بتجرد:
2025-01-30@07:13:29 GMT

فينيسيا 2023.. كأس اللاجئين الدوّار في فيلم The Green Border

تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT

فينيسيا 2023.. كأس اللاجئين الدوّار في فيلم The Green Border

متابعة بتجــرد: 10 دقائق كاملة من التصفيق المستمر والحميمي تلقتها المخرجة البولندية أجنشكيا هولند، بمجرد نزول تيترات فيلمها The Green Border (الحدود الخضراء) عقب عرضه الأول في مهرجان فينسيا السينمائي الدولي، ليصبح واحد من أكثر أفلام المسابقة الرسمية في الدورة 80  تتويجاً بتصفيق الجمهور تعبيراً عن حصوله على المتعة الشعورية والذهنية المنتظرة، من تجربة سينمائية مكتملة العناصر فائرة التداعيات.

بجانب The Green Border ثمة تجربة بولندية أخرى داخل قائمة أفلام المسابقة الرسمية Woman Of.. (امرأة من..) للمخرجين مالجورزاتا سزوموفسكا وميشال إنجليرت، عن رحلة رجل يعاني من أزمة هوية جنسية بالتزامن مع خروج بولندا من الإتحاد السوفيتي عقب انهياره، وينتمي لنوعية أفلام المتحولين والباحثين عن ميولهم الجندرية- وهي نوعية أصبحت على رأس قائمة المهرجانات الدولية ضمن أجندات الصوابية السياسية.

يمكن أن نشير أيضا إلى اسم آخر في أفلام المسابقة الرسمية هذا العام، للمخرج الإيطالي ماثيو جاروني  The Capitan (الكابتن)، رغم كونه أقل أفلامه عنفا وصدامية، فعلى غرار The Green Border ينضم الفيلمان إلى مفرزة سينما اللاجئين والهجرات غير الشرعية، وهي أيضا من النوعيات الفيلمية التي لا تخلو منها مسابقة أو برنامج سينمائي دولي خلال العقد الأخير، وإن كان الحدود الخضراء باذخ الانفعالات، جرئ، ومتجاوز للتقليدية التي اصبحت سمة عامة للأفلام التي تتابع فيها الكاميرا زحف الأجساد من فوهات الحروب والفقر في بلادهم إلى أسفل الكباري، وعراء العنصرية، وروائح المراحيض العمومية في قاع الحلم الأوربي الزائف.

يبدأ الفيلم بلقطة أقرب لعين طائر يسبح في هواء ناعم فوق بحر تشكله قمم الأشجار العالية، دافئة الخضرة، وقبل أن تتشبع العين بخلايا الأخضر المريحة، ينسحب اللون من اللقطة تماماً ليسود الأبيض والأسود من هذه اللحظة وحتى النهاية.

إنها الحدود الخضراء التي فقدت لونها في إرهاصة لكل ما حدث ويحدث، ضمن تقلبات الوضع السياسي والإنساني الإقليمي والدولي من قبل حتى أن تبدأ الحرب الروسية الأوكرانية.

تُجردنا المخرجة من اللون الأخضر لأن العالم لم يعد مكانا صالحا لحضوره الحميمي، عالم رمادي بلا ميزات لونية تفرق بين الأجناس لكنه لا يخلو من دمامة الكآبة، بل أننا مع كل مشهد يمكن أن نستعيد تلك اللحظة التي تجدرنا فيها من الأخضر في بداية الشريط السينمائي، لندرك عمق المآساة التي نعيشها جميعاً، شخصيات ومتلقين.

يدور The Green Border في 4 فصول متفاوتة الطول تحمل عناوين (الأسرة- حرس الحدود- النشطاء- جوليا) في سياق ملحمي واضح على مستوى السياقات النفسية والفكرية، رغم أن الفيلم كله لا يتجاوز بضعة أيام في زمنه الأساسي.

تبدأ عجلة الزمن في الدوران مع نهايات أكتوبر 2021 (الخريف الأوربي الصريح) على الحدود التي من المفترض أنها خضراء بين بيلاروسيا وبولندا، ويستمر دورانها – ككأس من المرار المكتوب على كل الأفواه- على الحدود ما بين بولندا وأوكرانيا عقب اندلاع الحرب الأخيرة.

اختيار نقطة الانطلاق الزمنية قبل شهرين من الحرب الأوكرانية يحمل الآنية وذكاء المقاربة، الأسرة العربية التي يبدأ بها الفيلم فصله الأول ليست هاربة من الحرب الأهلية السورية فقط، ولكن من داعش أيضاً -رب الأسرة يحمل علامات الجلد على ظهره لأنه ضُبط يشرب السجائر- والزمن في الفيلم يسير بشكل خطي إلى الأمام، ككتلة واحدة ثقيلة الوطأة، يتقافز السرد مكانياً بين أكثر من نقطة حدودية، مثل منزل الجندي حارس الحدود وأماكن تجمع النشطاء، والمستشفى التي يتم إيداع لاجئة أفغانية فيها ثم طردها من قبل البوليس ليتم ترحيلها إلى بيلاروسيا مرة أخرى، لكنه لا يشغل المتفرج بمعالجة صعبة للزمن، يكفيه اللهاث خلف الحركة العبثية لمطاردة اللاجئين بين بولندا وبيلاروسيا.

في مشهد رهيب يتم إلقاء امرأة من ذوي الأصول الإفريقية حامل من فوق السلك الشائك بين حدود البلدين لمجرد أنها تشبثت بالشاحنة التي سأمت من ركوبها ذهاباً وإياباً، وكل دولة ترميهم خارج حدودها كالنفايات خلف حدود الدولة الأخرى.

“إن كل لاجئ هو عبارة عن رصاصة محتملة في صدرك”

هكذا يلقن رئيس دورية الحرس جنوده قبل الانطلاق في تمشيط المناطق الحدودية، ومن هذا المنطلق يجد جندي حرس الحدود نفسه مطمئناً لفكرة إلقاء اللاجئين من فوق الأسلاك إلى الجهة الأخرى، سواء كانوا بشراً كالمرأة التي أشرنا إليها أو جثثاً لم تنجح أرواحها في البقاء حية بعد الزحف واجتياز الحد الشائك.

ولكن حين تراه زوجته الحامل في الفيديو الذي تم تصويره له وهو يقوم بهذا الفعل المشين إنسانياً، تشعر أن 

طفلهما القادم لن يكون أمناً في عالم يلقي فيه أباه امرأة حامل من فوق الأسلاك كأنها كيس من النفايات، بل إن التناص هنا بين كون كلا المرأتين يحملان أطفالاً في أرحامهن هو تناص مقصود تمام بغرض لطم الشخصية والمتلقي على حد سواء

وبينما تفقد المرأة جنينها نتيجة إلقائها كشوال غير أدمي، تفقد الأسرة السورية بكريها نور، الفتى الرقيق الذي لم يشأ أن يترك المرأة الأفغانية التي صاحبتهم طوال الرحلة بمفردها، فما كان منه إلا أن لحق بها وانتهى أمره غرقاً في واحدة من مستنقعات الغابات الحدودية، التي لم تعد خضراء.

هكذا سوف تبقى أخت نور المشاكسة بلا أخ أكبر يؤنبها، أو يحمل أخاه الرضيع حتى تتمكن أمه من تغيير ملابس اخته المبتلة.

“لقد رحل نور دون أن يتألم” بهذه الكلمات ترثي المرأة الأفغانية الجسد الصغير الذي امتلات رئته الغضة بالطين، بينما كان يحلم بهواء أكثر نقاءً من ذلك الذي تلوثه داعش بكرابيجها، أو تخنقه الحرب الأهلية بسواد البراميل المشتعلة، هذا عالم تنحبس فيه رئة الطفل الصغير ما بين دخان الوطن وطين المنفى.

يدين الفيلم الأطراف السياسية الرسمية سواء حكومة بيلاروسيا الذي يقال صراحة على لسان أحد الشخصيات أن رئيسها يستدعى اللاجئين إلى بلده، بوعد أن يجعلهم يبلغون أوربا عن طريق بولندا، لمجرد أن يضغط على حكومات الدول المجاورة ويؤرق نوم ساستها، أو الشرطة وحرس الحدود البولندي الذي يبدو أن المخرجة أجرت بحثاً ميدانياً واسعاً، وأتت بقصص حقيقية عن واقع اللاجئين وما يحدث لهم على الحدود الملوثة بالأغراض السياسية القبيحة.

إلا أن السيناريو ينجح في إتمام عدد من التحولات التي تجعل الحلول بين يدي المواطنين سواء كانوا مدينيين أو عسكريين، فجوليا الطبيبة النفسية التي تعيش مع كلابها الشقية تنجح في تهريب عدد من الفتيان، بالتعاون مع واحد من مرضاها المصاب بهستيريا اجتماعية، نتيجة تردي الوضع السياسي في البلد، والذي يجد في استضافة مجموعة الشباب الأفريقي اللاجئ مساهمة منه في قضايا بلده، ودوراً حقيقيا كمواطن غير راض عما يحدث في أورقة الساسة وأصحاب القرار.

أما جندي حرس الحدود فإن إنسانيته المدجنة أسفل زيه العسكري لا تلبث أن تفور في مشهد بليغ، حين ينتابه حالة صراخ مستمر وموجه بينما يستعيد ما فعله مع المرأة السمراء، وكأن تلك الذكرى الشائكة لن تغادر دمه أبداً مهما فعل، وهو ما سوف يدفعه إلى أن يتغاضى عن وجود الأسرة السورية في مؤخرة شاحنة التهريب حين تتوقف عند الكمين الذي يشرف عليه.

هذه التحولات الدرامية التي تبدو متفرقة وصغيرة، هي ما تشكل في النهاية مجاز الحدود الخضراء الحقيقي، فالحدود من صنع البشر وهم من يمكنهم أن يجعلوها خضراء أمام من يحتاجون المساعدة، أو يغلقوا أمامهم باب الرحمة، تاركين المشهد في لجة رمادية قاتمة.

صحيح أن الفيلم لا يستعد الألوان في النهاية لأن الأزمة لم تنتهي، لكننا نرى كيف يتعامل البولنديون مع اللاجئين الأوكران عقب بداية الحرب، وكيف تتناص تداعيات القهر والفرار أمام الآلة العسكرية ما بين القادمين من الشرق والفارين من الغرب.

main 2023-09-08 Bitajarod

المصدر: بتجرد

إقرأ أيضاً:

“هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق‎

الثورة نت

أشار المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس الإسرائيلية” عاموس هرئيل إلى أن صور الحشود الفلسطينية التي تعبر سيرًا على الأقدام من ممر “نِتساريم” في طريقها إلى ما تبقى من بيوتها في شمال غزة، تعكس بأرجحية عالية أيضًا نهاية الحرب بين “إسرائيل” وحماس، مؤكدًا أن الصور التي تم التقاطها، يوم أمس الاثنين، تحطم أيضًا الأوهام حول النصر المطلق التي نشرها رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ومؤيدوه على مدى أشهر طويلة، وأكمل بالقول: “معظم فترة الحرب، رفض نتنياهو مناقشة الترتيبات لما بعد الحرب في قطاع غزة، ولم يوافق على فتح باب لمشاركة السلطة الفلسطينية في غزة، واستمر في دفع سيناريو خيالي لهزيمة حماس بشكل تام. والآن، من يمكن الاعتقاد أنه اضطر للتسوية على أقل من ذلك بكثير”.

ورأى هرئيل أن رئيس حكومة العدو، هذا الأسبوع، قد حقق ما أراده، إذ إن حماس وضعت عوائق في طريق تنفيذ الدفعات التالية من المرحلة الأولى في صفقة الأسرى، لكن نتنياهو تمكن من التغلب عليها، على حد تعبيره، موضحًا أنه: “حتى منتصف الليل يوم الأحد، تأخر نتنياهو في الموافقة على عبور مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال القطاع، بعد أن تراجعت حماس عن وعدها بالإفراج عن الأسيرة أربيل يهود من “نير عوز””، ولكن بعد ذلك أعلنت حماس نيتها الإفراج عن الأسيرة، وفق زعمه، فعلّق هرئيل: “حماس وعدت، والوسطاء تعهدوا، أن يهود ستعود بعد غد مع الجندية الأخيرة آغام برغر ومع أسير “إسرائيلي” آخر، والدفعة التالية، التي تشمل ثلاثة أسرى “مدنيين” (من المستوطنين)، ستتم في يوم السبت القادم”. لذلك، قاد تعنّت نتنياهو – ومنعه عودة النازحين الفلسطينيين – على تسريع الإفراج عن ثلاثة أسرى “إسرائيليين” في أسبوع، على حد ادعاء الكاتب.

تابع هرئيل: “لكن في الصورة الكبيرة، قدمت حماس تنازلًا تكتيكيًّا لإكمال خطوة استراتيجية، أي عودة السكان إلى شمال القطاع”، مردفًا: “أنه بعد عودتهم إلى البلدات المدمرة، سيكون من الصعب على “إسرائيل” استئناف الحرب وإجلاء المواطنين مرة أخرى من المناطق التي عادت إليها حتى إذا انهار الاتفاق بعد ستة أسابيع من المرحلة الأولى”، مضيفًا: “على الرغم من نشر مقاولين أميركيين من البنتاغون في ممر “نِتساريم” للتأكد من عدم تهريب الأسلحة في السيارات، لا يوجد مراقبة للحشود التي تتحرك سيرًا على الأقدام، من المحتمل أن تتمكن حماس من تهريب الكثير من الأسلحة بهذه الطريقة، وفق زعمه، كما أن الجناح العسكري للحركة، الذي لم يتراجع تمامًا عن شمال القطاع، سيكون قادرًا على تجديد تدريجي لكوادره العملياتية”.

وادعى هرئيل أن حماس تلقت ضربة عسكرية كبيرة في الحرب، على الأرجح هي الأشد، ومع ذلك، لا يرى أن هناك حسمًا، مشيرًا إلى أن هذا هو مصدر الوعود التي يطلقها “وزير المالية الإسرائيلي” بتسلئيل سموتريتش، المتمسك بمقعده رغم معارضته لصفقة الأسرى، بشأن العودة السريعة للحرب التي ستحل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، ويعتقد هرئيل أن: “الحقيقة بعيدة عن ذلك، استئناف الحرب لا يعتمد تقريبًا على نتنياهو، وبالتأكيد ليس على شركائه من “اليمين المتطرف”، القرار النهائي على الأرجح في يد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن المتوقع أن يستضيف الأخير نتنياهو قريبًا في واشنطن للاجتماع، وهذه المرة لا يمكن وصفه إلا بالمصيري”.

وأردف هرئيل ، وفقا لموقع العهد الاخباري: “ترامب يحب الضبابية والغموض، حتى يقرر، لذلك من الصعب جدًّا التنبؤ بسلوكه”، لافتًا إلى أنه وفقًا للإشارات التي تركها ترامب في الأسابيع الأخيرة، فإن اهتمامه الرئيسي ليس في استئناف الحرب بل في إنهائها، وأكمل قائلًا: “حاليًا، يبدو أن هذا هو الاتجاه الذي سيضغط فيه على نتنياهو لإتمام صفقة الأسرى، وصفقة ضخمة أميركية – سعودية – “إسرائيلية” وربما أيضًا للاعتراف، على الأقل شفهيًّا، برؤية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية”.

وقال هرئيل إن “نتنياهو، الذي أصرّ طوال السنوات أنه قادر على إدارة “الدولة” (الكيان) وأيضًا الوقوف أمام محكمة جنائية، جُرّ أمس مرة أخرى للإدلاء بشهادته في المحكمة المركزية، رغم أنه يبدو بوضوح أنه لم يتعاف بعد من العملية التي أجراها في بداية الشهر، واستغل الفرصة لنفي الشائعات التي تفيد بأنه يعاني من مرض عضال، لكنه لم يشرح بشكل علني حالته الصحية”، مشددًا على أن نتنياهو الآن، من خلال معاناته الشخصية والطبية والجنائية والسياسية، قد يُطلب منه مواجهة أكبر ضغط مارسه رئيس أميركي على رئيس وزراء “إسرائيلي”.

مقالات مشابهة

  • البرلمان الألماني يوافق على زيادة عمليات إعادة اللاجئين من الحدود الألمانية
  • “هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق‎
  • “هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق‎
  • كاتس: إسرائيل أعلنت الحرب على مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية
  • إسرائيل تعلن إصابة أكثر من 15 ألف جندي منذ 7 أكتوبر 2023
  • لم ينهها عبور الحدود.. مأساة اللاجئين السودانيين جنوب ليبيا
  • الألم والوجع الذي احسه السودانيون بسقوط مدني فاق اي احساس آخر طيلة فترة الحرب
  • الحرب القادمة في اليمن… ما الذي تعنيه أوامر ترامب؟!
  • شاهد بالصور.. بعد أن وجدوا رفاته في مكان حطام الطائرة بالكباشي.. القوات المسلحة تقوم بدفن جثمان البطل الطيار وإبن السودان البار “مازن حولي” الذي استشهد داخل طائرته في يوليو 2023
  • دراسة: الحرب على غزة خفضت متوسط عمر السُكان إلى النصف