بتجرد:
2024-06-30@01:43:23 GMT

فينيسيا 2023.. كأس اللاجئين الدوّار في فيلم The Green Border

تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT

فينيسيا 2023.. كأس اللاجئين الدوّار في فيلم The Green Border

متابعة بتجــرد: 10 دقائق كاملة من التصفيق المستمر والحميمي تلقتها المخرجة البولندية أجنشكيا هولند، بمجرد نزول تيترات فيلمها The Green Border (الحدود الخضراء) عقب عرضه الأول في مهرجان فينسيا السينمائي الدولي، ليصبح واحد من أكثر أفلام المسابقة الرسمية في الدورة 80  تتويجاً بتصفيق الجمهور تعبيراً عن حصوله على المتعة الشعورية والذهنية المنتظرة، من تجربة سينمائية مكتملة العناصر فائرة التداعيات.

بجانب The Green Border ثمة تجربة بولندية أخرى داخل قائمة أفلام المسابقة الرسمية Woman Of.. (امرأة من..) للمخرجين مالجورزاتا سزوموفسكا وميشال إنجليرت، عن رحلة رجل يعاني من أزمة هوية جنسية بالتزامن مع خروج بولندا من الإتحاد السوفيتي عقب انهياره، وينتمي لنوعية أفلام المتحولين والباحثين عن ميولهم الجندرية- وهي نوعية أصبحت على رأس قائمة المهرجانات الدولية ضمن أجندات الصوابية السياسية.

يمكن أن نشير أيضا إلى اسم آخر في أفلام المسابقة الرسمية هذا العام، للمخرج الإيطالي ماثيو جاروني  The Capitan (الكابتن)، رغم كونه أقل أفلامه عنفا وصدامية، فعلى غرار The Green Border ينضم الفيلمان إلى مفرزة سينما اللاجئين والهجرات غير الشرعية، وهي أيضا من النوعيات الفيلمية التي لا تخلو منها مسابقة أو برنامج سينمائي دولي خلال العقد الأخير، وإن كان الحدود الخضراء باذخ الانفعالات، جرئ، ومتجاوز للتقليدية التي اصبحت سمة عامة للأفلام التي تتابع فيها الكاميرا زحف الأجساد من فوهات الحروب والفقر في بلادهم إلى أسفل الكباري، وعراء العنصرية، وروائح المراحيض العمومية في قاع الحلم الأوربي الزائف.

يبدأ الفيلم بلقطة أقرب لعين طائر يسبح في هواء ناعم فوق بحر تشكله قمم الأشجار العالية، دافئة الخضرة، وقبل أن تتشبع العين بخلايا الأخضر المريحة، ينسحب اللون من اللقطة تماماً ليسود الأبيض والأسود من هذه اللحظة وحتى النهاية.

إنها الحدود الخضراء التي فقدت لونها في إرهاصة لكل ما حدث ويحدث، ضمن تقلبات الوضع السياسي والإنساني الإقليمي والدولي من قبل حتى أن تبدأ الحرب الروسية الأوكرانية.

تُجردنا المخرجة من اللون الأخضر لأن العالم لم يعد مكانا صالحا لحضوره الحميمي، عالم رمادي بلا ميزات لونية تفرق بين الأجناس لكنه لا يخلو من دمامة الكآبة، بل أننا مع كل مشهد يمكن أن نستعيد تلك اللحظة التي تجدرنا فيها من الأخضر في بداية الشريط السينمائي، لندرك عمق المآساة التي نعيشها جميعاً، شخصيات ومتلقين.

يدور The Green Border في 4 فصول متفاوتة الطول تحمل عناوين (الأسرة- حرس الحدود- النشطاء- جوليا) في سياق ملحمي واضح على مستوى السياقات النفسية والفكرية، رغم أن الفيلم كله لا يتجاوز بضعة أيام في زمنه الأساسي.

تبدأ عجلة الزمن في الدوران مع نهايات أكتوبر 2021 (الخريف الأوربي الصريح) على الحدود التي من المفترض أنها خضراء بين بيلاروسيا وبولندا، ويستمر دورانها – ككأس من المرار المكتوب على كل الأفواه- على الحدود ما بين بولندا وأوكرانيا عقب اندلاع الحرب الأخيرة.

اختيار نقطة الانطلاق الزمنية قبل شهرين من الحرب الأوكرانية يحمل الآنية وذكاء المقاربة، الأسرة العربية التي يبدأ بها الفيلم فصله الأول ليست هاربة من الحرب الأهلية السورية فقط، ولكن من داعش أيضاً -رب الأسرة يحمل علامات الجلد على ظهره لأنه ضُبط يشرب السجائر- والزمن في الفيلم يسير بشكل خطي إلى الأمام، ككتلة واحدة ثقيلة الوطأة، يتقافز السرد مكانياً بين أكثر من نقطة حدودية، مثل منزل الجندي حارس الحدود وأماكن تجمع النشطاء، والمستشفى التي يتم إيداع لاجئة أفغانية فيها ثم طردها من قبل البوليس ليتم ترحيلها إلى بيلاروسيا مرة أخرى، لكنه لا يشغل المتفرج بمعالجة صعبة للزمن، يكفيه اللهاث خلف الحركة العبثية لمطاردة اللاجئين بين بولندا وبيلاروسيا.

في مشهد رهيب يتم إلقاء امرأة من ذوي الأصول الإفريقية حامل من فوق السلك الشائك بين حدود البلدين لمجرد أنها تشبثت بالشاحنة التي سأمت من ركوبها ذهاباً وإياباً، وكل دولة ترميهم خارج حدودها كالنفايات خلف حدود الدولة الأخرى.

“إن كل لاجئ هو عبارة عن رصاصة محتملة في صدرك”

هكذا يلقن رئيس دورية الحرس جنوده قبل الانطلاق في تمشيط المناطق الحدودية، ومن هذا المنطلق يجد جندي حرس الحدود نفسه مطمئناً لفكرة إلقاء اللاجئين من فوق الأسلاك إلى الجهة الأخرى، سواء كانوا بشراً كالمرأة التي أشرنا إليها أو جثثاً لم تنجح أرواحها في البقاء حية بعد الزحف واجتياز الحد الشائك.

ولكن حين تراه زوجته الحامل في الفيديو الذي تم تصويره له وهو يقوم بهذا الفعل المشين إنسانياً، تشعر أن 

طفلهما القادم لن يكون أمناً في عالم يلقي فيه أباه امرأة حامل من فوق الأسلاك كأنها كيس من النفايات، بل إن التناص هنا بين كون كلا المرأتين يحملان أطفالاً في أرحامهن هو تناص مقصود تمام بغرض لطم الشخصية والمتلقي على حد سواء

وبينما تفقد المرأة جنينها نتيجة إلقائها كشوال غير أدمي، تفقد الأسرة السورية بكريها نور، الفتى الرقيق الذي لم يشأ أن يترك المرأة الأفغانية التي صاحبتهم طوال الرحلة بمفردها، فما كان منه إلا أن لحق بها وانتهى أمره غرقاً في واحدة من مستنقعات الغابات الحدودية، التي لم تعد خضراء.

هكذا سوف تبقى أخت نور المشاكسة بلا أخ أكبر يؤنبها، أو يحمل أخاه الرضيع حتى تتمكن أمه من تغيير ملابس اخته المبتلة.

“لقد رحل نور دون أن يتألم” بهذه الكلمات ترثي المرأة الأفغانية الجسد الصغير الذي امتلات رئته الغضة بالطين، بينما كان يحلم بهواء أكثر نقاءً من ذلك الذي تلوثه داعش بكرابيجها، أو تخنقه الحرب الأهلية بسواد البراميل المشتعلة، هذا عالم تنحبس فيه رئة الطفل الصغير ما بين دخان الوطن وطين المنفى.

يدين الفيلم الأطراف السياسية الرسمية سواء حكومة بيلاروسيا الذي يقال صراحة على لسان أحد الشخصيات أن رئيسها يستدعى اللاجئين إلى بلده، بوعد أن يجعلهم يبلغون أوربا عن طريق بولندا، لمجرد أن يضغط على حكومات الدول المجاورة ويؤرق نوم ساستها، أو الشرطة وحرس الحدود البولندي الذي يبدو أن المخرجة أجرت بحثاً ميدانياً واسعاً، وأتت بقصص حقيقية عن واقع اللاجئين وما يحدث لهم على الحدود الملوثة بالأغراض السياسية القبيحة.

إلا أن السيناريو ينجح في إتمام عدد من التحولات التي تجعل الحلول بين يدي المواطنين سواء كانوا مدينيين أو عسكريين، فجوليا الطبيبة النفسية التي تعيش مع كلابها الشقية تنجح في تهريب عدد من الفتيان، بالتعاون مع واحد من مرضاها المصاب بهستيريا اجتماعية، نتيجة تردي الوضع السياسي في البلد، والذي يجد في استضافة مجموعة الشباب الأفريقي اللاجئ مساهمة منه في قضايا بلده، ودوراً حقيقيا كمواطن غير راض عما يحدث في أورقة الساسة وأصحاب القرار.

أما جندي حرس الحدود فإن إنسانيته المدجنة أسفل زيه العسكري لا تلبث أن تفور في مشهد بليغ، حين ينتابه حالة صراخ مستمر وموجه بينما يستعيد ما فعله مع المرأة السمراء، وكأن تلك الذكرى الشائكة لن تغادر دمه أبداً مهما فعل، وهو ما سوف يدفعه إلى أن يتغاضى عن وجود الأسرة السورية في مؤخرة شاحنة التهريب حين تتوقف عند الكمين الذي يشرف عليه.

هذه التحولات الدرامية التي تبدو متفرقة وصغيرة، هي ما تشكل في النهاية مجاز الحدود الخضراء الحقيقي، فالحدود من صنع البشر وهم من يمكنهم أن يجعلوها خضراء أمام من يحتاجون المساعدة، أو يغلقوا أمامهم باب الرحمة، تاركين المشهد في لجة رمادية قاتمة.

صحيح أن الفيلم لا يستعد الألوان في النهاية لأن الأزمة لم تنتهي، لكننا نرى كيف يتعامل البولنديون مع اللاجئين الأوكران عقب بداية الحرب، وكيف تتناص تداعيات القهر والفرار أمام الآلة العسكرية ما بين القادمين من الشرق والفارين من الغرب.

main 2023-09-08 Bitajarod

المصدر: بتجرد

إقرأ أيضاً:

بالآلاف.. كيف يعيش السودانيون في مصر الآن؟

أجبرت الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، منذ 15 أبريل 2023، آلاف السودانيين على الفرار إلى مصر، عبر المنافذ الرسمية، ومن خلال عمليات التهريب بالطرق البرية الوعرة، بحثا عن الأمان، وهربا من نيران القتال.

وتوقع معظم السودانيين الذين وصلوا إلى مصر، أن يمكثوا في الجارة الشمالية فترة قصيرة، على اعتبار أن أغلب التكهنات كانت تدور حول حرب ستتوقف سريعا، مما يمهد عودتهم إلى بلادهم.

لكن، وبعد أشهر عدة، لم يتمكن أي طرف من الطرفين المتحاربين من حسم المعركة لصالحه، بينما فشلت المبادرات المطروحة في إيقاف الحرب التي اقتربت من شهرها الثامن عشر، مما زاد معدلات هجرة السودانيين إلى مصر.

ويشير أيمن عبد الله، وهو ناشط مجتمعي سوداني، إلى أن "هناك ترحيبا مصريا واضحا بالسودانيين، على المستوى الرسمي، وكذلك على المستوى الشعبي".

ولفت عبد الله، في حديثه مع موقع الحرة، إلى أن "معظم الأسر السودانية التي لجأت إلى مصر، لا تواجه مشكلات في الإعاشة أو السكن، ما عدا قلة، لأنها تحوطت بقدر كبير من الأموال، عند قرارها الفرار إلى مصر".

وأشار الناشط المجتمعي إلى أن "معظم السودانيين في مصر يعتمدون إما على أموال جلبوها معهم من السودان، أو على تحويلات تصلهم من أقربائهم من دول أخرى".

وتزامن وصول السودانيين مع تراجع في قيمة الجنيه المصري، وزيادة في أسعار السلع الأساسية والضرورية، مما اعتبره البعض نتيجة لتدفقات اللاجئين إلى مصر، وخاصة السودانيين.

وثّقت منظمة العفو الدولية حالات اعتقال 27 لاجئا سودانيا، بين أكتوبر 2023 ومارس 2024.
ترحيل لاجئين سودانيين "بشكل غير قانوني" من مصر.. ماذا يقول القانون الدولي؟
قالت منظمة العفو الدولية في تقرير، الأربعاء، إن مصر اعتقلت بشكل جماعي آلاف اللاجئين الفارين من الحرب في السودان ورحَلتهم بشكل غير قانوني.

وأثار هذا التقرير تساؤلات بشأن مدى قانونية اعتقال وترحيل مصر اللاجئين الفارين من الحرب، وكيفية تنظيم القانون الدولي لأوضاع اللاجئين في الدول المستقبلة لهم.
وبدوره، يؤكد الصحفي السوداني، عوض العبيد، حدوث زيادة في أسعار إيجار الشقق، مع تصاعد وصول السودانيين إلى مصر، مشيرا إلى أن "السبب لا يعود للسودانيين وحدهم".

وقال العبيد لموقع الحرة، إن "أصحاب العقارات والوسطاء، استغلوا زيارة الإقبال على الشقق، ورفعوا أسعار الإيجارات، وهو أمر متوقع، خاصة إذا كان العرض لا يوازي الطلب".

ويوجد في مصر 9 ملايين "مقيم ولاجئ" من نحو 133 دولة يمثلون 8.7 في المئة من حجم السكان البالغ عددهم نحو 106 ملايين نسمة، وفق "مجلس الوزراء المصري".

وتشير تقديرات إلى أن نحو 60 في المئة من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر أو يقتربون منه.

وأحدث تعليق للإعلامي المصري، أحمد موسى، في قناة صدى البلد، موجة من الجدل، بعدما أشار إلى أن السلطات المصرية تنفق على اللاجئين أكثر من 14 مليار دولار.

بينما ذكرت الأمم المتحدة، على موقعها الرسمي، في أبريل الماضي، أنه "منذ أبريل 2023، تضاعف عدد اللاجئين السودانيين المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر 5 أضعاف، ليصل إلى 300 ألف شخص".

ويشير العبيد إلى أن "كثيرا من السودانيين شرعوا في تأسيس مشروعات استثمارية، ولا سيما الأفران الخاصة بإنتاج الخبز السوداني، وكذلك المطاعم التي تقدم الأكلات الشعبية السودانية، بجانب بعض المطاعم الراقية".

وتنتشر المطاعم السودانية بشكل خاص في حي فيصل بمحافظة الجيزة، الذي شهد افتتاح عدد من محال الأكل باختلاف أصنافها، وكذلك في حي الشيخ زايد في غرب القاهرة، وفق فرانس برس.

ويؤكد الصحفي السوداني، أن بعض السودانيين شرعوا في تأسيس مدارس خاصة لتعليم المنهج السوداني، لافتا إلى أن تلك المدارس تجد إقبالا من السودانيين، الذين سارع كثيرون منهم إلى إلحاق أبنائهم بها.

والثلاثاء، ذكرت وسائل إعلام سودانية، وأخرى مصرية، أن السلطات في مصر، أوقفت عددا من تلك المدارس، وطالبتها بالحصول على التصاريح الرسمية.

الحرب في السودان تسببت في فرار 500 ألف شخص إلى مصر
"تجربة بمذاق الحرب".. مطاعم سودانية تستهدف استقطاب المصريين
حققت السودانية جولي سمير حلمها بافتتاح مطعم للأكل السوداني، ولكن ليس في الخرطوم حيث تتواصل الحرب الضارية، بل في القاهرة التي فرت إليها مع أسرتها، وأصبح اليوم هدفها جذب المصريين للمطبخ السوداني.
وذكرت وسائل إعلام سودانية، أن السلطات المصرية منحت السودانيين موعدا حتى الثلاثين من يونيو لتوفيق أوضاعهم، بالحصول على الإقامة الرسمية أو التسجيل في كشوفات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

وكانت وكالة الأنباء السودانية، أوردت أن السلطات المصرية أبعدت 721 من السودانيين من أراضيها، إلى معبر أرقين الحدودي، بعد محاولتهم الدخول بطرق غير رسمية.

ونقلت الوكالة عن مصدر مطلع قوله، "نتوقع أن يتم إبعاد العديد من السودانيين من مصر، خاصة الذين دخلوا بطرق غير رسمية، أو الذين لم يحصلوا على الإقامة".

وشكا الخبير القانوني السوداني، معز حضرة، في حديث سابق مع موقع الحرة، من بطء في الإجراءات بفرع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مصر.

وكشف عن مذكرة دفع بها عدد من القانونيين السودانيين إلى رئاسة المفوضية في جنيف لتسريع إجراءات تسجيل السودانيين.

ومع تصاعد المشكلات الاقتصادية في مصر، تتزايد الحملات في مواقع التواصل الاجتماعي التي تطالب بإبعاد اللاجئين من مصر، وفق ناشطين سودانيين.

لكن العبيد يشير إلى أنه "لا توجد حالات تنمُّر أو عنصرية تجاه السودانيين من قبل المصريين، ما عدا حالات نادرة".

ويلفت العبيد إلى أن "هناك حالات عنصرية وتنمُّر، لكنها ليست على أرض الواقع، وإنما في منصات التواصل الاجتماعي"، مشككا في حقيقة تلك الحملات، قائلا "ربما يكون من يقفون خلفها لهم دوافع خاصة بهم، لا تعبر عن الشعب المصري".

وحثّ السودانيين على عدم الانجرار وراء تلك الحملات، "لأنها لا تعكس حقيقة الواقع المعاش، إذ أن هناك ترحيبا من جانب المصريين بالسودانيين الذين أجبرتهم الحرب إلى اللجوء إلى مصر".

لكن في المقابل، يشير عبد الله إلى "مشكلات حقيقة تواجه بعض السودانيين"، لافتا إلى أن "سكان بعض البنايات أظهروا مواقف معلنة ترفض إيجار أو بيع الشقق إلى سودانيين".

وأضاف "هناك حملات متصاعدة ضد السودانيين في مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة مع تزايد أسعار السلع الضرورية، ومع زيادة الأحمال في خدمة الكهرباء التي أعلنتها السلطات المصرية".

ويعود العبيد مؤكدا وجود سودانيين يواجهون مشكلات في السكن والإعاشة، متوقعا اشتداد الحال على كثيرين، بخاصة الذين أنفقوا الأموال التي جلبوها معهم من السودان، أو الذين لا عائل لهم يمدهم بالتحويلات من دول أخرى".

وتركزت تعليقات عدد من الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي، على أن "كثيرا من السودانيين حينما تتحدث معهم عن أنهم تسببوا في زيادة الأسعار والضائقة الاقتصادية، يردون أننا نعيش بفلوسنا، أي بأموالنا، ولا نتسول أحدا".

كما تشير تعليقات بعض الحسابات، إلى أن الاعتراضات على اللاجئين في مصر، تنبع من أنهم يزاحمون المواطن المصري في الخدمات المدعومة من الحكومة. ويطالب أصحاب هذه الأراء بتمييز المواطن المصري، على نحو ما تفعله كثير من الدول.

وأشارت حسابات أخرى إلى أن "السودانيين معاهم فلوس، وبيقدروا يصرفوا"، لافتة إلى أن "ذلك يزيد نسبة الطلب، ويرفع الأسعار".

ويُشكل السودانيون نحو 4 ملايين، من "المقيمين واللاجئين" في مصر البالغ عددهم 9 ملايين، يليهم السوريون بحوالي 1.5 مليون، واليمنيون بنحو مليون، والليبيون مليون نسمة، حيث تمثل الجنسيات الأربع 80 في المئة من المهاجرين المقيمين حاليا في البلاد، وفق تقديرات "المنظمة الدولية للهجرة".

سائقون سودانيون ينتظرون بحافلاتهم عند وصولهم إلى قرية مصرية بعد الفرار من السودان
شهادات لاجئين سودانيين في مصر
حتى نهاية يناير الماضي، فر حوالي 450 ألف لاجئ سوداني إلى مصر المجاورة منذ اندلاع الحرب، ورغم الأمان الذي يحسون به إلا أنهم يواجهون ظروفا اقتصادية قاسية مع تحول المجتمع الدولي إلى أزمات عالمية أخرى وتراجع الاهتمام بالأزمة في السودان.
وخلال الأيام الماضية، انطلقت حملات على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بترحيل اللاجئين، وخاصة السودانيين والسوريين من مصر.

ورصدت وسوم "مصر للمصريين"، و"كفاية لاجئين في مصر"، و"ترحيل جميع اللاجئين مطلب شعبي"، على منصات التواصل الاجتماعي.

ويرى أستاذ العلوم السياسية، عصام عبد الشافي، أن "الحديث عن ضغط اللاجئين على الخدمات، حملة مفتعلة من قبل الحكومة المصرية، في إطار بحثها عن مبررات للفشل الاقتصادي".

وقال عبد الشافي، لموقع الحرة، إن "حرب السودان بدأت في إبريل من العام الماضي، في حين أن الأزمة الاقتصادية في مصر بدأت منذ التعويم الأول للجنيه في 2016، وبالتالي لا صحة لما يتردد بأن اللاجئين أسهموا في التدهور الاقتصادي".

ولفت أستاذ العلوم السياسية المصري، إلى أن "السلطات المصرية قيّدت حصول السودانيين على تأشيرة الدخول إلى مصر، مما يعني أن أعداد السودانيين الذين وصلوا إلى الأراضي المصرية لن تكون ضخمة".

وشكك في الأرقام المعلنة بخصوص أعداد اللاجئين، ووصفها بغير الموثوقة، قائلا إن "دول الاتحاد الأوروبي وقعت اتفاقيات مع مصر لمكافحة الهجرة غير الشرعية، مما يؤكد وجود رابط بين أعداد اللاجئين وبين الدعم المالي المترتب على تلك الاتفاقيات، الأمر الذي يعزز الشكوك بخصوص الأعداد المعلنة".

وفي المقابل، يرى المحلل السياسي المصري، مجدي حمدان، أن اللاجئين يضرون بمصر "سياسيا واقتصاديا وأمنيا"، خاصة "السودانيين".

وقال حمدان في حديث سابق لموقع الحرة، إنه "عندما جاء السوريين إلى مصر نفذوا "مشروعات" باستثمارات خاصة، واحترموا القوانين المصرية ولم يتطاولوا على الشعب المصري، لكن العكس صحيح بالنسبة للسودانيين".

ويشير المحلل السياسي إلى أن "اللاجئ السوداني لم يدشن استثمارات خاصة، لكنه يزاحم المواطن المصري في وسائل المواصلات والسلع الغذائية والمواد الأساسية والأدوية"، مما تسبب في تضاعف أسعار السلع والخدمات خلال الفترة الماضية.

وجددت الأمم المتحدة في مصر وشركاؤها "نداءهم للحصول على 175.1 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحا للاجئين السودانيين الذين فروا إلى مصر منذ منتصف أبريل 2023".

وترى الدول الأوروبية أن مصر تلعب دورا مهما في منع الهجرة الجماعية عبر البحر المتوسط، بحسب رويترز.

وأعلنت مصر والاتحاد الأوروبي، في مارس الماضي، عن شراكة استراتيجية مدعومة بتمويل قدره 7.4 مليار يورو، وهو اتفاق يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه مدفوع بمخاوف الدول الأوروبية من الهجرة، وفقا للوكالة.

الحرة / خاص - واشنطن  

مقالات مشابهة

  • «جسور» ينظم فعالية بجنيف حول دور الإعلام في دعم قضايا اللاجئين
  • فعالية لـ «جسور» بجنيف حول دور الإعلام في دعم قضايا اللاجئين
  • قضية الغرباء.. فيلم عن اللاجئين السوريين يفوز بجائزة في مهرجان رينداس السينمائي
  • السودانيون.. بيننا
  • فيلم السبع موجات.. آخر ما وثقته الكاميرا في غزة قبل حرب الإبادة
  • بحضور عدد كبير من الفنانين.. عرض ناجح بدار الأوبرا المصرية لفيلم جحر الفئران للمخرج محمد السمان
  • لهذه الأسباب احتل أهل الكهف المرتبة الأخيرة بإيرادات أفلام العيد
  • تهريب اللاجئين.. تجارة مربحة تستثمر في أوجاع السوريين
  • بالآلاف.. كيف يعيش السودانيون في مصر الآن؟
  • سباق محموم بين الجهود الدولية والتصعيد