كنوز خالدة.. الأدب والحياة (1)
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
تطغى على العالم موجة مادية تجتاحه أصولًا وفروعا، وتريده على أن يحمل تراث الإنسانية الأدبي، منذ فجرها حتى اليوم الراهن، فيأخذ سمته نحو أليم، فيلقي بذلك التراث في لجة مالها من قرار، ثم يعود وقد أزاح عن كاهله ذلك العبء المضني من دموع الشعراء وأنينهم وهزّات نشوتهم وسرورهم، وغير ذلك من نزوات الطفولة التي لا تدعو إليها ضرورة ولا شبه ضرورة في هذا العصر الحديث، وأن يتوفر على أزيز المعامل ومقارع الآلات، التي لا ينبغي أن يطرب لسواها، أو ينصت لصوت غير صوتها!! وماذا يغني دانتي وشكسبير بجانب علوم الطبيعة والكيمياء، التي على أساسها تعمل المطارق وتدور الأرجاء!! وفي ذلك يقول الكاتب الإنجليزي توماس بيكوك: (الشاعر في عصرنا هذا نصف همجي يعيش في عصر المدنية، لأنه يقيم في الزمن الخالي، ويرجع بخواطره وأفكاره وخوالجه وجوانحه إلى الأطوار الهمجية، والعادات المهجورة، والأساطير الأولى، ويسير بذهنه كالسرطان زحفًا إلى الوراء.
هكذا يقال عن الأدب الآن، كأنه عرض من أعراض الحياة، لا يمسها في الجوهر والصميم، والواقع أننا حين ننزل عن الأدب وسائر الفنون، فأننا إنما ننزل عن نفوسنا، لأن هذه وتلك شيء واحد اختلفت أوضاعه.
وللشاعر الفيلسوف طاغور تحليل يبين به موضع الفن من أساس الحياة، وأنه ضرورة لازمة لا مناص منها، ونحن نورد للقارئ خلاصة موجزة لذلك البحث الجليل: من الحقائق البديهية، ان الإنسان مرتبط بهذا العالم بصلات شتى، فهو يعيش في مضطرب الحياة مدفوعًا بطائفة من الحاجات التي يتحتم عليه قضاؤها وهو في تلك المحاولة مضطر إلى أن يتصل بالعالم اتصالًا ليس له عنه منصرف ولا محيد.
فالحاجة الجسمية تملي عليه أن يفلح الأرض ويتعهد الزرع حتى يثمر له القوت، وأن يلتمس من الطبيعة مسكنًا وملبسًا يدفعان عنه الفقر والهجير.
والحاجة العقلية تريده على أن يمعن النظر ويستقصي البحث في مظاهر الكون، لان العقل لا يقنع بالنظر إلى الأشياء الخارجية دون أن يتتبع العلل ويكتشف القوانين العامة التي تنتظم جميع الجزئيات، فهو مطبوع على هذا البحث ليخفف عن نفسه أعباء الحقائق الكثيرة التي تصادفه في حياته، باختزالها في عدد قليل من القوانين، أو في قانون واحد شامل إن استطاع إلى ذلك سبيلا.
وليست حاجة الإنسان تقتصر على العقل والجسد، بل هو يحمل بين جنبيه نفسًا لها مطمح تنشده وتسعى إليه، فهي بدورها مضطرة إلى أن تتصل بالكون كي تلتمس عند مظاهره ما تصبو إليه، وهي بحكم وجودها تعالج ضروبًا من المشاعر، فهي تموج بالأمل واليأس والسرور والغضب وغير ذلك من ألوان الشعور.
... ونستكمل غدًا الأحدمجلة “الرسالة” - العدد ١١ فى ١٥ - ٠٦ - ١٩٣٣المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة القاهرة يهنئ الرئيس عبدالفتاح السيسي بذكرى نصر أكتوبر
هنأ الدكتور محمد سامى عبد الصادق رئيس جامعة القاهرة، باسم مجلس الجامعة وأعضاء هيئة التدريس والعاملين والطلاب، الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، والفريق أول عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، والفريق أحمد فتحي خليفة رئيس الأركان، وقيادات ورجال القوات المسلحة، وجموع الشعب المصرى، بمناسبة الذكرى الحادية والخمسين لانتصارات أكتوبر المجيدة، داعيًا المولى عز وجل أن يحفظ مصر وشعبها وقياداتها ورجال قواتها المسلحة.
رئيس جامعة القاهرة: انتصارات أكتوبر المجيدة ستظل خالدة فى الأذهانوأكد رئيس جامعة القاهرة أن انتصارات أكتوبر المجيدة ستظل خالدة فى الأذهان، شاهدة على كفاءة أبناء الوطن في حسن الإعداد والتخطيط ودقة التنفيذ، مشيرا إلى أن أبطال قواتنا المسلحة سطروا صفحات المجد والتضحية وقدموا أرواحهم فداء لمصر لتبقى رايتها عالية خفافة، وعلينا أن نستلهم روح انتصارات أكتوبر في البناء والتنمية بمختلف مجالاتها.
وبهذه المناسبة، ثمن رئيس جامعة القاهرة دور القوات المسلحة في مختلف ملاحم العمل الوطنى، وفي تحقيق تنمية الوطن ونهضته، والمساهمة بقوة فى إنجاز المشروعات القومية العملاقة التي تبرهن يوما تلو الآخر على عظمة مصر وريادتها.