جنبلاط يتمايز عن جعجع... هل تأييده حوار برّي يعني إنتخاب فرنجيّة؟
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
لا يزال نواب "اللقاء الديمقراطيّ" يتمايزون عن زملائهم في تكتّل "الجمهوريّة القويّة"، فرئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع أعلن بصراحة عن رفضه الذهاب لأيّ حوارٍ قد يدعو إليه رئيس مجلس النواب نبيه برّي، أو الموفد الفرنسيّ إلى لبنان جان إيف لودريان، وطالب عوضاً عن ذلك بإجراء جلسات مفتوحة تُفضي إلى انتخاب أحد المرشّحين المطروحين.
وبينما نواب "التقدّمي" لا يزالون يدعمون حتّى اللحظة وصول وزير الماليّة السابق جهاد أزعور، يُؤخذ عليهم أنّهم مع الحوار الذي طرحه برّي، علماً أنّ "حزب الله" و"حركة أمل" لا مرشّح لديهما سوى رئيس تيّار "المردة" سليمان فرنجيّة. وتستمرّ أوساط نيابيّة معارضة في هذا السيّاق، باتّهام "الثنائيّ الشيعيّ" بجرّ النواب إلى حوارٍ، للتوافق على مرشّحه، لأنّ لا شخصيّة ثانيّة يدعمها، وهو أساساً لم يُؤيّد أيّ إسم من اللائحة التي طرحها عليه وليد جنبلاط في السابق، وتتضمّن مرشّحين وسطيين.
وعما إذا كان تأييد "اللقاء الديمقراطيّ" لحوار برّي الهدف منه دعم فرنجيّة، يقول مراقبون إنّ موقف "التقدّميّ" مُعلن أكثر من مرّة بشأن إنتخاب مرشّح تحديّ، وهو ضدّ وصول أيّ شخصيّة تزيد الإنقسام في البلاد، من هنا أتت مبادرة وليد جنبلاط الأولى، التي كانت قائمة على اختيار إسمٍ وسطيّ، وقد أبدت العديد من الكتل النيابيّة لاحقاً دعم أقلّه شخصيّة من اللائحة.
ويُضيف المراقبون أنّ المصلحة الوطنيّة لن تدفع بنواب جنبلاط إلى الإقتراع لفرنجيّة، لأنّ لا توافق عليه من قبل المسيحيين ومن الخارج، فلو حافظت فرنسا على مبادرتها الأولى التي طرحها باتريك دوريل، واستطاع الأخير في وقتها بإقناع المملكة العربيّة السعوديّة بالتسويّة التي كان يُسوّقها، لكان الأمر اختلف بالنسبة لـ"اللقاء الديمقراطيّ"، وغيرها من الكتل "الرماديّة". أمّا حاليّاً، فإنّ توجّه نواب "التقدميّ" هو أنّ ينتج عن حوار برّي أو لودريان دعم مرشّحٍ وسطيّ، ينال إجماع النواب من أغلبيّة الطوائف التي تُمثّل المجلس النيابيّ.
ويُشير المراقبون إلى أنّ علاقة جنبلاط التاريخيّة ببرّي لا تعني بالضرورة أنّ هناك التقاءً في مختلف المواضيع السياسيّة بينهما، فـ"اللقاء الديمقراطيّ" أقرب من "المعارضة"، ونواب الكتلة أيّدوا منذ حوالي 11 شهراً، المرشّحين الذين تُجمع عليهما "القوّات" و"الكتائب"، علماً أنّهم كانوا سبباً أساسيّاً في سقوط إسم رئيس "حركة الإستقلال" النائب ميشال معوّض، بعد اقتناعهم من أنّ المرشّح التحديّ ورقته محروقة سلفاً.
إلى ذلك، ورغم أنّ المختارة اختارت التروّي بعض الشيء في التطرّق للسلاح غير الشرعيّ، للإهتمام بالشقّ الإقتصاديّ والمعيشيّ، لا يُخفى أنّ هناك رغبة لدى جنبلاط بمعالجة موضوع سلاح "المقاومة"، لكن ضمن حوارٍ هادىء وبناء، بعيداً عن الشعبويّة والطائفيّة وجرّ البلاد إلى مواجهات في الشارع. من هنا، فإنّ الإتيان بمرشّحٍ تحديّ يتناول بند السلاح بطريقة صداميّة مع "حزب الله"، لن يُقدم "التقدميّ" على تأييده، وهو سيظلّ يُطالب بالتسويّة السياسيّة، من دون إقصاء أيّ فريقٍ، كي تكون المرحلة السياسيّة المقبلة قائمة على التوافق.
وفي هذا الإطار، فإنّ دعوة برّي إلى الحوار التي استبقت مجيء لودريان إلى لبنان، لم تُغيّر من قناعات المختارة التي تُؤمن أنّ التسويّات فقط تحمل الحلول في البلاد، فجنبلاط من أشدّ الداعمين لتقارب الأفرقاء، وهو لن يُعارض توافق "حزب الله" مع "التيّار الوطنيّ الحرّ"، إنّ حافظا على الثوابت الوطنيّة والطائفيّة في مقاربة اللامركزيّة الإداريّة والصندوق الإئتمانيّ.
في خصم هذه التطورات كان لافتا تصويب وليد جنبلاط امس، وأمام البطريرك الراعي في المختارة، على قائد "القوات اللبنانية" سمير جعجع على خلفية خطابه الاخير في ذكرى الشهداء. قائلا:" ما نسمعه من نظريات ليس هناك أغبى أو أسخف لكن أخطر ممن ينادون بالفراغ، ولا يسهّلون موضوع الانتخابات الرئاسية". المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
جعجع وباسيل: تنافس على المرجعية المسيحية رئاسياً
لا تزال الحركة الناشطة على صعيد الملف الرئاسي «من دون بركة»، كما يؤكد مصدر معني بالمشاورات الحاصلة، إذ لا تزال القوى كلها في مرحلة جس بعضها نبض بعض، من خلال طرح أسماء معينة من دون نجاح أي اسم حتى الساعة في تأمين الأصوات النيابية اللازمة للعبور إلى القصر الرئاسي، خصوصاً أن مجلس النواب سيجتمع في 9 كانون الثاني المقبل لانتخاب رئيس.
وكتبت بولا اسطيح في" الشرق الاوسط":عاد مؤخراً إلى الواجهة الكباش بين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، بحيث يسعى كل منهما إلى أن يكون المرجعية المسيحية في هذا الملف من دون إسقاط احتمالية التلاقي والتقاطع من جديد بينهما على اسم مرشح معين، كما حصل عند تقاطعهما على اسم الوزير السابق جهاد أزعور.
ومنذ فترة يحاول باسيل التفاهم مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري على اسم مرشح يقطع من خلاله الطريق على ترشيح؛ خصميه اللدودين رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزف عون. ويبدو أنه تم التوصل إلى تقاطع بينهما على اسمين أو ثلاثة. وفي الوقت نفسه، هناك خطوط مفتوحة بين بري وجعجع للهدف نفسه، إلا أنه لا يبدو أن الطرفين تقاطعا على أحد الأسماء.
ولا ينفي النائب في تكتل «الجمهورية القوية» غياث يزبك، أن التنافس التاريخي بين «القوات» و«التيار» على المرجعية المسيحية لطالما كان قائماً، «لكن وبعد انتخابات 2022 أصبحت المنافسة خلفنا بعدما أكدت نتائجها أن (القوات) باتت هي المرجعية المنفتحة على علاقات عابرة للطوائف مع كل القوى»، لافتاً إلى أنه «وبمقابل مسار بناء الدولة الذي يسلكه حزب (القوات)، كان باسيل ولا يزال يسلك مساراً يناقض مشروع الدولة. لكن ذلك لا يمنع التلاقي والتقاطع راهناً على اسم رئيس يحقق مصلحة لبنان، كما تقاطعنا على اسم الوزير السابق جهاد أزعور».
ويشير يزبك، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «قناة التواصل موجودة مع (التيار)، كما مع باقي القوى لانتخاب شخصية لا تشكل تحدياً لأحد، لكن بالوقت نفسه لا تكون رمادية ومن دون طعم ولا لون». ويضيف: «لكن على القوى الأخرى أن تقترب من مواصفاتنا لرئيس يحترم المتغيرات الحاصلة في لبنان والمنطقة، وذلك لا يعني أن هناك من يسعى للاستقواء على (حزب الله) بوصفه طرفاً مهزوماً».
بالمقابل، يعدّ عضو تكتل «لبنان القوي» النائب جيمي جبور، أنه «ليست هناك مرجعية مسيحية واحدة، إنما هناك مرجعيات مسيحية، لذلك فالكباش أو الاتفاق يكون ضمن التوازنات القائمة التي لا يمكن لأحد فيها إلغاء الآخر»، لافتاً إلى أنه «كما تم في السابق التقاطع على جهاد أزعور، فلا شيء بالتالي يمنع الاتفاق مجدداً، إلا إذا كانت هناك رغبة مستورة لدى (القوات) بتمرير جلسة 9 كانون الثاني من دون الاتفاق الواسع على مرشح يصبح رئيساً نتيجة تأييد واسع لشخصه».