الاستهلاك المفرط.. أكبر خطر يواجه البشرية ويهدد بخراب الأرض وهذه الحلول
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
أصبح الاستهلاك مع ازدياد الطلب للمنتجات والخدمات مبالغ فيه دون وجود الحاجة الحقيقية، بل وأصبح الاستهلاك غاية في حد ذاته، وظهرت النزعة الاستهلاكية والتي خلقت دوامة استهلاك تتطلب إنتاجا أكبر للسلع، مما يعني زيادة استهلاك للمواد الخام والطاقة، واستنزاف أكبر لموارد الأرض بشكل عام، والتي بدورها أثرت على البيئة بشكل سلبي وباتت تهدد وجود البشر على كوكب الأرض.
ففرط الاستهلاك هو من أخطر المشكلات التي تواجه البشر بالوقت الحالي، وأن البحث عن علاج ناجح بات أمرا ضروريا، لأن معدلات الاستهلاك الحالية للموارد الطبيعية تنذر بحدوث كوارث على الصعيد الإنساني والبيئي، فمرض الاستهلاك الذي اصاب ملايين البشر بات يحرم ملايين أخرين من الحصول على ضروريات البقاء على قيد الحياة.
وبالعودة الى سبب غياب المستهلك الرشيد وانحراف السلوك الاستهلاكي في المجتمعات، فنجد أن المجتمعات المعاصرة باتت تعاني من قصور في المعلومات الصحيحة عن السوق، بالإضافة إلى وسائل الدعاية والإعلان المضلل لقرار المستهلك، يضاف لها عدم معرفة المستهلك لأولويات حاجاته، وعدم توزيع دخله ليلائم هذه الاولويات، كل ذلك أدى إلى انحراف السلوك الاستهلاكي لدى الفرد في المجتمع تبعه انحراف في السلوك الإنتاجي وتخريب للاقتصاد.
فطريقة الاستهلاك في المجتمعات الحديثة، أدت إلى استنزاف الموارد الطبيعية الأولية بحجة الإنتاج والطلب المتزايد، والتي بات ينتج عنها كميات هائلة من المخلفات والملوثات البيئية التي تعجز النظم البيئية للكرة الأرضية عن تحملها، وأن التلوث البيئي أدى إلى انقراض كثير من الكائنات الحية، وأصبح مصدر تهديد مباشر لحياة الإنسان ويزيد من احتمال إصابته بكثير من الأمراض.
وحذر الصندوق العالمي للحياة البرية، من أن كوكب الأرض يخسر تنوعه البيولوجي بوتيرة لم يشهدها إلا في فترات الانقراض الشامل عازيا السبب للاستهلاك العالمي المنفلت.
وبالرغم من اتساع رقعة التكنولوجيا والمكننة والرقمنة الإلكترونية والاقتصاد الرقمي، لكننا لم نستطع استيعاب الطلب العالمي، وبالتالي فنحن اليوم أمام تحدي كبير، إذ أنه ورغم الخدمات المقدمة لكن هناك أفواه مازالت تسعى لأن تشبع رغباتها بأكبر قدرممكن، وأن المشكلة الاقتصادية تتبلور في أن الموارد الاقتصادية تتزايد بمتوالية عددية، بينما الحاجات والرغبات السكانية تتزايد بمتوالية هندسية، والتالي فإن هذه الزيادة تفوق الزيادة الحاصلة بالموارد الاقتصادية، وهذا أدى إلى اتساع الطلب والذي بدوره خلق حالة من الصراع لاستخدام أكبر قدر ممكن من هذه الموارد واستنزافها، ما أدى إلى خلق خلل بيئي ظهرت نتائجه متمثلة بالتغيرات المناخية وانسحار الأراضي الزراعية وذوبان قسما كبيرا من المناطق الجليدية في القطب الشمالي وارتفاع هائل في درجات الحرارة، بينما يمثل انحسار المياه الخطر الأكبر.
أما بالنسبة للموارد الاقتصادية مثل النفط والغاز وما شابهها من الثروات المعدنية، فقد بدأت تستنزف وبتنا نواجه نقصا حادا في الموارد الاساسية لاستمرار الحياة على الكوكب، ولابد من التوعية بخطورة انتشار ظاهرة (الاستهلاك الترفي الكمالي) والتي يتوجه فيها الفرد نحو السلع التي قد تكون ليست ضرورية ومهمة بالنسبة له، لكنه يقتنيها من أجل المباهاة فقط، وهذا النمط من الاستهلاك بدأ ينتشر بين الطبقات المتوسطة الدخل بعد أن كان محصورا على الطبقات الغنية فقط، وولدت هذه الأسباب مجتمعة صراعا على حساب موارد الأرض والبيئة بشكل عام.
وتستلزم عمليات الإنتاج والاستهلاك توليد نفايات تؤدي بدورها الى خلق خلل في التوازن البيئي للطبيعة، من ناحية أخرى، فان عملية تحويل المواد الخام، تنتج كمية كبيرة من النفايات، إذ تشير التقديرات إلى أنه يتم إنتاج أكثر من 2 مليار طن من النفايات سنويا في هذه العملية حول العالم.
من جانبه قال الدكتور رائد سلامة الخبير الاقتصادي، إن القضية بالأساس تتوقف على المستوى الدولي في عدم عدالة التوزيع والاستهلاك، فمجتمعات دول الشمال أو دول المركز تستأثر بالنصيب الأكبر في موارد العالم سواء كانت تملك هذه الموارد أم أنها ستستنزف موارد دول الجنوب او دول التخوم بإغراقها في الحروب الأهلية أو بإهمال التبعات المناخية لإستخراج ثرواتها. كل هذا يؤدى الي مشاكل بدول التخوم تظهر بوضوح في الفقر والمجاعات والأوبئة بما يعرقل خطط التنمية بتلك الدول ويزيد من حالة البؤس الاقتصادى ويرسخ مفهوم عدم العدالة حيث تتمتع بعض المجتمعات برفاهة تسفر عن إفراط إستهلاكي على حساب مجتمعات أخرى تعاني بقسوة.
حدوث الهجرات المتتاليةوأضاف سلامة في تصريحات خاصة لـ صدى البلد، أن هناك زاويتين للنظر في هذا الأمر، أولا: لابد لدول المركز أن تدرك أن مثل هذه الأمور ستنعكس عليها في شكل هجرات متتالية من دول الجنوب تهدد سلامها الاجتماعى وهذا ما يحدث في اوروبا على وجه التحديد بعد كورونا والازمة الأوكرانية اللتين أثرتا في سلاسل الامداد خاصة في مجال الحبوب فأدى الي مزيد من المجاعات بدول الجنوب وهو ما دفع سكانها للهجرة لاوروبا. إدراك دول الشمال لهذا الأمر لابد ان يتطور الي اجراءات فاعلة للحيلولة دون مزيد من الازمة، وبالتالي فهءا الادراك لو تحول لاجراءات توزيع عادلة سيصب في صالح دول المركز ذاتها.
وأشار المقرر المساعد للجنة التضخم وغلاء الأسعار بالحوار الوطني، إلى ضرورة إتحاد دول التخوم جبهة واسعة لاسترداد حقوقها لضمان توزيع عادل للموارد وإسقاط ديونها لأجل السماح لحلول التنمية بأن تتحقق. ولعل توسيع عضوية البريكس الأخير والذي أعتبره إنتصارا تاريخيا، هو بمثابة تطبيق عملى لما أقوله خصوصا وان قرار البريكس كان ينطوى ايضا على فتح الباب لمزيد من توسيع العضوية في المستقبل فالتبادل التجارى بأسعار مقبولة هو الأساس بعيدا عن نهب ثروات الشعوب الفقيرة وتعميق معاناتها.
وتابع: لأن الواقع هو الذي يخلق الفكر لا العكس، فالفكر الحديث يقتضى وجود مؤسسات دولية جديدة بعدما أثبتت مؤسسات ما بعد الحرب العالمية الثانية فشلها الذريع في التصدى لمشكلات العالم وهو الفشل الذي اتضح في تعامل منظمة الصحة العالمية مع ازمة كورونا وكذلك فشل منظمة التجارة العالمية في التعامل مع ازمة الغذاء والطاقة تلتى نتجت عن الازمة الأوكرانية.
"منظمات دولية حديثة" هي مفتاح الحل لأزمات انسان هذا العصر.
وتسعى الدولة بقوة نحو الحفاظ على التنمية والبيئة معاً من خلال الاستخدام الرشيد للموارد بما يحفظ حقوق الأجيال القادمة في مستقبل أكثر أمناً وكفاية ويتحقق ذلك بمواجهة الآثار المترتبة على التغيرات المناخية وتعزيز قدرة الأنظمة البيئية على التكيف والقدرة على مواجهة المخاطر والكوارث الطبيعية وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة وتبني أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة.
والاستدامة هي مقدرة الدولة عبر أجهزتها ومؤسساتها على استغلال الموارد الطبيعية بها؛ لتصبح ذات فائدة ملموسة بصورة مباشرة، ويستفيد منها الأجيال الحالية ويتم الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة؛ لذا عندما يحافظ الإنسان على الموارد الطبيعية ويتجنب إهدارها أو استنزافها يُعد ذلك سلوك قويم يُعبر عن الاستدامة البيئية، ويحدث ذلك بصورة إجرائية عندما يقلل من أنماط الاستهلاك لهذه الموارد، كما يعتمد على عمليات التدوير المبتكرة دون الإضرار بالبيئة.
وتقوم ماهية الاستدامة البيئية على الاحتفاظ بالصفات التي تشكل قيمة في البيئة المادية والاجتماعية؛ حيث المحافظة على حياة البشر والكائنات الحية الأخرى، ويتأتى ذلك من خلال المحافظة على الماء والهواء بما يؤدي لاستمرارية الحياة، ويحد من استنزاف الموارد غير القابلة للتجديد، بما يوفر القيمة الجمالية لأنماط الحياة المختلفة للأجيال الحالية والمستقبلية في ضوء الركائز الرئيسة المتمثلة في البيئة والاقتصاد وما يرتبط بهما من نواحي اجتماعية.
وترتبط الاستدامة البيئية بحياة الإنسان؛ إذ تستهدف الحلول التي تحقق العدالة الاجتماعية عبر اقتصاد قوي يعتمد على بيئة صالحة يمكن من خلالها احتواء المخلفات من الغازات والنفايات الناتجة عن الممارسات التصنيعية، مع السيطرة على المدخلات وقياسها ومعرفة جودتها للسيطرة على مخرجاتها، وتجنب استخدام المواد الضارة بالبيئة، ومن هنا تحدث حالة التوازن بين الاحتياجات البيئية والاجتماعية والاقتصادية على المستوى العالمي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الاستهلاك التغيرات المناخية أدى إلى
إقرأ أيضاً:
عالية المهدي: أرفض الدعم النقدي لهذه الأسباب.. الموارد البشرية طاقة جبارة يجب الاستفادة من تصديرها | فيديو
عالية المهدي لبرنامج حقائق وأسرار على قناة صدى البلد:
المواطن لا يشعر بالتحسن الاقتصادي بسبب التضخم
الدعم النقدي مجرد توزيع فلوس على الناس سيتبعه رفع الأسعار
يجب الاهتمام برفع إنتاجية الأرض والإنفاق على أبحاث تطوير التقاوي
قالت الدكتورة عالية المهدي، عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الاحتياطي وصل 50 مليار دولار، وتراجع معدل التضخم.
وأضافت عالية المهدي، في برنامج "حقائق وأسرار" على قناة "صدى البلد"، أن إيرادات مصر من النقد الأجنبي في ازدياد خاصة من تحويلات المصريين بالخارج والسياحة.
وأشارت إلى أنه من الناحية المالية أو النقدية هناك تحسن ونأمل في الاستمرار، منوهة بأن الحكومة تنظر إلى الدعم على أنه الفرق بين سعر البيع للمستهلك والسعر العالمي، وهذه النظرة ليست مقنعة لأن دخولنا ليست مثل الدخول العالمية.
وأوضحت أن الدعم يحدث حينما يكون سعر البيع للمستهلك أقل من تكلفة هذه السلع أو الخدمات محليا.
وذكرت عالية المهدي، أن المواطن لا يشعر بالتحسن الاقتصادي بسبب التضخم حتى لو نسبته في انخفاض، ويبدأ المواطن بتحسن المعيشة حينما تكون الخدمات التي يحصل عليها بصورة مباشرة بشكل أفضل، فمثلا يلتحق الطفل بالمدرسة ولا يضطر الأب لإعطائه دروس خصوصية أو يذهب للمستشفى ويتلقى الرعاية الطبية بشكل أفضل أو يشمله التأمين الصحي.
الدعم النقدي يسبب ارتفاعا في الأسعاروقالت الدكتورة عالية المهدي، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إنها ضد الدعم النقدي لانه مجرد توزيع فلوس على الناس وهذا سيتبعه رفع الأسعار بسبب إقبال الناس على الشراء.
وأضافت المهدي، في برنامج "حقائق وأسرار" على قناة "صدى البلد"، أن الدعم العيني على النقيض فالدولة تستطيع التحكم فيه في الفئات المستهدفة وتوفر لهم السلع في عدد محدود منها.
وأشارت إلى كثرة الفلوس وقلة السلع ستؤدي إلى رفع الأسعار، كما أن الدعم النقدي مع استمرار التضخم وزيادة الأسعار فهذا يؤدي إلى ضعف القيمة الشرائية للمبلغ المخصص للدعم مع مرور الوقت.
شباب في مصر يصدرون سوفت ويروقالت الدكتورة عالية المهدي، عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن صناعة التعهيد لم تعد جديدة، وإنما هي مهمة الآن لمواكبة التطورات.
وأضافت عالية المهدي، في برنامج "حقائق وأسرار" على قناة "صدى البلد"، أن التكنولوجيا الآن أصبحت مفتوحة على العالم وتدير حياة الناس وصناعة التعهيد أصبحت جزء من المنظومة التي تتطور كل لحظة.
وتابعت: كلما تقدمت الدول كلمات تطورت فيها صناعة الخدمات ونصيبها من إجمالي الناتج المحلي يزيد.
وأوضحت أن لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالشركات العالمية من أجل اتفاقيات صناعة التعهيد، تعتبر مبادرة ممتازة ونأمل أن يضع هذا اللقاء للمنصة الدولية لهذه الصناعة.
وذكرت أن الشركات العالمية تفضل المصريين في وظيفة الكول سنتر عن باقي الجنسيات، وهناك صناعات أخرى مرتبطة بالتعهيد، منوهة أن شباب مصر ينتجون سوف وير ويصدرونه لكبرى الشركات العالمية.
استقرار سعر صرف الدولاروقالت الدكتورة عالية المهدي، عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن بيع أرض رأس الحكمة كان له تأثير كبير في استقرار سعر صرف الدولار، وسمح بسداد جزء من الدين وعدم وجود ضغط على العملة.
وأضافت عالية المهدي، في برنامج "حقائق وأسرار" على قناة "صدى البلد"، أن المصادر المستقرة التي نملكها في جلب العملة الصعبة يجب زيادتها والتركيز عليها مثل تحويلات المصريين في الخارج والسياحة.
وأشارت إلى أن السياح يمكن أن يزيدوا مدة وجودهم في مصر من أجل زيارة المتحف المصري الكبير، وهذا الأمر يمكن أن يساهم في زيادة دخل الدولار من قطاع السياحة، وفي النهاية علينا أن ننتظر لمدة عام حتى نستطيع الحكم.
لا توجد دولة لديها اكتفاء ذاتي في الزراعةوقالت الدكتورة عالية المهدي، عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إنه لا توجد دولة في العالم عندها اكتفاء ذاتي من الزراعة.
وأضافت المهدي، في برنامج "حقائق وأسرار" على قناة "صدى البلد"، أن ما نهدف إليه هو إنتاج المنتجات التي نبدع فيها وإنتاجيتنا مرتفعة فيها تكفي احتياجاتنا ونصدر الباقي نستورد منه المنتجات التي تنقصنا.
وتابعت: كل الدول الزراعية الكبرى يستوردون بعض المنتجات فلا توجد دولة تنتج كل شيء او تكتفي ذاتيا من كل شيء، ولكن كل دولة تنتج ما تبدع فيه.
وأوضحت أنه يجب علينا الاهتمام برفع إنتاجية الأرض والإنفاق على الأبحاث وتطوير التقاوي والإنفاق على الإرشاد الزراعي.
المورد البشري طاقة جبارةوقالت الدكتورة عالية المهدي، عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إنني على قناعة تامة أننا كدولة بانتهاء برنامج صندوق النقد الدولي، أن نطلق البرنامج الخاص بنا دون أي اعتماد على المؤسسات الدولية.
وأضافت عالية المهدي، في برنامج "حقائق وأسرار" على قناة "صدى البلد"، أننا يمكن أن نعتمد على الموارد الذاتية التي نملكها وتتمثل في المورد البشري المطلوب حاليا في الخارج، منوهة أن البعض يرى المورد البشري عبء وأنا أشوف إنه طاقة جبارة لابد من الاستفادة منها، كما أن لدينا موقع جغرافي مميز جدا ومطمع لكل الدنيا.
وتابعت: عملنا سنة 1991 برنامج مع صندوق النقد والبنك الدولي وانتهى منتصف 1997م، ومن هذا الوقت لم نفعل أي برنامج مع صندوق النقد ولا البنك الدولي.
وأوضحت أننا في الفترة من 2004 حتى 2010 كانت معدلات النمو وصلت 7،5% وحصل تراجع في معدل البطالة وزاد متوسط نصيب الفرد في الدخل، رغم أننا لم نتعامل وقتها مع صندوق النقد الدولي.