الذكاء الاستثماري لا يحتاج عباقرة.. كيف خسر أشهر علماء التاريخ ثروة في البورصة؟
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
لكي ينجح المرء في استثمار أمواله على نحو يتسم بالذكاء في الأوراق المالية، عليه أن يتسلح بقدرٍ كاف من المعرفة بأسلوب تحرك كل الأنواع المختلفة من الأسهم والسندات في ظل مختلف الظروف التي قد تتكرر في حياتهم مرة أخرى. وما من عبارة أشد ما تنطبق على وول ستريت مثل التحذير الشهير الذي أطلقه "سانتيانا": "من لا يذكر الماضي فهو محكوم عليه بتكراره".
يختلف الذكاء في الأسواق المالية، عن ذلك المعروف لدى الناس بالعبقرية وحاصل التفكير العلمي، إذ إنه يعني بصورة أكبر التحلي بالصبر والنظام والرغبة في التعلم، كما أنه يتطلب كبح جماح عواطفك والتفكير بنفسك، ولهذا فإنه "صفة من صفات الشخصية، وليس العقل"، وفقاً لما ذكره بنيامين غراهام، مؤلف كتاب "المستثمر الذكي".
مادة اعلانيةولإثبات ذلك، فإن معدلات الذكاء المرتفعة والتعليم العالي لا يكفيان لصنع مستثمر ذكي، ففي عام 1998، خسر صندوق "لونغ تيرم كابيتال مانجمنت" – وهو صندوق حماية كانت تديره كتيبة من علماء الرياضيات والكمبيوتر واثنان من الاقتصاديين الحاصلين على جائزة نوبل، ما يزيد على ملياري دولار في غضون أسابيع فقط بسبب رهان على أن سوق السندات سوف يتعود إلى طبيعتها، ولكن ظلت سوق السندات على خلاف مع طبيعتها بل ازدادت تحركاتها شذوذاً؛ مما اضطر الصندوق لاقتراض قدر هائل من الأموال، وكاد انهياره يقوّض دعائم النظام المالي بأسره.
شركات أبل "أبل" تخسر 200 مليار دولار في يومين بعد إجراء صينيوفي ربيع عام 1720 كان "إسحاق نيوتن" يمتلك أسهماً في شركة "ساوث سي" – أكثر الأسهم الإنجليزية رواجاً – ولكن لشعوره بأن حركة السوق قد بدأت تخرج عن السيطرة، وصف هذا الفيزيائي العظيم ذلك الموقف بقوله "إنني أستطيع حساب حركة الأجرام السماوية، ولكن لا يمكنني حساب جنون البشر"؛ لذلك قام نيوتن بالتخلص من أسهمه وحصل على ربح يصل إلى 100% بإجمالي 7000 جنيه إسترليني.
ولكن بعدها بعدة أشهر وبعد أن جرفه حماس السوق في تياره عاد "نيوتن" لشراء أسهم الشركة، ولكن بسعر أعلى مما جعله يخسر 20 ألف جنيه إسترليني (أي ما يعادل 3 ملايين دولار بأموال بداية الألفية)، وطوال حياته منع "نيوتن" أي شخص يتلفظ باسم "ساوث سي" في وجوده.
وبرغم الإجماع على عبقرية "نيوتن" ووصفه بأنه أكثر البشر ذكاءً في التاريخ القريب، إلا أنه لم يكن "مستثمراً ذكياً". فعندما سمح لضجيج العامة بأن يعلو على صوت حكمته، فإن أعظم علماء العالم تصرف كالأحمق.
تأسست شركة بحر الجنوب عام 1711، كانت في المقام الأول خطة لإدارة ديون الحكومة البريطانية. وكان نيوتن من أوائل المستثمرين وحقق أرباحاً جيدة مع ارتفاع سعر أسهم بحر الجنوب على مدار العقد الأول من القرن الثامن عشر. ومع ذلك، في عام 1720، شهدت أسهم الشركة واحدة من أكثر الارتفاعات والانخفاضات الأسطورية في التاريخ المالي.
وكان الهدف الأساسي من تأسيس شركة بحر الجنوب عام 1711 هو التعامل مع مشكلة مالية ملحة. إذ كان لدى الحكومة البريطانية عدد كبير من الديون غير المدفوعة المتراكمة، إلى حد كبير من المقاولين الذين كانوا يزودون الجيش البريطاني خلال حرب الخلافة الإسبانية. وعرضت الحكومة على دائنيها أسهم بحر الجنوب، وهو منتج مماثل للأسهم في شركة حديثة. ولم يعد السهم بالسداد الكامل للأموال المستحقة للدائنين، لكنه وعدهم بدفع الفوائد بشكل منتظم.
تلقت شركة بحر الجنوب الأموال من الحكومة لدفع تلك الفائدة للدائنين. كما احتكرت الشركة أيضاً التجارة البريطانية مع الساحل الغربي للأميركتين وجزء من الساحل الشرقي لأميركا الجنوبية، ومن هنا جاء اسم "شركة بحر الجنوب". واستفادت الشركة من بيع بعض البضائع البريطانية، والأهم من ذلك، من بيع الأفارقة المستعبدين. أغرى المشروع المستثمرين بوعدهم بأن الأرباح من التجارة في البحار الجنوبية ستضيف سخاءً إلى مدفوعات الفائدة الخاصة بهم.
ثروة نيوتنوعلى الرغم من خسائر "نيوتن" الفادحة بسبب استثماره في شركة "ساوث سي"، والتي قدّرت بنحو 20 ألف جنيه إسترليني، إلا أنه عندما مات عام 1727، كانت ثروته تقدر بـ 30 ألف جنيه إسترليني، فضلاً عن دخله السنوي البالغ 3000 جنيه إسترليني والناتج عن راتبه كمدير صك العملة، ورئيس الجماعة الملكية البريطانية، واستثماراته في الأوراق المالية.
وكان عمر "نيوتن" في عام 1720 عندما انفجرت فقاعة "ساوث سي" 80 عاماً، ويعزو البعض خسائره إلى أنه كان قد تقدم في العمر بشكل كبير وحتى أن اكتشافاته العلمية كان قد مر عليها عقود، ولم تكن له أي أبحاث للعديد من السنوات بعد استقالته من جامعة "كامبريدج".
وباختصار، إذا كنت قد أخفقت في الاستثمار حتى الآن فليس السبب هو أنك غبي، ولكنك في ذلك، شأنك شأن "نيوتن" لم تكتسب الانضباط العاطفي الذي يتطلبه الاستثمار الناجح.
مادة إعلانية تابعوا آخر أخبار العربية عبر Google News إسحاق نيوتن الذكاء الاستثماري الأسهم والسندات نيوتن وول ستريتالمصدر: العربية
كلمات دلالية: الأسهم والسندات نيوتن وول ستريت جنیه إسترلینی
إقرأ أيضاً:
أميركا تسجل أول وفاة بإنفلونزا الطيور إتش5 إن1.. وخبراء: مثيرة للقلق ولكن ليست مفاجئة
قالت وزارة الصحة في ولاية لويزيانا إن مريضا أميركيا كان قد دخل المستشفى مصابا بالسلالة (إتش5 إن1) من إنفلونزا الطيور توفي، في أول حالة وفاة بشرية معروفة في الولايات المتحدة بسبب الفيروس.
وقال مسؤولو الصحة في لويزيانا إن المريض، الذي لم تتحدد هويته، دخل المستشفى في 18 ديسمبر كانون الأول بعد مخالطته دجاجا وطيورا برية.
وأضاف المسؤولون أن عمر المريض يناهز 65 عاما ويعاني من مشكلات صحية، مما جعله أكثر عرضة للإصابة بأمراض خطيرة.
ونشير بيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إلى أن ما يقرب من 70 شخصا أصيبوا في الولايات المتحدة بفيروس إنفلونزا الطيور منذ أبريل نيسان، معظمهم من المزارعين، حيث انتشر الفيروس بين الدواجن وقطعان الأبقار المنتجة للألبان.
وقال المسؤولون الاتحاديون ومسؤولو الولايات إن المخاطر التي يتعرض لها عامة الناس بسبب الفيروس لا تزال منخفضة.
كما تفيد بيانات المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها إلى أن تفشي إنفلونزا الطيور المستمر، والذي بدأ ظهوره في الدواجن في 2022، أدى إلى نفوق ما يقرب من 130 مليونا من الطيور البرية والدواجن وأصاب 917 من قطعان الأبقار المنتجة للألبان.
إعلان فيروس قاتلوأظهر تحليل الفيروس المأخوذ من مريض لويزيانا أنه ينتمي إلى النمط الجيني دي1.1 وهو النوع نفسه الذي اكتُشف في الآونة الأخيرة في الطيور البرية والدواجن بواشنطن، بالإضافة إلى إصابة حادة اكتشفت مؤخرا لدى أحد المراهقين في مقاطعة كولومبيا البريطانية بكندا.
ويختلف هذا النمط عن النمط الجيني بي30.3 المنتشر حاليا في الأبقار المنتجة للألبان في الولايات المتحدة، والذي ارتبط في الغالب بأعراض خفيفة في الحالات البشرية بما في ذلك التهاب الملتحمة أو العين الوردية.
وقالت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إن المخاطر التي يتعرض لها عامة الناس لا تزال منخفضة. ويبحث الخبراء عن علامات تشير إلى أن الفيروس يكتسب القدرة على الانتشار بسهولة من شخص لآخر، لكن المراكز قالت إنه لا يوجد دليل على ذلك.
وقال مسؤولو الصحة في لويزيانا في بيان إن الأشخاص الذين يعملون مع الطيور والدواجن والأبقار، أو الذين يخالطونها لأغراض ترفيهية، معرضون لخطر أكبر.
وقال العديد من الخبراء إن الوفاة مثيرة للقلق، ولكنها لم تكن مفاجئة.
وقالت جينيفر نوزو، عالمة الأوبئة ومديرة مركز الأوبئة في كلية الصحة العامة بجامعة براون "هذا تذكير مأساوي لما ظل الخبراء يحذرون منه منذ أشهر، وهو أن فيروس (إتش5 إن1) فيروس قاتل".