بوابة الوفد:
2025-01-05@07:33:32 GMT

سرجيوس والكتلة الموحدة الملتهبة

تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT

«يحيا الإنجليز الذين استطاعوا بظلمهم واستبدادهم أن يجعلوا منا الكتلة الموحدة الملتهبة». 

كانت تلك مقولة للكاهن الوطنى المناضل مرقس سرجيوس، الذى اشتهر باسم القمص سرجيوس، وهى العبارة التى أدهشت مواطنيه، كيف بمناضل قيادى مناهض للاحتلال الإنجليزى أن يقوم بتحية المستعمر رغم وضوح المراد العام للمقولة، ولكنه كخطيب محترف أراد جذب متابعيه بإعلان أنه إذا كان ثمن الاندماج الوطنى وتوحيد الوجدان المصرى فى مجابهة المزيد من ضغوط وممارسات الاستعمار البشعة لتمزيق اللحمة الوطنية، فليذهب المستعمر فى غيه ونحييه على حماقة ما يفعل، وها نحن كتلة واحدة ملتهبة.

ونحن نعيش هذا الأسبوع مناسبة ذكرى نياحة (وفاة) ذلك الكاهن المناضل (5 سبتمبر سنة 1964)، أرى أن دور مؤسساتنا الدينية ورموزها عبر التاريخ ظل وسيبقى فى انحياز رائع لكل مصالح الوطن وأهداف وآمال مواطنيه، ولعل ما قدمه «سرجيوس» خطيب ثورة 1919 والرمز الوفدى خير مثال على مشاركة تلك المؤسسات فى كل أزمنة النضال الوطنى.. مشاركات اجتماعية وإنسانية ووطنية.

كان القمص سرجيوس قد ترشح لعضوية البرلمان عن دائرة «الشماشرجى» بشبرا، وقال إنه يهدف لأن يكون صوتاً يرهب الرجعية والرجعيين ولو كره الكارهون، وخاض المعركة الانتخابية بشعار «من غير فلوس يا سرجيوس» فلم يكن لديه أموال لشراء «نصف صوت» لكنه كاد يفوز بالدائرة لولا أن طلب منه النحاس باشا التنازل لصالح مرشح الوفد، وقد قبل، وشكره النحاس واعتبره موقفاً مشرفاً يضاف إلى مواقفه الوطنية ورضى هو بذلك. 

ويرى أحفاده أن أفضل تكريم ناله جدهم هو أنه أضحى أيقونة للتسامح الدينى، ومع كل حادث فتنة طائفية يتم استرجاع أقواله وشعاراته، ومؤخراً قامت باحثة عراقية بمناقشة رسالتها لنيل درجة الماجستير عنه فى جامعة القادسية بعنوان «القمص سرجيوس.. خطه الفكرى والسياسى».

لقد برز القمص سرجيوس وسط الثائرين أثناء ثورة 1919، فكان أشبه بعبدالله النديم، فقد وهبه الله لساناً فصيحاً يهز أوتار القلوب إلى حد جعل سعد زغلول يطلق عليه لقب «خطيب مصر» أو«خطيب الثورة الأول»، عاش فى الأزهر لمدة ثلاثة شهور كاملة يخطب فى الليل والنهار مرتقياً المنبر، معلناً أنه مصرى أولاً ومصرى ثانياً ومصرى ثالثاً، وأن الوطن لا يعرف مسلماً ولا قبطياً، بل مجاهدين فقط دون تمييز بين عمامة بيضاء وعمامة سوداء، وقدم الدليل للمستمعين إليه بوقفته أمامهم بعمامته السوداء.

ذكر عنه أنه ذات مرة وقف فى ميدان الأوبرا يخطب فى الجماهير المتزاحمة، وفى أثناء خطابه تقدم نحوه جندى إنجليزى شاهراً مسدسه فى وجهه، فهتف الجميع «حاسب يا أبونا، حايموتك»، وفى هدوء أجاب أبونا «ومتى كنا نحن المصريين نخاف الموت؟ دعوه يريق دمائى لتروى أرض وطنى التى ارتوت بدماء آلاف الشهداء، دعوه يقتلنى ليشهد العالم كيف يعتدى الإنجليز على رجال الدين»، وأمام ثباته واستمراره فى خطابه تراجع الجندى عن قتله. 

وقد ظل القمص مرقس سرجيوس مجاهداً وطنياً إلى آخر نسمة فى حياته بالرغم من شيخوخته، حتى وافته المنية عن إحدى وثمانين سنة، وأبت الجماهير الشعبية التى اشتركت فى تشييع جنازته إلا أن تحمل نعشه على الأعناق، ثم أبدت الحكومة اعترافها بجهاده الوطنى بأن أطلقت اسمه على أحد شوارع مصر الجديدة بالقاهرة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: رؤية ثورة 1919 الوفد

إقرأ أيضاً:

خطيب الجامع الأزهر: البيوت لا تبنى على الحب وحده.. فيديو

قال الدكتور محمود الهواري، خطيب الجامع الأزهر، إن من ظلم النفس أيضًا ظلم الأزواج بعضهم بعضا، يظن الزوج أنه وحده من له حقوق أو تظن المرأة أنها وحدها من لها حقوق، وينسى كل منهما حق الآخر عليه، بل ينسيان هما الاثنان حقوق الأسرة والأولاد والمجتمع عليهما، وقول نبينا صلى الله عليه وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر" روشتة نبوية تربوية لاستقرار الأسرة وسعادة البيوت.

وأضاف الهواري، في خطبة الجمعة بالجامع الأزهر، أنه لا شك أن الحياة الزوجية في أكمل صورها قائمة على الحب بين الزوجين، لكن ذلك لا يعني أن الحياة بلا حب مستحيلة، فثمة عوامل أخرى تمد هذه الحياة بمادة بقائها واستمرارها، من هذه العوامل الإحسان إلى المرأة بإبقائها، أو إحسان المرأة إلى زوجها بالصبر عليه، أو الإحسان إلى الأبناء إن وجدوا ببقاء رابطة الزواج قائمة.

ومما يذكر هنا أن رجلاً جاء إلى عمر يريد أن يطلق زوجته معللاً ذلك بأنه لا يحبها، فقال له عمر: ويحك، ألم تُبْنَ البيوت إلا على الحب، فأين الرعاية وأين التذمم؟ والتذمم هو الإحسان إلى من يذم بترك الإحسان إليه، وقال عمر لامرأة سألها زوجها هل تبغضه؟ فقالت: نعم، فقال لها عمر: فلتكذب إحداكن ولتتجمل فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام.

وأشار إلى أن المقصود أن رابطة الزواج لا تُبَت لعاطفة متقلبة أو لنزوة جامحة أو لهوى يذهب مع الريح، أو لاعتبارات تافهة لا قيمة لها، وإذا وصل الأمر إلى استحالة بناء هذه الرابطة أو كانت في بقائها مشقة، كان الطلاق آخر الحلول، ولكن من أعاجيب زماننا أن نلجأ للطلاق أول ما نلجأ إما تهديدا من الرجل، أو تهديدا من المرأة وهنالك تضعف النفوس ويكون ما يكون.

وفي ختام الخطبة حذر خطيب الجامع الأزهر من فساد التصور والفكرة، لأنه ظلم للنفس وظلم للمجتمع، ومن شواهد هذا قوله تعالى: ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا ﴾، فإنه ظلم نفسه باستجابته لأهوائها وشهواتها يسبب هلاكها.

وأشار إلى أن العلاج أن نستجيب لتوجيهات الله وإرشاداته الواردة في القرآن والسنة: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾، ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا﴾.

مقالات مشابهة

  • "معلول لا يا خطيب".. لاعب الأهلي يُثير غضب الجماهير
  • النافذة التعليمية والتدريبية بجامعة الرباط الوطنى تودع طلابها الذين جلسوا للإمتحانات بكليتى التقنية والعلوم الصحية وكلية الصيدلة ببورتسودان
  • كيف تقدم بلاغا للنائب العام؟.. اعرف الخطوات
  • خطيب الجامع الأزهر: الظلم للنفس أساس كل ظلم .. ونداء لمنكري وجود الله
  • خطيب الجمعة بالأزهر: كل ظلم للغير هو ظلم للنفس
  • خطيب الجامع الأزهر: البيوت لا تبنى على الحب وحده.. فيديو
  • إقبال كبير على تحرير توكيلات حزب الجبهة الوطنية بالدقهلية
  • أيمن الجميل : نجاح تطوير مصانع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى يدعم الاقتصاد الوطنى.. لدينا أكبر مصنع غزل فى العالم ومصدر للعملة الأجنبية
  • الأنبا مرقس يترأس قداس العام الجديد بكاتدرائية قلب يسوع بالقوصية
  • التركة الاستعمارية: عقائدُ صفوية في استثناء السودان من قبل الإنجليز (1-2)