اليمن: من نزوح إلى آخر وشتات يمزق عائلات
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
(عدن الغد) الأناضول:
تعصف بـاليمن عدة أزمات منها النزوح المتكرر من المناطق التي شهدت صراعاً دموياً للعام الثامن، والتي أدت إلى نزوح نحو 4 ملايين ونصف مليون، أغلبهم من الأطفال والنساء بمعدل 80%، وفقًا لتقرير أممي سابق.
وتحتل مدن ومحافظات يمنية الصدارة في أعداد النازحين جراء المعارك العنيفة بين القوات الحكومية والحوثيين، والتي أدت إلى وجود عدد كبير من مخيمات النزوح في محافظات مثل مأرب (شرق) الغنية بالنفط، وتعز (جنوب غرب) ذات الكثافة السكانية.
بالإضافة إلى مدينة الحديدة (غرب) ذات الأهمية الاقتصادية على ساحل البحر الأحمر، فضلاً عن المحافظات الجنوبية، إضافة إلى المديريات المحررة بمحافظة حجة (شمال غرب) والحدودية مع السعودية.
نكبة النازحينوفي واحدة من المآسي الإنسانية وسط صحراء قاحلة مترامية الأطراف وأكواخ وخيام متداعية لأكثر من 150 أسرة نازحة من عزلة منطقة المخازن، إحدى ضواحي ريف مدينة ميدي الساحلية، أقصى شمال غرب محافظة حجة، يكابد الأطفال والنساء، فضلاً عن كبار السن، مرارة النزوح والتهجير للسنة الثامنة تحت ظروف بيئية واقتصادية قاسية.
يخطو محمد متنبك (38 عاماً)، مترجلاً نحو كوخه المتهالك جراء الرياح الشديدة والأمطار، علاوة على الكثبان الرملية في انتظار انفراجة وأمل في العودة لمسقط رأسه، رفقة زوجته وأبنائه السبعة، ومعه مئات النازحين، جلّهم من الأطفال.
وفي حديثه عن رحلة نزوحه، يقول متنبك، لـ"الأناضول": "قررنا المغادرة بعد أيام من الخوف والرعب بسبب القصف المدفعي، والاشتباكات الدائرة حول ميدي منتصف السنة الأولى للحرب".
وأضاف: "وسط بكاء الأطفال ودموع النساء، مترجلين على أقدامنا، والبعض منا يمتطي الدواب تحت جنح الليل، فضلاً عن انقطاع التيار الكهربائي عن المدينة وضواحيها، تاركين وراءنا منازلنا ومصادر رزقنا نحو المجهول".
وصف الرجل مسيرة النزوح بأنها "اللحظات الأصعب، والنكسة التي غيرت مجرى حياتي ومستقبل أطفالي".
وأوضح أنّ "ثمانية أعوام من النزوح والتنقل إلى أربع مناطق مختلفة، بدءًا من مسقط رأسي بعزلة المخازن، مرورًا بمديرية حيران، ووصولاً إلى مديرية عبس، ثم العودة لعزلة بني فايد على بعد أكثر من 10 كليومترات من ميدي".
أكواخ لا تصمد 6 أشهر
ويشكو النازحون، ومتنبك واحداً منهم، من تردي الأوضاع المعيشية بالإضافة إلى تهدم أكواخهم وخيامهم نتيجة العوامل الطبيعية، فضلاً عن تزايد شدة الغبار في فترة الظهيرة تزامناً مع ارتفاع درجات الحرارة في ضوء غياب السلطات الحكومية والمنظمات الإنسانية.
وبيّن متنبك أن "معظم النازحين يلجؤون إلى استخدام الأكواخ المبنية من القش وأغصان الأشجار، إضافة إلى الطين، رغم تهدمها وسقوطها بعد صمودها فترة زمنية تصل إلى أكثر من ستة أشهر تقريبًا، بفعل الظروف المناخية القاسية".
وأشار بيده إلى الأضرار التي لحقت بكوخه، قائلاً: "خلال الأربعة أعوام الماضية قمت ببناء خمسة أكواخ لعائلتي".
وأوضح أن كوخه الحالي "آيل إلى السقوط، وبحاجة إلى ترميم أو بناء كوخ جديد".
وعن أسباب استخدام الأكواخ من الأغصان بدلاً من الطوب، قال: "أوضاعنا الاقتصادية في تردّ، وتكاليف أدوات البناء وأجور العمال غالية جداً، علاوة على ذلك الأرض ليست أرضنا".
ويستغرق بناء الكوخ قرابة عشرة أيام، بعد تجميع القش والأغصان من مناطق غير آمنة تحتوي على مخلفات الحرب والألغام، بالإضافة إلى تأمين الحبال والطرابيل (أغطية أو سواتر)، وتصل تكاليف بنائه إلى 400 دولار.
ووفقًا للتقرير الصادر عن إدارة مخيمات النازحين (حكومي) في 7 فبراير/شباط الماضي، فإنّ أكثر من 3 ملايين نازح يتوزعون في 13 محافظة، و646 مخيمًا، و927 تجمعًا سكانياً، ويقدر عدد النازحين في محافظة حجة لوحدها بأكثر من 19 ألف نازح.
فقدوا مصادر رزقهممن جهته، أوضح حسن جربحي، أحد أعيان مديرية ميدي، أن "عدد النازحين في المديرية بلغ أكثر من 500 أسرة نازحة، منهم قرابة 200 أسرة تعيش فقرًا مدقعًا".
وذكر جربحي، لـ"الأناضول"، أنّ "جزءًا كبيرًا من النازحين يعيشون في خيام ومساكن لا يتوافر فيها أبسط مقومات الحياة"، وأنّ "أغلبهم يكافحون لتأمين قوتهم وسد جوعهم من خلال الأعمال الشاقة وبأجرة يومية".
ويعود المعلم عبد الله هادي، بذاكرته إلى اللحظات الأولى للنزوح، ويقول: "بعد 40 يومًا من دخول الاشتباكات إلى ميدي، غادرت جميع الأسر وبينهم أسرتي إلى المخيمات".
وأشار هادي، في حديثه لـ"الأناضول"، إلى أنه "فقدَ أصدقاء له، فضلاً عن سقوط ضحايا من النساء والأطفال". وأضاف أن "النازحين فقدوا مصادر رزقهم، وأغلبهم يعمل في الزراعة ورعي الماشية، إضافة إلى تربية النحل". ولفت هادي إلى أن "نحو 350 مزرعة تحولت إلى صحراء قاحلة، ولا نستطيع الوصول لها نتيجة الألغام الأرضية ومخلفات الحرب من مقذوفات غير منفجرة".
للعام الخامس لم ير الطفل والديه
وفي السياق، تحدثت تقارير دولية عن عدد لا يحصى من الأطفال الأشد تضررًا نتيجة النزوح وويلات الحرب على الصحة النفسية، ومن هؤلاء الطفل نايف هادي محمد.
ويعيش نايف (12 عامًا) بعيدًا عن والديه وأخواته للعام الخامس، وأوضح جده محمد أبكر، لـ"الأناضول": "يعاني حفيدي من الوحدة والاكتئاب وتدهور في صحته النفسية، علاوة عن ذلك توقفه عن التعلم للسنة الثالثة بسبب فراقه أسرته".
الجد أبكر (72 عامًا)، أفاد بأنّ المعارك "العنيفة" التي دارت بين طرفي النزاع أواخر مارس/ آذار 2019 في قرى عزلة بني حسن، شمالي حجة، أحالت أسراً نازحة إلى النزوح والتشتت مجددًا، ومنها عائلة نايف.
ومنذ ذلك الحين يمكث نايف مع جده وسط كوخ مهترئ، ويفصله الحصار وخطوط التماس عن عائلته التي تقطن أحد مخيمات مديرية عبس، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ويأمل جده في انتهاء الحرب وإعادة لمّ شمل العائلة.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: أکثر من
إقرأ أيضاً:
"الزراعة" تختتم ورشة عمل حول الزراعة المُستدامة والأمن الغذائي بالتعاون مع "كاردني"
اختتمت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، ممثلة في قطاع الإرشاد الزراعي، فعاليات ورشة العمل التدريبية التي تم تنظيمها بالتعاون مع المركز الإقليمي للإصلاح الزراعي والتنمية الريفية في الشرق الأدنى "كاردني" تحت رعاية علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، حول الزراعة المستدامة والأمن الغذائي.
ومن جهته أكد الدكتور علاء عزوز رئيس قطاع الإرشاد الزراعي، على أهمية هذه الورشة، والتي استمرت على مدار ثلاثة ايام، ناقشت خلالها عددا من الموضوعات من بينها: سياسات الأمن الغذائي في مصر، الإدارة المُتكاملة للموارد الطبيعية ودورها في تحسين الأمن الغذائي، تنمية المحاصيل الحقلية لتحقيق الأمن الغذائي والتنمية الزراعية المُستدامة، فضلا عن تنمية الثروة الحيوانية والداجنة ركيزة أساسية لتحقيق الزراعة المُستدامة وتعزيز الأمن الغذائي، ودور الإبتكار الزراعي في تعزيز الأمن الغذائي الزراعي في المناطق الريفية،
وأشار إلى أن ورشة العمل ناقشت موضوعات: الزراعة الذكية والحلول المُستقبلية لتحقيق الأمن الغذائي المُستدام، فضلا عن مكافحة أمراض وآفات النباتات لتحقيق الزراعة المُستدامة وتعزيز الأمن الغذائي، ودور تنمية الثروة السمكية في تعزيز الأمن الغذائي، فضلا عن تأثير التغير المناخي علي الزراعة المُستدامة والأمن الغذائي.
وأكد رئيس قطاع الارشاد الزراعي، أن الزراعة المستدامة تعد حجر الزاوية لتحقيق الأمن الغذائي والمحافظة على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة وزيادة الإنتاج الزراعي بشكل يراعي التحديات البيئية نظرا لما يواجه العالم من تحديات مثل تغير المناخ وندرة المياه وتدهور التربة مما يجعل من الضروري تبني الزراعة المستدامة كحل رئيسي لمواجهة هذه التحديات.
وأوضح عزوز أن الزراعة المستدامة تساهم بشكل كبير في تعزيز الأمن الغذائي وحماية البيئة، وتحسين جودة الحياة للمزارعين، لافتا إلى أنه من أجل تحقيق الزراعة المستدامة يجب توعية المزارعين بأهمية هذه الممارسات وتدريبهم على كيفية تنفيذها، بحيث يتضمن التدريب تقنيات زراعية جديده والتوعيه باهمية تطبيق نظم الري الحدي واستخدام الأسمدة العضوية بالإضافة إلى كيفية التكيف مع التغيرات المناخية.
وأكد رئيس قطاع الإرشاد الزراعي على أهمية تكامل الجهود بين المراكز البحثية والجامعات والجهات التي تقدم خدمات الإرشاد الزراعي للمزارعين وتبني الممارسات الزراعية المستدامة لضمان مستقبل أفضل للزراعة.
وجاء ختام فعاليات ورشة العمل وتوزيع الشهادات على المتدربين بحضور: الدكتور علاء عزوز رئيس قطاع الإرشاد الزراعي، والدكتور موفق السرحان المدير التنفيذى للمركز الإقليمي للإصلاح الزراعي والتنمية الريفية في الشرق الأدنى " كاردني".
وشارك في ورشة العمل قطاعي: الخدمات الزراعية والمُتابعة، وتنمية الثروة الحيوانية والداجنة، فضلا عن الجهاز التنفيذي لمشروعات تحسين الأراضي، كذلك مركز البحوث الزراعية ممثلا في معاهد: بحوث المحاصيل الحقلية، البساتين، تكنولوجيا الأغذية، الارشاد الزراعي، الصحة الحيوانية، أمراض النباتات، القطن، الهندسة الوراثية فضلا عن معهدي بحوث الأمصال واللقاحات البيطرية، الإقتصاد الزراعي، والمعامل المركزية للمناخ الزراعي، الزراعة العضوية، تحليل متبقيات المبيدات والعناصر الثقيلة في الأغذية، وبحوث الحشائش، فضلا عن مركز معلومات تغير المناخ والنظم الخبيرة.
كما شارك في ورشة العمل أيضا ممثلو مديريات الزراعة بمحافظات: الجيزة، القليوبية، الفيوم، المنوفية، والغربية، فضلا عن: الإتحاد التعاوني الزراعي المركزي، الجمعية العامة للأراضي المُستصلحة، والجمعبة العامة للإصلاح الزراعي.