هاشم بامكار ابن السودان البار
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
هاشم بامكار ابن السودان البار .. بقلم: نور الدين مدنيكلام الناس
* هناك مواقف لا تُنسى، وتظل محفوظة في الذاكرة ومرتبطة بصاحبها وبتاريخه، خاصة عندما يتعلق الموقف بالشأن الداخلي للوطن لصيق الصلة بكرامة الإنسان، مُعبِّراً عن شجاعته.
* لكي أحدثكم عن الموقف والرجل الرمز الذي جسَّد ذلك الموقف الوطني الشجاع، دعوني أعود بكم للمناسبة التاريخية التي شهدت هذا الموقف وسط كوكبة من الرموز السودانية التي تمثِّل كل ألوان الطيف السياسي.
* كُنا في زيارة رسمية للجماهيرية العربية الليبية، -وأكتفي بذلك القدر من اسم دولة ليبيا- إبَّان حكم الرئيس السابق معمر القذافي، للمشاركة في احتفالاتها بوفد سوداني يُمثِّل كل الأحزاب السياسية.
* كان ذلك عقب انتفاضة مارس ـ أبريل 1985م، وكان صاحب الموقف يُمثِّل الحزب الاتحادي الديمقراطي، فيما كان حريكة عزالدين يُمثِّل حزب الأمة، ويسن عمر الإمام يُمثِّل الجبهة الإسلامية القومية، وجوزيف موديستو يُمثِّل الحزب الشيوعي.
* كنتُ بينهم أمثِّل (الصحافة) السودانية، وقد اتفقنا على أن نوحِّد كلمتنا في هذه المناسبة لتكون مُعبِّرة عن أهل السودان كافة، وليس أي حزب من الأحزاب التي كانت ممثَّلة في هذا الوفد الشعبي الكبير.
* فعلاً كتبنا خطاباً واحداً ورأينا أن يلقيه إنابة عنا جميعاً حريكة عزالدين ليس باعتباره رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الأمة، ولكن باعتباره أكبرنا سناً في ذلك الوقت والله أعلم.
* حتى الآن لم أحدثكم عن الموقف التاريخي الذي جاء يوم ذكره، فقد تمت دعوة الوفد السوداني للقاء مع عمر الحامدي الذي كان أمين مكتب الإخوة بالسودان حتى وقت قريب، وكان وقتها أمين العلاقات الخارجية، وقد خاطبنا مهاجماً الأحزاب في السودان انطلاقاً من موقف الجماهيرية من الأحزاب ومقولة القذافي المعروفة من تحزَّب خان!!.
* السوداني الوحيد الذي تصدى لمحدثنا الليبي في ذلك الوقت هو الوطني الشجاع ابن الشرق البار هاشم بامكار الذي ودعته البلاد من بورسودان أمس، فقد وقف قائلاً: إننا لم نجيء هنا لكي تعطونا درساً في الوطنية.. قالها بلغته البسيطة المعبِّرة بكل شجاعة وجُرأة ووضوح.
* تغمَّد الله فقيدنا الراحل الذي لم يُقصر طول حياته في خدمة مبادئه الوطنية، وظل وفياً لأهله في كل السودان وفي الشرق بصفة خاصة ، نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يُدخله فسيح جناته وأن يُلهم أهل السودان والشرق والبجة والاتحاديين كافة، الصبر وحُسْن العزاء.
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
هل الأحزاب السودانية ظالمة ام مظلومة؟
قال لي أحدهم إن تجربة أحزابنا السودانية ضعيفة؛ قلت له نعم ولكن كيف تكون أحزابنا السياسية قوية ومعظم تجربتها في معارضة ومناهضة النظم الديكتاتورية الشمولية فلم يترك لها الجيش المؤدلج وقتا للحكم تستمد منه خبرة أو حتى فرصة لتمارس الديمقراطية داخلها وتقييم مؤتمراتها وتجدد كوادرها وقياداتها وبرامجها لذلك فإني اعتبر ما قدمته وما تقدمه من دور معارض بالرغم من كل ما مر بها من تشريد وتنكيل وقمع فإنه لا غبار عليها فهي مواعين الديمقراطية ولن تستقيم الا بممارستها حقبا ودورات عديدة ولنستعرض تاريخ السودان الحديث وما مرت عليه من فترات حكم لنستمد منه العبر ولنحكم بالعدل لهذه الأحزاب بما لها وما عليها.
فمنذ بداية الحكم الذاتي في 1954م واستقلال السودان في 1956م وحتى اليوم مرت 71 عاما منها:-
56 عاما أنظمة عسكرية شمولية دكتاتورية على أربعة فترات منها
-6سنوات انقلاب عبود
-16سنة انقلاب نميري(مايو)
-30سنة انقلاب البشير(الإنقاذ)
-4سنوات انقلاب البرهان_حميدتي
6سنوات من الفترات الانتقالية منها:-
-2سنة الحكم الذاتي(قبل الاستقلال).... ازهري.
-سنة واحدة... جبهة الهيئات (عقب ثورة أكتوبر)... سرالختم الخليفة.
-سنة واحدة... التجمع النقابي (عقب انتفاضة مارس/أبريل)... سوار الدهب والجزولي دفع الله
-2سنة.... قوى إعلان الحرية والتغيير(عقب ثورة ديسمبر)...عبدالله حمدوك
9سنوات حكم ديمقراطي بواسطة الأحزاب على ثلاثة فترات منفصلة لم تهنأ فيها ولو لمرة واحدة باستكمال دورة برلمانية منها:-
-2سنة بعد الاستقلال (حكومة الأزهري وحكومة عبدالله خليل)... الوطني الاتحادي ثم إئتلاف الشعب الديمقراطي والأمة على التوالي.
-4سنوات بعد ثورة أكتوبر (حكومات الصادق ثم المحجوب) إئتلاف الأمة جناح الصادق والحزب الاتحادي الديمقراطي ثم إئتلاف الأمة جناح الهادي والحزب الاتحادي الديمقراطي على التوالي.
-3سنوات بعد انتفاضة أبريل (حكومات الصادق المهدي الثلاثة الإئتلافية من أحزاب الأمة والاتحادي والجبهة الإسلامية).
من خلال قراءة متأنية لتلك الفترات فإن الأحزاب المفترى عليها لم تنل نصيباً من تجربة الحكم إلا لماماً في فترات أعقبت خروجها منهكة من مقارعة الديكتاتوريات باستثناء حزب الجبهة الإسلامية في تشكلاته المختلفة.
هذا طبعاً لا ينفي مسئولية الأحزاب عن مساهمتها بهذا الضعف في تبرير المغامرين من العسكر لإستيلائهم على السلطة وإن كنا نجد لها العذر من شواهد التاريخ المنشور وخلاصة القول فإن الديمقراطية هي بمثابة حياة وتطور للأحزاب مثل الماء للأحياء فإن فقدتها ستؤول إلى موات فهل نعي الدرس بعد هذه الحروب المتتالية والتي توجت بهذه الحرب المدمرة والمستمرة حتى الآن لنصطف حول تلك المواعين الحزبية المتبقية ونتعهدها بالإصلاح ليعود الحكم المدني الديمقراطي راشداً والذي لا مفر منه ام سنستمر في هذا السفه الذي أشعل الحرب و دمر الدولة؟
عبدالمنعم محمد أحمد العوض
samir.alawad@gmail.com