هل تصل فجوة الخلافات بين روسيا وأرمينيا إلى مرحلة القطيعة؟
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
موسكو- أضحت العلاقات الروسية الأرمينية على أعتاب تدهور تاريخي وغير مسبوق، بعد سلسلة تصريحات واتهامات متبادلة بين مسؤولين من البلدين، شكلت محط متابعة دقيقة من قبل المراقبين الروس لما لها من تداعيات خطيرة محتملة على ضوء الأوضاع الحساسة في الفضاء السوفياتي السابق عموما، والحرب مع أوكرانيا، والتجاذب الروسي مع الغرب بشكل خاص.
وقدمت الحكومة الأرمينية إلى البرلمان نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية للتصديق عليه، ما يعني أن قراراتها ستكون ملزمة للجانب الأرمني، بما في ذلك مذكرة الاعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التي أصدرتها المحكمة في مارس/آذار الماضي.
بوتين (يسار) خلال لقائه رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان في يريفان (شترستوك) نهاية شهر العسلواعتبر مراقبون روس أن ذروة الخطوات الأرمينية غير الودية تجاه موسكو جاءت مع إعلان يريفان نيتها إجراء تدريبات عسكرية مشتركة مع الولايات المتحدة، وتعيين الممثل الدائم السابق للبلاد لدى منظمة معاهدة الأمن الجماعي سفيرا لدى هولندا كخطوة اعتبرها عضو مجلس العلاقات الخارجية التابع للرئاسة الروسية، بوغدان بيزبالكو، رسالة مفادها بأن أرمينيا تسعى إلى التوجه نحو الغرب.
وقال رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان خلال مقابلة مع صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية "لا ينبغي لأرمينيا أن تعتمد فقط على روسيا في بناء الأمن الإستراتيجي، فقد تذوقت البلاد بالفعل الثمار المرة بفعل هذا الخطأ".
وأضاف أن "يريفان اعتمدت بنسبة 100% تقريبا على موسكو، لكن اليوم روسيا نفسها تحتاج إلى أسلحة، ومن الواضح أنها لن تكون قادرة على توفير احتياجات أرمينيا".
ولطالما لعبت العلاقات الروسية الأرمينية دورا رئيسيا في السياسة الخارجية والإستراتيجية لكلا الجانبين في جنوب منطقة القوقاز. وتتمركز قاعدة عسكرية روسية في أرمينيا، ويحرس حرس الحدود الروسي حدودها مع تركيا وإيران، كما تعد أرمينيا عضوا في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي، إضافة إلى أن روسيا تعد المستثمر الرئيسي في أرمينيا بقيمة بلغت نحو 4 مليارات دولار منذ بداية عام 2015.
دور وظيفيوفي حديث للجزيرة نت، اعتبر أندريه زايتسيف، الخبير في شؤون جنوب القوقاز، أن خطوات أرمينيا في اختبار صبر روسيا غير مقبولة بالنسبة للعلاقات التي كانت توصف قبل وقت قصير بالتحالفية مع موسكو، وتشكل دليلا واضحا على أن القيادة الأرمينية تريد قطع العلاقات معها.
وقال زايتسيف إن توجهات رئيس الوزراء الأرميني باشينيان الغربية ليست سرا كبيرا، موضحا أنه نشأ صحفيا وسياسيا بمساعدة مؤسسات وجهات غربية، وعندما كان معارضا طالب بانسحاب أرمينيا من الهياكل التكاملية التي أنشأتها روسيا.
وأضاف المتحدث ذاته، أن الرئيس بعد وصوله إلى السلطة تراجع شكليا عن هذه المطالب، وكان ينظم هذا الخروج، وأقدم على تطهير السلطات الأرمينية من عدد كبير من السياسيين والعسكريين الموالين لروسيا، وطور العلاقات مع "الشركاء" الغربيين، ودعم القوى والحرب الإعلامية المناهضة للكرملين، وفق تعبيره.
ونوه زايتسيف بوجود تقصير من جانب موسكو في التعامل مع المنظمات المدنية، في الوقت الذي نجحت فيه المنظمات غير الحكومية الغربية في استمالة شرائح واسعة من الأرمن، وهو ما ظهر بشكل جلي في تأييد 54% من الناخبين في أرمينيا لباشينيان المعادي للروس.
وحث زايتسيف موسكو على سحب الذرائع، والشروع بالمفاوضات المباشرة مع القيادة الأرمينية، لضمان مصلحة الطرفين، وقال "إذا خسرت روسيا حليفتها في جنوب القوقاز، فسيكون من الصعب عليها التأثير في هذه المنطقة بأكملها".
العلاقات الروسية الأرمينية لعبت دورا رئيسيا في السياسة الخارجية والإستراتيجية لكلا الجانبين في جنوب منطقة القوقاز (شترستوك) أوراق ضغطمن جهته أوضح الكاتب السياسي أوليغ كازاكوف، أن إطلاق أرمينيا إجراءات التصديق على نظام روما الأساسي بدأ قبل أن تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ما يعطي يريفان سببا للادعاء بأن هذه الإجراءات ليست موجهة ضد روسيا، بل فقط لتقديم ممثلي القيادة الأذربيجانية إلى العدالة؛ بسبب ما تعتبره انتهاكات من جانب باكو.
وشدد كازاكوف على أن ذلك لن يساعد أرمينيا بأي شكل من الأشكال في مواجهتها مع أذربيجان، معتبرا أن المحكمة ليس لديها أي سلطة، ولن تتخذ أي قرارات ضد أذربيجان، مرجعا ذلك لكون باكو لها حقها الكامل في إقليم قره باغ، ومن ثم فإن محاولة يريفان ممارسة المزيد من الضغط على أذربيجان باستخدام "هراوة" المحكمة لا تملك فرص وآفاق النجاح.
ونفى الكاتب السياسي أن ترد روسيا فعليا على التصديق على النظام الأساسي، واستطرد بالقول إن العلاقات بين البلدين سوف تتقوض بشكل لا رجعة فيه، لأن موسكو لن تتسامح مع الضغوط المباشرة، وفق رأيه.
ولفت كازاكوف إلى أن أرمينيا خسرت ملف إقليم قره باغ، مؤكدا أن روسيا والحلفاء الغربيين غير قادرين على التأثير على هذه العملية بأي شكل من الأشكال.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
رئيس الصين: حريصون على حل الخلافات مع الاتحاد الأوروبى من خلال الحوار
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الرئيس الصيني شى جين بينج، أن الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على المركبات الكهربائية الصينية تجذب اهتمام العالم، مشيرا إلى أن بلاده حريصة دومًا على حل الخلافات من خلال الحوار والتشاور.
وقال الرئيس الصيني - خلال لقائه المستشار الألماني أولاف شولتس، على هامش قمة قادة مجموعة العشرين المنعقدة في ريو دي جانيرو في البرازيل، وفقا لوكالة الأنباء الصينية- " إنه يأمل أن تواصل ألمانيا القيام بدور مهم في هذا الصدد".. موضحا أنه عقد مع شولتس تبادلات عميقة ومثمرة خلال زيارة الأخير للصين في أبريل هذا العام، لافتا إلى أنه خلال الأشهر الستة الماضية حققت الدولتان نتائج مهمة في مجالات التنمية الخضراء والنقل المستدام والتعاون الزراعي مع إفريقيا، وتواصل العلاقات الصينية-الألمانية التوهج بحيوية وديناميكية جديدتين.
وذكر رئيس الصين أن بلاده وألمانيا، باعتبارهما ثاني وثالث أكبر اقتصادين في العالم، بحاجة إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة، مؤكدا أنه يتعين على الصين وألمانيا التركيز على الارتقاء بالتعاون من خلال الرقمنة والذكاء والإجراءات منخفضة الكربون، والعمل معا لاستكشاف أسواق طرف ثالث لتحقيق التعاون المربح للجانبين.
وأضاف أن الصين تعد أوروبا قطبًا مهمًا في عالم متعدد الأقطاب، مؤكدا أن (بكين) ملتزمة بالتعاون مع أوروبا لمواجهة التحديات بشكل مشترك وتعزيز التنمية المستدامة والمستقرة والسليمة للعلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي.
من جانبه، قال شولتس "إن العلاقات الألمانية-الصينية أحرزت تقدما إيجابيا منذ زيارته الأخيرة للصين" مضيفا أنه في ظل الوضع الدولي المعقد الحالي، من المهم جدا بالنسبة لألمانيا والصين تعزيز الاتصالات والتعاون.
وأوضح أن الجانب الألماني يأمل في تطوير الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع الصين بشكل أكبر، وتعزيز الحوار والتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف بروح المساواة والصراحة والاحترام المتبادل، وحل الخلافات على نحو مناسب، وتحقيق المنفعة المتبادلة والنتائج المربحة للجانبين، والإسهام في التعافي الاقتصادي والنمو والازدهار المشترك على المستوى العالمي.
كما أعرب شولتس عن أمله في أن يتمكن الاتحاد الأوروبي والصين من حل مسألة المركبات الكهربائية في أقرب وقت ممكن من خلال الحوار والتفاوض، معربا عن استعداد الجانب الألماني لبذل جهود إيجابية في هذا الصدد.
كما تبادل الجانبان وجهات النظر بشأن أزمة أوكرانيا والوضع في الشرق الأوسط وغيرها من القضايا.