كيف تعيد حرب أوكرانيا تشكيل القواعد في سياسة الشرق الأوسط؟
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
يشكل الخليج مجالاً بالغ الأهمية للمناورة في التحول العالمي نحو التعددية القطبية، حيث تعيد الحرب الروسية في أوكرانيا صياغة ما يريده كل لاعب، وما يعتقد أنه قادر على تحقيقه.
ويوضح مقال روكسان فارمانفارمايان في "ريسبونسبل ستيتكرافت"، وترجمه "الخليج الجديد"، أكثر بالقول أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تريد تمديد "اتفاقيات أبراهام" لتشمل السعودية، حتى تتمكن من الإشارة إلى إنجاز رئيسي في السياسة الخارجية قبل الانتخابات الرئاسية العام المقبل، مع إعادة الرياض إلى داخل الخيمة الأمريكية الإسرائيلية.
وبدلا من ذلك، يريد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إبعاد الرياض عن واشنطن حتى يتمكن من قيادة محادثات عدم الانحياز والحصول على الفضل في حل حرب أوكرانيا مع روسيا، رغم أنه، جانباً، طالب بإنشاء مصنع لتخصيب الأسلحة النووية وإقامة مشروعات نووية، فضلا عن أسطول من الطائرات المقاتلة من طراز (إف-35) للنظر في طلب واشنطن تطبيع العلاقات مع تل أبيب.
وتريد إيران، التي خرجت من العزلة بعد احتجاجات "النساء، حرية الحياة" العام الماضي من خلال التوقيع على اتفاق تطبيع مع السعودية بوساطة الصين، إحباط أي توسع لـ"اتفاقات أبراهام" خارج البحرين والإمارات وتعمل جاهدة على ذلك.
ووفقا للمقال، تريد إسرائيل توسيع الاتفاقيات لتشمل الرياض، معتبرة أنها فرصة نادرة للسياسة الخارجية لتحقيق التوازن بين مشاكل نتنياهو الداخلية الناجمة عن حكومته اليمينية المتطرفة المثيرة للجدل وتعزيز التحالف الأمريكي المناهض لإيران في الخليج.
اقرأ أيضاً
السعودية تتصدر قائمة الدول الأكثر استيرادا للقمح من روسيا
ويضيف: "إن نفط الخليج وثرواته المذهلة، وانقسامه في المنتصف بين إيران والدول الموالية للغرب، والتوازن غير العملي بين منتجي الطاقة العالميين اللذين يواجهان بعضهما البعض عبر مضيق هرمز الضيق والاستراتيجي السخيف، كلها تجعل المنطقة واحدة من أعلى ملاعب الرهانات في العالم".
ويتابع: "كما أن حرب أوكرانيا تغير أهداف المنطقة وتقدم الصين بهدوء جوائز، مثل محطات الطاقة النووية، للجهات الفاعلة الإقليمية؛ وتستعرض دول مجلس التعاون الخليجي عضلات جديدة في عملية إعادة التنظيم الجيوستراتيجي الجارية".
ويشير المقال، إلى أن الروس يغرقون الخليج، إنهم يشترون كل شيء من أغطية المصابيح إلى المعدات الثقيلة في الأسواق الإيرانية ويتجنبون العقوبات عن طريق شحنها برا وعبر بحر قزوين.
وتجري السعودية محادثات مع شركات تصنيع الأسلحة الروسية الخاضعة لعقوبات الولايات المتحدة.
وفي الوقت نفسه، شهدت الفنادق في أبوظبي ودبي وعلى طول الساحل العماني قفزة بنسبة 200% في الحجوزات الروسية هذا العام (376 ألف نزيل شهريًا في أبوظبي وحدها/ 3 أضعاف متوسط العام الماضي) بالرغم من ضعف الروبل.
اقرأ أيضاً
السلطة الفلسطينية تحدد شروط الموافقة على صفقة التطبيع السعودية الإسرائيلية.. ما هي؟
وقد دخل كل من بن سلمان والرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان، إلى الميدان للتفاوض على اتفاق سلام بين موسكو وكييف.
وفي حين خفض إنتاج النفط طوعاً في يوليو/تموز لتعزيز الأسعار، مما أزعج واشنطن (مرة أخرى)، حيث من المرجح أن تدعم هذه الخطوة عائدات النفط الروسية.
ويرى المقال أن محاولة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خلال رحلته إلى الرياض في يوليو/تموز للترويج لـ"اتفاقيات أبراهام"، وإقناع بن سلمان بعدم تغيير الأهداف، وكذلك الانضمام إلى نظام العقوبات ضد روسيا، لم تنجح.
ومع جولة جديدة من الاحتجاجات بمناسبة ذكرى المظاهرات النسائية التي بدأت في سبتمبر/أيلول الماضي، تحتفل القيادة الدينية بعام من إعادة التأهيل المفاجئ في الخليج وفي مناطق أخرى على نطاق أوسع.
كما أعادت السعودية وإيران إنشاء سفاراتهما في عاصمتيهما، مما يوفر الضوء الأخضر لعلاقات أكثر دفئًا (وأكثر جوهرية) بين طهران والعواصم في أعلى وأسفل الساحل الغربي للخليج.
وبالنسبة للرياض، لم تشكل علاقات طهران الدافئة مع موسكو ودعمها العسكري للمجهود الحربي الروسي عقبات كبيرة، مع تزايد قربها الدبلوماسي من روسيا.
اقرأ أيضاً
شعبية بايدن بخطر.. كيف أصبحت السعودية لاعبا مهما في الانتخابات الأمريكية؟
ووفقا للمقال، تدرك كلتا الدولتين أن علاقاتهما مع موسكو واقعية، إن لم تكن خالية تماما من المشاكل، وكما هو الحال مع الكثير من الوفاق المستمر بينهما، فإنهما أكثر تركيزا في الوقت الحالي على تجزئة نقاط الخلاف لبناء حسن النية، بدلا من الإضرار به.
وبالرغم من العلامات السوداء التي تشوب سمعة كل منهما في مجال حقوق الإنسان، فقد تم الترحيب بحرارة بالدولتين النفطيتين الثقيلتين في مجموعة البريكس (جنبًا إلى جنب مع الإمارات).
ويشير هذا إلى النفوذ والتنوع المتزايدين في الجنوب العالمي، فضلاً عن الاستعداد الواضح لتحدي قواعد القوة العظمى الراسخة، مما دفع مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان على ما يبدو إلى رفض البريكس بعد الاجتماع باعتباره غير مهم من الناحية الجيوسياسية.
ويعتقد المقال أنه بالرغم من أن المشاركة العسكرية الأمريكية والالتزامات المالية لا تزال هي المهيمنة في الخليج، إلا أن واشنطن لم تعد تقود العمل، وغالبًا ما تفشل هذه الأيام بسبب قيام بكين بتحريك أهداف الهدف من وراء ظهرها.
وفي أعقاب انقلابها الدبلوماسي باتفاق التطبيع الإيراني السعودي المفاجئ، عرضت الصين الأسبوع الماضي فقط بناء محطة نووية على الحدود السعودية مع قطر والإمارات دون تضمين نفس الشروط التي طالبت بها الولايات المتحدة لمنع التخصيب والتسلح النووي المحتمل.
ويأتي ذلك في أعقاب رحلة بلينكن إلى الرياض للترويج لاتفاقيات أبراهام، والتي وصفها بأنها "حجر الزاوية" لسياسة إدارة بايدن في الشرق الأوسط على أساس أن المزيد من اندماج إسرائيل في المنطقة يساهم في تحقيق استقرار أكثر ومنطقة أكثر أمنا وازدهارا.
اقرأ أيضاً
بنك الصين يفتتح أول فروعه في السعودية.. بكين تعلن مرحلة جديدة من التعاون المالي
ولكن مع استمرار تصاعد التوترات بين حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة والفلسطينيين، فإن الرياض غير مقتنعة بأن الإعلان العلني عن الصداقة مع إسرائيل يعد أمراً حكيماً من الناحية السياسية أو من شأنه أن يساهم في الاستقرار في الخليج، خاصة وأن التجارة والثقة والدبلوماسية بين البلدين قد نمت بشكل مطرد دون ضجة التطبيع.
بالنسبة لبن سلمان، فإن مخاطر الانضمام إلى الاتفاقيات لا تشمل فقط إثارة غضب سكان المملكة والمجتمع الإسلامي الأوسع إذا نظر إليها على أنها تقلل من شأن القضية الفلسطينية، لكنها قد تعيق أيضًا التقدم مع طهران، التي قد تنظر إلى مثل هذه الخطوة على أنها استسلام الرياض للضغوط الأمريكية وانضمامها مرة أخرى إلى المعسكر المناهض لإيران.
وبينما تنشر المملكة جناحيها، فمن الواضح أنها تعطي الأولوية لجوار الخليج والانفراج على صداقة الولايات المتحدة.
ووفقا للكاتب، فإن المكان الذي أحرزت فيه واشنطن تقدماً، ولو من دون دعم إسرائيل، فهو ترتيبات خلف الكواليس مع إيران لتخفيف حدة تخصيبها النووي مقابل الوصول إلى 6 مليارات دولار من احتياطياتها المجمدة التي تحتفظ بها كوريا الجنوبية.
وتحت مظلة صفقة تبادل الأسرى، التي تأمل واشنطن الانتهاء منها خلال أسبوعين أو 3 أسابيع، تم إعداد تحويلات مصرفية، وقامت إيران بهدوء بإبطاء تخصيب اليورانيوم إلى 60%، وهي الآن بصدد تخفيف مخزونها.
اقرأ أيضاً
حبل دقيق تسير عليه دول الشرق الأوسط في التعامل مع الأزمة الأوكرانية
وهذا هو الاختراق الأول على الجبهة النووية منذ انسحاب دونالد ترامب من الاتفاق النووي في عام 2018.
وبالرغم من أن ذلك يعني التفاوض مع "عدو لدود"، وعندها فقط من خلال وسطاء، لا سيما عمان وقطر، فإنه يظهر أن واشنطن قادرة على المناورة ببراعة حتى عندما تتغير أهداف الخليج.
ووفقا للمقال، فإن الأمر الأقل وضوحًا هو ما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على التحلي بالمرونة نفسها في توسيع "اتفاقيات أبراهام"، حيث تلاحقها كل من الصين وإسرائيل، وتبددت الآن آمالها في التقارب الليبي الإسرائيلي، ويتجه مجلس التعاون الخليجي - إلى الأمام.قبالة في اتجاهات مختلفة.
ورغم أن حرب أوكرانيا تدور رحاها على الساحة الأوروبية، فإن تداعياتها في الخليج لافتة للنظر.
ولقد فتحت آفاقا جديدة لروسيا والصين للمشاركة بشكل هادف في أمن المنطقة والطاقة، في حين أعطت زخما جديدا للقوى المتوسطة في المنطقة ليس فقط لمتابعة أجنداتها المتوسعة، ولكن أيضا لإيجاد قضية مشتركة في مجتمع محوره الخليج يمكنه تجنب تقلبات منافسة القوى العظمى.
اقرأ أيضاً
3 تداعيات للصراع العسكري بين أوكرانيا وروسيا على منطقة الشرق الأوسط
المصدر | روكسان فارمانفارمايان/ ريسبونسبال ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الخليج أوكرانيا إيران السعودية الولایات المتحدة حرب أوکرانیا الشرق الأوسط فی الخلیج اقرأ أیضا بن سلمان
إقرأ أيضاً:
واشنطن بوست: البنتاجون يواجه أزمة الذخائر مع تصاعد التوترات بالشرق الأوسط
كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عما يواجه وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) من تحديات متزايدة نتيجة تصاعد الأزمة في الشرق الأوسط ونقص الذخائر، مما يزيد من الضغوط على الجيش الأمريكي لمواجهة التهديدات الإقليمية المتصاعدة في ظل التزامات طويلة الأمد في مناطق أخرى من العالم.
البنتاجون: أكثر من ثلاثة أرباع الشباب الأمريكي غير مؤهلين للخدمة العسكرية »اﻟﺒﻨﺘﺎﺟﻮن« ﻳﺼﺪر ﺻﻔﻘﺔ ﺳﻼح ﻹﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻛﻞ ٣٦ ﺳﺎﻋﺔوذكرت الصحيفة - في سياق تقرير نشرته عبر موقعها الإلكتروني اليوم الأربعاء أن ذلك يأتي في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة تغييرات كبيرة في تواجدها العسكري، مع مغادرة حاملة الطائرات "يو إس إس أبراهام لينكولن" الشرق الأوسط، ما يضع علامات استفهام حول قدرة الجيش الأمريكي على الحفاظ على الردع الكافي.
وأضافت أن الأسابيع الأخيرة شهدت اتخاذ قرار استدعاء الحاملة "لينكولن" بعد أن لعبت دورًا هامًا في دعم الاستقرار ومنع التصعيد بين إسرائيل وإيران ووكلائها المسلحين، وهو ما يمثل جزءًا من جهود إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للاحتفاظ بقوة بحرية دائمة في الشرق الأوسط منذ بداية الحرب في غزة في أكتوبر 2023.
وتابعت موضحة أنه بعد مغادرة "لينكولن"، سيعتمد البنتاجون على مزيج من السفن الحربية والمدمرات البحرية وقاذفات بي-52 والطائرات المقاتلة البرية للحفاظ على استقرار المنطقة.
وبحسب واشنطن بوست، تعاني القوات الأمريكية من نقص في الذخائر الحرجة نتيجة عمليات مكثفة لمواجهة تهديدات متعددة، منها هجمات الحوثيين في اليمن على السفن التجارية والدعم المستمر لأوكرانيا في تصديها للتدخل العسكري الروسي، ما زاد من الضغط على مخزونات الأسلحة.
وأقر مسؤولون عسكريون بأن التحدي يكمن في توزيع نظم الدفاع الجوي بين أوروبا والشرق الأوسط، ما يثير مخاوف بشأن قدرة واشنطن على الدفاع عن تايوان حال حدوث تصعيد مع الصين.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاستجابة للأزمة في الشرق الأوسط كانت سريعة منذ بداية حرب غزة، حيث نشر البنتاجون عشرات الآلاف من القوات ونظم دفاعات جوية مكثفة لدعم القبة الحديدية الإسرائيلية ولإرسال رسائل ردع قوية لإيران وحلفائها.
ومع مغادرة "لينكولن"، يبقى التساؤل حول مدى قدرة البحرية الأمريكية على مواصلة المهام الطويلة دون التأثير على صيانة السفن وجداول التدريب، وهو ما أشار إليه الأدميرال المتقاعد جيمس فوجو، محذرًا من التأثيرات الثانوية مثل تأخير الصيانة واستنزاف الذخائر.
الاتحاد الأوروبي يؤكد تطلعه إلى العمل مع ترامب وتعزيز الشراكة مع الولايات المتحدةأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن الاتحاد الأوروبي يتطلع إلى العمل مجددًا مع دونالد ترامب في حال تأكدت أنباء فوزه بسباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية .
وقالت فون دير لاين - في بيان نقلته وكالة أنباء "أسوشيتيد برس" الأمريكية اليوم الأربعاء- إن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة "أكثر من مجرد حلفاء، نحن مرتبطون بشراكة حقيقية بين شعبينا توحد 800 مليون مواطن".
وأضافت:"دعونا نعمل معًا على شراكة عبر الأطلسي تستمر في تقديم الخدمات لمواطنينا. تعتمد ملايين الوظائف والمليارات في التجارة والاستثمار على كل جانب من الأطلسي على ديناميكية واستقرار علاقتنا الاقتصادية".
وول ستريت جورنال: فوز ترامب يجلب حالة جديدة من عدم اليقين لأوكرانيا
ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن فوز المرشح الجمهوري "دونالد ترامب" برئاسة الولايات المتحدة، سيجلب حالة جديدة من عدم اليقين لأوكرانيا مع اقتراب الحرب الروسية من نهاية عامها الثالث.
وقالت الصحيفة إن ترامب قال مرارا إنه سيسعى إلى إنهاء سريع للحرب وتساءل عن الإنفاق الأمريكي لدعم أوكرانيا، لكنه لم يوضح خطة محددة .
وبحسب الصحيفة، هنأ زيلينسكي ترامب اليوم الأربعاء على "فوزه الانتخابي "، قائلا إنه يأمل أن يتمكنا من العمل معا "لإنهاء العدوان الروسي على أوكرانيا".