«بهارات». .. اسم الهند الحقيقى!
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
فى عام 1947، عندما تمت الإطاحة بالحكم البريطانى فى الهند، كان للهند ظاهرياً ثلاثة أسماء متعايشة، كل منها له تاريخه ودلالاته وشرعيته.
وكانت هناك الهند، وهو اسم يعتقد أن أصوله تعود إلى اللغة السنسكريتية، فى إشارة إلى نهر السند الذى يمر عبر شمال البلاد. تم استخدامه لأول مرة فى تكرارات مختلفة من قبل الفرس واليونانيين القدماء والرومان منذ أكثر من 2000 عام، وتم اعتماده على نطاق واسع فى الخرائط البريطانية فى القرن الثامن عشر للإشارة إلى الأراضى الواقعة فى شبه القارة الهندية الخاضعة للحكم البريطانى.
كان هناك هندوستان، وهو الاسم الذى استخدمه الفرس واليونانيون وسلاطين دلهى والمغول لمئات السنين للإشارة إلى مساحة كبيرة من شمال ووسط شبه القارة الهندية.
وأخيراً كان هناك بهارات، وهو الاسم الذى يعود إلى نص سنسكريتى قديم، ريج فيدا- مكتوب نحو عام 1500 قبل الميلاد- والذى يذكر عشيرة بهاراتا باعتبارها واحدة من القبائل الرئيسية التى تحتل منطقة تعرف الآن باسم شمال الهند. وهو أيضاً اسم ملك أسطورى يظهر فى ملحمة ماهابهاراتا السنسكريتية، الذى يزعم الهندوس أنه أب العرق الهندى.
بالنسبة لجواهر لال نهرو، الزعيم المناهض للاستعمار وأصبح فيما بعد أول رئيس وزراء للهند، كانت بلاده تمثل الثلاثة. وفى كتابه المبدع «اكتشاف الهند»، الذى كتبه عام 1944 بعد أن سجنه البريطانيون، قال: «فى كثير من الأحيان، عندما كنت أتجول من اجتماع إلى آخر، تحدثت إلى جمهورى عن هندنا هذه، هندوستان وبهاراتا، الاسم السنسكريتى القديم مشتق من المؤسسين الأسطوريين».
لم يتم اتخاذ قرار بشأن الاسم الرسمى للبلاد إلا فى عام 1949، عندما تمت صياغة دستور الهند. ومع انقسام اللجنة حول ما إذا كان ينبغى أن تكون «الهند» أو«بهارات»، تم اتخاذ القرار أخيراً بضرورة ضم «الهند» إلى كليهما، فى حين تم إسقاط هندوستان بالكامل.
وفى الوضع الحالى اليوم فإن السطر الأول من دستور الهند، الذى كتب باللغة الإنجليزية، ينص على ما يلى: «الهند، أى بهارات، سوف تصبح اتحاداً بين الولايات».
لا يزال كلا الاسمين يُستخدم على نطاق واسع محلياً. تستخدم الهند فى التواصل باللغة الإنجليزية، فى حين أنها بهارات فى جميع اللغات الهندية تقريباً. يشار إلى بهارات فى النشيد الوطنى، كما يكتب بهارات والهند على جوازات السفر الهندية.
ورغم رفع العديد من الالتماسات القانونية والبرلمانية التى تطالب بأن يكون بهارات هو الاسم الشرعى الوحيد، مستشهدة باسم الهند باعتباره من مخلفات الاستعمار، تم رفضها.
ولكن هذه الحجة عادت إلى الظهور من جديد عندما أرسلت دعوة إلى رؤساء الدول لحضور حفل عشاء تستضيفه قمة زعماء مجموعة العشرين، حيث أشارت الدعوة إلى «رئيس بهارات» باللغة الإنجليزية. وظهرت أيضاً فى كتيب باللغة الإنجليزية لمجموعة العشرين للمندوبين الأجانب، بعنوان بهارات، أم الديمقراطية، الذى ذكر أن «بهارات هو الاسم الرسمى للبلاد».
وفى حين نفى حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، بقيادة مودى، الشائعات حول وجود تغيير رسمى للاسم على جدول أعماله، أكد المسئولون أن بهارات سيتم استخدامه بشكل متزايد فى الاتصالات الرسمية.
وقد رأى الكثيرون هذه الخطوة من قبل حزب بهاراتيا جاناتا كجزء من أجندته القومية الهندوسية الأوسع، التى سعت إلى إبعاد الهند عن ماضيها الاستعمارى البريطانى، مع إعادة تسمية الطرق والمعالم الأثرية كأحد هذه التدابير. عند إعادة تسمية طريق راج العام الماضى فى دلهى، أى طريق الملك، إلى طريق كارتافيا، هنأ مودى الهند على «تحررها من رمز آخر للعبودية للراج البريطانى».
ومع ذلك، أدان المعارضون هذه الخطوة، وتكهنوا بأنها كانت محاولة من جانب حزب بهاراتيا جاناتا لتقويض أحزاب المعارضة، التى اجتمعت مؤخراً فى ائتلاف تحت الاسم المختصر «الهند».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مصطفى محمود بهارات الحكم البريطاني باللغة الإنجلیزیة
إقرأ أيضاً:
الهند استقرار وازدهار
يوم السادس والعشرون من يناير اليوم الجمهورى للهند وهو احتفال بتاريخ تفعيل العمل بالدستور الهندى الذى تم استبداله بقانون حكومة الهند وثيقة ١٩٣٥ فى يوم ٢٦ يناير ١٩٥٠ وتم اختيار هذا اليوم نسبة إلى تاريخ اعلان الاستقلال فى ١٩٣٠ فى لاهور وتم إعلان العمل بالدستور الجديد والتى وافقت عليه الجمعية التأسيسية فى ٢٦ يناير ١٩٥٠ ويعد الدستور الهندى من أطول الدساتير فى العالم حيث يتكون من ٣٩٥ مادة و١٢ جدولا ويرجع ذلك إلى شموليته وتناوله لمجموعة واسعة من المسائل وقد حافظت الهند على نظامها الديمقراطى منذ استقلالها عام ١٩٤٧ حيث تجرى فى البلاد انتخابات دورية على مختلف المستويات مما يضمن مشاركة الجميع فى صنع القرار السياسى ولهذا تعتبر الهند من أكبر الديمقراطيات فى العالم حيث العدد الكبير من المواطنين الذين يشاركون فى عملية الانتخابات يجعل من ديمقراطيتها الأكبر من نوعها وتتماها حالة الهند مع مصر فى كفاحها ضد الاستعمار البريطانى فلقد وهب الزعيم الهندى المهاتما غاندى حياته للنضال ضد الاستعمار ومقاومة الاستبداد وعاش طوال عمره مدافعًا عن حقوق الإنسان والاستقلال عن المستعمر البريطانى واستطاع الدفاع عن حقوق الأقليات وعارض غاندى الاستعمار البريطانى للهند فى شكل مباشر ومتأثرًا بثورة 1919 التى قادها الزعيم خالد الذكر سعد زغلول وطالب غاندى بالاستقلال التام للهند وفى عام 1922 قاد حركة عصيان مدنى استلهم غاندى روح الثورة ضد الاستعمار من الزعيم سعد زغلول وعنه قال فى كتاباته إنى اقتديت بسعد فى إعداد طبقة بعد طبقة وعنه أخذت توحيد العنصرين ولكنى لم أنجح كما نجح فيه إن سعدًا ليس لكم وحدكم ولكنه لنا أجمعين فاستلهم من سعد روح العزيمة والاصرار والثبات ومنهج الثورة السلمية وكان جمال عبدالناصر صديقا ورفيقا لنهرو فى تشكيل حركة عدم الانحياز التى لعبت دورا مهما فى السياسة الدولية وذلك بالحرص على استقلال القرار الوطنى بعيدا عن حالة الاستقطاب العالمية لامريكا أو الاتحاد السوفيتى وعلى الرغم من أن الهند ثانى أكبر دولة من حيث عدد السكان حيث يبلغ تعدادها ما يزيد على مليار وأربعمائة مليون نسمة ومئات الاديان والعرقيات وتنوع لغاتها ولهجاتها فإنها نجحت فى أن تصبح خامس أكبر قوة اقتصادية عالمية بعدما كانت تحتل المركز العاشر فى ٢٠١٤ مع طموح أن تصبح فى ٢٠٢٧ ثالث أكبر اقتصاد فى العالم وتربعت الهند فى الصدارة كقوة عالمية فى مجال تكنولوجيا المعلومات وتوفر الخدمات لعدد كبير من الشركات العالمية وتشهد نموا سريعا فى الاقتصاد الرقمى وقوة صاعدة فى مجال الذكاء الاصطناعى والبرماجيات حيث تمتلك قاعدة كبيرة من المهندسين المبرمجين المؤهلين مما يوفر العمالة التى يحتاجها سوق العمل والتركيز على تطبيق الذكاء الاصطناعى فى مجالات الرعاية الصحية والزراعة والخدمات المالية وتصدر الهند من هذه الأنشطة مئات المليارات من الدولارات مما جعلها قوة اقتصادية كبيرة مواكبة للتطور التكنولوجى وأحد اهم الفاعلين بادوات العلم العصرية مما شكل اقتصاد هو الأسرع نموا فى العالم وهذا نتيجة للاستقرار الديمقراطى ووضع إصلاحات اقتصادية فى السنوات الأخيرة مما ساهم فى تحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات وأولت اهتماما بالتعليم وجودته ووجود قوة عاملة شابة ومؤهلة بالإضافة إلى سوق داخلى ضخم وبيئة تشريعية مستقرة بالإضافة إلى منهجية الهند فى الاستقلال الاستراتيجى مع الانحياز المتعدد وأمتلاكها لقاعدة معلومات مواكبة لأدوات العصر واستشراف المستقبل ويبدو أن الهند تتطلع إلى أفاق أكثر ازدهارا فى غد قريب.