عبد الله علي إبراهيم

(قرأت أمس أن هناك من وظفوا آليات للذكاء الصناعي لإثبات هلاك حميدتي أو بقائه على قيد الحياة. فتذكرت مقالاً لي كتبته في 1988 في بابي “ومع ذلك” بجريدة الخرطوم عن ابتذال الذكاء. وقال علي نور، شاعر مؤتمر الخريجين:
كل امرئ يحتل في السودان غير مكانه، أي كل شيء. ولا أزيد).

نشر ترمنقهام مؤلف كتاب (الإسلام في السودان) جملة من الأفكار الخاطئة عن ثقافة السودان وإسلامه.

غير أنني اتفق كثيراً مع ملحوظته القائلة أن خريجي المدارس الحديثة (الصفوة بتعبير آخر) غير راغبين في إجراء تحسين جذري في حياة مواطنيهم. فعلى أن ترمنقهام أذاع هذه الملحوظة في الأربعينات إلا أنها ما تزال صادقة إلى حد كبير.
سمّت جريدة (السيـاسة) في افتتاحية لها مشكلة المواصلات (الهاجس اليومي) الذي يجعل حياة المواطن عبئاً لا يطاق. ولعل أخطر مظاهر المشكلة ليس المعاناة اليومية التي يتكبدها المواطن في غدوه ورواحه ولكن إحساسه بأن هذه المشكلة المعلقة لأكثر من عقد من الزمان تبدو بلا حل قريب أو بعيد.
فالمعتمدية تراوح في مكانها القديم من المشكلة بين إنزال بصات جديدة (أو الوعد بذلك) وبتصليح العطلان منها وبين حملات تأديبية على أصحاب المركبات العامة الذين يزوغون عن العمل بالخطوط مكتفين بالبنزين. كما تتمسك المعتمدية في وصاية فارغة بفئات قانونية لترحيل الطلبة وغير الطلبة. وفي مطالبة أهل حي بعينه من المعتمدية الانصياع للفئة التي قررها أصحاب المركبات العامة مؤشر قوي على استفحال المشكلة وعدم واقعية (أو بالأحرى جدية) المعتمدية.
ولعل أكثر دواعي اليأس من حل أزمة المواصلات هو تطاولها على خيالنا وفكرنا. فالأزمة غير واردة في أجندة فكرنا السياسي والاجتماعي والنقابي. فلم نعد نسمع شيئاً عن الدراسة التي التزمت المعتمدية بإجرائها على ضـوء استبيانات وزعتها. وهذه الدراسة هي الدليل الوحيد على أن المشكلة شاغل فكري معتبر يتجاوز همهمات المكتوين بنار الأزمة مما تنشره الصحف.
وأهـل الفكر عن المسألة في شغل وانصـراف. فطاقم الدولة القيادي اكتفى بتوسيع بند شراء العربات الحكومية (الخاصة) ليمتطيها آناء الليل وأطراف النهار. فقد صدقت وزارة الاقتصاد مؤخرا بـ 15 مليون دولار لشراء عربات كريسيدا تدفع مقابلها الوزارة من سمسم الوطن أو القضارف. كما اتجهت نقابات الاطباء وأساتذة الجامعات والبياطرة وغيرهم الى مساومات مع وزارة التجارة وموردي السيارات لاستيراد عربات خاصة بأعضائها. ولا غبار على هذه الإجـراءات لو لم تكن هروباُ من مواجهة هذه الأزمة المزمنة. وما يجعل ذلك الهروب سخيفاً بحق هو أن يصدر من أكثر الفئات فصاحة في السياسة وأنسبها تأهيلاً للنظر في الأزمة وتدبير الحلول.
فمعاناة الشعب ليس عبارة تقال وتبتذل بالتكرار. إنها أوجاع بلا حصر تستنفر الخيال والنظر. فعلى أيام اختناقات البنزين تفتق ذهن الجماعات الصفوية عن فكرة إدخال الكمبيوتر لضبط توزيعه. ولكن حين يتسمر المواطنون على أرصفة الشوارع لأكثر من عقد من الزمان ينتظرون الذي لا يأتي من الحـافلات فصفوتنا السياسية والفكرية خالية الوفاض من الحيل والمناهج.
لقد صدق ترمنقهام في واحدة وهي أن الصفوة (البرجوازية الصغيرة) من كل شاكلة ولون غير راغبة في تحسين حياة أهلها من كل شاكلة ولون.

الوسومعبد الله علي إبراهيم

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: عبد الله علي إبراهيم

إقرأ أيضاً:

أزمة مالية كبيرة تهدد نادي سموحة بغرامة 440 مليون جنيه

تصاعدت أزمة الإصلاح الزراعي داخل نادي سموحة بشكل كبير في الساعات الأخيرة، مما يهدد بسحب وتسليم جزء كبير من أراضي النادي لصالح هيئة الإصلاح الزراعي.

أزمة مالية كبيرة تهدد نادي سموحة بغرامة 440 مليون جنيه

تعد هذه الأزمة من أكثر القضايا الشائكة التي يواجهها ناي سموحة في السنوات الأخيرة.

وتعرض نادي سموحة، برئاسة فرج عامر، لوعكة قانونية تسببت في أزمة مالية كبيرة، حيث قضت محكمة الاستئناف بتغريم النادي مبلغا قدره 440 مليون جنيه كرسوم دعوى الإصلاح الزراعي، ويعكس هذا الحكم تحديا كبيرا لإدارة النادي وأعضائه.

طاقم تحكيم مباراة الزمالك وسيراميكا كليوباترا عاجل.. كواليس أزمة كولر مع كهربا وحسم 4 لاعبين في الأهلي

وأكد الإعلامي عبدالناصر زيدان في تصريحات ببرنامج ملعب الشمس،  أن هذا المبلغ الضخم قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية كبيرة على النادي، مشيرًا إلى أن هذه القضية لم تكن وليدة اللحظة بل نتيجة تراكمات طويلة من المشكلات القانونية.

وأضاف  الإعلامي أن العديد من أعضاء النادي اكتشفوا أن الرسوم القضائية التي دفعوها كانت وراء هذا المبلغ الكبير.

وأثارت هذه الأزمة حالة من الغضب والقلق بين أعضاء نادي سموحة، الذين عبروا عن استيائهم من الإدارة الحالية وطالبوا بضرورة البحث عن حلول عاجلة لتجنب فقدان جزء كبير من أراضي النادي.

ويترقب الجميع الخطوات القادمة التي ستتخذها إدارة النادي لمواجهة هذه الأزمة والحفاظ على ممتلكات النادي.

مقالات مشابهة

  • أفضل 5 تطبيقات ذكاء اصطناعي لأجهزة الآيفون والأندرويد
  • أمراء الحرب يدمّرون السودان وشعبه
  • أحمد رمزي يكتب: مبادرة «ابدأ».. الظهير الصناعي لتقدم الدولة المصرية
  • هنالك أكثر من علامة استفهام إزاء ما يجري في سنجة، في ولاية سنار، بل في كل السودان
  • حطام قمر صناعي روسي يدفع روّاد فضاء إلى الاختباء بكبسولاتهم الفضائية
  • ضرورة محاربة أمية الذكاء الاصطناعي
  • “أفريكا إنتجليجنس”: شخصيات رئيسية في نظام البشير موجودة في صفوف حميدتي
  • حميدتي فشل في الظهور ولا مرّة في تصوير حي داخل السودان
  • فرص السلام .. و جاهزية “تقدم”
  • أزمة مالية كبيرة تهدد نادي سموحة بغرامة 440 مليون جنيه