هل تعرقل أصول سوناك توقيع أهم اتفاق تجاري بين الهند وبريطانيا؟
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
لندن- بدأت الآمال الكثيرة التي علقها حزب المحافظين في توقيع اتفاق تجاري مع الهند في أقرب وقت تتلاشى، وذلك بعد ظهور الكثير من الملفات الخلافية والعقبات، التي تحول حتى الآن دون توقيع هذا الاتفاق الذي كان من أكبر وعود أنصار "البريكست"، وعمل عليه رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون وبعده ليز تراس.
وبوصول ريشي سوناك لرئاسة الوزراء، توقع كثيرون أن يتم الإعلان عن إنجاز هذا الاتفاق وبسرعة، بحكم الأصول الهندية لسوناك، والعلاقات القوية لعائلة زوجته مع كبار رجال المال والأعمال في الهند.
توقع الكثيرون أن يتم الإعلان عن إتمام الاتفاق التجاري بين المملكة المتحدة والهند خلال قمة مجموعة العشرين، التي تستضيفها الهند يومي 9 و10 من الشهر الجاري، إلا أن كل التقارير تتحدث عن تأجيل سوناك لأي اتفاق إلى حين حل جميع النقاط الخلافية.
ومن المرجح أن يبقى الاتفاق معلقا للعام المقبل 2024 أو ربما لما بعده، لكون العام المقبل هو عام الانتخابات العامة في كل من الهند والمملكة المتحدة، وخلالها سيكون كلّ من رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك منهمكا في الحملة الانتخابية.
ولسنوات تدور هذه المفاوضات الشاقة، التي تجمع بين خامس اقتصاد في العالم (الهند) وسادس اقتصاد في العالم (المملكة المتحدة)، لكن دون نتيجة، فما السبب؟
لعبة شطرنج
سيحل رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك ضيفا فوق العادة على الهند خلال قمة العشرين خلال الشهر الجاري، بسبب أصوله الهندية والمركز الذي وصل إليه، قبل أن يعود مرة أخرى في زيارة رسمية في نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول، لكن كل هذه الزيارات لم تكسر حجم الخلافات في المفاوضات بين الطرفين.
ومثل لعبة شطرنج لا يريد أي طرف تقديم الهدايا للطرف الآخر، وفي المقابل يسعى للحصول على أقصى ما يمكن قبل التوقيع على المفاوضات التي ظهر من خلالها أن المملكة المتحدة تريد خفض التعريفة الجمركية على صادراتها من السيارات نحو الهند، وكذلك صادراتها من المشروبات الكحولية.
في المقابل، تفاوض الهند من أجل خفض التعريفة الجمركية على الملابس ومنتجات النسيج التي تصل المملكة المتحدة، ورفع حصة التأشيرات التي يحصل عليها الطلبة والعاملون الهنود، وهنا تتعقد الأمور بالنسبة لبريطانيا الراغبة أصلا في تقليص أعداد المهاجرين القادمين إلى البلاد.
ويخشى سوناك -الذي عليه الضغط الأكبرلتحقيق الاتفاق- أن يمنح للهند ما تريده، برفع أعداد تأشيرات العمل للقادمين من الهند، مقابل اتفاق تجاري محدود جدا معها، وهو ما فعلته الهند مع أستراليا، عندما تم التوقيع على اتفاق أولي يضمن للهند تصدير سلعها بحُرّية إلى أستراليا، لكن لم تفتح بعدها مفاوضات لتوقيع اتفاق تجاري أوسع وأشمل.
من جانبها، تفاوض الهند بورقة قوية، وهي وضع تفاصيل صارمة حول "قواعد المنشأ"، والتي تُفرض على أي بلد يصدر سلعه للهند أن يكشف منشأ السلعة، وهو أمر شبه مستحيل بالنسبة للسيارات البريطانية، لأن أجزاءها مصنعة في الكثير من الدول حول العالم، بل إن جزءً واحدا قد تتدخل فيه أكثر من دولة.
وتصر بريطانيا على وضع قواعد واضحة لحماية الملكية الفكرية، لحماية سياراتها ومحركاتها التي سيتم تصديرها للهند من أي تقليد، وأيضا السماح لمكاتب المحاماة الدولية بالعمل في الهند بحرية من أجل حماية المستثمرين والشركات البريطانية في الهند، في حال نشوب أي خلاف.
وتعتبر المملكة المتحدة سابع مستورد للسلع الهندية في العالم بقيمة 11.4 مليار جنيه إسترليني سنويا، في حين تحتل بريطانيا المرتبة الـ21 في قائمة الدول المصدرة للهند بقيمة 9 مليارات جنيه إسترليني، مما يعني تحقيق بريطانيا لعجز بقيمة 2.4 مليار جنيه إسترليني في مبادلاتها مع الهند.
علاقات شائكةما يجمع الهند والمملكة المتحدة من علاقات تاريخية، جعل كثيرين يتوقعون أن تكون مهمة التوقيع على اتفاق التبادل التجاري، بين البلدين مهمة سهلة مباشرة بعد "البريكست"، لكن الذي ظهر أنها مفاوضات معقدة، فالهند باتت تنظر لنفسها كقوة اقتصادية عالمية قادرة على فرض شروطها.
وما زاد من تعقيد هذه المفاوضات، هو أن الجميع ينظر لأداء سوناك خلال هذه المفاوضات، وأي خطأ فيها سيجعله في مرمى الانتقادات بالنظر لأصوله الهندية، وأيضا بالنظر لاستثمارات زوجته الضخمة في الهند.
أكثر من هذا، فإن صهر ريشي سوناك هو نارايانا مورثي وهو رجل أعمال هندي تقدر ثروته بأكثر من 4.5 مليارات دولار، وله علاقات قوية مع الطبقة الحاكمة في الهند، إلا أن هذه العلاقات تأثرت بتصريحات عبر فيها مورثي عن انتقاده لتفشي العنصرية والتعصب في الهند.
كما كشفت تقارير إعلامية أن الاتفاق التجاري بين المملكة المتحدة والهند قد تستفيد منه زوجة ريشي سوناك التي تعتبر من أغنى نساء الأعمال في المملكة المتحدة ولديها استثمارات في الهند.
هذه العوامل "الشخصية" جعلت من سوناك يتأنى ولا يتسرع في الإعلان عن أي اتفاق قد يضر بسمعته السياسية أكثر مما يفيد وهو المقبل على سنة انتخابية حاسمة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المملکة المتحدة ریشی سوناک فی الهند
إقرأ أيضاً:
إيران تعرض شروطًا لاتفاق نووي جديد مع إدارة ترامب.. هل تعود المفاوضات؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
عرض علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى الإيراني، إمكانية إبرام اتفاق نووي جديد مع إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، في تطور لافت، مشيرًا إلى أن إيران ستتجنب إنتاج قنبلة نووية إذا قبلت الولايات المتحدة شروطها، بما في ذلك تعويض إيران عن الأضرار السابقة.
وقال لاريجاني في تغريدة: "إذا أرادت الإدارة الأمريكية من إيران الامتناع عن صنع قنبلة، فعليها قبول شروط إيران وتقديم التنازلات الضرورية، بما في ذلك تعويضها عن الأضرار، بدلاً من إصدار مطالب أحادية".
مقترحات وشروط جديدة
وفي مقابلة نشرت على الموقع الرسمي للمرشد الأعلى الإيراني، أكد لاريجاني أن إيران مستعدة للتفاوض على اتفاق جديد يتضمن تعهدًا بعدم إنتاج أسلحة نووية مع الاحتفاظ بقدرتها على تخصيب اليورانيوم، ووجه رسائل مباشرة إلى الإدارة الأمريكية المقبلة، قائلًا: “لديكم خياران فقط: إما العودة إلى الاتفاق النووي (JCPOA) الذي تم الاتفاق عليه سابقًا، أو التفاوض على اتفاق جديد بناءً على شروط إيران”، مشيرًا إلى أن إيران قد زادت تخصيب اليورانيوم إلى أكثر من 60%، وهو مستوى يقل عن عتبة السلاح النووي لكنه يثير قلق القوى الغربية.
رسائل دبلوماسية ودور جديد
عودة لاريجاني إلى الساحة السياسية بدور بارز قد تشير إلى توجه القيادة الإيرانية لمنحه دورًا أكبر في الملفات الدبلوماسية، لا سيما المتعلقة بالملف النووي.
وقام لاريجاني مؤخرًا بزيارات رفيعة المستوى إلى سوريا ولبنان وسط تصاعد الضغوط الإقليمية، حيث نقل رسائل شخصية من علي خامنئي إلى الرئيس السوري بشار الأسد ومسؤولين لبنانيين بارزين.
ضغط دولي متزايد
تزامنت هذه التطورات مع تصعيد الضغط الدولي على إيران، وأصدر مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارًا يطالب طهران بتحسين تعاونها مع الوكالة، ما دفع إيران إلى الإعلان عن تفعيل أجهزة طرد مركزي متقدمة كإجراء انتقامي.
ورغم هذه التوترات، أبدت إيران استعدادها لاستئناف المفاوضات النووية عبر دعوة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، لزيارة طهران، وجاءت الزيارة بعد تصاعد المخاوف من عودة حملة العقوبات القصوى التي ميزت فترة ترامب الأولى.
هل تعود المفاوضات؟
تواجه إيران وإدارة ترامب المقبلة مسارًا معقدًا، حيث تلوح فرصة لإعادة المفاوضات ولكن ضمن شروط صعبة ومع استمرار التوترات الإقليمية والدولية.