لجريدة عمان:
2024-11-26@17:34:24 GMT

نوافذ :«إخوة يوسف».. نوازع الشر ونقيضه

تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT

[email protected]

تتجسد العلاقات القائمة بين الأفراد بحمولتها الاجتماعية الكبيرة؛ والمتمثلة في القيم الإنسانية، والعادات والتقاليد، وأشكال الأنساق الاجتماعية المختلفة، وتضاف إليها مجموعة السلوكيات الفطرية؛ والمكتسبة؛ حيث تحضر كل هذه «التوليفة» لتكون مرجعا مهمّا لحمل هذه العلاقات على البقاء والاستمرار، أو التراجع والاضمحلال، بغض النظر عن درجة القرابة فيها، فالمحصلة هي ما يجسدها الواقع القائم بين هؤلاء الأفراد في تبادلاتهم للمصالح مع بعضهم البعض، وفق ظرفية زمنية مستمرة، وفي هذه الظرفية الزمنية من العلاقات؛ تنبني أحكام، وتتخذ مواقف، ويعاد ترتيب مستويات القرب أو البعد، وهذه كلها ممارسات ملموسة في لحظات الاشتغال «تبادل المنافع»، وانعكاسا لهذه المنافع يمكن الحكم على صفاء العلاقة، أو تشويهها بين الطرفين، ومن خلال هذه الظرفية الزمنية تتداخل فيها مسائل الحقوق والواجبات، والكثير من المجاملات، وقد يتحمّل؛ هذه المجاملات؛ أحد الطرفين أكثر أعبائها، وخاصة عندما يكون في موقف الضعف، أو الحاجة، وأخطرها عندما لا تكون هذه المجاملات صادقة إلا بقدر تحقيق الحاجة في لحظة زمنية معينة، ثم يتوارى صاحبها بعيدا، وأكثرها خطورة عندما يستغل الطرف الأقوى الاستسلام المطلق من الطرف الأضعف، ويستمرئ الطرفان اللعب على الورقة الرابحة لكليهما؛ كل حسب نيته، وتوجهه، مخالفين بذلك مقولة آل باتشينو: «كي لا تسقط؛ لا تسند ظهرك على أحد من البشر».

في مسافة «الظرفية الزمنية» التي تجمعنا بالآخر هناك أكثر من حديث يمكن أن يُطرح بين مختلف أطراف العلاقات؛ هذه الأحاديث ليست عشوائية، بل هي موضوعية على قدر كبير من الأهمية، لأنه تبنى عليها أحكام في العلاقات القائمة ليس فقط في ظرفيتها الزمنية، بل على المدى البعيد، وهذه مسألة مهمة، فالعلاقات قد تتجذر عند الأطراف؛ وتظل هناك مقاومة شرسة لرياح التغيير بين الطرفين؛ لأن بناء علاقات جديدة ليس بالأمر الهيّن، والتضحية بعلاقات قائمة؛ أيضا؛ ليست أمرا هيّنا، وتظل لدى الطرفين دائما حالة من الترقب، ومن «المسايسة»، وقد تتبعها قائمة من التنازلات بغية أن تبقى العلاقات قائمة، ومزدهرة، رغم رياح التغيير التي تمر عليها بين فترة وأخرى، ومع ذلك فهناك من يُقَيِّم مضامين العلاقات القائمة بين الناس، فيرفعها، أو يسقط تقييمها بناءً على مسألتَي الحق والواجب، فإن يسعفك العمر لأداء كل الواجبات التي ترى لنفسك أنك مجبر على أدائها وذلك يعني أنك تنظر حقوقا مستحقة على الطرف الآخر، والآخر كذلك على حالتك نفسها، وهذا في حالة تكافؤ المعاملة، أما المبالغة في الأمر ذاته، فتبقى أمرا غير محمود، وفي مقولة أدهم الشرقاوي؛ مقاربة موضوعية لذات المعنى: «أول خطوة لإيقافهم عن التصرف كسادة، هي التوقف عن التصرف كعبيد!» فمهما تكن من خصوصية في العلاقة بين أي طرفين، يبقى من الحكمة أن تكون هناك مسافة فاصلة بين الطرفين، تتيح لكلا الطرفين التصرف بحكمة.

تبقى رمزية (إخوة يوسف) هي حالات التضاد والمشاكسة بين الخير والشر، وهي ممارسة يومية بين أي طرفين تجمعهما علاقة ما (أخوة، صداقة؛ مصلحة عمل؛ مجتمع أسري، مجتمع عام) حيث تعيش كل العلاقات القائمة بين هؤلاء الناس على النقيضين، بين المراوحة في توظيف سلوك الخير، أو سلوك الشر، هل هناك من يتقصد الخير دون الشر؟ نعم؛ وهل هناك من يتقصد الشر دون الخير؟ نعم، وهل يتساوى الطرفان في هذا التناوب؟ ليس شرطا، فقد ينكفئ أحدهم على وجه واحد، ويبالغ فيه، وهذا أمر مذموم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: العلاقات القائمة

إقرأ أيضاً:

محور الشر يغزو أوروبا

ترجمة: أحمد شافعي

باتت الحرب الروسية الأوكرانية ساحة قتال لا من أجل السيطرة على الأرض وحسب وإنما هي ساحة قتال على مستقبل الإنسانية. وتجتذب هذه الساحة جهات فاعلة من أنحاء العالم لتنخرط في صراع شديد المخاطر من أجل إعادة صياغة توازن القوى العالمي. ويستمر «محور الشر» الجديد في التصعيد، إذ ينضم إلى القتال جنود من كوريا الشمالية، فاضحين سياسة «إدارة التصعيد» التي تتبعها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.

في الوقت نفسه، يبدو العالم الغربي مترددا. إذ تصارع أوكرانيا، وهي أقل عددا وعتادا، من أجل التشبث بالخط الأخير في مواجهة موجات من القوات الروسية والكورية الشمالية. وفي ظل استمرار صناع السياسة الديمقراطيين في الافتقار إلى الإحساس بالعجلة في مساعدة أوكرانيا، يظل السؤال الملح هو هذا: هل ستمتلك قوى الديمقراطية إرادة الانتصار والسيادة، أم ستنجح القوى الاستبدادية في تقسيم العالم إلى مناطق نفوذ؟

إن قوات كوريا الشمالية تقاتل الآن من أجل روسيا على أرض أوروبية. وتسعى روسيا سعيا حثيثا إلى زيادة تعزيزات حربها من أجل استعادة الأجزاء الخاضعة حاليا لسيطرة أوكرانيا في منطقة كورسك أوبلاست. وفي الوقت نفسه، تستثمر كوريا الشمالية اللحظة لتأمين دعم روسيا لها في طموحاتها الأوسع نطاقا من أجل زعزعة استقرار شرق آسيا.

لقد حشد الروس والكوريون الشماليون معا خمسين ألف جندي لهجومهم المضاد على الجيش الأوكراني في كورسك. وتحتاج روسيا بشدة إلى المزيد من الأفراد. فقد قدَّر مسؤولو الدفاع الأميركيون أن القوات الروسية اعتبارا من أكتوبر 2024 تكبدت أكثر من ستمائة ألف ضحية من القتلى ومن الجرحى.

وخلال شهر أكتوبر، بلغ متوسط عدد الضحايا في روسيا ألفا وخمسمائة ضحية في اليوم، وهو معدل غير قابل للدوام. ويسعى فلاديمير بوتن إلى تجنب جهود التعبئة واسعة النطاق من أجل منع الاضطرابات داخل المجتمع الروسي والحفاظ على الدعم الشعبي للحرب.

غير أن روسيا تمتلك المال، والكثير من المال، من عائداتها من النفط والغاز التي فشل الغرب في استهدافها بالقدر الكافي. وهذه الوسادة المالية تتيح لروسيا أن تدعم جهودها الحربية على الرغم من نقص الأفراد لديها. وعلى العكس من ذلك، تنعم كوريا الشمالية بوفرة من الأفراد ولكنها في حاجة ماسة إلى عملات أجنبية. ومن المرجح أن تسعى كوريا الشمالية إلى استغلال احتياج روسيا الماس في استجلاب التكنولوجيا الحساسة اللازمة لتعزيز برامجها النووية والصاروخية، وهو الأمر الذي يزيد من تهديدها للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.

وعلاوة على ذلك، ترى كوريا الشمالية، شأن الصين، دعمها لروسيا وسيلة لاستنزاف الموارد الغربية. والغرب الضعيف مفرط التوسع يتماشى تماما مع طموحات كوريا الشمالية في شبه الجزيرة الكورية. وفي حال تخلي الغرب عن أوكرانيا، فسوف يؤدي ذلك إلى إضعاف مركزه بشكل كبير وتشجيع أعدائه.

ولقد واصل المستشار الألماني أولاف شولتز إضعاف المركز الغربي إذ كسر أخيرا العزلة الدبلوماسية المفروضة على روسيا بمكالمة هاتفية. فمنح لفلاديمير بوتن انتصارا رمزيا بحديثه الهاتفي معه، حتى لو كان الهدف من المكالمة هو محاولة الدفع إلى المفاوضات. ويعكس رد فعل الغرب الصامت على انضمام القوات الكورية الشمالية إلى الهجوم في كورسك موقفا انهزاميا تجاه أوكرانيا. ومن المرجح أن يفهم القادة الغربيون أن روسيا لن توافق على وقف لإطلاق النار بينما تحتفظ أوكرانيا بالسيطرة على كورسك. ومن وجهة نظرهم، قد يكون السماح لروسيا باستعادة كورسك تمهيدا لطريق الخروج السريع من دعم أوكرانيا تماما.

في حين رفعت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أخيرا القيود المفروضة على استخدام القوات الأوكرانية للصواريخ بعيدة المدى داخل روسيا، فإن هذا القرار يأتي بعد سنوات من الوقت الذي كان ينبغي اتخاذه فيه، كما أنه يقتصر على منطقة كورسك. من المرجح أن يكون الرئيس الأمريكي جو بايدن قد قدَّر أن السماح لأوكرانيا بضرب القوات الكورية الشمالية والروسية في كورسك لن يعد في نظر موسكو استفزازا مفرطا، وخاصة مع استعداد إدارة رئاسية أمريكية جديدة لتولي السلطة، ويحتمل أن تقلص هذه الإدارة الجديدة الدعم لأوكرانيا.

كان يمكن أن يكون أفضل رادع هو تزويد أوكرانيا بكل الأسلحة التي تحتاج إليها في بداية الحرب دونما فرض قيود على استخدامها. فقد كان هذا النهج ليضمن عدم حصول جنود كوريا الشمالية على فرصة الانضمام إلى الصراع بعد سنوات. وكان يمكن أن يكون ثاني أفضل الخيارات هو رفع جميع القيود فورا وتزويد أوكرانيا بقدرات محسنة بعيدة المدى فور ظهور تقارير عن دعم جنود من كوريا الشمالية لروسيا. فقد كان من شأن هذا أن يكون أفضل موقف لردع كوريا الشمالية عن الانخراط بشكل أكبر في الحرب.

أما النهج الانهزامي الذي تبناه زعماء من أمثال شولتز فلن يؤدي إلا إلى تمهيد الطريق لصراعات أكبر كثيرا في المستقبل، بما يؤدي في نهاية المطاف إلى تقوية محور الشر. وفي حال استمرار الغرب في الوقوف مكتوف الأيدي بينما القوات الروسية والكورية الشمالية تشن حربا على أوكرانيا دونما زيادة كبيرة في دعم كييف، فسوف تكون النتيجة فوضى أكبر وتآكلا متسارعا للنظام الدولي الذي حافظ على السلام العالمي منذ الحرب العالمية الثانية - لا في أوروبا وشرق آسيا فقط، وإنما في جميع أنحاء الكوكب. فأوكرانيا الآن هي التي تعمل على حماية العالم الغربي بدمائها. وهي واقفة في ذلك بمفردها، وتزداد يوما بعد يوم وقوفا بمفردها.

ديفيد كيريشينكو صحفي مستقل وزميل باحث مشارك في جمعية هنري جاكسون، وهي مؤسسة بحثية مقرها لندن.

ذي ناشونال إنتريست

مقالات مشابهة

  • قائمة جديدة لمنتخبنا الوطني استعدادا لخليجي 26
  • شويغو يعلن رفع حركة طالبان من القائمة السوداء في روسيا قريبا
  • نوافذ للحياة
  • قائمة بيراميدز لمواجهة ساجرادا في دوري أبطال إفريقيا
  • محور الشر يغزو أوروبا
  • قائمة أثرياء العالم: الأمريكيون يسيطرون على القائمة.. وإيلون ماسك في المقدمة
  • قائمة أغلى شوارع التسوق في العالم.. تعرف على ترتيب شارع الاستقلال التركي
  • معسكر انتقائي يجهّز قائمة الأحمر.. والكويت تبدأ التحضير لخليجي 26
  • السيسي يشدد على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة الضبعة النووية وفقا للخطة الزمنية المُحددة
  • "مانهاتن الصحراء".. مدينة عربية بناطحات من الطين