ندعو الوفد المفاوض لعدم الموافقة على أي هدنة ما لم ترتبط عملياً بصرف المرتبات

نحمّل الأمم المتحدة التواطؤ عقب تسلمها كشوفات موظفي الدولة بحسب ديسمبر 2014م

الثورة/ إبراهيم الوادعي

أمام جولة مفاوضات حاسمة بين صنعاء وتحالف العدوان، يدخل اتحاد عمال اليمن – الاتحاد الأكبر من حيث عدد النقابات المنضوية في إطاره – على الخط، على خط الضغوط محملا الوفد الوطني مسؤولية إبرام اتفاق أو هدنة جديدة ما لم تتضمن حلولا ملموسة في ملف الرواتب .

فعلى مدى عام ويزيد من الهدنة الأممية وخفض التصعيد الذي تبعها، ظل ملف الرواتب قيد المماطلة من قبل تحالف العدوان رغم التوصل إلى توافقات فنية حول آلية إيراداته من النفط اليمني وآليات صرفه من قبل الأطراف السياسية لصالح كل موظفي الجمهورية اليمنية. اتحاد عمال اليمن – وفي مؤتمره الصحفي بالعاصمة صنعاء – سرد جهوده ومحاولاته مع طرف العدوان والمرتزقة والأمم المتحدة لعودة صرف الرواتب لموظفي متقاعدي الجمهورية اليمنية. وفي البيان أشاد الاتحاد بحيادية قيادة صنعاء في صرف الرواتب لكل موظفي الجمهورية اليمنية ومتقاعديها في كل المناطق رغم العدوان حتى سبتمبر 2016م، تاريخ نقل أنشطة البنك المركزي من صنعاء إلى عدن. وقال بيان الاتحاد “رغم تعهد الرئيس المتحالف مع العدوان آنذاك باستمرار صرف الراتب لكل الموظفين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلا أنه تم الحنث بذلك التعهد وجرى قطع الراتب عن الموظفين بالمناطق الحرة بغية الضغط الاقتصادي وتحويله إلى ورقة ابتزاز سياسي”. وفي المقابل تواطأت الأمم المتحدة بعد جهود عمل فيها الاتحاد على توفير كشوفات الموظفين لديسمبر 2014م، كنوع من الحلول التي وافقت عليه جميع الأطراف برعاية أممية. لافتا إلى أن التحالف وقف ولايزال أمام أي حلول أو تقارب في ملف الرواتب محولا الرواتب إلى ورقة عسكرية رغم ارتباطها بمعاناة آلاف الأسر اليمنية وإدخال ما يقارب 30 % من المجتمع في اليمن إلى دائرة الفقر الشديد مع انقطاع الرواتب واستنفاد المدخرات. وأما التجربة التي وصفها بالمريرة دعا اتحاد عمال اليمن إلى ربط أي هدنة جديدة بصرف الراتب عمليا وفتح مطار صنعاء وميناء الحدية باعتبارها أموراً إنسانية تحسن من واقع الموظفين.  الاتحاد ثمن خطوة قيادة صنعاء بمنع تصدير النفط اليمني من قبل التحالف وحكومة العملاء حتى يتم الالتزام بصرف الرواتب لكل موظفي الجمهورية اليمنية، ودفع التعويضات والتسويات القانونية من خلال تخصيص إيرادات النفط لتغطية نفقات الرواتب والحقوق المتعلقة بالموظفين والمتقاعدين المؤجلة منذ 9 أعوام. تجربة مريرة وفقا لرئيس الأمين العام للاتحاد علي بامحيسون، فإن اتحاد عمال اليمن عمل على مدى سنوات مع الأطراف السياسية على اختلافها للوصول إلى تقارب بشان الرواتب ومع الأمم المتحدة التي توقفت في منتصف الطريق بعد توفير الاتحاد كشوفات ديسمبر 2014م كحل وسط لنزع المعاناة الإنسانية أو تخفيفها على الأقل عن شريحة كبيرة من الموظفين . ويستطرد: يجب أن يفهم تحالف العدوان ومن معه أن الرواتب ليست قضية سياسية ولا ورقة عسكرية. ونحن نرى أنهم يحاولون من خلال قطع الرواتب إحداث فوضى داخلية وتعطيل للأعمال، إضافة إلى الأزمة الإنسانية الناجمة عن سنوات قطعت فيها الرواتب من قبلهم وخالفوا التعهدات التي قطعوها أمام دول العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة إذا ما تمت الموافقة على نقل مهام البتك المركزي إلى عدن المحتلة . جريمة ضد الإنسانية بامحيسون يؤكد أن قطع العدوان للراتب جريمة ضد الإنسانية طالت ما يقارب مليون موظف ومتقاعد في المناطق الحرة، وحاولنا بقدر الإمكان مع الجهات المرتبطة بالعدوان فلم نحقق أي تقدم ولم نجد أي استجابة . ويضيف: الموظف ليس له علاقة بما يحدث ويجب العودة إلى سياسة الحياد التي مارستها صنعاء حين كان البنك المركزي متواجدا في صنعاء. المساس بالراتب كان مساسا بخدمات الناس، وللأسف وعود الأمم المتحدة بهذا الصدد ذهبت أدراج الرياح، وهي في موقع المتواطئ في هذا الملف، سنوات من الوعود والمتابعة مع الأمم المتحدة وصلنا إلى قناعة بأن الأمل مفقود في الأمم المتحدة وأنها جزء من الضغوط بهذا الملف الإنساني للأسف في تناقض فج مع مبادئها . مسؤولية التحالف يتحمل العدوان ومرتزقته المسؤولية عن قطع رواتب المعلم اليمني والحالة المأساوية التي وصل إليها، والصعوبات التي يعاني منه المعلم والطالب على حد سواء، وفقا لـ د عصام العابد – رئيس نقابة المهن التعليمية. ويقول: العدوان هو من قام بنقل البنك المركزي إلى عدن بعد أن كانت حكومة صنعاء تصرف الرواتب لجميع الموظفين دون استثناء . ويضيف: نثمن خطوة الحكومة في صنعاء بتوفير حوافز للمعلمين كون تلك الخطوة تخفف معاناة المعلم الكبيرة . صمود غير مسبوق العابد أكد أن المعلمين على امتداد المناطق الحرة اظهروا صمودا أسطوريا فاق الشرائح المجتمعية الأخرى، في حين كان العدوان يرمي إلى تعطيل التعليم كليا في اليمن إلا أنه استمر بصمود المعلم بالدرجة الأولى . وأضاف: العين مسلطة على العدوان والأمل معقود بالوفد الوطني لاستعادة الرواتب أو العودة إلى رجال الرجال لانتزاع الحقوق بالقوة، ونثمن في هذا المقام خطوة إيقاف نهب الثروة النفطية التي هي من حق كل معلم وكل يمني وليست حقا للمرتزقة أو للمعتدين. تعميق الأزمة إنسانية يؤكد نبيل هاشم نائب رئيس النقابة العامة للخدمات الإدارية والاجتماعية أن العدوان يعمد من خلال الراتب إلى تعميق أزمة اليمن الإنسانية. ويقول: نحن بذلنا جهودا في ظل الاتحاد للتوصل إلى حلول خلال سني العدوان دون نتيجة، وخلال عام ونصف من الهدنة وخفض التصعيد طرح الراتب كقضية أساسية ضمن الملف الإنساني غير أننا نلمس مماطلة كبيرة من قبل تحالف العدوان في هذا الملف تحديدا. شريحة الموظفين اليوم هي من أفقر الشرائح المجتمعية، نحن نتحدث عن خمسة أعوام لم يصل فيها الراتب إذا ما احتسبنا نصف الراتب الذي تقوم بصرفه الحكومة في صنعاء عند توفر أموال، وبالتالي هذه الشريحة تقوم بمهامها دون رواتب وذلك يستتبع وضعا معيشيا صعبا للغاية وأيضا البحث عن عمل إضافي باجر للمساعدة على البقاء على قيد الحياة ليس إلا. ويضيف: نحن نعقد الأمل على الوفد الوطني والقيادة في صنعاء لجعل الراتب أساس الحل أو لنذهب إلى تصعيد لانتزاع الحقوق يدعمه الموظفون وكل أبناء الشعب اليمني إذا لم يقر العدوان بحقوق الشعب اليمني وفي مقدمها الراتب . في داخل اتحاد عمال اليمن وعند الحديث عن مسؤولية ثمة مرارة ناجمة عن خداع أممي وتواطؤ مع تحالف العدوان بالوصول إلى كشوفات موظفي الدولة اليمنية حتى ديسمبر 2014م، والصمت على معاناة نحو مليون موظف ومتقاعد في المناطق الحرة خارج سيطرة تحالف العدوان الأمريكي السعودي. وأمام تعنت العدوان واستخدامه الرواتب ورقة ابتزاز في سياق الحرب الاقتصادية على اليمن، الاتحاد دعا أطره النقابية والطبقة العاملة اليمنية إلى رص الصفوف وتوحيد المواقف بعيدا عن التعصب الأعمى، وأن يتم توجيه البوصلة إلى العدو الخارجي والحقيقي الذي يواصل قطع الرواتب ويسبب المأساة الإنسانية لنحو مليون موظف ومتقاعد في المناطق الحرة منذ سبتمبر 2016م .

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: الجمهوریة الیمنیة اتحاد عمال الیمن الأمم المتحدة تحالف العدوان المناطق الحرة فی صنعاء من قبل

إقرأ أيضاً:

عندما تغفو العدالة.. الحرب المنسية على المدنيين في اليمن (ترجمة خاصة)

منذ عام 2015، ينفذ تحالف تقوده السعودية، ويضم الإمارات العربية المتحدة، عمليات عسكرية ضد الحوثيين في اليمن. وقد اتُهم هذا التحالف من قبل محققي الأمم المتحدة بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك قصف مناطق مدنية كالأحياء السكنية والأسواق والجنازات وحفلات الزفاف والسجون والقوارب والمرافق الطبية، مما تسبب في مقتل آلاف المدنيين.

 

علاوة على ذلك، اتُهم التحالف أيضًا بفرض حصار على الموانئ والمجال الجوي اليمني، مما أدى إلى تقييد شديد لوصول الغذاء والوقود والمساعدات الإنسانية، مما ساهم في انتشار المجاعة وأزمة إنسانية كارثية. ووُصف هذا الحصار وما نتج عنه من مجاعة بأنه أفعال ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.

 

من الأخطاء إلى المجازر

 

لقيت الغارات الجوية التي يشنها التحالف بقيادة السعودية في اليمن إدانات متكررة لانتهاكها القانون الدولي الإنساني. لا سيما مبدأ التمييز، الذي يتطلب تجنب الأهداف المدنية، ومبدأ التناسب، الذي ينص على أن الميزة العسكرية يجب أن تفوق الضرر اللاحق بالمدنيين. تشير الأدلة التي جُمعت على مر السنين إلى نمط ثابت من الخسائر المدنية وتدمير البنية التحتية، مما يثير مخاوف قانونية وأخلاقية خطيرة.

 

ومن أبرز الأمثلة الصارخة على استخفاف التحالف بقيادة السعودية بحياة المدنيين ما حدث في يناير/كانون الثاني 2022، عندما أسفرت ثلاث غارات جوية منفصلة عن مقتل 80 مدنيًا وإصابة 156 آخرين، حيث أصابت سجنًا في صعدة، ومنشأة اتصالات، ومحطة وقود في الحديدة - وهي مواقع أفاد شهود عيان بعدم وجود عسكري فيها.

 

والجدير بالذكر أن هذه ليست حادثة معزولة، بل هي جزء من نمط أوسع من الاستهداف العشوائي الذي ميّز سلوك التحالف طوال فترة النزاع. وبحلول عام 2017، ارتبطت نسبة مذهلة بلغت 60% من إجمالي 16,700 ضحية مدنية موثقة بغارات التحالف الجوية، وهي إحصائية تشير بقوة إلى انتهاكات منهجية للقانون الإنساني الدولي، ولا سيما مبدأي التمييز والتناسب.

 

على سبيل المثال، اعتبرت هيومن رايتس ووتش قصف حافلة مدرسية في ضحيان عام 2018، والذي أودى بحياة 26 طفلاً، "جريمة حرب واضحة". وبالمثل، أودى هجوم عام 2016 على قاعة عزاء في صنعاء بحياة 140 مدنياً، وهي جريمة فظيعة اعترف التحالف لاحقاً بأنها "خطأ".

 

تُبرز هذه الحوادث مجتمعةً نمطاً مُقلقاً يُشير إلى تكرار خطأ تحديد البنية التحتية والتجمعات المدنية أو تجاهلها كأهداف عسكرية مشروعة، مما يثير مخاوف جدية بشأن بروتوكولات الاستهداف وآليات المساءلة التي يعتمدها التحالف.

 

الوقود والمجاعة وتبريرات واهية

 

إن تبرير التحالف بقيادة السعودية لإبقاء حصاره على اليمن، متذرعاً بضرورة منع تهريب الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين، مُقوّض بشكل خطير من خلال نتائج الأمم المتحدة المستقلة والتحليلات الإنسانية، وخاصةً من آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش (UNVIM)، التي لم تعثر على أي أسلحة في 90% من السفن التي تم تفتيشها والمتجهة إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون مثل الحديدة.

 

على الرغم من ذلك، يواصل التحالف تقييد الواردات الحيوية من الغذاء والوقود، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، حيث يتم استيراد 90% من الضروريات، وحيث ارتبطت أكثر من 131,000 حالة وفاة، بحلول عام 2020، بأسباب يمكن الوقاية منها مثل المجاعة ونقص المياه النظيفة وعدم كفاية الرعاية الصحية.

 

تصف منظمات مثل المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (OMCT) الحصار بأنه "تعذيب بطيء"، مسلطة الضوء على كيفية شل قيود الوقود للمستشفيات وشبكات المياه. وبينما يزعم التحالف أن الحوثيين يستخدمون المناطق والموانئ المدنية لأغراض عسكرية، فإن عمليات التفتيش التابعة للأمم المتحدة لا تجد باستمرار أي دليل على عسكرة الموانئ بشكل منهجي، وتفتقر تحقيقات التحالف نفسها في ضحايا الغارات الجوية المدنية إلى الشفافية والمساءلة.

 

أدى الحصار، الذي دُفِعَ به من خلال قرار مجلس الأمن رقم 2216 (2015)، إلى أضرار جسيمة بالمدنيين، حيث انخفضت واردات الديزل إلى مناطق الحوثيين بنسبة 75% بين عامي 2015 و2017، مما أدى فعليًا إلى شلل البنية التحتية الأساسية.

 

ويجادل الخبراء القانونيون وجماعات حقوق الإنسان بأن الحصار يُشكل عقابًا جماعيًا وتجويعًا كأسلوب حرب، مما يُشكل انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي، وقد يرقى إلى جرائم حرب وتعذيب بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.

 

وبالتالي، فإن ادعاءات التحالف لا تدعمها أدلة موثوقة، ويعمل الحصار في المقام الأول كحرب اقتصادية أكثر منه للسيطرة على الأسلحة، مما يجعل آليات المساءلة الدولية، مثل تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية وحظر الأسلحة، ضرورية بشكل عاجل لوقف المزيد من الانتهاكات ومنع المعاناة الجماعية.

 

من الناحية القانونية، يدّعي التحالف بقيادة السعودية أنه يستهدف مواقع عسكرية مشروعة، ويبرر الحصار بالإشارة إلى أسلحة إيرانية مُعتَرَضة، مثل صواريخ كورنيت الروسية وبنادق صينية. ومع ذلك، يُصبح هذا التبرير إشكاليًا من الناحيتين القانونية والأخلاقية عند مقارنته بمبادئ القانون الدولي الإنساني، وخاصة مبدأ التناسب.

 

وفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة عام 2018، غالبًا ما أخفقت غارات التحالف الجوية في إظهار أي جهد واضح للحد من الأضرار المدنية، مع توثيق هجمات على الأسواق والجنازات وغيرها من التجمعات غير العسكرية.

 

يثير استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المكتظة بالسكان مخاوف جدية بشأن استخدام القوة العشوائية وغير المتناسبة. وبموجب القانون الدولي الإنساني، حتى لو كان للهدف قيمة عسكرية، يجب ألا يتسبب الهجوم في أضرار مدنية مفرطة مقارنةً بالميزة العسكرية المتوقعة.

 

في هذا السياق، تتفوق الخسائر المدنية المستمرة والخطيرة على القيمة العسكرية للأهداف المزعومة بشكل كبير. ويؤدي الحصار المستمر للتحالف إلى تفاقم الأزمة، مما يحد من وصول الوقود والمساعدات، مما يؤدي إلى انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي. وبالتالي، فإن تجاهل هذه الانتهاكات يهدد بتطبيع الإفلات من العقاب في الحروب، وتقويض حماية المدنيين، وإضعاف أسس القانون الإنساني الدولي في النزاعات المستقبلية.

 

خطاب حقوق الإنسان مقابل الواقع

 

إن الخسائر المدنية المستمرة في اليمن هي نتيجة سلوك التحالف والدعم المُمكّن الذي تقدمه جهات فاعلة دولية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. على الرغم من برامج التدريب الهادفة إلى الحد من الأضرار المدنية، لا تزال غارات التحالف الجوية تُسبب وفيات وإصابات جسيمة في صفوف المدنيين.

 

فمنذ عام 2015، قُتل أو شُوِّه أكثر من 19200 مدني، من بينهم أكثر من 2300 طفل، جراء غارات التحالف الجوية وحدها. وقد وُثِّقت استهدافات التحالف الممنهجة للبنية التحتية المدنية، مثل المستشفيات والأسواق ومحطات المياه.

 

قدّم الداعمون الدوليون، وتحديدًا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، أسلحةً، بما في ذلك قنابل MK-82 وذخائر دقيقة التوجيه، بالإضافة إلى معلومات استخباراتية عسكرية ودعم لوجستي. وقد مكّن هذا الدعم التحالف من مواصلة حملته الجوية، التي انتهكت القانون الدولي الإنساني مرارًا وتكرارًا.

 

ويشير استمرار سقوط الضحايا المدنيين، رغم التدريب والرقابة، إلى درجة من التواطؤ من جانب هذه الدول الغربية في جرائم حرب محتملة. فعلى سبيل المثال، في عامي 2024 وأوائل 2025، كانت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة مسؤولة عن حصة متزايدة من الخسائر المدنية الناجمة عن الغارات الجوية، مع زيادة بنسبة 71٪ في الأضرار المدنية في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025 وحده.

 

يثير هذا السلوك المزدوج للتحالف، المتمثل في المسؤولية المشتركة، وتمكين الدعم الخارجي، تساؤلات جدية حول مصداقية خطاب حقوق الإنسان الغربي عالميًا. فمن جهة، تدافع هذه الدول علنًا عن حقوق الإنسان والقانون الدولي. ومن جهة أخرى، تُسهم مبيعاتها من الأسلحة ومساعداتها العسكرية بشكل مباشر في الانتهاكات على أرض الواقع.

 

 ويُقوّض هذا التناقض سلطتها الأخلاقية ويُضعف الجهود العالمية لإنفاذ المساءلة. كما أن عدم وقف مبيعات الأسلحة أو ربط الدعم بالامتثال الصارم للقانون الدولي الإنساني يُقوّض الثقة في التزامات الغرب بحقوق الإنسان والعدالة الدولية.

 

وفي الختام، لم تُلحق الحملة العسكرية والحصار الذي فرضه التحالف بقيادة السعودية على اليمن معاناةً شديدةً بالمدنيين وانتهك القانون الإنساني الدولي فحسب، بل زعزع أيضًا استقرار مستقبل اليمن. ومن الناحية السياسية، أدى الصراع المطول إلى تعميق الانقسام وتمكين الفصائل المتنافسة مثل المجلس الانتقالي الجنوبي، مما قوض آفاق الوحدة الوطنية.

 

كما غذّت الأزمة الإنسانية، التي اتسمت بالمجاعة والمرض والدمار، التطرف، مما هيأ الظروف المناسبة لتجنيد المتطرفين. ومن الناحية الاقتصادية، أدى الحصار إلى شلل البنية التحتية، مما أخر إعادة الإعمار والتنمية لعقود. ولعكس هذا المسار، لا بد من اتخاذ خطوات فورية تشمل رفع الحصار، ووقف الغارات الجوية، وفرض المساءلة الدولية لتمكين السلام المستدام والتعافي.

 

من الأقوال إلى الأفعال

 

أدت أفعال التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، من غارات جوية عشوائية وحصار متواصل، إلى انتهاكات واسعة النطاق للقانون الدولي الإنساني، مع استهداف متكرر للبنية التحتية المدنية، وتفاقم المجاعة والأمراض بسبب الحصار.

 

ولمعالجة هذا الوضع، لا بد من تفعيل الآليات القانونية الدولية: ينبغي على المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في جرائم حرب محتملة بموجب المادة 8 من نظام روما الأساسي، بينما يتعين على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فرض حظر على توريد الأسلحة وفقًا للمادة 2(4) من ميثاق الأمم المتحدة. إن عمليات نقل الأسلحة المستمرة من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تنتهك معاهدة تجارة الأسلحة، ويجب وقفها.

 

كما يجب رفع الحصار، الذي يرقى إلى مستوى العقاب الجماعي بموجب المادة 33 من اتفاقيات جنيف، لاستعادة وصول المساعدات الإنسانية الأساسية. وعلى الصعيد الدبلوماسي والإنساني، يجب على الدول المانحة تلبية نداء الأمم المتحدة للمساعدات بقيمة 4.3 مليار دولار، بينما ينبغي على الجهات الفاعلة الإقليمية، مثل مجلس التعاون الخليجي وسلطنة عمان، الاستفادة من انفراجة العلاقات السعودية الإيرانية في عام 2023 لبدء مفاوضات سلام مستدامة مع الحوثيين.

 

يجب دعم منظمات المجتمع المدني، مثل "مواطنة"، في توثيق الانتهاكات والسعي لتحقيق العدالة، مع تقديم تعويضات للضحايا، بما يتماشى مع مبادئ الأمم المتحدة، بتمويل من أرباح مبيعات الأسلحة المُعاد توجيهها. يتطلب تحقيق السلام والاستقرار طويل الأمد في اليمن إنهاء الإفلات من العقاب، واستئناف المساعدات الإنسانية، وتعزيز إعادة بناء سياسي شامل لمواجهة المزيد من التطرف وانهيار الدولة.

 

يمكن الرجوع للمادة الأصل: هنا Modern Diplomacy


مقالات مشابهة

  • اتحاد نقابات عمال مصر يكشف أهمية إطلاق الاستراتيجية الوطنية للسلامة المهنية
  • يفدون الوطن بأرواحهم .. عبد المنعم الجمل يهنئ عمال مصر بعيدهم
  • وزير بريطاني يبرر تورط لندن في العدوان على اليمن بالغلاء في بلاده
  • عندما تغفو العدالة.. الحرب المنسية على المدنيين في اليمن (ترجمة خاصة)
  • التحالف يقلب الموازين: بريطانيا تدخل خط المواجهة ضد الحوثيين في اليمن
  • وزير الداخلية يهنئ رئيس اتحاد نقابات عمال مصر بمناسبة الاحتفال السنوي
  • اللواء محمود توفيق يهني وزير العمل ورئيس الإتحاد العام لنقابات عمال مصر بـ عيد العمال
  • عقوبات أمريكية على موردي النفط الى اليمن.. و”حكومة التحالف” ترحب
  • صنعاء: واشنطن تهيئ الرأي العام الأمريكي لتقبل خسائرها في اليمن 
  • المأزق المحرج لشرطية العالم في اليمن