لندن- بدأت الآمال الكثيرة التي علقها حزب المحافظين في توقيع اتفاق تجاري مع الهند في أقرب وقت تتلاشى، وذلك بعد ظهور الكثير من الملفات الخلافية والعقبات، التي تحول حتى الآن دون توقيع هذا الاتفاق الذي كان من أكبر وعود أنصار "البريكست"، وعمل عليه رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون وبعده ليز تراس.

وبوصول ريشي سوناك لرئاسة الوزراء، توقع كثيرون أن يتم الإعلان عن إنجاز هذا الاتفاق وبسرعة، بحكم الأصول الهندية لسوناك، والعلاقات القوية لعائلة زوجته مع كبار رجال المال والأعمال في الهند.

توقع الكثيرون أن يتم الإعلان عن إتمام الاتفاق التجاري بين المملكة المتحدة والهند خلال قمة مجموعة العشرين، التي تستضيفها الهند يومي 9 و10 من الشهر الجاري، إلا أن كل التقارير تتحدث عن تأجيل سوناك لأي اتفاق إلى حين حل جميع النقاط الخلافية.

ومن المرجح أن يبقى الاتفاق معلقا للعام المقبل 2024 أو ربما لما بعده، لكون العام المقبل هو عام الانتخابات العامة في كل من الهند والمملكة المتحدة، وخلالها سيكون كلّ من رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك منهمكا في الحملة الانتخابية.

ولسنوات تدور هذه المفاوضات الشاقة، التي تجمع بين خامس اقتصاد في العالم (الهند) وسادس اقتصاد في العالم (المملكة المتحدة)، لكن دون نتيجة، فما السبب؟


لعبة شطرنج

سيحل رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك ضيفا فوق العادة على الهند خلال قمة العشرين خلال الشهر الجاري، بسبب أصوله الهندية والمركز الذي وصل إليه، قبل أن يعود مرة أخرى في زيارة رسمية في نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول، لكن كل هذه الزيارات لم تكسر حجم الخلافات في المفاوضات بين الطرفين.

ومثل لعبة شطرنج لا يريد أي طرف تقديم الهدايا للطرف الآخر، وفي المقابل يسعى للحصول على أقصى ما يمكن قبل التوقيع على المفاوضات التي ظهر من خلالها أن المملكة المتحدة تريد خفض التعريفة الجمركية على صادراتها من السيارات نحو الهند، وكذلك صادراتها من المشروبات الكحولية.

في المقابل، تفاوض الهند من أجل خفض التعريفة الجمركية على الملابس ومنتجات النسيج التي تصل المملكة المتحدة، ورفع حصة التأشيرات التي يحصل عليها الطلبة والعاملون الهنود، وهنا تتعقد الأمور بالنسبة لبريطانيا الراغبة أصلا في تقليص أعداد المهاجرين القادمين إلى البلاد.

ويخشى سوناك -الذي عليه الضغط الأكبرلتحقيق الاتفاق- أن يمنح للهند ما تريده، برفع أعداد تأشيرات العمل للقادمين من الهند، مقابل اتفاق تجاري محدود جدا معها، وهو ما فعلته الهند مع أستراليا، عندما تم التوقيع على اتفاق أولي يضمن للهند تصدير سلعها بحُرّية إلى أستراليا، لكن لم تفتح  بعدها مفاوضات لتوقيع اتفاق تجاري أوسع وأشمل.


من جانبها، تفاوض الهند بورقة قوية، وهي وضع تفاصيل صارمة حول "قواعد المنشأ"، والتي تُفرض على أي بلد يصدر سلعه للهند أن يكشف منشأ السلعة، وهو أمر شبه مستحيل بالنسبة للسيارات البريطانية، لأن أجزاءها مصنعة في الكثير من الدول حول العالم، بل إن جزءً واحدا قد تتدخل فيه أكثر من دولة.

وتصر بريطانيا على وضع قواعد واضحة لحماية الملكية الفكرية، لحماية سياراتها ومحركاتها التي سيتم تصديرها للهند من أي تقليد، وأيضا السماح لمكاتب المحاماة الدولية بالعمل في الهند بحرية من أجل حماية المستثمرين والشركات البريطانية في الهند، في حال نشوب أي خلاف.

وتعتبر المملكة المتحدة سابع مستورد للسلع الهندية في العالم بقيمة 11.4 مليار جنيه إسترليني سنويا، في حين تحتل بريطانيا المرتبة الـ21 في قائمة الدول المصدرة للهند بقيمة 9 مليارات جنيه إسترليني، مما يعني تحقيق بريطانيا لعجز بقيمة 2.4 مليار جنيه إسترليني في مبادلاتها مع الهند.

علاقات شائكة

ما يجمع الهند والمملكة المتحدة من علاقات تاريخية، جعل كثيرين يتوقعون أن تكون مهمة التوقيع على اتفاق التبادل التجاري، بين البلدين مهمة سهلة مباشرة بعد "البريكست"، لكن الذي ظهر أنها مفاوضات معقدة، فالهند باتت تنظر لنفسها كقوة اقتصادية عالمية قادرة على فرض شروطها.

وما زاد من تعقيد هذه المفاوضات، هو أن الجميع ينظر لأداء سوناك خلال هذه المفاوضات، وأي خطأ فيها سيجعله في مرمى الانتقادات بالنظر لأصوله الهندية، وأيضا بالنظر لاستثمارات زوجته الضخمة في الهند.

أكثر من هذا، فإن صهر ريشي سوناك هو نارايانا مورثي وهو رجل أعمال هندي تقدر ثروته بأكثر من 4.5 مليارات دولار، وله علاقات قوية مع الطبقة الحاكمة في الهند، إلا أن هذه العلاقات تأثرت بتصريحات عبر فيها مورثي عن انتقاده لتفشي العنصرية والتعصب في الهند.

كما كشفت تقارير إعلامية أن الاتفاق التجاري بين المملكة المتحدة والهند قد تستفيد منه زوجة ريشي سوناك التي تعتبر من أغنى نساء الأعمال في المملكة المتحدة ولديها استثمارات في الهند.

هذه العوامل "الشخصية" جعلت من سوناك يتأنى ولا يتسرع في الإعلان عن أي اتفاق قد يضر بسمعته السياسية أكثر مما يفيد وهو المقبل على سنة انتخابية حاسمة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المملکة المتحدة ریشی سوناک فی الهند

إقرأ أيضاً:

البكوش: الاستعجال والخروج بإتفاق المركزي غير الناضج سيسبب مشاكل أكبر وحالة من الندم

ليبيا – علق المستشار السابق في مجلس الدولة الاستشاري صلاح البكوش، على الوصول لاتفاق بين ممثلي المجلسين النواب والدولة، معتبراً أن المسألة تكمن في التنفيذ ولا يمكن تنفيذ أي اتفاق إن لم يكون يحتوي على التفاصيل.

البكوش قال خلال تصريح لقناة “ليبيا الأحرار” التي تبث من تركيا وتابعته صحيفة المرصد إن ما يجري يشبه اتفاق وقف النار الموقع في 2020 حيث أنه لم تكون هناك أي تفاصيل حول خطوط التماس والاجراءات الاخرى وهو ما ادى لتحريك حفتر لقواته لغدامس حسب زعمه.

ورأى أن الاتفاق سوف ينفجر ويولد مشاكل أخرى عند تنفيذه وما مدى المجلس المؤقت ومتى سيكون اختيار لمحافظ دائم لخمس سنوات ومدة المجلس المؤقت وكيف سيتم اختيار الأعضاء كلها تفاصيل ضرورية جداً وكيف ستكون عملية موافقة على الاتفاق من قبل مجلس النواب والدولة بأي أغلبية خاصة في طل وجود مجلس دولة منقسم وحكم محكمة الاستئناف بإلغاء الانتخابات في الأشهر الماضية.

وتابع :”مجلس النواب سيحاول أن يبقي الباب مفتوحًا على أي نقص أو نقض القرار وسيقولون أن النقطة الفلانية وما الى ذلك وربما الامر ينتهي في خلال اشهر إن لم يكن أسابيع، الاستعجال والخروج بالاتفاقات غير الناضجة ستسبب مشاكل أكبر وحالة من الندم بعد ذلك ومن الواضح أن البعثة والسفراء الغربيين يريدون اتفاق بأي طريقه لنعلن الاتفاق ونحل المشاكل عندما تهدأ الظروف وهذه غير ناجحة”.

أما عن مراسم وحفل توقيع اتفاق تسوية المصرف، بيّن أنه في الديبلوماسية الدولية هذه فرصة لالتقاط الصور واستخدامها للرأي العام وهناك رؤساء في العالم يبحثون عن فرصة لـ 5 دقائق لأخذ صور مع الرئيس الامريكي ومن الواضح ان ستيفاني خوري في حاجة ماسة للذهاب لمجلس الأمن الشهر القادم والإعلان عن تقدم بسيط لأن في افادتها السابقتين لم تقدم شيء والسفراء الاجانب يحاولون استغلال الفرصة وكأنهم يقولون تم تحقيق تقدم ولو مؤقت.

مقالات مشابهة

  • زي النهاردة.. توقيع اتفاقية «فرنسية - إيطالية» بشأن احتلال تونس
  • تكالة والمشري يعلنان موافقة مجلس الدولة على اتفاق المركزي
  • مجلس النواب يصوّت بالإجماع على اتفاق المركزي
  • العرفي: الاتفاق حول المناصب السيادية سيساهم في عودة إنتاج النفط وتحريك عجلة الإعمار
  • الشاوش: تعيين محافظ جديد للمصرف ونائب له جاء استجابةً للظروف الخانقة التي تمر بها البلاد
  • رئاسي ليبيا يشترط النصاب القانوني لاعتماد اتفاق المركزي.. هل ينجح البرلمان؟
  • اتفاق المركزي.. “توجه عام” بمجلس الدولة لقبوله، فهل يمر؟
  • الصول: مجلس النواب سيعتمد اتفاق حل أزمة المصرف المركزي
  • البكوش: الاستعجال والخروج بإتفاق المركزي غير الناضج سيسبب مشاكل أكبر وحالة من الندم
  • محلل سياسي: اتفاق إنهاء أزمة المصرف المركزي يمثل “تجربة رائدة”