تعرف على كيف خسر أشهر علماء التاريخ ثروة ضخمة في البورصة ؟
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
لكي ينجح المرء في استثمار أمواله على نحو يتسم بالذكاء في الأوراق المالية، عليه أن يتسلح بقدرٍ كاف من المعرفة بأسلوب تحرك كل الأنواع المختلفة من الأسهم والسندات في ظل مختلف الظروف التي قد تتكرر في حياتهم مرة أخرى.
وما من عبارة أشد ما تنطبق على وول ستريت مثل التحذير الشهير الذي أطلقه "سانتيانا": "من لا يذكر الماضي فهو محكوم عليه بتكراره".
يختلف الذكاء في الأسواق المالية، عن ذلك المعروف لدى الناس بالعبقرية وحاصل التفكير العلمي، إذ إنه يعني بصورة أكبر التحلي بالصبر والنظام والرغبة في التعلم، كما أنه يتطلب كبح جماح عواطفك والتفكير بنفسك، ولهذا فإنه "صفة من صفات الشخصية، وليس العقل"، وفقاً لما ذكره بنيامين غراهام، مؤلف كتاب "المستثمر الذكي".
ولإثبات ذلك، فإن معدلات الذكاء المرتفعة والتعليم العالي لا يكفيان لصنع مستثمر ذكي، ففي عام 1998، خسر صندوق "لونغ تيرم كابيتال مانجمنت" – وهو صندوق حماية كانت تديره كتيبة من علماء الرياضيات والكمبيوتر واثنان من الاقتصاديين الحاصلين على جائزة نوبل، ما يزيد على ملياري دولار في غضون أسابيع فقط بسبب رهان على أن سوق السندات سوف يتعود إلى طبيعتها، ولكن ظلت سوق السندات على خلاف مع طبيعتها بل ازدادت تحركاتها شذوذاً؛ مما اضطر الصندوق لاقتراض قدر هائل من الأموال، وكاد انهياره يقوّض دعائم النظام المالي بأسره.
وفي ربيع عام 1720 كان "إسحاق نيوتن" يمتلك أسهماً في شركة "ساوث سي" – أكثر الأسهم الإنجليزية رواجاً – ولكن لشعوره بأن حركة السوق قد بدأت تخرج عن السيطرة، وصف هذا الفيزيائي العظيم ذلك الموقف بقوله "إنني أستطيع حساب حركة الأجرام السماوية، ولكن لا يمكنني حساب جنون البشر"؛ لذلك قام نيوتن بالتخلص من أسهمه وحصل على ربح يصل إلى 100% بإجمالي 7000 جنيه إسترليني.
ولكن بعدها بعدة أشهر وبعد أن جرفه حماس السوق في تياره عاد "نيوتن" لشراء أسهم الشركة، ولكن بسعر أعلى مما جعله يخسر 20 ألف جنيه إسترليني (أي ما يعادل 3 ملايين دولار بأموال بداية الألفية)، وطوال حياته منع "نيوتن" أي شخص يتلفظ باسم "ساوث سي" في وجوده.
وبرغم الإجماع على عبقرية "نيوتن" ووصفه بأنه أكثر البشر ذكاءً في التاريخ القريب، إلا أنه لم يكن "مستثمراً ذكياً".
فعندما سمح لضجيج العامة بأن يعلو على صوت حكمته، فإن أعظم علماء العالم تصرف كالأحمق. تأسست شركة بحر الجنوب عام 1711، كانت في المقام الأول خطة لإدارة ديون الحكومة البريطانية.
وكان نيوتن من أوائل المستثمرين وحقق أرباحاً جيدة مع ارتفاع سعر أسهم بحر الجنوب على مدار العقد الأول من القرن الثامن عشر.
ومع ذلك، في عام 1720، شهدت أسهم الشركة واحدة من أكثر الارتفاعات والانخفاضات الأسطورية في التاريخ المالي.
وكان الهدف الأساسي من تأسيس شركة بحر الجنوب عام 1711 هو التعامل مع مشكلة مالية ملحة.
إذ كان لدى الحكومة البريطانية عدد كبير من الديون غير المدفوعة المتراكمة، إلى حد كبير من المقاولين الذين كانوا يزودون الجيش البريطاني خلال حرب الخلافة الإسبانية. وعرضت الحكومة على دائنيها أسهم بحر الجنوب، وهو منتج مماثل للأسهم في شركة حديثة.
ولم يعد السهم بالسداد الكامل للأموال المستحقة للدائنين، لكنه وعدهم بدفع الفوائد بشكل منتظم. تلقت شركة بحر الجنوب الأموال من الحكومة لدفع تلك الفائدة للدائنين.
كما احتكرت الشركة أيضاً التجارة البريطانية مع الساحل الغربي للأميركتين وجزء من الساحل الشرقي لأميركا الجنوبية، ومن هنا جاء اسم "شركة بحر الجنوب". واستفادت الشركة من بيع بعض البضائع البريطانية، والأهم من ذلك، من بيع الأفارقة المستعبدين.
أغرى المشروع المستثمرين بوعدهم بأن الأرباح من التجارة في البحار الجنوبية ستضيف سخاءً إلى مدفوعات الفائدة الخاصة بهم.
ثروة نيوتن وعلى الرغم من خسائر "نيوتن" الفادحة بسبب استثماره في شركة "ساوث سي"، والتي قدّرت بنحو 20 ألف جنيه إسترليني، إلا أنه عندما مات عام 1727، كانت ثروته تقدر بـ 30 ألف جنيه إسترليني، فضلاً عن دخله السنوي البالغ 3000 جنيه إسترليني والناتج عن راتبه كمدير صك العملة، ورئيس الجماعة الملكية البريطانية، واستثماراته في الأوراق المالية.
وكان عمر "نيوتن" في عام 1720 عندما انفجرت فقاعة "ساوث سي" 80 عاماً، ويعزو البعض خسائره إلى أنه كان قد تقدم في العمر بشكل كبير وحتى أن اكتشافاته العلمية كان قد مر عليها عقود، ولم تكن له أي أبحاث للعديد من السنوات بعد استقالته من جامعة "كامبريدج".
وباختصار، إذا كنت قد أخفقت في الاستثمار حتى الآن فليس السبب هو أنك غبي، ولكنك في ذلك، شأنك شأن "نيوتن" لم تكتسب الانضباط العاطفي الذي يتطلبه الاستثمار الناجح
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
علماء يستخدمون الذكاء الاصطناعي لبناء أدق نموذج لمجرة درب التبانة على الإطلاق
ابتكر العلماء أول محاكاة تُنمذج كل نجوم درب التبانة البالغ عددها 100 مليار، باستخدام الذكاء الاصطناعي لتشغيل فيزياء مجرية أسرع 100 مرة من الأساليب السابقة.
محاكاة متقدمة جديدة بمساعدة الذكاء الاصطناعي لـدرب التبانة تمنح العلماء أوضح صورة حتى الآن عن كيفية تطور مجرتنا؛ إذ تتبع أكثر من 100 مليار نجم منفرد عبر عشرة آلاف عام من التطور، وتقدم مستوى مذهلا من الدقة ظل علماء الفيزياء الفلكية يسعون إليه منذ عقود، بعدما كانت النماذج الأكثر تقدما تجمع النجوم في مجموعات كبيرة وتُهمل الفيزياء الدقيقة على المقاييس الصغيرة التي تصوغ نمو المجرات وتغيرها.
Related علماء الفلك يرصدون أول ثوران لنجم عملاق خارج النظام الشمسي لماذا كان من الصعب محاكاة مجرتنالفهم كيف تشكلت "درب التبانة" وتواصل تطورها، يحتاج العلماء إلى نماذج تلتقط كل شيء من البنية الحلزونية الشاسعة للمجرة وصولا إلى سلوك النجوم الفردية والمستعرات العظمى. لكن الفيزياء المعنية، مثل الجاذبية وديناميكيات الغاز والإغناء الكيميائي والوفيات النجمية الانفجارية، تتكشف على مقاييس زمنية متباينة جذريا. والتقاط أحداث سريعة كانفجارات المستعرات العظمى يتطلب أن تتقدم المحاكاة بخطوات صغيرة جدا، وهو ما يجعل العبء الحسابي هائلا إلى درجة أن نمذجة مليار عام من تاريخ المجرة قد يستغرق عقودا.
الحل المختصر بالذكاء الاصطناعييقود المشروع الباحث كيا هيراشيما في مركز "ريكن" للعلوم النظرية والرياضية متعددة التخصصات (iTHEMS) في اليابان، بالتعاون مع زملاء من جامعة طوكيو وجامعة برشلونة، وقد قُدم مؤخرا في SC'25 (المؤتمر الدولي للحوسبة عالية الأداء والشبكات والتخزين والتحليل). حل فريق هيراشيما المشكلة بإدخال نموذج بديل قائم على التعلم العميق؛ فبعد تدريبه على محاكاة عالية الدقة لسلوك المستعرات العظمى، تعلّم الذكاء الاصطناعي التنبؤ بكيفية تشتت الغاز خلال 100 ألف عام تلي الانفجار. وأمكن عندئذ للمحاكاة الرئيسية أن تتقدم بسرعة أكبر بكثير مع الحفاظ على تفاصيل أحداث المستعرات الفردية، وقد تم التحقق من النهج باستخدام بيانات من الحاسوب الفائق "فوجاكو" في اليابان ونظام "ميابي" بجامعة طوكيو.
Related عودة رواد الفضاء الصينيين إلى الأرض بعد تأخير 9 ايام سبّبه ارتطام مركبتهم بحطام فضائيالنتيجة محاكاة شاملة لدرب التبانة تحقق دقة فعلية على مستوى النجم الفردي وتعمل بكفاءة أعلى بكثير؛ فمحاكاة مليون عام من تطور المجرة تستغرق الآن 2.78 ساعة فقط، ما يعني أنه يمكن إنجاز محاكاة تمتد على مليار عام في نحو 115 يوما بدلا من 36 عاما.
"أداة حقيقية للاكتشاف العلمي"ورغم أن هذا الإنجاز يمثل محطة بارزة لعلم الفلك، فإن آثاره تمتد إلى ما هو أبعد من علوم الفضاء؛ إذ جاء في الورقة: "يمكن تطبيق أساليب مشابهة لأسلوبنا على محاكاة تشكل البنى الكونية واسعة النطاق، وتراكم المادة حول الثقوب السوداء، وكذلك محاكاة الطقس والمناخ والاضطراب". وقد تُسرّع هذه المنهجيات الهجينة بين الذكاء الاصطناعي والفيزياء تلك النماذج بصورة كبيرة، وربما تجعلها أسرع وأكثر دقة. وقال هيراشيما: "أعتقد أن دمج الذكاء الاصطناعي مع الحوسبة عالية الأداء يمثل تحولا أساسيا في كيفية تعاملنا مع مشكلات متعددة المقاييس ومتعددة الفيزياء عبر علوم الحوسبة". وأضاف: "يُظهر هذا الإنجاز أيضا أن المحاكاة المعززة بالذكاء الاصطناعي يمكن أن تتجاوز التعرف على الأنماط لتصبح أداة حقيقية للاكتشاف العلمي، تساعدنا على تتبّع كيف نشأت العناصر التي كوّنت الحياة نفسها داخل مجرتنا". والخطوة التالية للفريق ستكون توسيع نطاق التقنية أكثر واستكشاف تطبيقاتها في نمذجة نظام الأرض.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة