ماذا بعد نقل نفط صافر إلى السفينة «نوتيكا»؟
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
(عدن الغد)متابعات:
رغم انتهاء الأمم المتحدة من نقل النفط من الخزان «صافر» الراسي على سواحل البحر الأحمر إلى السفينة البديلة «نوتيكا»، إلا أن المخاوف المرتبطة بالنفط والسفينتين ما زالت مستمرة على المستويين المحلي والدولي، لعدم إعلان الأمم المتحدة حتى الآن عن خطة التصرف فيه.
وحسب مصادر يمنية لـ«الاتحاد»، فإن الأمم المتحدة تعتزم إطلاق مفاوضات بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي للتوصل إلى اتفاق بشأن مصير النفط الذي تم نقله إلى السفينة «البديلة»، إلى جانب بحث مصير «صافر» الذي ما زال يمثل خطورة للبحر الأحمر.
وأوضحت المصادر أن الأمم المتحدة قدمت خطة مدتها 18 شهراً للتخلص من النفط البالغ حوالي 1.14 مليون برميل من النفط الخام، لكنها لم تعلن تفاصيل عملية التصرف فيه حتى الآن.
وتوقع مدير عام شركة النفط بالحديدة المهندس أنور العامري عدة سيناريوهات لمصير النفط المنقول إلى السفينة البديلة، أولها: أن تبحث الأمم المتحدة طريقة لتقاسم قيمة النفط بين الحكومة اليمنية الشرعية وجماعة الحوثي، والثاني: تخصيص قيمة النفط بعد البيع لصرف رواتب الموظفين، والأخير: الإبقاء على الوضع الحالي.
وقال العامري لـ«الاتحاد»: إن السيناريو الآخر يتمثل بإمكانية ربط الأنبوب القادم من مأرب والذي كان مرتبطاً بالخزان صافر سابقاً، وكان يستخدم لتصدير النفط من رأس عيسى عبر صافر، بالسفينة البديلة نوتيكا.
ولفت المسؤول اليمني إلى أن بحث إمكانية ربط هذا الأنبوب بالسفينة نوتيكا من قبل الأمم المتحدة يسمح لها بالضغط على الحكومة الشرعية لاحقاً لتقديم تنازلات إضافية والسماح لجماعة الحوثي بإعادة التصدير من نوتيكا عبر هذا الأنبوب، وستبحث مع الحكومة إمكانية تقاسم النفط المستخرج لإعادة تصديره، فتعطي جزءاً للشرعية وجزءاً لجماعة الحوثي.
ومن جانبه، يرى المحلل السياسي اليمني موسى المقطري أنه بعد أن زالت أولى مراحل الخطر بسحب النفط من الناقلة «صافر» ما زالت هناك عوامل أخرى مقلقة، في ظل بقاء النفط مخزناً في «نوتيكا» وعدم وجود آلية واضحة لتصريفه، وأن المدة الزمنية التي احتاجها المجتمع الدولي لإقناع الحوثيين بالمرحلة الأولى وغيرها من المؤشرات تؤكد أننا أمام تحدٍ جديد لإنجاز مهمة تفريغ النفط من «نوتيكا».
وأوضح المقطري في تصريح لـ«الاتحاد» أنه من الحكمة اليوم أن يقوم المجتمع الدولي بالضغط للوصول إلى حل عاجل يتم بمقتضاه تفريغ النفط الخام وإزالة الخطر القائم، وتأمين البحر الأحمر كأهم ممر ملاحي دولي، وضرورة الانطلاق نحو خطوات أكثر حزماً لتطبيق القرارات الدولية بشأن القضية اليمنية.
وكان منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ديفيد غريسلي، أكد في وقت سابق أن النفط يمكن بيعه وأن هذا الأمر يحتاج إلى التفاوض بين الطرفين لجعله مقبولاً للجميع، وأنهم سيجتمعون مع الطرفين لإيجاد طرق للتمويل.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: الأمم المتحدة إلى السفینة النفط من
إقرأ أيضاً:
أمريكا لا يمكنها الاستغناء عن التكسير المائي
ترجمة ـ قاسم مكي -
اتَّسَم السباق الرِّئاسي لهذا العام بملمح غير طبيعي، إنه مناقشة حظر التكسير المائي، واللاّفِت أن يوجد مثل هذا النقاش أساسا، إنه يعود بنا القهْقرَى إلى أول عقدين في هذا القرن عندما بدأ الناس ينتبهون إلى استخدام التكسير المائي والحفر الأفقي لاستخراج النفط والغاز الصخريين. وقتها كانت الولايات المتحدة أكبر بلد مستورد للنفط في العالم. أما اليوم فهي مكتفية ذاتيا في مجال الطاقة بإنتاج أكثر من 70% من نفطها وأكثر من 80% من غازها الطبيعي باستخدام تقنية التكسير المائي، حسب تقديرات «ستاندارد آند بورز.» لقد أصبحت هذه العملية الإنتاجية ضرورية لتأمين إمدادات الولايات المتحدة من الطاقة ولا يمكن التخلي عنها.
قبل فترة ليست بعيدة كان احتمال تحقيق الولايات المتحدة استقلال الطاقة يبدو أضغاثَ أحلام، فلأكثر من أربعة عقود كان كل رئيس أمريكي يطمح إلى ذلك. لكن بلوغ هذا الهدف بدا بعيد المنال، واعتبر معلقون عديدون أن قَدَر الولايات المتحدة هو أن تصبح أكثر اعتمادا على الاستيراد لمقابلة احتياجاتها من موارد الطاقة. لكن في السنوات الأخيرة حققت الولايات المتحدة استقلال الطاقة بتحوّلها إلى مُصدّر صافٍ للطاقة. (هذا يعني رغم أنها تستورد بعض أنواع الطاقة كالنفط الخام وتصدّر أنواعا أخرى كالغاز إلا أن إجمالي صادراتها يفوق إجمالي وارداتها- المترجم). فإنتاج الولايات المتحدة يقترب من 13.5 مليون برميل من النفط في اليوم وهو ما يفوق إنتاج أكبر مُنتِجَين دائمَين للنفط في العالم وهما السعودية وروسيا بملايين عديدة من البراميل يوميا. وإذا أضفنا إلى ذلك ما يسمى «سوائل الغاز الطبيعي» سنجد أن الولايات المتحدة تنتج حوالي 20 مليون برميل في اليوم.
كانت الكتب الأكاديمية والفنية (في مجالات الجيولوجيا وهندسة البترول) تقول باستحالة إنتاج النفط والغاز الصخريين. لكن الابتكار والاستثمار على مر العقود أثبتا خلاف ذلك، ورغم هذا التقدم لا يزال أناس عديدون يقللون من تقدير مدى التحول الذي أحدثه النفط الصخري في اقتصاد الولايات المتحدة ونمط الحياة الأمريكية.
لنأخذ مثالا ملموسا. تقدر الشركة التي أعمل بها أن السيارات التي تدار بمحرك كهربائي أو هجين (كهرباء وبنزين معا) ستشكل 2% من أسطول السيارات الخفيفة على الطرق الأمريكية في عام 2024، فإذا تم منع التكسير المائي ستحتاج الولايات المتحدة إلى كميات غير عادية من النفط لتزويد سيارات محركات البنزين والديزل بالوقود.
في عام 2008 وقبل البداية الجادة لإنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة بلغت الفاتورة الصافية لاستيراد النفط 388 بليون دولار أو أكثر من 40% من إجمالي العجز في تجارة السلع، أما اليوم فنفس الفاتورة بالمقارنة لا تساوي شيئا تقريبا.
ستكون هنالك تكاليف أخرى للتخلص التدريجي من التكسير المائي. فإذا بدأت الولايات المتحدة استيراد النفط مرة أخرى سيرتفع سعره دون شك حيث ستضطر إلى المنافسة على الإمدادات مع بلدان كالصين والتي حسب التقديرات تستورد أكثر من 70% من احتياجاتها النفطية.
كما تصدر الولايات المتحدة أيضا كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال والذي في معظمه صخري. وبدون هذا الغاز سيختفي أيضا الأثر الإيجابي للغاز الطبيعي المسال على الميزان التجاري للولايات المتحدة.
الأثر الاقتصادي للتكسير المائي واضح وسط الاضطرابات الجيوسياسية. ففي العقود الماضية كان من شأن مثل هذه الصراعات كالحرب بين أوكرانيا وروسيا وحروب إسرائيل في الشرق الأوسط رفع الأسعار العالمية للنفط. لكن في السنوات الأخيرة ساعد حجم الإنتاج الأمريكي على الحيلولة دون حدوث مثل هذه الارتفاعات.
هذا التأثير على استقرار سعر النفط ستزداد أهميته إذا استهدف تمدُّدُ حربٍ شرق أوسطية المنشآتِ النفطية الإقليمية الكبرى وهدَّد بالمزيد من الارتفاع في الأسعار.
تأثير النفط والغاز الصخريين لا يقتصر على أسعار الوقود في الولايات المتحدة أو ميزان مدفوعاتها. فهو أيضا يعزز نفوذها الجيوسياسي. أحد التقديرات الخاطئة لروسيا في حرب أوكرانيا كان إمكانية استخدامها موارد الطاقة لتفكيك الائتلاف الأوروبي الذي يدعم كييف. فشلت استراتيجيتها لأن إمدادات أمريكية كبيرة من الغاز الطبيعي المُسال (معززة بزيادة الصادرات من النرويج) عوَّضت عن فقدان غاز روسيا.
كان ما يقرب من نصف إمدادات بلدان الاتحاد الأوروبي يتكون من الغاز الطبيعي المسال المستورد من الولايات المتحدة ومعظمه معالج من الغاز الصخري مما يجعل أمريكا أكبر بلد مورّد للاتحاد. وإذا تم الحدّ من هذه الإمدادات سيتأثر بشدة أمن حلفائها وسيختفي ملمح مهم من ترسانة منظمة معاهدة شمال الأطلسي (حلف الناتو).
نفس هذه الدينامية تنطبق على حلفاء الولايات المتحدة في المحيط الهادي، فاليابان وكوريا الجنوبية اتجهتا إلى الاعتماد على صادرات الطاقة الأمريكية والتي ثبتت أهميتها في تنويع إمداداتهما وتعزيز أمنهما.
فقدان هذه المساهمة سيجعل وضعهما أكثر هشاشة ويقلل ثقتهما في موثوقية الاعتماد على الولايات المتحدة وغالبا ما سيدفعهما نحو روسيا.
فرض حظر على التكسير المائي سيكون خاطئا ومدمّرا للولايات المتحدة وحلفائها. يجب إعادة النظر في النقاشات المتكررة حول هذا الموضوع والتي لا علاقة لها بالواقع الفعلي وذلك على ضوء حقيقة مركزية هي أن هذه التقنية أصبحت بالغة الأهمية لاقتصاد الولايات المتحدة وأمن الطاقة العالمي وستظل باقية.
دانييل يرجين نائب رئيس مجلس إدارة ستاندارد آند بورز جلوبال ومؤلف عدة كتب عن النفط والطاقة من بينها «الخارطة الجديدة - الطاقة والمناخ وصدام الأمم.»
الترجمة عن صحيفة وول ستريت جورنال