ما هي طريقة الاستغفار الصحيحة.. وهل يجوز بنية جلب الرزق؟
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
ما هي طريقة الاستغفار الصحيحة؟ سؤال يشغل ذهن الكثيرين بخاصة في الثلث الأخير من الليل، فقد ورد أن المولى تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا فيجيب السائل والداعي والمستغفر كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن ما هي طريقة الاستغفار الصحيحة؟ هذا ما نورده في التقرير التالي.
ما هي طريقة الاستغفار الصحيحة؟الاستغفار بحسب ما ذكرته دار الإفتاء المصرية من خلال موقعها الرسمي: استفعال من غفر بمعنى طلب المغفرة، يقال: اسْتَغْفَرَ اللهَ لذنبه ومن ذنبه، فَغَفَرَ له ذنبه مَغْفِرَةً وغَفْرًا وغُفْرانًا، وأَصل الغَفْرِ: التَّغْطِيَةُ وَالسَّتْرُ.
وأوضحت أن الله عز وجل نهى عباده المؤمنين عن الاستغفار لمن لم يؤمن بالله تعالى وتبين أنه قد حقت عليه كلمة العذاب بموته على الشرك، أو بنزول الوحي بأنه من أهل النار؛ كأبي لهب وامرأته؛ قال تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ [التوبة: 113]، فالله سبحانه قد يتفضل بغفران جميع ذنوب العبد ما عدا الشرك، ولهذا فطلب المغفرة لهذا الصنف يُعَدُّ اعتداء في الدعاء؛ لأنه يكون حينئذ طلبًا لما نفى الشرع إمكان حدوثه، بل طلبًا لما لا يرضاه الله ولا يفعله أبدًا كما أخبر عز وجل في كتابه الكريم؛ فقال سبحانه: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: 48].
يقول الإمام فخر الدين الرازي في "تفسيره" (16/ 158، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: 113] يحتمل أن يكون المعنى: ما ينبغي لهم ذلك، فيكون كالوصف، وأن يكون معناه: ليس لهم ذلك، على معنى النهي. فالأول: معناه أن النبوة والإيمان يمنع من الاستغفار للمشركين.
وتابعت: الثاني: معناه لا تستغفروا، والأمران مقاربان. وسبب هذا المنع: ما ذكره الله تعالى في قوله: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾، وأيضًا قال: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: 48]، والمعنى: أنه تعالى لما أخبر عنهم أنه يدخلهم النار، فطلب الغفران لهم جارٍ مجرى طلب أن يخلف الله وعده ووعيده وأنه لا يجوز. وأيضًا لما سبق قضاء الله تعالى بأنه يعذبهم، فلو طلبوا غفرانه لصاروا مردودين، وذلك يوجب نقصان درجة النبي عليه الصلاة والسلام وحظ مرتبته، وأيضًا أنه قال: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60]، وقال عنهم: إنهم أصحاب الجحيم، فهذا الاستغفار يوجب الخلف في أحد هذين النصين، وإنه لا يجوز] اهـ.
واستطردت: أما الحي من غير المسلمين فلا بأس من الاستغفار له؛ على معنى طلب أن يوفق للإيمان الذي هو سبب المغفرة، لا على معنى مغفرة عدم إيمانه إن مات عليه، قال الإمام الطبري في "تفسيره" (14/ 515، ط. مؤسسة الرسالة): [وقد تأوَّل قومٌ قولَ الله: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى﴾ الآية، أنّ النهي من الله عن الاستغفار للمشركين بعد مماتهم، لقوله: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾. وقالوا: ذلك لا يتبينه أحدٌ إلا بأن يموت على كفره، وأما وهو حيٌّ فلا سبيل إلى علم ذلك، فللمؤمنين أن يستغفروا لهم] اهـ.
يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء من خلال صفحته الرسمية إن الاستغفار من أسباب نور القلب، ومن أسباب استجابة الدعاء، وكان الاستغفار من ورد سيدنا رسول الله ﷺ، الذي لا يغادره أبدًا، ولذلك ترى أهل الله، وهم يرشدوننا إلى الورد اليومي؛ بأنه لابد أن يبدأ بالاستغفار، نستغفر: مائة مرة، كل يوم، في الصباح، وفي المساء.
جاء في الحديث: «مَنْ لزم الاستغفار، جعل الله له من همه فرجًا، ومن ضيقه مخرجًا، ورزقه من حيث لا يعلم»، مشددًا مَنْ أراد الدنيا فعليه بالاستغفار، وَمَنْ أراد الآخرة فعليه بالاستغفار.
فيما أكد الشيخ محمد وسام أمين الفتوى بدار الإفتاء، أنه لو استغفر العبد بنية التيسير وجلب الرزق فلا بأس ولا يبطل الاستغفار بذلك ولكن كلما كان العمل او الطاعة خالصة لوجه الله عز وجل يكون أفضل للمسلم .
وتابع أمين الفتوى في جواب سائل يقول هل يجوز الاستغفار بنية جلب الرزق والتوسعة؟: قال صلي الله عليه وسلم"من قال حين يصبح وحين يمسي: حسبي الله لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم... سبع مرات كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الاستغفار دار الإفتاء ن الاستغفار
إقرأ أيضاً:
ما فضائل شهر ذي القعدة؟.. إشارة من الله و3 فرص للنجاة
لعل معرفة ما هي فضائل شهر ذي القعدة ؟، تعد من أهم الأمور التي تجعلنا نعيد حساباتنا ونضع اغتنام هذا الشهر من أولى أولوياتنا ، حتى لا تنفرط أيام هذا الشهر الفضيل من بين أيدينا، ويرحل عنا سريعًا تاركنا صفر اليدين والقلب، حيث إنه أحد الأشهر الحرم الأربعة، وهي: « ذو القعدة ، وذو الحجة، والمُحرَّم، ورجب».
من هنا تأتي أهمية معرفة ما هي فضائل شهر ذي القعدة ؟، لاغتنامها دون تهاون، قد ورد ذكر الأشهر الحرم في قول الله تعالى: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ» (التوبة: 36)، ولا يزال يخبئ الاستفهام عن ما هي فضائل شهر ذي القعدة ؟ الكثير من فضائل هذا الشهر الحرام.
قالت دار الإفتاء المصرية، في تحديدها ما هي فضائل شهر ذي القعدة ، إن الأشهر الحرم هي التي أشار إليها القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة: 36]. وهن: رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم.
وأوضحت “ الإفتاء” في إجابتها عن : ( ما هي فضائل شهر ذي القعدة الهجري؟) ، أن هذا التحديد وردت به الأخبار عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «إنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ وَذُو الحِجَّةِ وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ» رواه البخاري.
وأضافت أنه أمر اللهُ سبحانه وتعالى بتعظيمِ الأشهرِ الحُرُمِ العِظامِ؛، والالتزامِ فيها أكثرَ بدينِه وشرعِه، وإجلالِها؛ فقال جلّ وعلا: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ» (التوبة : 36)، وحددت السنة النبوية الأشهر الحرم أنها أربعة أشهر، وهي: «شهر ذو الحجة، وشهر ذو القعدة، وشهر محرم، وشهر رجب »، و الأشهر الحرم يضاعف الله الحسنات، لذلك يجب الإكثار من الصدقات وأعمال الخير، وتجنب الآثام والمعاصي.
وتابعت: وقد ذكر بعض العلماء أن الحكمة من انفراد رجب عن الأشهر الحرم: تمكن العرب من أداء العمرة في منتصف السنة، وأن الأشهر المتواليات لأجل الحج، وقال ابن كثير، رحمه الله: " وقوله تعالى: منها أربعة حرم: فهذا مما كانت العرب أيضا في الجاهلية تُحَرِّمه، وهو الذي كان عليه جمهورهم، إلا طائفة منهم يقال لهم: "البسل"، كانوا يحرمون من السنة ثمانية أشهر، تعمقًا وتشديدًا، وأما قوله: "ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، فإنما أضافه إلى مضر، ليبين صحة قولهم في رجب أنه الشهر الذي بين جمادى وشعبان، لا كما كانت تظنه ربيعة من أن رجب المحرم هو الشهر الذي بين شعبان وشوال، وهو رمضان اليوم؛ فبين، عليه الصلاة والسلام، أنه رجب مُضر لا رجب ربيعة.
وواصلت: وإنما كانت الأشهر المحرمة أربعة، ثلاثة سرد، وواحد فرد؛ لأجل أداء مناسك الحج والعمرة، فحُرِّم قبل شهر الحج شهرٌ، وهو ذو القعدة؛ لأنهم يقعدون فيه عن القتال، وحرم شهر ذي الحجة، لأنهم يوقعون فيه الحج، ويشتغلون فيه بأداء المناسك، وحُرم بعده شهر آخر، وهو المحرم؛ ليرجعوا فيه إلى نائي أقصى بلادهم آمنين.
و ورد من فضائل شهر ذي القعدة أنه يعد هذا الشهرمن الأشهر الحُرم، وهي الشهور المباركة، كما قال الله تعالى في كتابه القرآن الكريم (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ، والتي فضلها الله على سائر شهور العام، وشرفهن على سائر الشهور. فخص الذنب فيهن بالتعظيم، كما خص فيهم العمل الصالح بالأجر العظيم، لهذا زاد الله في تشريف هذه الشهور، وذلك نظير قوله تعالى: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى}.
وأيضًا يضاعف الله سبحانه وتعالى في شهر ذي القعدة الحسنات، لذلك يجب الإكثار من الصدقات وأعمال الخير، وتجنب الآثام والمعاصي، فعندما يختم الناس العام بشهرَي ذي القعدة وذي الحجة فكأن الله سبحانه وتعالى يقول للعصاة خلال العام هيا نختم العام عبادة وتقى وتوبة ومغفرة وإقبالًا على الله جل وعلا فنختم العام بأحسن ما يكون، وكأنها إشارة من الله أن يختموا أعمالهم بالخير وأن يختموا أعمارهم بالخير.
ونوهت بأنه كأحد الأشهر الحُرُم يعد الظلم فيه أكثر إثماً ووزراً من الأشهر الأخرى، لأن الله تعالى خص الأشهر الحرم الأربعة بزيادة التحريم وتشديد النهي، حتى لا نقع فيما وقع فيه الجاهليون من انتهاك لحرمة هذه الأشهر، قال تعالى: «فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسكُم»، والظلم في هذه الأشهر أعظم خطيئةً ووزرًا، من الظلم فيما سواها، والظلم في الآية يشمل المعاصي كلها كبيرَها وصغيرَها، كفعلِ محرم أو ترك واجب.
و حذر ابن عباس من ذنب الظلم خاصة في هذه الشهور، ووصفها بأنها أعظم خطيئة قد يرتكبها المؤمن في هذه الشهور، هذا لا ينفي أن الظلم دائمًا من أعظم الذنوب عند الله، ولكنه خصها زيادة في هذه الشهور، كما اصطفى الله بعض خلقه من بين الناس، واصطفى من الملائكة رسل كذلك اصطفى من بين شهور السنة هذه الشهور الحرم.
وقال قتادة: فعظموا ما عظم الله، فإنما تعظم الأمور بما عظمها الله عند أهل الفهم وأهل العقل. (تفسير الطبري) وكما ورد عن موقع إسلام أون لاين، وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:.. السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ .” رواه البخاري
ويشملُ ظلم الإنسان في حقوق الخالق، وظلم الإنسان لنفسه، وظلم الإنسان للإنسان، وظلم الإنسان لأى مخلوق، كما أن الظلم في هذه الأشهر الحرم أشدُّ وأبلغُ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف، لقوله تعالى: «وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ» (الحج: 25).
وذكر الإمام الطبري في «تفسيره» عن قتادة أنه قال: «إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئةً ووِزْرًا من الظلم فيما سواها، وإن كان الظلم على كل حالٍ عظيمًا، ولكن الله يعظِّم من أمره ما شاء»، وروى عنه أيضًا قال: «إن الله اصطفى صَفَايا من خلقه؛ اصطفى من الملائكة رسُلًا، ومن الناس رسلًا، واصطفى من الكلام ذكرَه، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضانَ والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالي ليلةَ القدر، فعظِّموا ما عظم الله، فإنما تعظم الأمور بما عظَّمها الله عند أهل الفهم وأهل العقل».
فضل شهر ذي القعدةورد في فضل شهر ذي القعدة أنه ذكر القرآن حرمة شهر ذي القعدة في قول الحق سُبحانه وتعالى: "الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ...". "البقرة: 194" والمراد بالشهر الحرام ذو القعدة فهو إحداها، ومن فضل شهر ذو القعدة أن العُمرة فيه سُنَّة؛ لأن عُمرات النبي -صلى الله عليه وسلم- كنّ في شهر ذي القعدة ؛ قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَرْبَعَ عُمَرٍ، كُلَّهُنَّ فِي ذِي القَعْدَةِ، إِلَّا الَّتِي كَانَتْ مَعَ حَجَّتِهِ: عُمْرَةً مِنَ الحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي القَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ العَامِ المُقْبِلِ فِي ذِي القَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الجِعرَانَةِ، حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فِي ذِي القَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ». "متفق عليه".
فضل شهر ذو القعدة كأحد الأشهر الحُرُم اعتاد فيها العرب علي منع القتال –إلا كان هذا ردًّا للعدوان– كانت تُضاعف فيها الحسنةُ كما تُضاعف السيئةُ، وذهب الشافعي وكثير من العلماء إلى تغليظِ دِيةِ القتيلِ في الأشهر الحُرُم، بل أن الأشهر الحُرُم ومنها شهر ذي القعدة أشهر كريمة فاضلة، لها حرمتُها عند الله تعالى، اختصها ربنا تعالى دون شهور العام، فأمر بتعظيم حرمتها، ونهى عن الظلم فيها، وعلى المسلم تجنب الوقوع في الآثام في الأشهر الحرم، لأن الآثام تضاعفت فيها لحرمتها، مثل مضاعفتها إذا ارتُكبت في البلد الحرام مكة، كما مر آنفًا.
شهر ذي القعدة1- هو الشَّهر الحادي عشر في التَّقويم الهجري، وهو أحد الأشهر الحرم التي نهى اللهُ عن الظلم فيها؛ تشريفًا لها.
2- سُمي شهر ذي القعدة بهذا الاسم؛ لأن العرب كانوا يقعدون عن القتال فيه، وهو أول الأشهر الحرم المُتوالية.
3- ذكر القرآن حرمة شهر ذي القعدة في قول الحق سُبحانه وتعالى: «الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ…». (البقرة: 194)، والمراد بالشهر الحرام: شهر ذي القعدة.
4- العُمرة فيه سُنَّة، لأن عُمرات النبي -صلى الله عليه وسلم- كنّ في شهر ذي القعدة؛ قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَرْبَعَ عُمَرٍ، كُلَّهُنَّ فِي ذِي القَعْدَةِ، إِلَّا الَّتِي كَانَتْ مَعَ حَجَّتِهِ: عُمْرَةً مِنَ الحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي القَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ العَامِ المُقْبِلِ فِي ذِي القَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الجِعرَانَةِ، حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فِي ذِي القَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ». (متفق عليه).