حذّرت دراسة تقييمية علمية كبيرة صادرة يوم 4 سبتمبر/أيلول الجاري، من أن الأنواع الغازية التي تدمر المحاصيل والغابات، وتنشر الأمراض وتقلب النظم البيئية رأسا على عقب، تنتشر بشكل أسرع من أي وقت مضى في جميع أنحاء العالم، ولم تتمكن البشرية من وقف هذا المدّ بعدُ، بل إنها تسهم في زيادته.

وكلف هذا الإخفاق البشرية ما يزيد عن 400 مليار دولار سنويا من الأضرار والدخل المفقود -أي ما يعادل الناتج المحلي الإجمالي للدانمارك، أو تايلاند- وفقا للجنة الاستشارية العلمية الحكومية الدولية لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن التنوع "البيولوجي"، التي أعدت التقرير.

زهرة الصفير كانت تغطي في وقت ما 90% من بحيرة فيكتوريا شلت حركة النقل (شترستوك) 37 ألفا من الأنواع الغازية

من ورد الماء الذي يخنق بحيرة فيكتوريا في شرق أفريقيا، إلى الجرذان والثعابين البنية التي تقضي على أنواع الطيور في المحيط الهادئ، إلى البعوض الذي يعرض مناطق جديدة لفيروسات زيكا والحمى الصفراء وحمى الضنك وأمراض أخرى، صنّف التقرير أكثر من 37 ألفا من الأنواع الغازية، وهي أنواع الكائنات التي ترسخت بعيدا عن مواطنها الأصلية.

ويتجه هذا الرقم إلى الارتفاع بشكل حاد، جنبا إلى جنب مع فاتورة الأضرار التي زادت بمتوسط 4 أضعاف كل عقد، منذ 1970.

وخلص التقرير إلى أن التوسع الاقتصادي والزيادة السكانية وتغير المناخ "سيزيد من وتيرة ومدى الغزوات البيولوجية، وتأثيرات الأنواع الغريبة الغازية"، وأوضح أن 17% فقط من الدول لديها قوانين، أو لوائح لإدارة هذه الهجمة.

وعندما ينتهي الأمر بالأنواع غير المحلية إلى الجانب الآخر من العالم، يقع اللوم على البشر ​سواء كان ذلك مصادفة، أو عن قصد. وكما يقول العلماء، فإن انتشار تلك الأنواع دليل قوي على أن التوسع السريع للنشاط البشري، قد أدى إلى تغيير جذري في النظم الطبيعية، مما دفع الأرض إلى عصر "جيولوجي" جديد، هو "الأنثروبوسين".

منطقة إيفرغليدز في ولاية فلوريدا الأميركية تعج بالنسل المدمر للثعابين البورمية (شترستوك) المسافرون

يُعتقد أن زهرة الصفير التي كانت تغطي في وقت ما 90% من بحيرة فيكتوريا في شرق أفريقيا -مما أدى إلى شل حركة النقل، وخنق الحياة المائية، ومنع دخول السدود الكهرومائية وتكاثر البعوض- قد أُدخِلت من المسؤولين الاستعماريين البلجيكيين في رواندا، زهرة حديقة للزينة قبل أن تشق طريقها إلى نهر كاجيرا في الثمانينيات.

وتعج منطقة إيفرغليدز في ولاية فلوريدا الأميركية بالنسل المدمر للحيوانات الأليفة والنباتات المنزلية السابقة، بدءا من الثعابين البورمية التي يبلغ طولها خمسة أمتار، وسمك السلور السائر، إلى السرخس المتسلق، والفلفل البرازيلي.

وفي القرن التاسع عشر، جلب المستوطنون الإنجليز الأرانب إلى نيوزيلندا من أجل الصيد والطعام، وعندما تكاثرت، استورد المسؤولون حيوانات آكلة للحوم صغيرة وشرسة تسمى القاقم لتقليل أعداد الأرانب. لكن القاقم ذهبت للبحث عن فريسة أسهل، وكادت تقضي على العشرات من أنواع الطيور المستوطنة، بدءا من صغار الكيوي وحتى طيور المنقار.

مع ذلك، وفي كثير من الأحيان، قد يكون وصول الأنواع الغازية بشكل عرضي، عبر مياه سفن الشحن، أو الحاويات الموجودة في عنابرها، أو في حقائب السائحين. على سبيل المثال، يمتلئ البحر الأبيض المتوسط بالأسماك والنباتات غير المحلية؛ مثل: سمكة الأسد والطحالب القاتلة، التي انتقلت من البحر الأحمر عبر قناة السويس.​

سمكة الأسد والطحالب القاتلة انتقلت من البحر الأحمر عبر قناة السويس (شترستوك) الجزر الصغيرة المعرضة للخطر

ويعتقد أن الدبابير القاتلة القادرة على القضاء على مستعمرات النحل بأكملها في هجوم واحد، وصلت إلى الولايات المتحدة من آسيا كما لو كانوا مسافرين خلسة في سفن الشحن.

ويظهر تقرير اللجنة الاستشارية أنه بسبب أحجام التجارة الضخمة إلى حد كبير، فإن أوروبا وأميركا الشمالية لديها أكبر تركيزات في العالم من الأنواع الغازية، التي تُعرف بأنها تلك الأنواع غير المحلية التي تسبب الضرر، المنتقلة بسبب النشاط البشري.

وتعدّ الأنواع الغازية سببا مهما في 60% من جميع حالات انقراض النباتات أو الحيوانات الموثقة، وهي واحدة من 5 عوامل رئيسة إلى جانب فقدان الموائل، والاحتباس الحراري والتلوث، وفقا للنتائج. وتتفاعل هذه العوامل معا لتفاقم الأمر.

وقد حددت معاهدة عالمية لحماية التنوع "البيولوجي"، تم التوصل إليها في مونتريال في ديسمبر/كانون أول الماضي، هدفا يتمثل في خفض معدل انتشار الأنواع الغريبة الغازية، بمقدار النصف بحلول 2030.

ووضع تقرير اللجنة الاستشارية إستراتيجيات عامة لتحقيق هذا الهدف، لكنه لا يقيّم فرص تحقيقها، ووفقا للتقرير فإن هناك 3 خطوط دفاع أساسية؛ وهي: الوقاية، والاستئصال، ثم الاحتواء، في حالة عدم تحقيق ذلك.

وقد أخفقت محاولات الاستئصال بشكل عام في المسطحات المائية الكبيرة، والممرات المائية المفتوحة، وكذلك في مساحات واسعة من الأراضي المتجاورة. وكانت الأماكن التي حققت أعلى معدل نجاح في إزالة الضيوف غير المرغوب فيهم -خاصة الفئران والفقاريات الأخرى- هي الأماكن الأكثر عرضة للخطر، وهي الجزر الصغيرة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الأنواع الغازیة

إقرأ أيضاً:

دراسة: التخطيط الجيد لتنظيم المونديال سيشكل إقلاعاً حقيقاً للنمو الإقتصادي في المغرب وترسيخ مكانته الدولية

زنقة 20. الرباط

كأس العالم 2030: طموح المغرب بين الفرصة والتحديات الاقتصادية

يستعد المغرب لاستضافة كأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال، في خطوة تاريخية تعزز مكانته في كرة القدم الدولية، لكنها تطرح أيضًا تساؤلات جوهرية حول التأثير الاقتصادي الفعلي لهذا الحدث. يسلط تقرير المعهد المغربي لتحليل السياسات (MIPA) الضوء على الفوائد المحتملة والتحديات المالية التي قد يواجهها المغرب خلال هذه الاستضافة.

تروج الخطابات الرسمية للفرص الاستثمارية، وتطوير البنية التحتية، ودعم قطاع السياحة كأبرز المكاسب الاقتصادية. تشير التقديرات إلى أن المغرب سيخصص ما بين 50 و60 مليار درهم لاستضافة الحدث، بتمويل من الميزانية العامة، والشركات الحكومية، والقروض الدولية. ومع ذلك، يحذر تقرير MIPA من التهويل في تقدير المكاسب والتقليل من التكاليف الحقيقية، وهو خطأ شائع في التجارب السابقة لاستضافة الفعاليات الرياضية الكبرى.

التأثير على السياحة:

يعد قطاع السياحة أحد المجالات التي يُتوقع أن تستفيد بشكل كبير، إذ تشير التقديرات إلى زيادة بنسبة 12٪ في عدد السياح. غير أن التجارب السابقة أظهرت أن هذا التأثير يكون محدودًا في بعض الأحيان، حيث قد تكون الزيادة في عدد الزوار قصيرة الأمد إذا لم تُستغل الفرصة لتطوير البنية التحتية السياحية وتعزيز جاذبية البلاد على المدى البعيد.

فرص العمل:

الحكومة تتوقع خلق آلاف الوظائف في مجالات البناء، الفندقة، والنقل، إلا أن تجارب الدول المستضيفة السابقة تشير إلى أن هذه الوظائف تكون غالبًا مؤقتة، مما قد يؤدي إلى ارتفاع البطالة بعد انتهاء البطولة. ومن هنا تأتي الحاجة إلى استراتيجيات طويلة الأمد لضمان استفادة الاقتصاد الوطني من هذا الزخم.

التأثير على البنية الرياضية: استضافة كأس العالم ستؤدي إلى تحديث الملاعب ومراكز التدريب، ما يشكل دفعة قوية لكرة القدم المغربية على المستوى الاحترافي. ومع ذلك، فإن مصير هذه المنشآت بعد انتهاء البطولة يظل سؤالًا مفتوحًا، حيث واجهت بعض الدول المستضيفة السابقة مشكلة «الملاعب المهجورة» التي استنزفت الموارد دون فائدة مستقبلية ملموسة.

المكاسب غير الملموسة:

أشار تقرير MIPA إلى أن البطولة قد تعزز صورة المغرب الدولية، وترسخ دبلوماسيته الرياضية، وتغذي الشعور بالوحدة الوطنية. غير أن هذه المكاسب الرمزية ينبغي ألا تُغفل التكاليف الاقتصادية، خصوصًا تأثيرها على الميزانية العامة والدين الوطني.

ختامًا: استضافة كأس العالم 2030 تشكل فرصة ذهبية للمغرب لترسيخ مكانته عالميًا، لكنها تأتي مع تحديات مالية تستوجب إدارة دقيقة. لضمان تحقيق مكاسب مستدامة، يتعين على المغرب وضع استراتيجيات واضحة لتجنب الأعباء المالية الثقيلة وتحقيق أقصى استفادة من هذا الحدث الضخم. التخطيط الاستراتيجي والاستثمار الذكي هما المفتاح لضمان أن يكون كأس العالم 2030 انطلاقة حقيقية للنمو الاقتصادي والرياضي في المغرب، وليس مجرد إنجاز لحظي تليه أعباء طويلة الأمد.

المغربمونديال 2030

مقالات مشابهة

  • دراسة: التخطيط الجيد لتنظيم المونديال سيشكل إقلاعاً حقيقاً للنمو الإقتصادي في المغرب وترسيخ مكانته الدولية
  • دراسة تحذر: الصيام المتقطع قد يشكل خطرا على هذه الفئة العمرية
  • صورة نادرة لنصرالله تنتشر.. شاهدوها
  • شاهد بالفيديو.. سوداني من عشاق “الطمبور” يفقد السيطرة على نفسه ويرقص بشكل هستيري على طريقة لاعبي “الجمباز” خلال حفل حاشد بالشمالية
  • اتساع نطاق الرفض العالمي لمخطط ترامب تهجير الفلسطينيين والسيطرة على قطاع غزة
  • دراسة تحذر من زهور ملوّثة بمبيدات حشرية في فرنسا.. ما القصة؟
  • دراسة تحذر: سجائر المنثول تُضاعف خطر الوفاة
  • سالي عبد السلام تفاجئ متابعيها بوصيتها الغريبة
  • دراسة: الرضع يفضلون الأطعمة التي تناولتها أمهاتهم في أثناء الحمل
  • أكبر مصدّر لخام الحديد في العالم خارج الخدمة.. ماذا حدث؟