سرجيوس والكتلة الموحدة الملتهبة
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
«يحيا الإنجليز الذين استطاعوا بظلمهم واستبدادهم أن يجعلوا منا الكتلة الموحدة الملتهبة».
كانت تلك مقولة للكاهن الوطنى المناضل مرقس سرجيوس، الذى اشتهر باسم القمص سرجيوس، وهى العبارة التى أدهشت مواطنيه، كيف بمناضل قيادى مناهض للاحتلال الإنجليزى أن يقوم بتحية المستعمر رغم وضوح المراد العام للمقولة، ولكنه كخطيب محترف أراد جذب متابعيه بإعلان أنه إذا كان ثمن الاندماج الوطنى وتوحيد الوجدان المصرى فى مجابهة المزيد من ضغوط وممارسات الاستعمار البشعة لتمزيق اللحمة الوطنية، فليذهب المستعمر فى غيه ونحييه على حماقة ما يفعل، وها نحن كتلة واحدة ملتهبة.
ونحن نعيش هذا الأسبوع مناسبة ذكرى نياحة (وفاة) ذلك الكاهن المناضل (5 سبتمبر سنة 1964)، أرى أن دور مؤسساتنا الدينية ورموزها عبر التاريخ ظل وسيبقى فى انحياز رائع لكل مصالح الوطن وأهداف وآمال مواطنيه، ولعل ما قدمه «سرجيوس» خطيب ثورة 1919 والرمز الوفدى خير مثال على مشاركة تلك المؤسسات فى كل أزمنة النضال الوطنى.. مشاركات اجتماعية وإنسانية ووطنية.
كان القمص سرجيوس قد ترشح لعضوية البرلمان عن دائرة «الشماشرجى» بشبرا، وقال إنه يهدف لأن يكون صوتاً يرهب الرجعية والرجعيين ولو كره الكارهون، وخاض المعركة الانتخابية بشعار «من غير فلوس يا سرجيوس» فلم يكن لديه أموال لشراء «نصف صوت» لكنه كاد يفوز بالدائرة لولا أن طلب منه النحاس باشا التنازل لصالح مرشح الوفد، وقد قبل، وشكره النحاس واعتبره موقفاً مشرفاً يضاف إلى مواقفه الوطنية ورضى هو بذلك.
ويرى أحفاده أن أفضل تكريم ناله جدهم هو أنه أضحى أيقونة للتسامح الدينى، ومع كل حادث فتنة طائفية يتم استرجاع أقواله وشعاراته، ومؤخراً قامت باحثة عراقية بمناقشة رسالتها لنيل درجة الماجستير عنه فى جامعة القادسية بعنوان «القمص سرجيوس.. خطه الفكرى والسياسى».
لقد برز القمص سرجيوس وسط الثائرين أثناء ثورة 1919، فكان أشبه بعبدالله النديم، فقد وهبه الله لساناً فصيحاً يهز أوتار القلوب إلى حد جعل سعد زغلول يطلق عليه لقب «خطيب مصر» أو«خطيب الثورة الأول»، عاش فى الأزهر لمدة ثلاثة شهور كاملة يخطب فى الليل والنهار مرتقياً المنبر، معلناً أنه مصرى أولاً ومصرى ثانياً ومصرى ثالثاً، وأن الوطن لا يعرف مسلماً ولا قبطياً، بل مجاهدين فقط دون تمييز بين عمامة بيضاء وعمامة سوداء، وقدم الدليل للمستمعين إليه بوقفته أمامهم بعمامته السوداء.
ذكر عنه أنه ذات مرة وقف فى ميدان الأوبرا يخطب فى الجماهير المتزاحمة، وفى أثناء خطابه تقدم نحوه جندى إنجليزى شاهراً مسدسه فى وجهه، فهتف الجميع «حاسب يا أبونا، حايموتك»، وفى هدوء أجاب أبونا «ومتى كنا نحن المصريين نخاف الموت؟ دعوه يريق دمائى لتروى أرض وطنى التى ارتوت بدماء آلاف الشهداء، دعوه يقتلنى ليشهد العالم كيف يعتدى الإنجليز على رجال الدين»، وأمام ثباته واستمراره فى خطابه تراجع الجندى عن قتله.
وقد ظل القمص مرقس سرجيوس مجاهداً وطنياً إلى آخر نسمة فى حياته بالرغم من شيخوخته، حتى وافته المنية عن إحدى وثمانين سنة، وأبت الجماهير الشعبية التى اشتركت فى تشييع جنازته إلا أن تحمل نعشه على الأعناق، ثم أبدت الحكومة اعترافها بجهاده الوطنى بأن أطلقت اسمه على أحد شوارع مصر الجديدة بالقاهرة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رؤية ثورة 1919 الوفد
إقرأ أيضاً:
الشقي من حُرم فيه.. خطيب المسجد الحرام يوضح 5 أمور تحدث في رمضان
قال الشيخ الدكتور عبدالله بن عواد الجهني، إمام وخطيب المسجد الحرام ، إنه كان رسولنا - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يبشر أصحابه ويقول لهم: أتاكم شهر رمضان شهر بركة، ينزل الله فيه الرحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب الدعاء، ويباهي الله بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرًا؛ فإن الشقي من حُرم فيه رحمة الله".
الشقي من حُرم فيهوأوضح “ الجهني” خلال خطبة الجمعة الأولى من رمضان من المسجد الحرام بمكة المكرمة ، أن من أعظم نعم الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين أن من عليهم قبل أيام قلائل ببلوغ موسم من مواسم الخيرات، هو شهر رمضان ذو الرحمات والبركات.
وتابع: شهر يفرح فيه الصائمون، ويربح فيه عند الله عز وجل العاملون، شهر فرائضه مضاعفة على فرائض غيره من الأجور ونوافله كفرائض غيره من الشهور، شهر الجود والصدقات، شهر تقال فيه العثرات، وتكفر فيه السيئات، فرض الله سبحانه وتعالى علينا صيامه.
وأضاف أنه سن لنا رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قيامه، وكان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في شهر رمضان وهو أكمل الهدي، الإكثار من أنواع العبادات، فقد كان أجود الناس بالخير .
أجود ما يكون في رمضانوأشار إلى أن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كان أجود ما يكون في رمضان يكثر فيـه الصدقة، والإحسان، وتلاوة القرآن، والصلاة، والذكر، والاعتكاف، وحث عليه الصلاة والسلام على العمرة إلى البيت الحرام في رمضان.
وأفاد بأنه كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يخص شهر رمضان من العبادة ما لا يخص غيره به من الشهور ، لافتًا إلى أنه مضى من شهرنا المبارك شهر الفضائل والخيرات، وموسم العمل والحسنات ما مضى من أيام، وأخذت أيامه في التتابع وسينتهي عن قريب.
ونبه إلى أن السعيد من تدبر أمره وأخذ حذره وانتهز الفرصة قبل فواتها، واغتنم فضل ربه ذي الجود والكرم والإحسان، موصيًا المسلمين بالإكثار من قراءة القرآن وإطعام الطعام والتصدق على الفقراء والأيتام، وصون الجوارح عن المعاصي والذنوب والآثام، والإكثار من الصلاة والسلام على سيد الأنام وبدر التمام نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- .