((عمان)): فيلم "أوبنهايمر" للمخرج كريستوفر نولان، هو فيلم سيرة ذاتية عن الشخصية الحقيقية لروبرت أوبنهايمر، والتي يلعب دورها الممثل "كيليان مورفي". تجاوزت مدة الفيلم ثلاث ساعات، ويركز على الوجوه والشخصيات، كما أسهب في تناول الشخصيات بشكل كبير بتفاعل ينعكس على أفكار الأبطال وتخيلاتهم.

الشخصية الرئيسية في الفيلم هي "أوبنهايمر"، الذي كان مسؤولا عن فريق الأسلحة النووية في لوس ألاموس.

وقد أطلق عليه لقب "بروميثيوس الأمريكي" بسبب مساهمته المروعة في العلوم. وكان عالم رياضيات مشهور ورجل بسيط في آن واحد، يتميز بطبيعته المندفعة وشخصيته المتهورة، وأكبر إسهاماته السلاح الذي يريد أن يدمر به البشرية.

يتناول فيلم "أوبنهايمر" مبدأ فيزياء الكم الذي يشير إلى أن مراقبة الظواهر الفيزيائية يمكن أن تؤثر في نتائج التجارب. ويشير النقاد إلى وجود تلاعب في حقائق الفيلم تصور الأحداث بطريقة مشوشة سواء بإضافة معلومات جديدة لتغيير معنى الأحداث، أو لسبب تصرف الشخصيات.

ويركز الفيلم بشكل رئيسي، على التأثير النفسي للقنبلة الذرية على الشخصيات بدلا من التركيز على القنبلة نفسها وتأثيرها على الحرب والسكان المدنيين اليابانيين. كما يعرض تأثير القنبلة الذرية على الجسد البشري، بعيدا عن الهجمات الحقيقية التي تعرضت لها هيروشيما وناغازاكي. بالإضافة إلى طرح تساؤلات حول لو مرت الولايات المتحدة بتجربة مماثلة!!! ويميل الفيلم نحو وجهة نظر أوبنهايمر وآخرين يرون أن اليابان كانت على وشك الاستسلام قبل قصف هيروشيما وناغازاكي الذي أدى لمقتل الآلاف من المدنيين.

تم عرض فيلم "أوبنهايمر" بأسلوب جميل، بالإضافة إلى استخدام الشخصيات والأحداث كعناصر رمزية ومجازية في لوحة أكبر تركز على أسرار الطبيعة البشرية وتأثير القرارات على الأفراد والمجتمعات. ويعرض تأثير شخصية أوبنهايمر وقراراته على الأشخاص الآخرين، بدءا من فريق تطوير القنبلة الذرية حيث كان هناك أعضاء آخرون ذوي إرادة قوية مثل "إدوين تيلر" الذي كان يرغب في إنشاء القنبلة الهيدروجينية الأكثر قوة، كما يعرض الفيلم تأثيره على الجنرال "جروفز" الذي يحب أوبنهايمر على الرغم من أنه لا يدعمه في حكومة الولايات المتحدة، وأخيرا تأثيره على الرئيس هاري ترومان الذي أمر بإسقاط القنبلة الذرية على هيروشيما وناغازاكي.

الفيلم يحتوي أيضا على لمحات من الفكاهة في أسلوب "ستانلي كوبريك"، مثل قائمة المدن اليابانية المحتملة للقصف التي يتم مراجعتها وحذف كيوتو منها لأن الشخص الذي يقرأ القائمة قضى شهر العسل هناك. وتم تعزيز الفكاهة أكثر بوجود "ماثيو مودين" في دور مهندس أمريكي في الفيلم. ويتميز بمستوى فني عال ويضم تأثيرات متنوعة، متميزا بأسلوب "الفيلم القديم" حيث يبتعد الممثلون عن الخطوط ولا يحركون وجوههم بشكل كبير مثل الأفلام الحديثة. ويمكن أن نعتبر الفيلم عملا فنيا يجمع بين قصة السيرة الذاتية الأكاديمية بأسلوب فكاهي، ممزوج بالإضافات. كما تعرضت الشخصيات المختلفة في الفيلم لمناقشات نظرية حول الشخصية الفردية والجماعية وتكون بها درجة كبيرة من الرمزية. حيث تتم محاكمة كل الشخصيات وتتعرض للمساءلة بسبب تناقضاتها ونفاقها وخطاياها، ولكن المحاكمة تجري في الظلام! استخدم المخرج تقنية تصوير كبيرة الحجم IMAX لالتقاط المناظر الطبيعية في صحراء نيو مكسيكو، وللمقارنة بين الهدوء الخارجي للصحراء والاضطراب الداخلي لشخصية "أوبنهايمر". وتظهر اللقطات القريبة وجه "كيليان مورفي" الذي يقوم بدور "أوبنهايمر" بوضوح، حيث يحدق في المسافة المتوسطة وأحيانا حتى في العدسة نفسها، في حين يتجاهل أو يضيع في ذكرياته وتخيلاته وكوابيسه.

ويكشف الفيلم عن قوة اللقطات القريبة للوجوه، حيث يتصارع الأشخاص في الفيلم مع هوياتهم وقراراتهم وتأثيراتهم على أنفسهم وعلى الآخرين، وفي المقابل قام المخرج بتقريب اللقطات لوجوه الأشخاص بشكل غير متناسق أحيانا لعرض لقطات أحداث سريعة لم تحدث بعد أو حدثت بالفعل. وتم تصوير اللقطات بشكل متكرر لتوثيق الانفجارات والحطام والحرائق الكبيرة والصغيرة، والتي تظهر الأحداث المأساوية الشخصية الأخرى.

وتتوسع الذاكرة ببطء في الفيلم، حيث تبدأ بعرض نبذة عن شيء ما في البداية، ثم تكشف المزيد من التفاصيل، لتصل في النهاية إلى الصورة الكاملة للأحداث. ولا يتعلق هذا الموضوع فقط بالقنبلة الضخمة التي يأمل فريق "أوبنهايمر" أن تنفجر في الصحراء، بل يتعلق أيضا بالصور المتكررة لقرارات فردية تؤدي إلى سلسلة من التفاعلات المتسلسلة والتي تجعل الأحداث تحدث. حيث يتم ذلك من خلال الصور المتكررة للتموجات في الماء، فتبدأ بالقطرات التي تتسبب في حلقات متكررة على سطح الماء، وتشير إلى نهاية مهنة "أوبنهايمر" كمستشار حكومي وشخصية عامة، بالإضافة إلى انفجار أول قنبلة نووية في العالم.

وتركز الكاميرا بشكل خاص على وجوه الشخصيات في الفيلم، حيث تحمل هذه الوجوه وتعكس اهتماماتهم ومعانيهم. وتشمل الشخصيات "أوبنهايمر"، وزوجته "كيتي" والجنرال "جروفز" و"لويس شتراوس"، فضلا عن شخصيات أخرى. وتم تصوير "شتراوس" على أنه الشخص الذي يذكر الآخرين دائما بعلمه وشهادته العلمية ويعبر عن نجاحه في الحياة، على عكس "أوبنهايمر"! وحمل إخراج الفيلم لمسة فنية حيث تنقل بين ثلاثة فترات زمنية أو أكثر في لمحة، ويتركز الإبداع على الموسيقى التصويرية المستمرة التي تمزج مع الحوار والمونولوجات لإيجاد تأثير فريد وعلمي في التوضيح، ويمكن أن يشعر المشاهد أثناء مشاهدة الفيلم بنوع غريب وفريد من التفكير العلمي. فنجد بأن المخرج " نولان" استخدم في فيلم "أوبنهايمر" جميع التقنيات والأساليب التي قام بتنميتها على مدار العشرين عاما الماضية في أعماله الثقافية السابقة، وركز على استكشاف أعماق العقل والقلب، بدلا من مجرد تحريك شخصيات على قصة متشابكة ومعقدة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: القنبلة الذریة فی الفیلم

إقرأ أيضاً:

مخرجة فيلم آخر ليالي الصيفية تكشف كواليس التحضير له: وصف الشخصيات كان طبيعيا

شارك فيلم آخر ليالي الصيفية الأنظار في الدورة الـ 45 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولى الماضية، وشهد حضور جماهيريا كبيرا وإشادات واسعة وهو الأمر الذي عبرت مخرجته فاطمة ياسر عن سعادتها الكبيرة به من خلال تصريحات خاصة لـ«الوطن».

مخرجة فيلم آخر ليالي الصيفية تكشف كواليس التحضير له: التغير ثابت في حياتنا

وقالت المخرجة فاطمة ياسر، إنها كانت سعيدة للغاية بأن يتم اختيار العمل ليشارك في الدورة الـ 45 من مهرجان القاهرة السينمائي، كاشفة عن كواليس التحضير، مشيرة إلى أن تجاربها الشخصية مع أبناء خالتها وجدها ساعدتها على وصف الشخصيات بعمق أكبر قائلة «أعتقد أنه جعل الأمور أسهل، بمعنى أنه كان لدي مرجع عندما كتبته، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالشخصيات وهذا جعل القصة تتدفق بسهولة وبشكل طبيعي».

لا أحاول إيصال فكرة معينة من الفيلم

وتابعت فاطمة حديثها عن الرسالة التى كانت تريد توصيلها للجمهور من خلال العمل فقالت «لا توجد رسالة أحاول إيصالها من خلال الفيلم، بل مجرد شعور، حاولت أن أخلق مساحة للمشاهدين ليشعروا وكأنهم جزء من العائلة، ليقضوا هذه الليلة مع الفتيات، ويمنحوا أنفسهم فرصة لتوديع الأشياء التي تسربت من بين أيديهم دون أن يدركوا ذلك وقتها لأن التغيير ثابت في حياتنا».

التغيير هو أحد المواضيع الرئيسية للفيلم

وتابعت حديثها عن التغير في حياة البشر فقالت «التغيير هو أحد المواضيع الرئيسية للفيلم، يكاد يكون في صميمه، أؤمن أن التغيير ثابت في حياتنا جميعًا، بغض النظر عن مدى رغبتنا في الهروب من هذه الحقيقة».

أما عن إحدى الشخصيات الرئيسية في العمل وهي رنا فكشفت فاطمة هل استوحتها من شخصية حقيقة قائلة «نعم، شخصية رنا هي واحدة من شخصياتي المفضلة، التناقض في شخصيتها يجعلها جذابة للغاية بالنسبة لي. هي متمردة جدًا، مليئة بالحياة وقوية، لكنها تخاف كثيرًا، وتشعر بالشك في نفسها وما تريده طوال الوقت، استوحيتها من ابنة خالتي وكيف أراها كشخص».

مقالات مشابهة

  • اليسير: الدبيبة مجرد سلطة أمر واقع بفضل الجماعات المسلحة المسيطرة على طرابلس
  • وفاة الفنان الأردني هشام يانس.. اشتهر بتقليد عدد من الشخصيات السياسية
  • قوافل إنسانية
  • من هي أبرز الشخصيات التي تدير المشهد في سوريا الجديدة؟.. وزراء ومحافظون
  • أستاذ استثمار: توطين الصناعة إحدى الاستراتيجيات الأساسية التي انتهجتها الدولة لتغير واقع الاقتصاد
  • الإعلان بفاس عن الشخصيات الفائزة بجائزة فاطمة الفهرية
  • مخرجة فيلم آخر ليالي الصيفية تكشف كواليس التحضير له: وصف الشخصيات كان طبيعيا
  • محمود فوزي: حياة كريمة حولت نصوص الدستور إلى واقع ملموس
  • مصر تقدم مساعدات إنسانية وصحية للمتواجدين في مستشفى العودة بغزة
  • من واقع مسلسل ساعته وتاريخه.. نصائح للتعامل مع طفل مريض القلب؟