عربي21:
2025-05-02@04:08:52 GMT

المشهد السوداني المعقد

تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT

منذ منتصف نيسان/ أبريل يشهد السودان اشتبكات عسكرية مستمرة بين القوات السودانية تحت قيادة عبد الفتاح البرهان وبين قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي. وعلى الرغم من أنه لا تقدم عسكريا لطرف على حساب آخر، إلا أن الأطراف المتصارعة تسعى إلى تعزيز ترسانتها العسكرية وترفض الحلول والمبادرات السياسية المقترحة.

وتتجاهل هذه الأطراف الأزمة الإنسانية والبشرية لبلد كان يعاني من الفقر والبطالة قبل بداية الاشتباكات.

لقد نتج عن هذه المواجهات قتل الآلاف من المدنيين وتشريد أكثر من عشر السكان بالإضافة إلى انتهاكات يرتكبها المسلحون تجاه سكان القرى والبلدات السودانية، كما خرجت 80 في المائة من المرافق الصحية عن الخدمة وانعدمت الخدمات العامة من كهرباء أو ماء أو مواصلات.

في الأيام الأخيرة، يشهد السودان تحولاً استراتيجياً في مشهد الصراع الداخلي، حيث تعمل الأطراف المتصارعة على رسم خارطة تحالفات إقليمية لتغيير المشهد العسكري على الأرض. ويبدو أنّ معالم هذه التحالفات بدأت تتوضح شيئا فشيئاً من خلال الزيارات الخارجية التي يقوم بها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وعليه فلا بد من تحليل هذه الزيارات لفهم إمكانية الحلول المستقبلية للسودان أو على الأقل لمحاولة فهم ما يجري هناك.

في الأيام الأخيرة، يشهد السودان تحولاً استراتيجياً في مشهد الصراع الداخلي، حيث تعمل الأطراف المتصارعة على رسم خارطة تحالفات إقليمية لتغيير المشهد العسكري على الأرض. ويبدو أنّ معالم هذه التحالفات بدأت تتوضح شيئا فشيئاً من خلال الزيارات الخارجية التي يقوم بها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان
في البدء حطت طائرة البرهان في مطار القاهرة للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ويبدو أن البرهان استغل أحداث الصراع الأولى مع قوات الدعم السريع. إذ إن الساعات الأولى للاشتباكات حملت رسالة واضحة لمصر بأنّ نفوذها في السودان بدأ يتقلص، كما أنه قد ينتهي إذا ما سيطرت قوات الدعم السريع على المشهد العسكري في السودان، وقد جاءت هذه القراءة نتيجة مقاطع الفيديو الكثيرة التي أظهرت جنودا مصريين تم احتجازهم في قاعدة مروي الجوية في شمال السودان.

يفهم البرهان جيداً أهمية التحالف مع مصر لأن ذلك سيوفر له حماية الجبهة الشمالية، وقد يوفر له دعما جويا سريا مصريا لاستهداف قوات الدعم السريع ومخازن أسلحتها.

ويستغل البرهان إحساس مصر بضعف نفوذها في السودان بعد الإطاحة بعمر البشير، هذا النفوذ الضعيف الذي وصل إلى مرحلة قامت فيها مصر بالاستعانة بأطراف دولية أخرى للإفراج عن محتجزين مصريين لدى قوات الدعم السريع. ويبدو كذلك أن البرهان بحث في القاهرة سبل الحصول أسلحة لمواصلة الحرب ضد قوات الدعم السريع، خصوصاً أنّ هناك أطرافاً إقليمية كالإمارات تدعم حميدتي بالأسلحة.

وهذا بالضبط ما كشفت عنه صحيفة وول ستريت جورنال التي تحدثت عن طائرة شحن إماراتية هبطت في مطار أوغندي بداية حزيران/ يونيو الماضي وتأكد أنها كانت تحمل أسلحة وذخيرة، في الوقت الذي كانت تُظهر فيه وثائق رسمية أن الطائرة تحمل مساعدات إنسانية إماراتية إلى اللاجئين السودانيين. وكذلك الأمر التحليل الذي طرحه الأكاديمي السوداني "تاج السر عثمان" عندما تحدث عن الدور الذي يلعبه السفير الإماراتي في السودان وتحركاته، وكيفية دفع قيمة الأسلحة عبر الذهب.

لا حلول تلوح في الأفق بالنسبة إلى المعضلة في السودان، إذ أن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لا يؤمنان بالتفاوض المباشر دون الشروط المسبقة، بل يسعى الطرفان إلى طرح مبادرات تدعم رؤيتهم ومصالحهم في السودان كما أنهما يدفعان بالحلول العسكرية إلى الأمام كذلك، من خلال البحث عن الدعم العسكري من الحلفاء الإقليميين
ويبدو أن برمجة زيارات البرهان إلى الدوحة أولاً وإلى السعودية ثانياً ما هو إلا لتقوية الموقف التفاوضي بالحصول على دعم إقليمي من القوى الإقليمية المؤثرة مثل قطر والسعودية. وهناك أحاديث تفيد بأن البرهان يبحث عن دعم إقليمي لتشكيل حكومة تصريف أعمال يمكن أن يناقش تفاصيلها مع المسؤولين في السعودية. بالطبع هذه المبادرة تأتي كرد على أنباء تتحدث عن طرح حميدتي مشروع تحويل السودان إلى دولة فيدرالية، هذا المشروع الذي يهدف إلى تغيير نظام الحكم في السودان والتقليل من سلطة النظام المركزي لصالح مناطق نفوذ محلية ضمن المحافظات السودانية.

في الحقيقية تشير تركيبة الوفد المرافق للبرهان إلى مصر ومن ثم إلى الدوحة، إلى الاستراتيجية المزدوجة ورؤية البرهان للحل المستقبلي للبلاد. إذ أنه يصطحب معه وزير الخارجية "علي الصادق" فيما يبدو لمناقشة الحل السياسي والمبادرات السياسية، ورافقه كذلك مدير جهاز المخابرات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل لمناقشة التطورات العسكرية.

لا بد من القول أخيراً إنه لا حلول تلوح في الأفق بالنسبة إلى المعضلة في السودان، إذ أن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لا يؤمنان بالتفاوض المباشر دون الشروط المسبقة، بل يسعى الطرفان إلى طرح مبادرات تدعم رؤيتهم ومصالحهم في السودان كما أنهما يدفعان بالحلول العسكرية إلى الأمام كذلك، من خلال البحث عن الدعم العسكري من الحلفاء الإقليميين. ومع علمهم المسبق بأنه لا تقدم عسكريا لطرف على حساب آخر، إلا أنهما مستمران في تعزيز هذا الصراع متجاهلين الأزمة الإنسانية المتفاقمة التي يعاني منها الشعب السوداني.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السودان البرهان حميدتي الصراع الحلفاء السودان حلفاء صراع حميدتي البرهان سياسة سياسة عالم الفن صحافة سياسة صحة مقالات رياضة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات الدعم السریع الجیش السودانی عبد الفتاح فی السودان من خلال

إقرأ أيضاً:

الدعم السريع ترتكب مجزرة أودت بحياة 31 شخصا وتدمر طائرات بمطار الخرطوم

أكدت وزارة الخارجية السودانية أن قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" نفذت مجـزرة أدت إلى مقتل 31 مدنيا جنوب أم درمان واصفة الفعل الجرمية الإرهابية، بينما جرى تدمير العديد من الطائرات في مطار الخرطوم بعد قصف من الجماعة ذاتها.

وطالبت الخرطوم المجتمع الدولي بتصنيف قوات الدعم السريع كجماعة إرهابية، واتهام الدول الداعمة لها برعاية الإرهاب، محذرة من استمرار تغذية الصراعات في المنطقة.

قالت شبكة أطباء السودان، إن قوات الدعم السريع قتلت 31 شخصا بينهم أطفال، في حي صالحة جنوبي مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، موضحة أن ذلك أكبر جريمة قتل جماعي موثقة تشهدها منطقة صالحة بتهمة الانتماء للجيش.

???? الخارجية السودانية تتهم في بيان لها قوات الدعم السريع بتنفيذ مجـزرة أدت إلى مقتــل 31 مدنيا جنوب أم درمان الأحد، واصفة الفعل بالجــريمة الإرهــابية.

▪ وطالبت الخرطوم المجتمع الدولي بتصنيفها جماعة إرهــابية واتهام الدول الداعمة لها برعاية الإرهـ ـاب محذرة من استمرار تغذية… pic.twitter.com/PCIW9eBMRm — عربي21 (@Arabi21News) April 29, 2025
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات لعناصر يرتدون زي "الدعم السريع" وهم يطلقون الرصاص على مجموعة من الأشخاص في الشارع العام بحي صالحة جنوبي أم درمان.


وأعربت الشبكة عن أسفها لعمليات القتل الجماعي ضد المدنيين العزل بمناطق سيطرة "الدعم السريع"، الأمر الذي قالت إنه "يهدد آلاف المدنيين العزل بحي صالحة".

وجاء في البيان: "تعتبر الشبكة ما تم تنفيذه من تصفية جماعية جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية".

وطالبت الشبكة المجتمع الدولي "بالتحرك العاجل لإنقاذ من تبقى من المدنيين وفتح مسارات آمنة تضمن خروجهم من حي صالحة الذي يضم آلاف المدنيين العزل، والضغط على قادة الدعم السريع لوقف الجرائم والانتهاكات ضد المدنيين (الواقعين) تحت سيطرتها وحفظ أرواحهم".

وغرب السودان، قُتل أكثر من 20 مدنيا وجُرح 40 آخرون في الأيام الثلاثة الأخيرة في قصف للدعم السريع أيضا على مخيم للنازحين تضربه المجاعة في غرب السودان، وفق ما أعلن مسعفون الاثنين.


وفق بيان لغرفة طوارئ معسكر أبوشوك، قصفت قوات الدعم السريع مخيم أبوشوك للنازحين قرب الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور بالمدفعية والرصاص الطائش، وهو الذي يأوي عشرات آلاف الفارين والنازحين.

ومن ناحية أخرى، أظهرت مقاطع مصورة تحطم طائرات مدنية سودانية واحتراقها في مطار الخرطوم بعد قصف لقوات الدعم السريع للمطار.

تحطم طائرات مدنية سودانية واحتراقها في مطار الخرطوم بعد قصــف ميـليشيا الدعم السريع للمطار pic.twitter.com/FyKMO2oST7 — عربي21 (@Arabi21News) April 29, 2025
ومنذ أسابيع تشهد مناطق متفرقة في أم درمان اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث تدافع الأخيرة عن آخر مناطق سيطرتها في ولاية الخرطوم.

وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مؤخرا مساحات سيطرة "الدعم السريع" في ولايات السودان لصالح الجيش، وتسارعت انتصارات الأخير في الخرطوم بما شمل السيطرة على القصر الرئاسي، ومقار الوزارات بمحيطه، والمطار، ومقار أمنية وعسكرية.


وفي الولايات الـ17 الأخرى، لم تعد الدعم السريع تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب 4 من ولايات إقليم دارفور (غرب).

ويخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" منذ منتصف نيسان/ أبريل 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

مقالات مشابهة

  • السودان.. الدعم السريع تشن هجوما على القصر الرئاسي وكردفان والنيل الأبيض وتقتل مدنيين في الفاشر
  • قوات الدعم السريع تشن هجوما واسعا في مناطق جنوب السودان
  • السودان.. "الدعم السريع" يسيطر على مدينة استراتيجية بكردفان
  • مصدر عسكري: قوات الدعم السريع تقصف القصر الجمهوري في الخرطوم بمدفعية بعيدة المدى
  • ???? من أشعل الحرب في السودان ؟ الجيش السوداني أم الدعم السريع؟
  • السودان يطالب الصين بتوضيح حول كيفية حصول قوات الدعم السريع على مسيرات صينية
  • جريمة تهزّ السودان: قوات الدعم السريع تُغرق حيّاً بالدماء وتحوّل مطار الخرطوم إلى رماد
  • جريمة تهزّ السودان: قوات الدعم السريع تُغرق حيّاً بالدماء وتحوّل مطار الخرطوم إلى رماد"
  • الدعم السريع ترتكب مجزرة أودت بحياة 31 شخصا وتدمر طائرات بمطار الخرطوم
  • الجيش السوداني: سقوط 41 مدنيا وإصابة عشرات بقصف مدفعي للدعم السريع في الفاشر