شلقم: رحلت عهود الزعامة بكل ما فيها
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
قال عبد الرحمن شلقم وزير الخارجية ومندوب ليبيا الأسبق لدى مجلس الأمن الدولي إن خرائط العالم التي نعرفها اليوم، وُلدت أغلبها من رحم الحروب، والقرن العشرون المنصرم، شهد حربين عالميتين، وفي الأولى خاضت إمبراطوريات حرباً غير مسبوقة، أطلق رصاصتها الأولى شاب صربي متعصب على ولى عهد الإمبراطورية النمساوية – المجرية، وانطلقت الحرب العظمى من منطقة البلقان لتتسع وتمتد في أوروبا وخارجها، و انتهت تلك الحرب بما عُرف بمؤتمر فرساي، لكن في ذلك المكان الفرنسي، وُلدت شرارة الحرب العالمية الثانية.
أضاف في مقال بصحيفة الشرق الأوسط اللندنية أن “البلقان كانت قدّاحة الحرب العالمية الأولى، وعلى أرضها دارت معارك الحرب العالمية الثانية. الحرب الأولى أسست دولاً جديدة، وأعادت تشكيل هويات وطنية، بعضها غاضب تفجرت في صفوف شعبه نيران المظلومية، واستفزته هزات الإهانة”.
أضاف شلقم “الزعيم شخص له تكوين خاص ومتفرد. كل ما فيه هو ذاته. يصبّ تكوينه المركب في إناء الوطن، ويسكب الوطن في أوعية طموحه الذاتي. الوعي بمسارب العبور إلى أحلام، وحتى أوهام عامة الناس، تحتاج إلى قدرات فردية ذاتية خاصة، تبدأ بولادة الزعيم داخل ذاته. الشعوب المكسورة لأي سبب كان، وكذلك الشعوب التي توقن أن لها من القدرات التي ترفعها على الآخرين، تتحرك مشاعرها بقوة انتظاراً أو بحثاً عن الرجل الاستثنائي الأسطوري؛ ليحقق الأحلام على الأرض، أو يحمل على كاهل عبقريته آيديولوجية عبر فضاءات خارج الوطن” وفق قوله.
واختتم قائلًا “اختلفت الحقول، ونمت العقول، ورحلت عهود الزعامة بكل من فيها وما فيها، فثمن الزعيم هو الملايين من القتلى وجبال الدمار وانهار الدموع. قال كارل ماركس: التاريخ يعيد نفسه مرتين. الأولى كمأساة، والثانية كمهزلة” وفق تعبيره.
المصدر: صحيفة الساعة 24
إقرأ أيضاً:
رحلت في صمت مثلما كنت تعمل في صمت
رحلت في صمت مثلما كنت تعمل في صمت . افتقدتك مدرسة أم درمان الثانوية النموذجية للبنات ( شرق ) وافتقدتك مسقط رأسك المسلمية وافتقدتك مدينة ( الصالحة ) حيث أقمت فيها لعشرات السنين حتي مؤاراتك في ثراها الطيب .
( التهامي ) كادر عمالي يفهم بعمق اسرار مهام وظيفته بحكم الخبرة التي جناها لعشرات السنين وهو كالنحلة يقوم بواجبه علي أتم وجه وتحس عندما تراه يتحرك في خفة ونشاط هنا وهنالك في أروقة وفصول ومكاتب وساحات مدرسة أم درمان الثانوية النموذجية للبنات ( شرق ) كأنه يمارس هواية محببة لدي نفسه يعطيها كل وقته وروحه مترسما خطي ديننا الحنيف في أن أي احد منا إذا قام بعمل فاليتقنه ومتقمصا دور الامريكان الذين شعارهم ( إذا أردت أن تنجح في عمل اجعله هوايتك ) ...
في امريكا بلد التعليم النوعي والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وارتفاع معدلات الذكاء لدي الأفراد نجد أن المدرسة في مجلس إدارتها ليست قاصرة علي هيئة التدريس والمجلس التربوي بل نجد أن الكادر العمالي يمثل في الإدارة بل هو جزء لا يتجزأ منها يحضر معهم تحضيرات بداية العام وتقييمات نهاية السنة الدراسية وعلي رأس هؤلاء سائق الحافلة ( سيارة الترحيل ) ويسمحون للسائق عندما تفتح المدرسة أبوابها وبالذات عندما يفد طلاب جدد يسمح له بلقاءهم والتعرف عليهم وتسجيل أرقام هواتفهم عنده كما أنه يعطيهم رقم هاتفه وكل ذلك الإجراء يقع في إطار مسؤولية هذه الوظيفة عن سلامة الطلاب خاصة لو كانوا صغار السن وان ينظر الطلاب للسائق كأب وقدوة ومثال يعاملونه باحترام ويتبادل معهم نفس الشعور وهذا مما يجعل أولياء الأمور يحسون أنهم يضعون فلذات أكبادهم في أيد أمينة .
يخيل الي أنني كلما ولجت باب المدرسة في زيارة لابنتي الطالبة بها أو كلما حضرت لاجتماعات المجلس التربوي أو لشهود أي فعالية أو نشاط طلابي الاحظ أن ( التهامي ) له دور يلعبه لا تخطئه العين ولا يقل هذا الدور من ناحية الجهد المبذول والخدمة المقدمة للمدرسة وطلابها وضيوفها عن دور المدير أو الوكيل ورؤساء الشعب وسائر المعلمين ...
( التهامي) مع ضيوف المدرسة كان يخدمهم ويقدم لهم الواجب وكأنه يستقبلهم في بيته وتجده دائما في حالة انتباه يراقب هنا وهنالك لا يسمح بأن تكون مجرد قطعة ورق ملقاة في الأرض بإهمال وبينما الآخرون ينظرون إليها ويمضون في حال سبيلهم نجد هذا الصوفي المعتق المتمرس الشفاف الصادق يلتقط الورقة بكل هدوء ويضعها في الصندوق المخصص للنفايات ...
( التهامي ) كانت له مقبولية وأسرة المدرسة من حوله تتوسم فيه الخير وقد عودهم أن يمارس مهام عمله يتوق أن يصل به درجة الاحسان لانه تربي علي تلك الخصلة من أسرته وكان والده ( محمد بخيت ) معروف عنه رقة في القلب ومشاعر طيبة تجاه الآخرين يبادلهم احتراما باحترام وفي تصريف أعماله كان ينشد أن يقدم إنتاجه محفوفا بالطيبة والجودة وهمه أن يسعد الكافة من غير فرز ومن غير من أو اذي ...
نعزي أهل الصالحة وقد اختار أن أن يعيش معهم كل هذه السنين واتخذهم بطانة خير وأسرة ممتدة لأهله في مسقط رأسه بالمسلمية وقد صمد كالطود الاشم في الصالحة وهي من أكثر المناطق التي تأثرت بالحرب وماتبعها من ويلات ودمار ونقص في الغذاء والدواء وفي هذا الظرف العصيب فاضت روحه وانتقلت الي بارئها تحفها دعوات الأهل والأصدقاء والجيران بالصالحة آلتي بكت فيه حسن الأخلاق وطيب التعامل وهذه العشرة المتينة لعشرات السنين عاشها بينهم في صفاء ووئام الي أن اندلعت الحرب اللعينة العبثية المنسية وانتهي الأجل ولا نقول الا مايرضي الله سبحانه وتعالى ( وانا لفراقك ياتهامي لمحزونون ) والبركة إن شاء الله سبحانه وتعالى في جميع اهلك ومعارفك ونقول صبرا ابننا ( برهان ) فالجميع يشاركونكم الاحزان في هذا الفقد الكبير و ( إنا لله و انا اليه راجعون ) وصلي اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين.
أخوكم حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
القاهرة .
ghamedalneil@gmail.com