيادة العمليات العسكرية في شمال ولاية الجزيرة، وكانت له وقتها خلافات مع قائد قوات الدعم السريع بولاية الجزيرة الجنرال أبو عاقلة كيكل، وبعيد انسلاخ كيكل عن الدعم السريع وانضمامه للجيش السوداني، بات الطريق معبدا لأن يصعد حسين في منصب قائد بقوات الدعم السريع ليصبح أحد أبرز القادة الميدانيين لقوات الدعم السريع حتى لقي مصرعه.

ومنذ إعلان قوات الدعم السريع مقتل اللواء حسين، بدأت روايات التشكيك في ولائه تتناثر هنا وهنالك، ومن بين ذلك أنه كان يخطط للانسلاخ عن الدعم السريع والانضمام للجيش، وهي روايات لم تجد لها الجزيرة نت سندا غير كتابات منثورة من غير عنوان في وسائل التواصل الاجتماعي، كما لم تنجح مساعي الجزيرة نت في التواصل مع 4 من قادة الدعم السريع للتعليق على تلك الروايات، وهنا يقول اللواء المتقاعد من جهاز المخابرات المعتصم الحسن للجزيرة نت إن إستراتيجية استهداف الرؤوس الكبيرة من فوائدها بذر بذرة التخوين وسط أفراد مليشيا الدعم السريع.

#السودان.. احتفالات جنود الجيش السوداني بالتقدم في عدة مدن pic.twitter.com/yexJngNaO9

— قناة الجزيرة (@AJArabic) February 5, 2025

من الرؤوس التي قنصها الجيش؟

منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل/نيسان 2023، تمكن الجيش من قتل عدد من القادة الميدانيين في قوات الدعم السريع، أبرزهم:

الجنرال على يعقوب قائد قوات الدعم السريع الذي قتل يوم 13 يونيو/حزيران العام الماضي في أثناء العمليات العسكرية بالقرب من مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور. الجنرال عبد المنعم شيريا الذي قتل في السابع من مايو/أيار الماضي في عمليات بشمال كردفان.  عبد الرحمن البيشي الذي لقى مصرعه إثر غارة جوية في 20 يوليو/تموز الماضي في مناطق سنار وسط السودان. أحمد مدلل أحد أقارب قائد قوات الدعم السريع الذي قتل يناير/كانون الثاني الماضي. ثم الجنرال رحمة الله مهدي جلحة الذي لقى مصرعه يوم 28 يناير/كانون الثاني الماضي بمناطق شرق النيل بولاية الخرطوم. ثم آخرهم اللواء عبد الله حسين. إعلان

واستطاع الجيش السوداني اصطياد قادة آخرين لا تسع القائمة لذكرهم كان يربط بينهم أنهم قادة ميدانيون مؤثرون في عمليات قوات الدعم السريع ولهم ظهور كثيف في المنابر الإعلامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

 نتوقف عند نظرية استهداف الرؤوس الكبيرة ومدى فاعليتها، وفي هذا الصدد يقول اللواء الحسن إن استهداف الرؤوس الكبيرة تمثل واحدة من إستراتيجيات إضعاف وإنهاك العدو، وقد نجحت في روسيا في تعاملها مع تمرد قوات "فاغنر" كما استخدمتها إسرائيل مع حزب الله في لبنان وحركة حماس في فلسطين.

يوسف عبد المنان، في حديثه للجزيرة نت، يقول إن نظرية استهداف الرؤوس الكبيرة عمل بها طرفا الحرب منذ اليوم الأول، إذ حاولت مليشيا الدعم السريع تصفية القائد العام للجيش الفريق عبد الفتاح البرهان في داخل القيادة العامة بالخرطوم عبر هجوم موسع. وهنا يتفق اللواء الحسن مع وجهة النظر هذه، ويقول إن الجيش السوداني في الأيام الأولى استهدف قائد القوات المتمردة حميدتي وأصابه قناص جعل مصيره غامضا حتى يوم الناس هذا.

من بقي في قائمة الاستهداف؟

 ويفصل الخبير العسكري علي ميرغني قائمة الرؤوس المؤثرة في قوات الدعم السريع، حيث تشمل القائمة الأولى الضباط الذين تخرجوا في الكلية الحربية السودانية، ثم انضموا لقوات الدعم السريع قبل الحرب، ثم آثروا الاستمرار بعد الحرب.

في حين أن القائمة الثانية تشمل الجنرالات الذين لم يتخرجوا في الكليات العسكرية، وهؤلاء حسب ميرغني، ليس لهم ثقل عسكري بسبب افتقارهم إلى القدرة على التخطيط العسكري الجيد، مما أدى لاستنزاف القوات التي تعمل تحت إمرتهم وتحولها إلى جزر معزولة، ومن ثم، يعتقد ميرغني أن تحييد هؤلاء القادة ليس هدفا يسعى له الجيش، بل يحدث عرضا في أثناء العمليات العسكرية.

ويقول اللواء المتقاعد والمتخصص في فض النزاعات الدكتور أمين إسماعيل، للجزيرة نت، إن الجيش السوداني لديه قدرات استخباراتية كبيرة وقدرة على التقاط المحادثات، مما يمكنه من استهداف الرؤوس الكبيرة في الدعم السريع عبر الطيران أو الطيران المسير أو حتى القصف المباشر. ويضيف إسماعيل أن نقص الخبرات لبعض هؤلاء القادة واندفاعهم وعدم التزامهم بقواعد السلامة يجعلهم صيدا سهلا.

إعلان

هنالك بعض الخبراء يعتقدون أن الجيش السوداني، ولحاجة في نفس يعقوب، لا يركز في حملة اصطياد الرؤوس الكبيرة على ضباط الدعم السريع المتخرجين في الكلية الحربية السودانية.

ويؤكد ذلك الصحفي يوسف عبد المنان بقوله إن التفاهم مستقبلا في قضايا ذات طبيعة فنية أسهل مع منسوبي الدعم السريع المتخرجين من كليات عسكرية محترفة، في حين ينفي اللواء أمين مجذوب وجود استثناء لأبناء الكلية الحربية، فالقادة المحترفون في صفوف الدعم السريع يعملون خارج الميدان القتالي وتنحصر مهامهم في التخطيط وإدارة الإمداد والتدريب، كما أن بعضهم حوله حراسات بدافع الحماية أو عدم الثقة.

من التالي؟

مع تقدم الجيش في مسارح العمليات وقدرته على تحييد رؤوس كبيرة في قوات الدعم السريع، يصبح السؤال من القائد التالي في قوات الدعم السريع الذي تبحث عنه غرف الجيش المظلمة؟

مصدر عسكري ميداني أكد للجزيرة نت أن سلاح الطيران السوداني كان قاب قوسين أو أدنى من إدراك رأس عبد الرحيم دقلو، الرجل الثاني في قوات الدعم السريع، وذلك في غارة جوية في منطقة مليط بولاية شمال دارفور. ويقدم عبد المنان تفاصيل أكثر للجزيرة نت، وأن كل قادة الدعم السريع باتوا هدفا مشروعا للجيش السوداني عقب تمردهم، وأن عبد الرحيم دقلو يعد صيدا ثمينا للجيش السوداني. وأشار عبد المنان إلى أن دقلو فلت من القتل في هجوم موسع استهدف متحركا عسكريا لقوات الدعم السريع قبل نحو شهر في منطقة مليط أقصى شمال دارفور.

لكن الخبير العسكري والكاتب الصحفي على ميرغني يعتقد -في حديثه للجزيرة نت- أن الجيش لا يخطط لتحييد عبد الرحيم دقلو شخصيا، حتى الآن، وقبل إعلان انهيار قوات الدعم السريع، لأن غيابه في هذا الوقت يؤدي لما سماها ظاهرة الذئاب المنفردة وتشظية الدعم السريع لمجموعات صغيرة تعمل بنظام حرب العصابات.

من جهته، يرى اللواء معتصم الحسن أهمية تغييب القيادات العسكرية من أسرة دقلو، لأن ذلك يصب في خفض الروح المعنوية، ثم انفضاض سائر هذه القوات المتمردة وفقا لتعبيره، لكن ميرغني يرى أن تحييد اللواء عثمان حامد المعروف بـ"عثمان عمليات" المتخرج في الكلية الحربية السودانية أو إقناعه بالانسحاب من الدعم السريع يمكن أن يمثل ضربة قاضية لقوات الدعم السريع باعتبار أن اللواء "عمليات" يملك خبرات قتالية جيدة اكتسبها من خلال خدمته في الجيش وقوات الدعم السريع لاحقا.

وتبدو الحرب في السودان التي بدأت منتصف أبريل/نيسان 2023 في منعطف جديد، خاصة بعد تقدم الجيش السوداني في محاور عديدة للقتال، وكذلك تمكنه من تحييد قيادات ميدانية مؤثرة من صفوف خصمه. وهنا تبدو نظرية تحييد الرؤوس الكبيرة أمام امتحان في السودان لمدى فاعليتها، إذ لم يتم استخدامها في حروب السودان السابقة على نطاق واسع كما في هذه الحرب.

إعلان

مقالات مشابهة

  • مصطفى بكري: الجيش السوداني سيقضي على ميليشيا الدعم السريع
  • بالفيديو .. الجيش يسيطر على مقر “الإستراتيجية” وسط الخرطوم ويخوض معارك ضارية لاستعادة جسر مهم
  • حملة الجيش لاصطياد الرؤوس الكبيرة بالدعم السريع.. مَن بعد الجنرال حسين؟
  • «الجيش السوداني»: تقدمنا في كل المحاور وأوجعنا الدعم السريع
  • الجيش يعلن تحرير مناطق جديدة في الخرطوم من الدعم السريع
  • صحة السودان تتابع المستشفيات التي دمرتها الدعم السريع
  • الجيش السوداني يستعيد آخر معاقل الدعم السريع بولاية الجزيرة
  • الجيش السوداني يستعيد آخر معاقل الدعم السريع بالجزيرة
  • السودان.. مصرع 6 أشخاص في قصف مليشيا الدعم السريع مستشفي بالخرطوم
  • مصادر: مقـ.تل قائد كبير لميليشيا الدعم السريع