بلا مال ولا أوراق.. كيف يستعد الهاربون من حرب السودان للمدارس في مصر؟
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
في شقة صغيرة لا براح فيها، يركض أطفال “علياء” الخمسة خلف بعضهم للعب الكرة. فلا شيء في هذا البيت سوى سريرين وثلاث “مراتب” اشترتها الأم بالكاد بعد هروبهم من السودان إثر الحرب. لا تلفزيون ولا ألعاب من شأنها تسلية هؤلاء الصغار.. لكن جيران “علياء” ضيقوا عليهم أيضًا تلك المساحة، فلم يحتملوا أصواتهم، ما اضطر الأم إلى إسكات أطفالها وقلبها يتألم على حالهم.
فتقول علياء علي بصوت خافت حزين: “أريد أن يذهبوا إلى المدرسة في أسرع وقت.. فقد جاءوا من فزع وحرب، ليبقوا في شقة فارغة لا يمكنهم اللعب بها، ولا يمكننا الخروج أيضًا!”.
ومع اقتراب العام الدراسي بنهاية شهر سبتمبر الجاري، من المفترض أن يلتحق أبناء “علياء” بالمدارس السودانية المجتمعية في مصر ليكملوا دراسة المنهج ذاته، لكن حتى ذلك الحَق والمتنفس الوحيد يبقى صعبًا أمامهم والمئات غيرهم، إما لسبب المال أو فقدان الأوراق اللازمة أو كليهما معًا.
تشرق الشمس على منطقة فيصل بمحافظة الجيزة، أحد تجمعات السودانيين الكبرى في مصر، فتكشف ما يدور في مدارسها السودانية المجتمعية من أعمال صيانة. يقف عماد ياسين (مدير خمسة مدارس) في فناء إحداها، يراقب تلك التجهيزات لتعود المدارس إلى دورها بنهاية الشهر، بعدما ظلت خلال فترة الصيف أماكن لإيواء الفارين من الحرب السودانية إلى مصر، والتي قدرتهم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأكثر من 113 ألفاً (خلال الفترة من 15 أبريل إلى 17 مايو).
يستقبل “عماد” الكثير منهم، يسجل أطفالهم في دفاتره – وقد وصل عددهم حتى الآن لمائة طالب جديد بكل مدرسة- يدرس حالاتهم، ويتواصل مع السفارة السودانية طوال الوقت بشأنهم.. ينهمك في هذه المهمة اليومية، التي يحكي عنها قائلا: “تواجهنا مشكلتان في التسجيل هذا العام؛ الأولى عدم وجود أوراق مع أولياء الأمور، والثانية عدم قدرتهم على دفع مصروفات”.
فيما يخص المشكلة الأولى، يتصرف “عماد” على هذا النحو: يدون عُمر الطالب وبياناته، يجري اختبارًا له، ثم يرسل إلى السفارة كل ذلك لتعطيه شهادة معتمدة لتسجيله. وفي حالات سنوات الشهادات، فيرسل رقم الجلوس إلى السفارة التي تتواصل بدورها مع وزارة التعليم هناك وتتأكد منها، وهو أمر تُصعبه الحرب الدائرة وتطيل وقته، بحسب “عماد”.
نجت “علياء” من تلك المسألة المزعجة، حيث جلبت معها أوراق وشهادات أبنائها، الذين تتراوح أعمارهم بين 13 سنة و7 سنوات. أما ابنها الأكبر الذي حالت الحرب بينه وبين امتحانات شهادته الابتدائية، فتمكن من أدائها هنا بأحد مراكز التعليم السودانية بعد قرار رسمي صادر عن السلطات المحلية بالخرطوم، كما تحكي “علياء”.
لكن الأمر عند السيدة الأربعينية يرتبط كله بالمشكلة الثانية؛ وهي توفير المال للإنفاق على أطفالها وتعليمهم.. فقد خاضت وحدها بهم تلك الرحلة الخَطرة الطويلة من الخرطوم إلى مصر، بعد أن فقدت الاتصال بزوجها الذي يعمل محاسبًا في دارفور. كما انقطع أملها في مجيئه إليهم لصعوبة إصدار التأشيرة بالنسبة للرجال بعكس النساء وكبار السن.
لذا قَدمت “علياء”، وهي خريجة تربية رياضية، شهادتها في جميع المدارس السودانية بمصر لتعمل بها مثلما كانت تعمل في بلدها.. فتقول: “ما جمعناه من مال نفذ، ولابد أن أعمل بأي شكل، ولو عملت في نفس المدرسة التي سيلتحق بها أبنائي فيخصمون مصروفاتهم من راتبي”.
“علياء” ومئات الأسر المماثلة غير القادرة على دفع المصروفات يدرس “عماد” حالتهم لاحتمالية إعفائهم من نصف المبلغ أو ربعه أو المبلغ بأكمله، كما يقول. على الرغم من أن مدرسته لا تتلقى حاليًا دعمًا من منظمات أو تبرعات.
ذلك بعكس مدرسة أخرى بالمنطقة نفسها أسستها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين قبل 6 سنوات.. تقول فضيلة سعيد (مديرتها) إن مصروفاتها تبلغ 5000 جنيه في العام الوحد لكل طالب، وتدعم المفوضية المسجلين لديها بـ1100 جنيه فقط.
لكن لايزال أغلب القادمين بعد الحرب غير مسجلين لدى المفوضية، وفقا لـ”فضيلة”، التي تضم مدرستها نحو 700 طالب من الحضانة إلى المرحلة الثانوية، نصفهم من الجدد.
لم تفكر “علياء” في الذهاب للتسجيل بالمفوضية لتدعم تعليم أولادها بحصولها على بطاقتها “الصفراء” (من يمتلكون أوراقا ثبوتية) أو “الزرقاء” (لمن تمت الموافقة على منحهم صفة لاجئ)، لأن ذلك يعني ببساطة تقيدها وسحب جواز سفرها.
لذلك، تتحمل مشقة طرق أبواب المنظمات والجمعيات لطلب المساعدة، ورفض عدد منهم ذلك لعدم استحقاقها في رأيهم. فتتساءل قائلة: “لا أعرف كيف يقيمون الأمور؟ كيف لسيدة بظروفي لا تستحق!؟”.
بمرور الأيام، يزداد تفكير “علياء” تشتتًا بين دخول المدارس وبين مشكلة إقامتها التي انتهت عقب ثلاثة أشهر من مجيئها إلى مصر في نهاية مايو الماضي.. فلم يعد لديها مال يكفي لتجديدها، وهو ما يجعلها عُرضه لغرامة يومية تقدر بمائة جنيه لكل فرد منهم، وفقا لحديثها.
تصمت “علياء” قليلا ثم تقول: “حتى الآن لا أعرف كيف سأدبر رسوم الإقامة ولا مصروفات المدارس وما يتبعها من كتب وأدوات وزي مدرسي!”.
لا تريد “علياء” أن يلقى أبناؤها مصير سبعة ملايين طفل سوداني خارج المدارس و 12 مليون آخرين يواجهون عدم استقرار في التعليم، وفقا لتحذير منظمة اليونيسف قبل اندلاع الحرب بنحو ثلاثة أشهر.
وبينما تتمسك “علياء” بذلك، تكاد رقية محمد (ربة منزل) أن تستسلم وتتخلى تمامًا عن الأمر. إذ ذهبت لتسجيل أبنائها الثلاثة بمراحل الابتدائية والإعدادية، وتم رفضهم لعدم قدرتها على دفع رسوم التسجيل.
تتشارك “رقية” مع “علياء” في التفاصيل نفسها تقريبا. فقد جاءت مع أبنائها بمفردها دون زوجها، الذي يعمل تاجرًا في سوق بالخرطوم تم حرقه، فهرب الرجل إلى أم درمان دون أن يجد سبيلا للحاق بهم.
وتقول “رقية”: “لا ارغب في أن يضيع عليهم هذا العام الدراسي.. لازلت احاول، لكن لا خيارات أمامي”.
تلك الأعباء التي تعانيها “علياء” و”رقية” وغيرهم، جعلت فضيلة سعيد تطلق بمدرستها مبادرة لتوعية وتأهيل السيدات القادمات نفسيًا، كما تسعى لتكرار ذلك مع الأطفال وفقا لإمكانيتها الضئيلة المتاحة. فتقول: “نفسية الأطفال مُدمرة تمامًا، ويحتاجون لمشرفين نفسيين لمساعدتهم على تجاوز ما مروا به ودمجهم في مجتمعهم الجديد”.
فلا يتوقف ابنها الأكبر عن ترديد عبارات مثل: “أريد لعب الكرة مع أصدقائي في الميدان في الخرطوم”.. “أريد الذهاب إلى أبي في دارفور”.. تواجه “علياء” أبناءها وكلامهم كل يوم، تحاول أن تشرح لهم ظروفاً هي نفسها مازالت لا تستوعبها. يسألونها: “كيف تقولون إن مصر بلد جميلة! لم نر شيئا جميلا!”. فتقول لهم إنها كذلك، وبها أهرامات ومتنزهات، لكن كل ما في الأمر أنه ليس لديهم أموال للذهاب الآن.
بكت “علياء” فجأة أثناء حديثها، ثم أكملت قائلة: “أحاول أن انسيهم أصوات الرصاص، والاختباء تحت الأسرة، وعربات الدعم السريع، وشكل المسلحين بالشوارع.. أحاول أن أجعلهم يتعايشون مع الوضع الجديد، وأقول لهم إنها مدارس سودانية أيضًا، وزملاؤكم سودانيون.. فالمدرسة هي منفذهم الوحيد الآن”.
مصراوي
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الحركة الإسلامية السودانية… المأزق والغنيمة
منذ أن اندلعت الحرب في السودان منذ عامين ويزيد، أشارت الاتهامات إلى دور الحركة الإسلامية ممثلة في حزب المؤتمر الوطني ـ أحد أسماء عديدة استنسختها الحركة الإسلامية في السودان طوال تاريخها السياسي ـ بدورها في إشعال وتوجيه مسار الحرب الجارية منذ الخامس عشر من أبريل 2023. والمبررات التي تسوقها هذه الاتهامات ومن بينها تحليلات المراقبين، محاولتها العودة إلى السلطة، التي فقدتها بثورة ديسمبر 2019، بعد حكم استمر لثلاثة عقود. وهذه النتائج لا تخلو بطبيعة الحال من صحة، إذ أن الحرب الجارية يعود أطرافها إلى مكونات الحركة الإسلامية، كنتيجة منطقية لسياساتها في الجيش الذي تهمين عليه، وقوات الدعم السريع التي كونتها وقننَّت وجودها، والكتائب الشعبية التي تنتمي إليها تنظيما. وتعد الحركة الإسلامية السودانية الوحيدة بين حركات الإسلام السياسي، في العالمين العربي والإسلامي، التي تصل إلى السلطة وتستحوذ على مؤسساتها، وتفرض هيمنتها بحكم منفرد وسلطة خالصة، في أعتى إقصاء سياسي يمارسه تنظيم سياسي سوداني منذ الاستقلال.
والمشهد السياسي الذي أعقب ثورة ديسمبر، والمرحلة الانتقالية، جعلت من وجود الحركة الإسلامية أمرا لا يتقبله الشعور العام، ما اضطرها إلى العودة إلى أساليبها التي تتقنها في العمل التنظيمي السري، وتحويل المواقف لصالحها، وفقا لتنظيمها البراغماتي وآلياته الفاعلة في المشهد السياسي. وتعتبر الحركة السودانية دون نظيراتها ممن تستهدف السلطة والدولة كهدف أقصى في أولوياتها التنظيمية، ما أنتج خطابا أمنيا متشددا عن سائر المبادئ والشعارات التي عادة ما ترفعها جماعات الإسلام السياسي. وما يشير إلى دور الحركة الفاعل في الحرب الجارية، عودة وجوهها القيادية، وإعادة تعيين كوادرها البارزة في مناصب الدولة التي فقدتها، وتمكنت من العودة منذ انقلاب الجنرال البرهان في أكتوبر 2021 الذي شاركت فيه حينها قوات الدعم السريع.
باتت وحدة السودان مهددة، وبدأ بالفعل ما يسمى بالحكومة الموازية في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، ما يعني واقعا جديدا لن تكون فيه الحركة الإسلامية اللاعب الوحيد بين لاعبين جدد يدعي كل منهم شرعية لا تحققها إلا قوة السلاح
وعندما حانت الفرصة نظريا وتطبيقا على الواقع في اختبار شعار «الإسلام دين ودولة» و»الإسلام هو الحل» وغيرها من شعارات رددتها الجماعات الإسلامية كبرامج للتحشيد، أكثر منها رؤى، أو خططا، في الدول التي وصلت فيها إلى الحكم باستثناء تونس في ائتلاف النهضة ومصر مرسي. ويكون السودان البلد الوحيد الذي طبقت فيه نموذجها، فبعد ثلاثة عقود على سدة الحكم، لم يلفح طرحها الفكري في الخروج من تقاليد الدولة التقليدية، أو فرض رؤيتها، إذ اصطدمت بالواقع بعيدا عن الشعار أو النظرية، ولكنها تخلت عن أصولها النظرية، لواقع لا تستطيع إنتاج بديل له. وهو الواقع الذي ظل دائماً مثار جدل حول علاقة الدولة بالديمقراطية والمرأة والأقليات وحقوق الإنسان، التي حاولت الأطروحات الإسلامية السياسية إيجاد صيغة توافقية، بإضفاء صفة إسلامية تطويعا لاصطلاحات في مدار الفقه الإسلامي، وإن لم تفلح في تعريفها لموقع في الدولة الحديثة، كممارسة الشورى بديلاً عن الديمقراطية والتعددية، ومصدر السلطات وغيرها مما ظل في حدود النصوص والشعارات دون التطبيق الناجز. وتقود الحركة الإسلامية حرباً فجرت معها ما يتجاوز طموح العودة إلى السلطة، التي بات موطنها بفعل الحرب في غياهب المجهول، والاستراتيجية التي تتبعها في مواصلة الحرب، إلى سحق الطرف الآخر بدعاوى مختلفة يخرجها من دائرة منطلقاتها الإسلامية، ذلك بأن نتائج الحرب لم تقتصر على الجانب العسكري، في ما أوقعته من شروخ اجتماعية وعنصرية بليغة الأثر. وبذلك تكون الحركة الإسلامية قد تبنت خطابا مصدره الحرب وويلاتها، لا القيم المؤسسة لتوجهات برامجها المعلنة على الأقل. فمن خلال هذه الفوضى غير الخلاقة تواجه الحركة تحديا إقليميا ودوليا في العودة الطبيعية، وإن استطاعت بحكم الواقع تعزيز قبضتها على السلطة والدولة والحرب، وطرحها لن يرحب به في الداخل والخارج، بما تواجهه من سياسات إقليمية مناوئة لمشروعها، وتورط قادتها الملاحقين قانونيا، وما فرضته الإدارة الأمريكية مؤخرا من عقوبات شملت شخصياتها النافذة، بما فيها أمينها العام علي كرتي في أعقاب الحرب 2023. وما تعتمد عليها موافقة على الواقع السياسي المستجد تجربتها الممتدة وأذرعها الاقتصادية والعسكرية، وكل ذلك لم يعد التحكم به ممكنا أيضا في ظل واقع الحرب وما بعدها، أي بما يعني المستقبل السياسي لتنظيم اعتمد الدولة كأداة وحيدة في تنفيذ برنامجه.
ثم لماذا كان خيار الحرب وبالطريقة التي تتم بها، وأيا تكن الغاية من ورائها، يكون ضمن أجندة منظومة سياسية لاستعادة سلطة فقدتها؟ والإجابة تنبثق من تاريخ الحركة نفسه، الذي اعتمد الخيار العسكري طوال سني حكمها، بكل ما صاحبه من سياسات أمنية فظة منتهكة حقوق الإنسان على المستويات كافة. ولأنه لم يكن من خيار آخر مدني يسمح لها بالعودة عبر الطرق المدنية المعهودة في الديمقراطيات، خاصة أن جسمها السياسي (المؤتمر الوطني) حظر من المشاركة السياسية في الفترة الانتقالية السابقة، باعتبارها حزبا محلولا. ومن المفارقات أن الأسباب ذاتها هي ما بررت به انقلابها الأول على الديمقراطية الثالثة بقيادة البشير في انقلابها 1989 الذي امتد طوال هذه السنوات.
انطلاقا من تجربة حكمها المطلق وما استحوذت عليه من إمكانيات هائلة بتسخير مقدرات الدولة لصالح حزبها وجماعاتها، تجاهلت الحركة الإسلامية كل عوامل الانهيار التي تأتي على النظم الديكتاتورية، والتآكل جراء الفساد السياسي والاقتصادي، ونظام كانت شرايينه قد تصلبت، وبالتالي نجحت الهبة الشعبية في اقتلاعه سنة 2019، وذلك التجاهل الذي تجاوز حقائق الواقع أدى الى سقوط نظامها. ولكن فقدان السلطة لم يكن من السهل أن تتقبله جماعة ظلت ممسكة بمفاصل الدولة وامتيازاتها حصريا، على منظومة وحيدة ومن يمكن فهم دور الجماعة في موقفها من مسار الحرب وتأييدها المطلق لاستمرارها، أيا تكن فداحة النتائج المترتبة عليها. وبهذا تجد الحركة الإسلامية نفسها في مأزق سياسي وعسكري وتورط أخلاقي في حرب خرجت عما ألفته من صراعات سابقة، حيث باتت وحدة السودان مهددة، بل بدأت بالفعل ما يسمى بالحكومة الموازية في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، ما يعني واقعا جديدا لن تكون فيه اللاعب الوحيد بين لاعبين جدد يدعي كل منهما شرعية لا تحققها إلا قوة السلاح.
فما كسبت الحركة الإسلامية من الحرب الجارية بناء على تصوراتها السياسية من عودتها لغنيمة السلطة، لا يقاس بما أحدثته من مخاطر أصابت البنية السياسية السودانية وفداحة الأزمة الإنسانية. وهذا الاتجاه كشف عن معاندة دائما ما تبديها النظم السلطوية إلى حين انهيارها، ومن ثم تكون فداحة النتائج أزمة وطنية ومسؤولية تاريخية ثقيلة، يصعب التخلص من آثارها الأخلاقية والسياسية على المدى الطويل. وإذا كان حزب المؤتمر الوطني يحاول إيجاد توافق حرج بين موقفه الداعم لاستمرار الحرب، وما يستعيده من سلطة متخفية من وراء حكومة الأمر الواقع، فسيجد نفسه في مأزق أكثر حرجا مهما قدم من تنازلات لصالح سياسات المنطقة وتحالفاتها بما فيها الإدارة الأمريكية الجديدة. وبما أنها تعتبر أقوى تنظيم سياسي بموارده المالية والتنظيمية الهائلة، لم تستفد الحركة الإسلامية من تحويلها لصالح مشروع سياسي، بعيدا عن أفق التنظيم الضيق ومحدودية التصورات الحزبية، التي تغلب عليها أهداف تكتيكية طارئة، خاصة أن المشاركة السياسية الواسعة والاجماع الوطني لا يمكن تحقيقه في ظل الأوضاع القائمة، ما يسمح لها بانفراد والتحكم في أروقة دولة استعادتها.
كاتب سوداني
عن القدس العربي اللندنية# السبت 26/أبريل 2025م
nassyid@gmail.com