في إطار حرب "منزوعة السلاح" بين الولايات المتحدة والصين على أصعدة عدة، اتخذت بكين خطوة جريئة في سعيها لتقليل الاعتماد على التكنولوجيا الأمريكية، وهو ما يأتي في الوقت ذاته ردا على قرارات مماثلة اتخذتها واشنطن في صراع تكسير العظام هذا.
وأفردت صحيفة "وول ستريت جورنال" في هذا الشأن تقريرًا ذكرت فيه نقلا عن أشخاص مطلعين على الأمر لم تذكر أسماءهم، أن الصين حظرت استخدام هواتف آيفون التي تصنعها شركة "أبل" لمسئولي الحكومة المركزية.


قالت الصحيفة إن الموظفين في بعض الجهات التنظيمية الحكومية المركزية تلقوا تعليمات عبر مجموعات دردشة وفي الاجتماعات بالامتناع عن جلب أجهزة هواتف "آيفون" إلى مكاتبهم. ولم يتضح بعد كيفية صدور هذه الأوامر.
تُعتبر شركة "أبل" شديدة الشهرة في الصين، وهي أكبر سوق دولي للشركة. على الرغم من الاستياء المتزايد من الجهود الأمريكية للسيطرة على صناعة التكنولوجيا في الصين، فإن أجهزة "آيفون" تحظى بشعبية كبيرة في البلاد وتُستخدم على نطاق واسع في القطاعين الحكومي والخاص.
ومع ذلك، يُمنع استخدام الهواتف الأجنبية منذ فترة طويلة في الوكالات الحكومية الحساسة، خاصةً مع تصاعد الجهود الصينية لتقليل الاعتماد على التكنولوجيا الأمريكية.
في عام ٢٠٢٢، أمرت بكين وكالات الحكومة المركزية والشركات المدعومة من الدولة باستبدال أجهزة الكمبيوتر الشخصية من العلامات التجارية الأجنبية بأجهزة مصنوعة محلياً في غضون عامين، وهي جهود تستهدف القضاء على التكنولوجيا الخارجية الرئيسية من داخل الأجهزة الحساسة.
وأجرى تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة أبل، زيارة رفيعة المستوى إلى البلاد في شهر مارس، حيث تعد الصين سوقًا ومركزًا صناعيًا مهمًا للشركة، حيث تمثل حوالي ١٩٪ من إجمالي إيراداتها.
قد يكون حظر "آيفون" للمسئولين الحكوميين بمثابة انتقام لتحركات مماثلة اتخذتها الولايات المتحدة ضد التكنولوجيا الصينية ويمكن أن يكون له تأثير مروع على شركة "آبل" وغيرها من العلامات التجارية الأجنبية الكبيرة التي لها وجود راسخ في الصين.
وتخضع شركتا هواوي وZTE الصينيتان منذ فترة طويلة للقيود الأمريكية. وفي نوفمبر ٢٠٢٢، حظرت إدارة بايدن الموافقات على معدات الاتصالات الجديدة من الشركتين لأنها تشكل “خطرا غير مقبول” على الأمن القومي الأمريكي.
تم أيضًا حظر "تيك توك" من الأجهزة الصادرة عن العديد من المؤسسات الأمريكية، بما في ذلك مجلس النواب ومدينة نيويورك ومونتانا ونيوجيرسي وأوهايو وتكساس وجورجيا، بسبب مخاوف من إمكانية وصول الحكومة الصينية إلى بيانات المستخدمين من خلال الشركة الأم الصينية "بايت دانس".
ووفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية، انخفضت أسهم شركة أبل بعد أن ورد أن الصين منعت المسئولين في وكالات الحكومة المركزية من استخدام أو إحضار أجهزة "آيفون" وغيرها من الأجهزة ذات العلامات التجارية الأجنبية إلى المكتب.
وأفادت شبكة "سي إن إن"، بأن أسهم شركة أبل انخفضت بنسبة ٣.٦٪ يوم الأربعاء الماضي بعد الأخبار، وأغلقت عند ١٨٢.٩١ دولارًا في نيويورك. وهو أكبر انخفاض يومي خلال شهر. وقبل يوم الأربعاء، ارتفعت أسهم شركة أبل بنسبة ٤٦٪ هذا العام.
وفي يونيو ٢٠٢٢، ذكرت الشبكة الأمريكية، أن بعض وزارات الحكومة الصينية منعت سيارات "تسلا" من دخول مبانيها بسبب مخاوف أمنية.
وقال العديد من المحللين يوم الأربعاء الماضي إن الخطوة المبلغ عنها تظهر أن بكين ليست على استعداد لتجنيب أي شركة أمريكية في سعيها لتقليل اعتمادها على التكنولوجيات الأمريكية.
وقد يثير الحظر مخاوف بين الشركات الأجنبية العاملة في الصين مع تصاعد التوترات الصينية الأمريكية، ويأتي قبل حدث لشركة أبل الأسبوع المقبل يعتقد المحللون أنه سيكون حول إطلاق خط جديد من أجهزة آيفون.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الصين ايفون على التکنولوجیا شرکة أبل فی الصین

إقرأ أيضاً:

ذا ناشيونال إنترست: «زيلينسكى».. عّراف ميونخ.. الرئيس الأوكرانى يطالب أوروبا بجيش موحد ويعلن نهاية عصر الاعتماد على الحماية الأمريكية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

من يصدق أن ممثلاً كوميدياً سابقاً سيصبح العقل الاستراتيجى الأكثر إثارة للجدل فى القارة العجوز؟ فى حدثٍ استثنائى بمؤتمر ميونيخ للأمن، أطلق الرئيس الأوكرانى تحذيراً صاعقاً: حان الوقت لأوروبا أن تبنى جيشاً موحداً خاصاً بها، معلناً نهاية عصر الاعتماد على الحماية الأمريكية الذى دام ٨٠ عاماً.
وفى مقال نشرته مجلة "ذا ناشيونال إنترست" تحت عنوان "فلاديمير زيلينسكي.. عراف ميونخ"، يحلل أندريو كوشينز دور الرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلينسكى فى مؤتمر ميونيخ للأمن، مؤكدًا أن المؤتمر كشف عن ضرورة تبنى أوروبا لاستراتيجية مستقلة لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة. هذه الدعوة لم تأت من فراغ، بل تشكل صفعة لواقع تتهاوى فيه الركائز الأمنية للقارة، بينما تتسارع التغيرات الجيوسياسية العالمية.
كلمات تغير مسار التاريخ
ويعتبر المحلل أن كلمات زيلينسكى قد تكون الأهم فى المؤتمر، ويشبه خطاب زيلينسكى بخطاب فلاديمير بوتين الشهير فى المؤتمر ذاته عام ٢٠٠٧، الذى هاجم فيه الهيمنة الأمريكية الأحادية، لتبدأ بعدها روسيا حروبها التوسعية فى جورجيا وأوكرانيا.
واليوم يعيد التاريخ نفسه مع تحولات أكثر خطورة: انسحاب أمريكى متصاعد من الملف الأوروبي، ومفاوضات سرية بين واشنطن وموسكو تدار بعيدا عن بروكسل، رغم الدعم الأوروبى غير المسبوق لأوكرانيا منذ الغزو الروسى عام ٢٠٢٢.
ترامب يعيد رسم التحالفات.. والأوروبيين خارج الطاولة
كشف الجنرال الأمريكى المتقاعد كيث كيلوج، المبعوث الخاص لإدارة ترامب، عن مفاوضات ثنائية مع الروس فى السعودية، ملقيا باللوم على إدارة أوباما لفشل اتفاقيات مينسك السابقة، ومُلمحاً إلى أن دور الأوروبيين المستقبلى سيكون محدوداً فى أى تسوية، حتى كـ"قوات حفظ سلام".هذه الرؤية تتعارض مع تصريحات زيلينسكى التى تطالب أوروبا بالتحرر من التبعية الأمنية لواشنطن.
ولم يكن خطاب نائب الرئيس الأمريكى "جيه.دي. فانس" فى المؤتمر مجرد انتقاد لسياسات الهجرة الأوروبية أو الرقابة، بل شكل إشارةً مبطنةً لدعم التيارات اليمينية الصاعدة.
كما أن اجتماعه السرى مع أليس فايدل، زعيمة حزب "البديل من أجل ألمانيا" المتطرف، ينظر إليه كدعم ضمنى لتحالفات تهدد الوحدة الأوروبية، مع صعود ميلونى فى إيطاليا، ومارين لوبان فى فرنسا، وتقدم حزب "AfD" فى استطلاعات ألمانيا، يبدو أن اليمين المتطرف يعيد تشكيل خريطة القارة.
ترامب وأوروبا
تكشف سياسات ترامب عن رؤية جديدة: محاولة السيطرة على جرينلاند، ضم كندا، والهيمنة على قناة بنما، كلها إشارات لعودة النزعة الإمبريالية التى تعتبر "المجتمع الدولي" وهمًا.
وفق هذه الرؤية فإن القوة وحدها هى التى تحكم، ما يضع أوروبا فى مواجهة خيار مصيري: إما التكتل كقوة عظمى مستقلة، أو التحول إلى ساحة صراع بين القوى العظمى.
يواجه المشروع الأوروبى أخطر تحدٍ منذ الحرب الباردة، وتحذيرات زيلينسكى لم تأت فقط كنداء لمواجهة التهديد الروسي، بل كجرس إنذار لخلق هوية أمنية واقتصادية مستقلة.
التحرك الأوروبى نحو تعزيز القدرات العسكرية قد يعيد إحياء روح التكامل التى شهدتها تسعينيات القرن الماضي، ويجعل من أوروبا شريكاً متكافئاً مع واشنطن، بدلاً من تابعٍ هش.
إذا كانت أوروبا قد تعلمت درسا من تاريخها، فهو أن الأزمات وحدها تدفع نحو التغيير صعود اليمين، التهديد الروسي، والانسحاب الأمريكي، كلها عوامل قد تجبر القارة على خوض تحولٍ جذري.
ربما يكون زيلينسكى – بخطابه الاستثنائى – قد رسم خريطة الطريق، لكن القرار النهائى يبقى بين يدى القادة الأوروبيين: إما أن يصغوا لـ"عراف ميونيخ"، أو يواجهوا مصيراً يعيدهم إلى حقبة ما قبل الوحدة.
 

مقالات مشابهة

  • الصين تستهدف مكافحة إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي
  • وول ستريت جورنال: احتضان واشنطن لبوتين يهدد بتقسيم الغرب
  • بات يام.. سفارة أمريكا في إسرائيل تحظر على الموظفين استخدام وسائل النقل العام
  • ترامب يشدد القيود على الاستثمارات الصينية في القطاعات الاستراتيجية الأمريكية
  • «كليفلاند كلينك» يحصل على اعتماد الكلية الأمريكية
  • للعام الثالث.. تجديد الاعتماد الدولي لـمتبقيات المبيدات من الهيئة الأمريكية
  • تجديد الاعتماد الدولي لـمتبقيات المبيدات من الهيئة الأمريكية
  • قائمة ممنوعات للجماهير في مباراة القمة بين الأهلي والزمالك
  • آبل توقف رسميا بيع أجهزة آيفون جديدة بمنفذ Lightning
  • ذا ناشيونال إنترست: «زيلينسكى».. عّراف ميونخ.. الرئيس الأوكرانى يطالب أوروبا بجيش موحد ويعلن نهاية عصر الاعتماد على الحماية الأمريكية