نبض السودان:
2024-11-20@00:44:32 GMT

هل اقتربت نهاية حرب الخرطوم؟ – طلعت رميح

تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT

هل اقتربت نهاية حرب الخرطوم؟ – طلعت رميح

حملت الأيام الأخيرة بعضا من الشواهد على قرب نهاية حرب الخرطوم التي تدخل شهرها السادس. وهو ما ينبئ بقرب فك ألغاز ما جرى في السودان منذ بداية الحراك الشعبي وحتى وقوع المعارك العسكرية بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع. كما ينبئ بأن السودان على أبواب مواجهة المعضلة الإستراتيجية الكبرى التي غطت عليها أحداث المظاهرات ووقائع حرب الخرطوم.

لقد شكل ما جرى في السودان سلسلة متصلة من الألغاز. بدأ الأمر بتظاهرات وحراك جماهيري وسياسي واسع امتلأ بالضجيج دون وضوح لحقيقة وأبعاد ما يجري. وحين جرى انقلاب على الرئيس عمر حسن البشير- كان أقرب لانقلاب القصر إذ قاده صهره وزير الدفاع- فسرعان ما جرى انقلاب آخر بقيادة عبد الفتاح البرهان. وفي ذلك كان لافتا أن جرى الانقلابان الأول والثاني دون استخدام السلاح، وكأن السودان كان إزاء عملية تسليم وتسلم للسلطة.

وإذ تنادت أطراف غربية للتدخل في الأزمة على أساس أن صراعا يجري بين المدنيين والعسكر، فقد تحول الأمر إلى حرب بين مؤسستين عسكريتين كان كلاهما متهما بقتل المتظاهرين، بما مثل مفاجأة مريبة. فالبرهان الذي كان أصدر مرسوم بتوسيع مهام قوات الدعم السريع وتعيين قائدها حميدتي نائبا له في مجلس السيادة، بات في حرب أو في مواجهة انقلاب عسكري قاده محمد حمدان دقلو “حميدتي” الذي لعب الدور الأكبر في مواجهة الجماعات المسلحة الخارجة على نظام البشير، ومن واجه التظاهرات الشعبية بالسلاح، تحول إلى مناصر لتلك التظاهرات ومطالبا بالديموقراطية والحكم المدني.

وكان اللغز الأكبر أن جرى انتداب الدور الصهيوني خلال أحداث التظاهرات، فحتى الآن لم يفصح بوضوح عن من الذي استدعى هذا الدور وفتح أبواب التطبيع، هل هو البرهان أم حميدتي أم القوى المدنية.

مهما يكن من أمر، يبدو الآن أن حرب الخرطوم في طريقها لبلوغ خط النهاية. فالبرهان الذي كان محاصرا في مقر القيادة العامة تمكن من كسر الحصار وصار يتحرك جماهيريا وعلى صعيد العلاقات الخارجية.

زار البرهان ولاية البحر الأحمر، وتحرك إلى الخارج فزار القاهرة وجوبا والدوحة، فيما يمكن وصفه بحراك دولة لإنهاء لعبة ازدواج السلطة وإفشال محاولات قوى دولية وإقليمية التعامل مع قوات الدعم السريع كطرف شرعي مواز ومساو للدولة.

وقرر البرهان حل قوات الدعم السريع بما جعلها كيانا غير شرعي، وفتح المجال لقيام كل أجهزة الدولة بملاحقة قادتها وعناصرها كخارجين على القانون، ووضع التعامل الدولي والإقليمي مع تلك القوات في خانة التدخل في الشؤون الداخلية للسودان ودعم مجموعات خارجة على القانون. وهو قرار أغلق باب المفاوضات والوساطات الدولية.

وقد ترافقت تلك الإجراءات مع حملة مطاردة عسكرية واسعة يقوم بها الجيش وبعض مؤسسات الدولة، على مجموعات الدعم السريع في الخرطوم، بما يشير بشكل مؤكد إلى تحول الجيش والدولة السودانية إلى الهجوم بعد مرحلة طويلة من الاقتصار على الأعمال الدفاعية.ولا حظ المتابعون تراجع السمعة الجماهيرية لقوات الدعم السريع التي تحولت للتواجد في المستشفيات ومساكن المواطنين بعد قصف الطيران والمدفعية لمعسكراتها بالخرطوم.

لقد بات ينظر لها كمجموعات نهب وسلب لممتلكات المواطنين.

وقد ترافقت تلك التطورات مع تغيير لافت في الموقف الأمريكي من قوات الدعم السريع، إذ وضعت وزارة الخزانة الأمريكية الرجل الثاني في قوات الدعم الفريق عبد الرحيم دلقو “شقيق حميدتي” على لائحة العقوبات الأمريكية لاتهامه بأعمال قتل وتطهير عرقي في دارفور.

وهكذا فقد استدارت الأحداث لمصلحة الدولة والجيش السوداني على حساب قوات الدعم السريع بما يشير لقرب حسم معركة الخرطوم.

غير أن إشكالية البرهان والجيش السوداني على المستوى الإستراتيجي، لا تكمن في حرب الخرطوم. فحتى لو حسمت معركة الخرطوم فالأمر الأهم والأخطر، هو وحدة السودان وبمعنى أدق مواجهة احتمال تقسيم السودان.

والمتابع يلحظ أن دورة الصراع، قد عادت للتفعيل في دارفور.

لذلك تبدو المخاطر كبرى. فقوات الدعم السريع لو هزمت في الخرطوم لا شك أنها ستنسحب إلى دارفور حيث موضع نشأتها وحاضنتها القبلية. وفي دارفور أيضا، هناك من ينتظر إصابة طرفي الحرب الحالية بالإنهاك والضعف ليعود لإشعال الحرب التي كانت قد خمدت خلال المظاهرات والحرب في الخرطوم. كما يلاحظ المتابع عودة الحركة الشعبية- فرع الشمال- للهجوم مجددا في المناطق التي تتواجد فيها في جنوب السودان الحالي.

كما أن الوضع الإقليمي والدولي الذي يبدو كامنا على نحو ما الآن، سيعود للحركة الفاعلة مجددا لمواجهة الجيش والدولة. وهذه المرة سيكون المطلوب رأس السودان الموحد.

لقد تحركت دول كبرى لوضع السودان تحت الفصل السابع مع بداية الأحداث، كما تحركت دول إقليمية من مجموعة دول الإيقاد لوضع الجيش والدولة السودانية على قدم المساواة مع قوات الدعم السريع، إذ طالبت بمنع استخدام المدفعية والطيران في حرب الخرطوم، كما جرى تفعيل فزاعة المحكمة الجنائية الدولية واتهام الجيش السودان بالتستر على المطلوبين للمحاكمة أمامها.

مع ذلك حسم الجيش لمعركة الخرطوم لا يعنى حسم معركة السودان. الأهم، هو معركة وحدة أراضي السودان ومنع التقسيم.

المصدر: نبض السودان

كلمات دلالية: اقتربت الخرطوم حرب نهاية هل قوات الدعم السریع حرب الخرطوم ما جرى

إقرأ أيضاً:

ماذا تبقى في جعبة الجيش السوداني والحركة الإسلامية من خيارات لتفادي خسارة الحرب؟

كتب إبراهيم سليمان
منذ استيلائهم على السلطة بقوة السلاح في يونيو 89، أصبح الجيش السوداني والحركة الإسلامية، سيان، يكملان بعضهما البعض، لتحقيق غاية واحدة، ألا وهي الاستئثار بالسلطة والثروة والحفاظ عليهما بكافة السبل وكيفما اتفق، غض النظر عن التكلفة الأخلاقية والوطنية والإنسانية. سولت لهم أنفسهم في أبريل 2023م بأنه بإمكانهم، بضربة خاطفة، تدمير قوات الدعم السريع، وإبادتها، لقطع الطريق إمام مشروع الاتفاق الإطاري، واستعادة السلطة التي انتزعت منهم في أبريل 2019م، بمساندة قهرية ومعنوية مقدرة من قوات الدعم السريع.
يبدو أن سهولة نجاح انقلابهم في يونيو 89، جعلهم يستمرؤون المغامرات، ظانين أنهم يحتكرون "الرجالة" والشهامة والإقدام، وليس بمقدور أحد أن يقف في وجوه كتائبهم المتطرفة "ودبابيهم" الأصولية، لكن أثبتت لهم الأيام أن تقديراتهم خاطئة، وليست كافة الطيور عصافير وادعة، وإنما هنالك جوارح كاسرة، لحومها أمرّ من الحنظل.
يقول المثل، من يوقد نار الفتنة، يتدفأ بها، فالجيش السوداني، الذي يحمل بندقية الحركة الإسلامية، ليرهب بها الشعب السوداني، ويستخدمها في قهر الإرادة الشعبية، امتثلاً لقرار إشعال الحرب المتخذ من قبل كتائب الإسلاميين المتعطشة لإراقة الدماء، حفاظاً على الامتيازات الخرافية لقياداتها، وتنفيذا لالتزامهم التنظيمي في الخطأ والصواب، وفي المنشط والمكره.

منذ الوهلة الأولى لاندلاع الحرب، تبيّن للجيش السوداني، والحركة الإسلامية، فضاحة خطأهم، وبدلاً عن الجنوح للسلم، والجلوس للتفاوض لتدارك ذلك الخطأ المميت، طفقوا يهربون إلى الإمام، بتجريب الخيارات المطروحة أمامهم ميدانياً، لوقف وتيرة الهزائم المتصاعدة لقواتهم على كافة الجبهات، بدأوا باستدعاء المعاشيين من القوات النظامية، والكتائب غير النظامية، والمليشيات الشعبية، ولم ينتظروا حصيلة تلك النداءات العاجلة، فاعلنوا استنفاراً شامل للمواطن السوداني، مستهدفين شباب الحركة الإسلامية، ثم عرجوا إلى شراء بنادق الحركات المسلحة، التي تتاجر في الحرب، ولما لم يجدي كافة هذه الخيارات نفعا، فتحوا مخازن الأسلحة لتسليح أي مواطن يرغب في حمل السلاح، فشلت كافة هذه الخيارات التي طرحت تحت الفرية التي اطلقوا عليها "حرب الكرامة" في وقف تقدم وتمدد قوات الدعم السريع في ولايات السودان، والولاية تلو الأخرى.
في غضون ذلك استعانوا بسلاح الجو المصري، لضرب حواضن قوات الدعم السريع في غرب السودان، في استهداف جهوي غير مسؤول، في محاولة يائسة لتركيعها وإرعاب حواضنها، وأخيراً استعانوا بالرئيس الأريتيري أسايس أفورقي، لتدريب وتسليح الأورطة الشرقية، التي تشكلت حديثاً عوضاً لفشل لما عرفت "بالمشتركة" من قوات الحركات المسلحة الدارفورية، التي تورطت في وقوفها مع الجيش، للمساعدة في عودة حزب المؤتمر الوطني لسدة الحكم. هذا بالإضافة إلى استجداء السند الروسي، والتملق للدعم الإيراني والتركي والقطري.
أمنياً مارست استخبارات الجيش السوداني، أبشع أنواع التنكيل جماعياً وفردياً على هويات المكونات المحسوبة افتراضاً على قوات الدعم السريع، فذبحوا أبرياء من الوريد إلى الوريد ذبح الخراف على الهوية، وبخروا البطون، ولاكوا الأكباد، وعقدوا محاكم التفتيش ونصلوا المشانق بالشبهات، وسمموا موارد مياه الشرف، ولم يتركوا شنيعة أو موبقة لم يرتكبوها كمحاولة يائسة لترهيب المواطن السوداني من الوقوف مع قوات الدعم السريع، ومساندتها.
شككوا في سودانية منسوبي قوات الدعم السريع، ووصفوهم بعرب الشتات، وأنهم مرتزقة، ولم يزدهم ذلك إلا إصرارا على البسالة والإقدام.
اتهموا دولة الإمارات العربية المتّحدة أنها تساند قوات الدعم السريع، وأنها تسعى لحرق السودان، وتخطط لتدمير مقدراتها، وصدعوا رؤوس عضوية مجلس الأمن بالشكاوى المتكررة والمتشنجة، مطالبين بالتحقيق في مزاعمهم السطحية، وملتمسين وصم قوات الدعم السريع بالإرهاب، وكانت حصيلتهم الدبلوماسية، عبارة صفر كبيرة. وظل الفريق البرهان، يرقع في حكومته الانقلابية غير الشرعية، المرة تلو المرة، ولكن يبدو أن الرتق قد اتسع على الراتق، وأخيراً ترك للمخابرات المصرية، اختيار وزير خارجية حكومة بورتسودان النازحة، من بين الدبلوماسيين السودانيين، فاختارت العجب العجاب، الذي يسعى بوتيرة حثيثة لإشعال حرب سودانية أثيوبية بالوكالة عن فرعون مصر!
لوحوا بالفصل وأومأوا بالانفصال، وعزموا على عقد امتحانات الشهادة السودانية مستثنين مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، ولوحوا بتغير العملة، وحظروا الحصول على جوازات السفر أو تجديدها على مكونات سودانية بعينها في كل دول العالم، وقطعوا خدمات الاتصالات وشبكات النت عن غرب السودان، واستجدوا الاحتلال المصري، لإنقاذ دولة ــ 56 التي تبقي السودان كحديقة خلفية وارفة لمصر، ولا يزال فرعون مصر، يتثاءب من هذا الطلب، ولم يكلف نفسه، مواراة تثائبه، أو أن يخفي تثاقله من هذا الخيار، الذي لا يحتمل مجرد الهظار.
ماذا تبقى في جعبتهم، ليخرجوه أملاً في حسم الحرب لصالحهم؟
لا شيء سواء استخدام السلاح الكيماوي، إن تمكنوا من الحصول عليه حصرياً، قبل تحرير الفاشر، والذي يعتبر بداية النهاية لدولةــ 56 المحتضرة، وهي مسألة وقت لا أكثر.
ebraheemsu@gmail.com
//إقلام متّحدة ــ العدد ــ 176//  

مقالات مشابهة

  • بعد إعلان نجاح الجيش على قوات الدعم السريع.. الوافدون السودانيون يدشنون مبادرة «راجعين لبلد الطيبين»
  • مقتل 5 سودانيين بقصف «الدعم السريع» على مسجد في أم درمان
  • بنك السودان المركزي يقرر تجميد حسابات قوات الدعم السريع والشركات التابعة لها
  • سلاح إماراتي وضربات مصرية.. تعليق جديد من الدعم السريع في السودان
  • أجانب يواجهون أهوال الحرب في معتقلات الدعم السريع بالخرطوم
  • ماذا تبقى في جعبة الجيش السوداني والحركة الإسلامية من خيارات لتفادي خسارة الحرب؟
  • الجيش السوداني يعلن مقتل 150 من قوات الدعم السريع ويكشف تفاصيل معركة ضارية في الفاشر
  • مواطنون يرون الانتهاكات التي تعرضوة لها من قبل قوات الدعم السريع بمنطقة الحلفايا – فيديو
  • السودان...تجددُ الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع في الفاشر
  • الدعم السريع جيش وطني لا جنيدي ولا عطوي