عودة الحكومة الكبيرة.. كيف سندفع تكلفتها؟
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
تقليديا، النجم الذي يخطف الأضواء في "جاكسون هول" هو رئيس بنك الاحتياط الفدرالي. فخطابه في هذا المنتدى الخاص برؤساء البنوك المركزية في ولاية وايومنج الأمريكية والذي يماثل منتدى دافوس يخضع إلى فحص واسع النطاق بحثا عن تلميحات حول اتجاه السياسة النقدية للولايات المتحدة. لكن الجلسة التي نالت أكبر قدر من التعليقات في منتدى هذا العام لم تكن تلك التي تتعلق برئيس بنك مركزي يتحدث عن التضخم وأسعار الفائدة لكن بأكاديمي يناقش قضية الدَّين.
جاذبية السياسة المالية
الحاجة لإنفاق حكومي أكبر تتركز في ثلاثة مجالات هي الدفاع والديموغرافية والتغيّر المناخي. سقوط حائط برلين في عام 1989 ونهاية الحرب الباردة حققا مكاسب سلام مع إعادة توجيه الإنفاق الدفاعي لاستخدامات أخرى. وبنهاية عام 2021 استوفت أقل من نصف بلدان الناتو (31 عضوا) هدفها المتمثل في إنفاق 2% من إجمالي ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع. لكن الحرب الروسية الأوكرانية وتصاعد التوترات بين الغرب والصين دفعا حكومات عديدة إلى تعزيز قدراتها العسكرية. فبعد ثلاثة أيام من بداية حرب أوكرانيا تحدث أولاف شولتز مستشار ألمانيا عن تحوّل زلزالي "زايتينفيندة" وتعهد بالوفاء بنسبة الإنفاق الدفاعي المستهدف (2%) بحلول عام 2024. وتخطط اليابان لزيادة موازنتها الدفاعية بنسبة 57%. لكن الإنفاق على الرعاية الصحية ورواتب التقاعد سيواصل ارتفاعه الحاد. فمن المقرر أن ترتفع نسبة إعالة كبار السن (65 عاما فما فوق) إلى من تتراوح أعمارهم بين 25 عاما و64 عاما في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من 33% في عام 2023 إلى 36% في عام 2027 قبل أن تزداد هذه النسبة إلى 52% بحلول عام 2050. ستعتمد التكلفة الدقيقة لتحقيق انبعاثات صافي صفر كربون ليس فقط على الابتكار التقني ولكن أيضا على استعداد الحكومات للتعاون. التنافس بين البلدان لتطوير أو اجتذاب التقنية الخضراء مفهوم لأسباب تتعلق بالأمن الوطني لكن سعي كل بلد إلى ذلك بمفرده من المرجح أن يرفع تكلفة تحوّل الاقتصادات إلى الطاقة الخضراء. المطالب الضاغطة للانتقال إلى الموارد المتجددة والتوتر الجيوسياسي المتصاعد ليست هي الأشياء الوحيدة التي تقود التركيز المتجدد على السياسة المالية. الذي جعل الحكومات أكثر جرأة تدخلاتُها أثناء الجائحة وأزمة الطاقة الأخيرة في أوروبا عندما رتبت إطلاق برامج تطعيم جماعي وحِزَم مساعدات مالية للعائلات والشركات. إحياء الحكومة الكبيرة الأكثر نشاطا في مقابلة الاحتياجات الاجتماعية تفتح الباب أمام الحاجة إلى إنفاق حكومي أكبر لحل المشاكل المقترنة بذلك.
يقول ويد "الاعتماد بقدر أكبر على السياسة المالية يعني أن سياسة الاقتصاد الكلي ستكون أكثر تَسيِيسا". وفي حين تعتمد البنوك المركزية على أدوات محدودة للحفاظ على الاستقرار المالي والسيطرة على التضخم تقدم السياسة المالية خيارات مثل "مَن ومَا الذي تُفرض عليه الضرائب وعلى ماذا يكون الإنفاق". هنالك مثال لافت لذلك وهو خطة الرئيس جو بايدن لدعم التحول إلى الموارد المتجددة والمتمثلة في قانون خفض التضخم الذي أجيز في العام الماضي. فمن المقرر أن تقدم الخطة دعما وإعفاءات ضريبية بمئات بلايين الدولارات للتقنيات والصناعات الخضراء. الإنفاق لأغراض الاستثمار لم يدافع عنه رئيس أمريكي على مدى عقود بمثل هذه القوة (التي يدافع بها بايدن)، حسب جوزيف ثورندايك، مؤرخ الضرائب في الولايات المتحدة. يقول ثورندايك بايدن وفريقه يتبنّون دون تعديل سياسات وأفكار الأمريكي فرانكلين روزفلت الاقتصادية دون تعديل (سياسة النيوديل وتدخل الحكومة في الاقتصاد). المعضلة التي تواجهها الاقتصادات المتقدمة أن كلا من الرغبة في الإنفاق والحاجة إليه يجيئان في وقت يشهد نموا اقتصاديا فاترا وأوضاعا مالية صعبة. الدعم الحكومي غير المسبوق للشركات والأفراد أثناء الجائحة رفع سلفا مستويات الدَّين في الاقتصادات المتقدمة فيما أدى ازدياد التضخم إلى رفع أسعار الفائدة مع سعي البنوك المركزية إلى ترويض الأسعار المتصاعدة. وستجعل مستويات الدين وأسعار الفائدة المرتفعة الاقتراض أكثر صعوبة وتكلفة في الأسواق المالية، خصوصا لتمويل الإنفاق اليومي. يقول باسكال سانت- أمانز المدير السابق لمركز الضرائب بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "الحاجة إلى الإيرادات خصوصا للمزيد من الإنفاق الدفاعي كبيرة حقا. ويبدو كأنما الضرائب ستكون الخيار المفضل". لكن المواطنين والشركات في بلدان الاقتصادات المتقدمة خاضعون سلفا لمعدلات ضريبية مرتفعة. فأرقام منظمة التعاون الاقتصادي تظهر أن متوسط العبء الضريبي في البلدان الأعضاء قياسا إلى الناتج المحلي الإجمالي ارتفع من 24.9% في عام 1965 إلى 32.6% بحلول عام 1988 مع توسيع الحكومات شبكات الأمان الاجتماعي وأنظمة الرعاية الصحية. إذن ظلت المستويات الضريبية ثابتة حتى هذا العقد. لكنها بدأت ترتفع منذ الجائحة. فالمتوسط كان 34.1% في عام 2021، حسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. يقول ثورندايك تاريخيا أقوى الطرق لكسب التأييد الشعبي لرفع الضرائب (في الولايات المتحدة) كانت في أوقات الحرب وهي الدعوة إلى "المشاركة في التضحية والدفاع عن الوطن".
الإصلاح (الضريبي) الجذري
من الصعب إخطار الناس بالحاجة إلى رفع الضرائب المفروضة عليهم أثناء وجود أزمة في تكلفة المعيشة وفي وقت يشهد ارتفاعا في معدل التضخم. يقول ثورندايك "ليست لدينا حقا لغة سياسية نبرر بها المزيد من رفع الضرائب. لا سبيل لنا إلى الدفاع عن ذلك". تشير هيلين ميلر نائبة المدير ورئيس قسم الضرائب بمعهد الدراسات المالية في بريطانيا إلى أن خفض الخدمات العامة بديل آخر. لكن ذلك أيضا صعب سياسيا. تقول "نحن أبعد ما نكون عن حوار عام يُقال فيه للناس هذه هي التحديات القادمة. ما الذي تريدونه كمواطنين؟" نظرا إلى المصاعب السياسية ستسعى الحكومات في الغالب إلى رفع الضرائب في مجال معين وتجميد عتبة الإعفاء الضريبي في مجال آخر دون أن ينتبه عدد كبير من الناس لذلك. لكن يعتقد العديد من الخبراء أن المطلوب الآن مقاربة أكثر جذرية لإصلاح الاختلالات العديدة في الأنظمة الضريبية في معظم البلدان. تقول جوديث فريدمان أستاذة قانون وسياسات الضرائب الفخرية بجامعة أكسفورد، نحن الآن نحتاج إلى "إصلاح جذري وليس إلى ترقيع" النظام الضريبي. وتضيف: يجب أن يشمل الإصلاح النظر في التوازن بين الضريبة على رأس المال والدخل وهل نزيد الضريبة العقارية وطريقة فرض الضريبة على الثروة بشكل عام. من جانبها، تقول انيتا مونتِيَث الرئيسة السابقة لقسم السياسة الضريبية بمعهد المحاسبين القانونيين في بريطانيا وويلز إن الضرورة كثيرا ما كانت أمّ الاختراع عندما يتعلق الأمر بالضريبة. وتشير إلى استحداث ضريبة الفحم في القرن السابع عشر بعد حريق لندن الكبير. لقد فرضت تلك الضريبة للمساعدة في مقابلة التكلفة المهولة لإعادة بناء المدينة. ويمكن اعتبارها "ضريبة طاقة" مبكرة. تقول مونتيث إنها فقط مثال للقول بأنه ليس هنالك جديد تحت الشمس فيما يخص السياسة الضريبية".
وهي تتنبأ بأن الحكومات ستتجه بقدر أكبر إلى فرض الضرائب البيئية. لكنها تحذر بأنها سيلزمها التفكير بعناية في النتائج غير المقصودة التي يمكن أن تنشأ عن ذلك. يقول محمود برادان رئيس قسم الاقتصاد الكلي الدولي بمعهد اموندي "من دون ضريبة الكربون والتزام القطاع العام قد لا نحقق التحوّل إلى الموارد الخضراء". ثمة خيار آخر وهو العودة إلى الاتجاه الذي كان موجودا قبل القرن العشرين وفرض المزيد من الضرائب على الأثرياء. هذا شيء تحث مجموعة من المليونيرات من مختلف أنحاء العالم القادة الذين سيجتمعون في قمة العشرين هذا الأسبوع في الهند على النظر فيه. لقد جاء في خطابها لرؤساء الدول أن اتفاقا عالميا حول ضرائب الثروة "من شأنه تقليص المستويات الخطرة لانعدام المساواة" وأيضا سيجمع أموالا. نورما كوهين زميل الأبحاث الفخرية بجامعة كوين ماري في لندن والصحفية السابقة بصحيفة الفاينانشيال تايمز تشرح ذلك بقولها "بريطانيا حتى الحرب العالمية كانت تفرض الضرائب أساسا على الثروة - الأرض والميراث. من بين أسباب ذلك أن اللامساواة في الدخل كانت كبيرة جدا ولم يكن يوجد دخل كاف لكي تفرض عليه ضريبة". مع شيخوخة المجتمعات وارتفاع نسبة السكان الذين يعيشون على رواتب التقاعد بدلا عن دخل الوظيفة يمكن أن تشكل الثروة مرة أخرى شريحة أكبر لإيرادات الضريبة. تقول كوهين "التغير الديموغرافي وحده سيجبرنا على فرض ضريبة الثروة. ببساطة الدخل لن يكون كافيا". يوافق آخرون على ذلك. يقول برادان "الضغوط السياسية لفرض الضريبة على رأس المال ستكون دائمة. ضرائب المكاسب الرأسمالية في بلدان كثيرة متدنية جدا". ويرى إدوارد تروب أن على الحكومات بذل مزيد من الجهد لإعادة توزيع الثروة من الأجيال الأكبر سنا إلى الأجيال الشابة. يقول "يجب رفع الضرائب المفروضة عليّ وعلى أندادي من جيل طفرة الإنجاب في أعقاب الحرب العالمية الثانية والذي لم يعد منتجا الآن. الضرائب المفروضة على أبناء هذا الجيل أقل مما يجب. المشكلة أنهم أكثر فصاحة وكثيرون". في الأثناء يشير سانت أمانز إلى إحصائيات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عن العقارات والتي تكشف تواضع حصيلتها الضريبية حول بلدان الاقتصادات المتقدمة. لقد وجد تقرير في عام 2021 أن الإيرادات من العقارات الثابتة أو غير المنقولة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي تتراوح بين 0.1% في لوكسمبرج و3.1% في كندا مع متوسط 1.1% في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. تشير جوديث فريدمان إلى وجوب مراجعة الضرائب العقارية خصوصا تلك التي ترتكز على القيمة الأساسية للأرض. لكنها تؤكد على أن الحكومات بحاجة إلى دراسة الإخفاقات السابقة في هذا الجانب واستخلاص الدروس المفيدة منها. الصعوبة المتعلقة بضرائب الثروة والعقارات بوصفها حلّا هي أن فرضها تاريخيا لم يكن يسيرا وجذابا سياسيا. ومن المستبعد أن يكون أي تحرك باتجاهها مباشرا. وتحذر فريمان من أن "محاولات فرض ضريبة على المكاسب المتحققة من تطوير الأرض في الماضي نتجت عنها ضرائب أعاقت تخصيصها ومن الواضح أن هذا شيء غير مرغوب فيه. أو أنها قادت إلى تطبيق أنظمة ضريبية معقدة جدا دفعت إلى التجنب الضريبي". الاتجاه الذي ظهر مؤخرا لفرض ضرائب على الثراء الفجائي أو الأرباح الفاحشة في أوروبا يمكن أيضا أن يكون بشيرا بالأشياء التي ستأتي. تقول فريدمان استحداث إيطاليا المفاجئ لضريبة الأرباح المصرفية في أغسطس يكشف ما يمكن أن يفعله الساسة في الغالب عندما يواجهون نقصا في الإيرادات. فعندما يتعرضون إلى "أزمة قصيرة الأجل يفرضون ضريبة قصيرة الأجل. وهذا لن يحل المشاكل في الأجل الطويل". في اعتقاد كوهين أن الحكومات يمكنها التعلم من تجربة بريطانيا والبلدان الأخرى في زمن الحرب والتي طبقت ضريبة الأرباح الزائدة عن الحد على أرباح الشركات في عام 1917 للمساهمة في سداد تكلفة الحرب. لكن في آخر سنة مالية للحرب (1918/ 1919) شكلت الضريبة ثلث الإيرادات التي حققتها بريطانيا. إلى ذلك، الانتقال إلى الاقتصاد المحايد كربونيا والتبنّي الجماعي للذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أيضا أن يكون لهما تأثير على الطريقة التي تفرض بها الدول الضرائب. إذ سيلزم وزارات الخزانة مثلا الاعتماد بقدر أقل على ضريبة الوقود مع تحول السائقين إلى السيارات الكهربائية. وقد يتضح أن تعلُّق القرن العشرين بضرائب الدخل لن يعود ملائما في القرن الحادي والعشرين مع تزايد "أتمتة" العمل. يقول كريس سانجر خبير الضرائب بشركة آرنست آند يونغ مع الاستخدام المتزايد للروبوتات وأمثالها "هل سنظل نحصل على تلك النسبة العالية للإيرادات الضريبية من العمل؟" ليس من المؤكد أن الحكومات ستتمكن من زيادة الإيرادات بقدر كبير كما حذر ايكِنجرين. حتى إذا كان ذلك ممكنا سيقود التوسع في استخدام سياسات الضريبة والإنفاق إلى المزيد من التدقيق في متانة الأوضاع المالية للبلدان المعنية وصدقية سياسات إيراداتها ونفقاتها. يقول كيث ويد "على الحكومات الحفاظ على إطار مالي يتّسم بالصدقية في موازناتها بحيث (على سبيل المثال) يستقر معدل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في الأجل المتوسط". وإذا لم يحدث ذلك، يضيف ويد، ستخاطر هذه البلدان بإثارة قلق مستثمري السندات فيتخلصون منها بالبيع وترتفع تبعا لذلك أسعار فائدتها. وهذا ما سيزيد من تكاليف اقتراض حكوماتها لتمويل إنفاقها الإضافي. ويشكل فشل الموازنة المصغرة في بريطانيا عام 2022 عندما بوغت المستثمرون بالإعلان المفاجئ عن تخفيضات ضريبية غير ممولة بقيمة 45 بليون جنيه إسترليني درسا بليغا لما لا يجب عمله. عواقب الكيفية التي تدبر بها الحكومات أمورها والحاجة إلى معالجة القضايا طويلة الأمد ستؤثر على الاقتصادات والأسواق والأوضاع المالية لأفراد الشعب وفي نهاية المطاف على الكوكب نفسه. وكما هي الحال دائما مع الضريبة سيكون هنالك كاسبون وخاسرون عند تطبيقها. يقول سانجر "أنت بحاجة إلى التفكير في الآثار. فالسياسة الضريبية أداة قوية جدا".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: منظمة التعاون الاقتصادی والتنمیة الاقتصادات المتقدمة المحلی الإجمالی السیاسة المالیة رفع الضرائب فی بریطانیا فی الاقتصاد ضریبة على المزید من فی بلدان یمکن أن أن یکون فی عام
إقرأ أيضاً:
ألمانيا تدخل أزمة كبيرة.. إقالة وزير المالية وانسحابات من الحكومة في أسوأ توقيت ممكن
دخلت ألمانيا في أزمة سياسية كبيرة مع انهيار الائتلاف الحكومي الهشّ إثر إقدام المستشار أولاف شولتس، على إقالة وزير المالية وانسحاب بقية وزراء الحزب الليبرالي من الحكومة، لتجد البلاد بذلك نفسها أمام انتخابات مبكرة محتملة في مطلع العالم المقبل.
والأربعاء، قال المستشار شولتس إنّه أقال وزير المالية كريستيان ليندنر لأنّه "خان ثقتي مرارا.. العمل الحكومي الجدي غير ممكن في ظل ظروف كهذه"، وليندر هو زعيم الحزب الليبرالي الشريك في الائتلاف الحكومي.
وبعد ساعات قليلة من الإقالة، أعلن بقية الوزراء الليبراليين انسحابهم من الحكومة التي فقدت بذلك أغلبيتها في مجلس النواب.
ويأتي هذا التغيير السياسي الكبير في أسوأ وقت ممكن لألمانيا، إذ إنّ القوة الاقتصادية الأكبر في أوروبا تعاني حاليا من أزمة صناعية خطيرة وتشعر بالقلق بسبب فوز الجمهوري دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتّحدة وما لهذا الفوز من تداعيات على تجارتها وأمنها، بحسب ما ذكرت "فرانس برس".
وفي معرض تبريره لقراره إقالة وزير المالية، قال شولتس "نحن بحاجة إلى حكومة قادرة على العمل ولديها القوة لاتخاذ القرارات اللازمة لبلدنا".
ويتولى شولتس المستشارية عبر ائتلاف من ثلاثة أحزاب هي الحزب الاشتراكي الديموقراطي بزعامته، وحزب الديموقراطيين الأحرار بزعامة ليندنر، وحزب الخضر.
وأشار المستشار الى أنه يعتزم طرح الثقة بحكومته أمام البرلمان مطلع العام المقبل، وأن التصويت قد يحصل في 15 كانون الثاني/ يناير المقبل، قائلا: "عندها يمكن لأعضاء البرلمان التقرير ما اذا يريدون تمهيد الطريق لإجراء انتخابات مبكرة".
وحال عدم منح الثقة قد تقام الانتخابات نهاية آذار/ مارس 2025. وأتت إقالة ليندنر خلال اجتماع حاسم في مقر المستشارية ضمّ شخصيات أساسية من الأحزاب الثلاثة التي يتألف منها الائتلاف الحكومي، بحسب المتحدث.
وجاء توقيت الاقالة في وقت يشتد فيه الخلاف حول سبل إنعاش الاقتصاد الألماني المتعثر والميزانية المتشددة في الإنفاق منذ أسابيع بين الاشتراكيين الديموقراطيين بزعامة شولتس وشركائه.
وطرح ليندنر تبنّي إصلاحات اقتصادية شاملة عارضها الحزبان الآخران، وطرح صراحة فكرة الخروج من الائتلاف.
وقد تؤدي الأزمة إلى تنظيم انتخابات مبكرة في آذار/ مارس أو ترك شولتس والخضر يحاولون البقاء في حكومة أقلية حتى الانتخابات المقررة في أيلول/ سبتمبر المقبل.
وقبل محادثات الأربعاء، حذّر ليندنر من أن "عدم القيام بأي شيء ليس خيارا".
وفي خضم الفوضى، حض شولتس شريكيه في الائتلاف على مقاربة براغماتية للتوصل إلى اتفاق، قائلا: "قد تكون لدينا وجهات نظر سياسية واجتماعية مختلفة، لكننا نعيش في بلد واحد. هناك ما يوحدنا أكثر مما يفرقنا".
من جانبه، حذر نائب المستشار روبرت هابيك من حزب الخضر من أن الانتخابات الرئاسية الأميركية، والمشاكل الاقتصادية في ألمانيا والحرب في أوكرانيا والشرق الأوسط تجعل من الوقت الحالي "أسوأ وقت للحكومة للفشل".
وبعد إعلان فوز ترامب، حث هابيك الأحزاب المتناحرة في برلين على تحكيم المنطق وقال إن "الحكومة يجب أن تكون قادرة تماما على العمل الآن".
كما رأى زعيم الحزب الاشتراكي الديموقراطي لارس كلينغبيل أن نتيجة الانتخابات الأميركية "ستغير العالم"، داعيا إلى إيجاد تسوية "لأننا لا نستطيع تحمل أسابيع من المفاوضات داخل الحكومة".
وتعرض شولتس وشركاؤه في الائتلاف لانتقادات لاذعة من ميرتس، زعيم حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي، الذي طالب بإجراء انتخابات مبكرة تشير استطلاعات الرأي إلى أنه سيكون المرشح الأوفر حظا فيها.