أوبنهايمر .. قصة إنسانية من واقع انفجار القنبلة الذرية الأولى
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
((عمان)): فيلم "أوبنهايمر" للمخرج كريستوفر نولان، هو فيلم سيرة ذاتية عن الشخصية الحقيقية لروبرت أوبنهايمر، والتي يلعب دورها الممثل "كيليان مورفي". تجاوزت مدة الفيلم ثلاث ساعات، ويركز على الوجوه والشخصيات، كما أسهب في تناول الشخصيات بشكل كبير بتفاعل ينعكس على أفكار الأبطال وتخيلاتهم.
الشخصية الرئيسية في الفيلم هي "أوبنهايمر"، الذي كان مسؤولا عن فريق الأسلحة النووية في لوس ألاموس.
يتناول فيلم "أوبنهايمر" مبدأ فيزياء الكم الذي يشير إلى أن مراقبة الظواهر الفيزيائية يمكن أن تؤثر في نتائج التجارب. ويشير النقاد إلى وجود تلاعب في حقائق الفيلم تصور الأحداث بطريقة مشوشة سواء بإضافة معلومات جديدة لتغيير معنى الأحداث، أو لسبب تصرف الشخصيات.
ويركز الفيلم بشكل رئيسي، على التأثير النفسي للقنبلة الذرية على الشخصيات بدلا من التركيز على القنبلة نفسها وتأثيرها على الحرب والسكان المدنيين اليابانيين. كما يعرض تأثير القنبلة الذرية على الجسد البشري، بعيدا عن الهجمات الحقيقية التي تعرضت لها هيروشيما وناغازاكي. بالإضافة إلى طرح تساؤلات حول لو مرت الولايات المتحدة بتجربة مماثلة!!! ويميل الفيلم نحو وجهة نظر أوبنهايمر وآخرين يرون أن اليابان كانت على وشك الاستسلام قبل قصف هيروشيما وناغازاكي الذي أدى لمقتل الآلاف من المدنيين.
تم عرض فيلم "أوبنهايمر" بأسلوب جميل، بالإضافة إلى استخدام الشخصيات والأحداث كعناصر رمزية ومجازية في لوحة أكبر تركز على أسرار الطبيعة البشرية وتأثير القرارات على الأفراد والمجتمعات. ويعرض تأثير شخصية أوبنهايمر وقراراته على الأشخاص الآخرين، بدءا من فريق تطوير القنبلة الذرية حيث كان هناك أعضاء آخرون ذوي إرادة قوية مثل "إدوين تيلر" الذي كان يرغب في إنشاء القنبلة الهيدروجينية الأكثر قوة، كما يعرض الفيلم تأثيره على الجنرال "جروفز" الذي يحب أوبنهايمر على الرغم من أنه لا يدعمه في حكومة الولايات المتحدة، وأخيرا تأثيره على الرئيس هاري ترومان الذي أمر بإسقاط القنبلة الذرية على هيروشيما وناغازاكي.
الفيلم يحتوي أيضا على لمحات من الفكاهة في أسلوب "ستانلي كوبريك"، مثل قائمة المدن اليابانية المحتملة للقصف التي يتم مراجعتها وحذف كيوتو منها لأن الشخص الذي يقرأ القائمة قضى شهر العسل هناك. وتم تعزيز الفكاهة أكثر بوجود "ماثيو مودين" في دور مهندس أمريكي في الفيلم. ويتميز بمستوى فني عال ويضم تأثيرات متنوعة، متميزا بأسلوب "الفيلم القديم" حيث يبتعد الممثلون عن الخطوط ولا يحركون وجوههم بشكل كبير مثل الأفلام الحديثة. ويمكن أن نعتبر الفيلم عملا فنيا يجمع بين قصة السيرة الذاتية الأكاديمية بأسلوب فكاهي، ممزوج بالإضافات. كما تعرضت الشخصيات المختلفة في الفيلم لمناقشات نظرية حول الشخصية الفردية والجماعية وتكون بها درجة كبيرة من الرمزية. حيث تتم محاكمة كل الشخصيات وتتعرض للمساءلة بسبب تناقضاتها ونفاقها وخطاياها، ولكن المحاكمة تجري في الظلام! استخدم المخرج تقنية تصوير كبيرة الحجم IMAX لالتقاط المناظر الطبيعية في صحراء نيو مكسيكو، وللمقارنة بين الهدوء الخارجي للصحراء والاضطراب الداخلي لشخصية "أوبنهايمر". وتظهر اللقطات القريبة وجه "كيليان مورفي" الذي يقوم بدور "أوبنهايمر" بوضوح، حيث يحدق في المسافة المتوسطة وأحيانا حتى في العدسة نفسها، في حين يتجاهل أو يضيع في ذكرياته وتخيلاته وكوابيسه.
ويكشف الفيلم عن قوة اللقطات القريبة للوجوه، حيث يتصارع الأشخاص في الفيلم مع هوياتهم وقراراتهم وتأثيراتهم على أنفسهم وعلى الآخرين، وفي المقابل قام المخرج بتقريب اللقطات لوجوه الأشخاص بشكل غير متناسق أحيانا لعرض لقطات أحداث سريعة لم تحدث بعد أو حدثت بالفعل. وتم تصوير اللقطات بشكل متكرر لتوثيق الانفجارات والحطام والحرائق الكبيرة والصغيرة، والتي تظهر الأحداث المأساوية الشخصية الأخرى.
وتتوسع الذاكرة ببطء في الفيلم، حيث تبدأ بعرض نبذة عن شيء ما في البداية، ثم تكشف المزيد من التفاصيل، لتصل في النهاية إلى الصورة الكاملة للأحداث. ولا يتعلق هذا الموضوع فقط بالقنبلة الضخمة التي يأمل فريق "أوبنهايمر" أن تنفجر في الصحراء، بل يتعلق أيضا بالصور المتكررة لقرارات فردية تؤدي إلى سلسلة من التفاعلات المتسلسلة والتي تجعل الأحداث تحدث. حيث يتم ذلك من خلال الصور المتكررة للتموجات في الماء، فتبدأ بالقطرات التي تتسبب في حلقات متكررة على سطح الماء، وتشير إلى نهاية مهنة "أوبنهايمر" كمستشار حكومي وشخصية عامة، بالإضافة إلى انفجار أول قنبلة نووية في العالم.
وتركز الكاميرا بشكل خاص على وجوه الشخصيات في الفيلم، حيث تحمل هذه الوجوه وتعكس اهتماماتهم ومعانيهم. وتشمل الشخصيات "أوبنهايمر"، وزوجته "كيتي" والجنرال "جروفز" و"لويس شتراوس"، فضلا عن شخصيات أخرى. وتم تصوير "شتراوس" على أنه الشخص الذي يذكر الآخرين دائما بعلمه وشهادته العلمية ويعبر عن نجاحه في الحياة، على عكس "أوبنهايمر"! وحمل إخراج الفيلم لمسة فنية حيث تنقل بين ثلاثة فترات زمنية أو أكثر في لمحة، ويتركز الإبداع على الموسيقى التصويرية المستمرة التي تمزج مع الحوار والمونولوجات لإيجاد تأثير فريد وعلمي في التوضيح، ويمكن أن يشعر المشاهد أثناء مشاهدة الفيلم بنوع غريب وفريد من التفكير العلمي. فنجد بأن المخرج " نولان" استخدم في فيلم "أوبنهايمر" جميع التقنيات والأساليب التي قام بتنميتها على مدار العشرين عاما الماضية في أعماله الثقافية السابقة، وركز على استكشاف أعماق العقل والقلب، بدلا من مجرد تحريك شخصيات على قصة متشابكة ومعقدة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: القنبلة الذریة فی الفیلم
إقرأ أيضاً:
قطرات الأمطار تعري واقع البنية التحتية بأحفير
زنقة 20 | متابعة
كشفت التساقطات المطرية التي تهاطلت على منطقة أحفير شرق المملكة اليوم الأحد عن هشاشة البنيات التحتية بمركز المدينة وهوامشها.
ومع أولى قطرات الغيث، تحوّلت معظم الأزقة والشوارع إلى مستنقعات من المياه والأوحال، تسبّبت في شلّ حركة السير في أهم المحاور الطرقية.
كما أدّت المياه الجارية إلى اختناق بالوعات الصرف الصحي، بعد أن عجزت عن تمرير مياه الأمطار، فغرقت الأحياء والشوارع.
هذه المشاهد وفق فعاليات محلية، أضحت عنوانا لسيناريو ظل يتكرّر، في مثل هذه الفترات من كلّ سنة، في المدينة، وتؤدّي إلى إحداث الخلل في حركة السير والجولان.