يتطلع المغرب إلى التحول إلى مورد وفاعل دولي رئيسي في قطاع الطاقات المتجددة، بعد إعلان الحكومة اعتزامها تفعيل ما أسمته "عرض المغرب" في مجال الهيدروجين الأخضر، العام المقبل، وإطلاق مشروع وطني لإنتاج هذه الطاقة المستقبلية.

وعقدت الحكومة المغربية، الأسبوع الجاري، الاجتماع الأول المتعلق بالشروع في تنفيذ مشروع "عرض المغرب" في مجال الهيدروجين الأخضر، الهادف إلى "تثمين المؤهلات" التي تزخر بها البلاد، و"الاستجابة لمشاريع المستثمرين في هذا المجال الواعد"، حسبما جاء في بيان عن اللقاء الذي حضره وزراء الداخلية والانتقال الطاقي والاستثمار، وممثلين عن الوكالة المغربية للطاقة المستدامة.

وتأتي مساعي الرباط للارتقاء إلى مصاف الدول الرائدة في هذا القطاع المستقبلي، في وقت تشير فيه تقديرات مجلس الطاقة العالمي، إلى أن المغرب يعد من بين ست دول في العالم تمتلك إمكانات كبيرة لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، ما قد يؤهله للاستحواذ على 4 بالمئة من الطلب العالمي، في نهاية العقد الجاري.

من جانبها، تكشف شركة "ديلويت" البريطانية، أن من المرجح أن تكون دول شمال أفريقيا، ومن بينها المغرب، ضمن المناطق الرئيسية المصدرة للهيدروجين الأخضر، بحلول عام 2050، بإنتاج سنوي يصل إلى 110 مليار دولار.

"إمكانيات هامة"

وفي تصريح صحفي أعقب الاجتماع الوزاري المذكور، أكدت وزيرة الانتقال الطاقي بالمغرب، ليلى بنعلي، أن بلادها "تتوفر على إمكانيات هامة تساعدها على إنتاج الهيدروجين الأخضر ومنتوجاته، مثل الميتانول والأمونياك".

وأوضحت بنعلي، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية، أن اللقاء شكل انطلاقة للتركيز على المعطيات التي يتمتع بها المغرب لتنفيذ مشاريع للهيدروجين الأخضر.

وأبرزت المسؤولة الوزارية أن من المنتظر العمل بشكل معمق على المعطيات المتوفرة حول الهيدروجين الأخضر، وحول الإمكانيات التي سيتم توفيرها للمستثمرين المغاربة والأجانب، لاسيما في مجالات الرياح والشمس التي يزخر بها المغرب، والبنية التحتية التي تهم، على الخصوص، الموانئ وأنابيب الغاز والأنابيب التي يمكن استعمالها في مجال نقل الهيدروجين الأخضر.

رئيس منظمة "المنارات الإيكولوجية" المهتمة بقضايا المناخ والتنمية، بنرامل مصطفى، يبرز أن إطلاق العرض الجديد يأتي ضمن جهود "دعم الانتقال الطاقي بالبلاد، والمرور للسرعة النهائية في إطلاق وتنفيذ المشاريع بالمجال".

واتخذ المغرب منذ العام 2009  خطوات استثمارية هامة في مجال الطاقة المتجددة، وحدد هدفا لتشكّل الطاقة النظيفة 52 بالمئة من مجموع أنواع الطاقة لديه، بحلول العام 2030. وحاليا، يأتي خُمس إنتاج الكهرباء بالبلاد من مصادر الطاقة الصديقة للبيئة.

أزمة الطاقة وحرب روسيا.. أعين الأوروبيين تتجه نحو "شمس" المغرب تتجه أعين الدول الأوروبية نحو شمس دول أفريقيا لتزويد منازل وشركات القارة العجوز بالطاقة، مع مساعي القادة الأوروبيون إلى إقامة وتوسعة مشاريع الطاقة الشمسية في دول جنوب المتوسط للتحرر نهائيا من تبعيتها الطاقة لروسيا وتنفيذ أهدافها للانتقال الطاقي.

ويبقى أحد البرامج الرئيسية التي تم إحداثها في المملكة مشروع "إكس-لينك"، بطاقة توليد تتجاوز 10 غيغاواط والذي يعتمد على الشمس والرياح. ويصدّر المشروع الطاقة إلى بريطانيا عبر كبلات في في البحر تمتد على 3800 كيلومتر. ويهدف لتزويد سبع ملايين أسرة، بحلول العام 2030.

في هذا السياق، يقول الخبير في قضايا المناخ، أن التوجه نحو إطلاق واحتضان مشاريع الهيدروجين الأخضر التي تمثل طاقة المستقبل، "خطوة جديدة نحو المستقبل، بعد أن قطعت البلاد أشواطا مهمّة في إنتاج الطاقة الشمسية والريحية".

ويوضح بنرامل أن المغرب "محط أنظار استثمارات مهمة في المجال"، ما يدفع الحكومة إلى إطلاق المشروع الأخير الذي سيهدف أساسا إلى توفير البنيات الأساسية للاستثمار أمام الشركات المحلية والأجنبية.

الفرص والتحديات

وبخلاف الهيدروجين الذي يتم إنتاجه من الوقود الأحفوري الملوث ولا يزال مستخدما على نطاق واسع، يتم إنتاج الهيدروجين الأخضر من المياه، باستخدام الطاقات المتجددة، على غرار الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية.

الخبير في مجال التغيرات المناخية والأمن الطاقي، ياسين الزكزوتي، يقول إن "المغرب حقق تقدما كبيرا على مستوى بنيات الطاقات المتجددة"، كاشفا أن هذه الأخيرة، تنضاف إلى مقوماته الطبيعية، وتجعله "وجهة مثالية للمستثمرين الدوليين في المجال"، كما تضعه أمام فرص كبرى ينبغي استغلالها" لوضع موطئ قدم له في "أسواق الطاقة المستقبلية".

وفيما يثمن الزكزوتي في تصريحه لموقع "الحرة"، جهود المغرب المدفوعة من أعلى سلطة في البلاد للتحول نحو الطاقات الخضراء والمتجددة، يلفت إلى أن "مجموعة من التحديات قد تعترض مساعيه الطموحة، إن لم يتم العمل على حلحلتها ضمن مشاريع الحكومة".

ويشير المتحدث ذاته إلى نقطة "المنافسة الإقليمية المحتدمة"، خاصة من دول الخليج التي يقول إن "إمكانياتها ومؤهلاتها المادية التي تبقى أقوى من المغرب ومن باقي دول المنطقة، قد تساعدها في التقدم على المملكة وتلبية حاجيات السوق الأوروبية، بشكل أسرع". 

ويلفت الخبير المغربي أيضا إلى التنافسية المطروحة من طرف جاري المملكة الشماليين (إسبانيا والبرتغال) اللذين أطلقا أيضا مشاريع طموحة في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر.

ووقع المغرب والاتحاد الأوروبي، العام الماضي، اتفاقية من أجل إقامة "شراكة خضراء"، هي الأولى من نوعها مع بلد من خارج الاتحاد، لتعزيز التعاون بين بروكسيل والرباط في مجالات الطاقات المتجددة ومواجهة الاحتباس الحراري.

وستمكن هذه الشراكة الخضراء الاتحاد الأوروبي والمغرب من التقدم في إنجاز أهدافهما المشتركة المتمثلة في "الانتقال إلى اقتصادات منخفضة الكربون وصامدة أمام تغير المناخ والتحول إلى اقتصاد أخضر، بالإضافة إلى تعزيز الحوار السياسي والتنسيق في مجال الطاقة، وتطوير تعاون ثلاثي مع فاعلين دوليين آخرين من أجل التزام أقوى إزاء أهداف اتفاق باريس.."، وفق بعثة الاتحاد الأوروبي في المغرب.

وكانت ألمانيا من بين الدول الأوروبية السبّاقة لتوقيع اتفاقية مع المغرب، بأهداف تطوير قطاع إنتاج الهيدروجين الأخضر، ووضع مشاريع للأبحاث والاستثمارات في استعمال هذه المادة.

ومن المفترض بداية إكمال المشروع الأولي من الاتفاقية، اعتبارا من 2025 بطاقة إنتاجية تصل إلى 10 آلاف طن من الهيدروجين سنويا، بحسب معطيات قدمتها الحكومة الألمانية.

في هذا الجانب، يؤكد الزكزوتي على أن المغرب يجذب الجانب الأوروبي أساسا بفضل القرب الجغرافي، إضافة إلى بنيته التحتية المتقدمة في المجال، والتي تساهم في تنفيذ هذه المشاريع، علاوة على ترسانة قانونية تسهل وتؤطر الاستثمار في القطاع.

وفيما يوضح المتحدث أهمية تعدد المؤسسات الحكومية والخاصة التي تعمل في قطاع الانتقال الطاقي والطاقات المتجددة، يشير بالمقابل إلى "الحاجة الماسة لدفع البحث العلمي في المجال بشكل أكبر، وتكوين أطر وكفاءات محلية قادرة على مواكبة المشاريع والاستثمارات المرتقبة".

ومن جملة التحديات الأخرى التي ذكرها الزكزوتي، ضرورة "الرفع من إنتاجية الطاقات المتجددة"، موضحا أنه "بعد النجاح الملموس في استعمالها في مجال إنتاج الكهرباء، ينبغي توسيع مجالاتها، موضحا  أن الهيدروجين الأخضر، ليس مخصصا فقط لإنتاج الكهرباء، بل لاستعمالات أخرى متعددة على رأسها إنتاج الأمونيا الخضراء.

ويبرز الخبير الطاقي أن من بين الجوانب التنظيمية التي ينبغي أيضا التركيز عليها لاستقطاب المستثمرين الأجانب، توفير مؤسسات تأمينية، خاصة بهذا النوع من المشاريع، حيث أن الشركات في هذا مجالات الطاقة، تسعى دائما إلى تقليل مخاطر الاستثمار والحصول على تأمينات خاصة ببعض بعض سلاسل الإنتاج.

وعلى المستوى البيئي، يلفت الزكزوتي أيضا إلى ضرورة مراعاة الإجهاد المائي الذي تعاني منه المملكة في خطط ومشاريع الهيدروجين الأخضر بالبلاد، مشددا في هذا الجانب على أهمية العمل على تطوير التقنيات التكنولوجية التي تساعد على اقتصاد استغلال الماء في عمليات إنتاج هذه المادة.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: إنتاج الهیدروجین الأخضر الطاقات المتجددة الانتقال الطاقی فی المجال فی مجال فی هذا من بین

إقرأ أيضاً:

بقيمة 4 مليارات دولار.. تمويل مشروعات الطاقة المتجددة للقطاع الخاص ببرنامج نوفي

كشف تقرير المتابعة الثاني حول المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّي»، محور الارتباط بين مشروعات المياه والغذاء والطاقة، الذي أطلقته وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، اليوم الخميس، بحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عن تفاصيل مشروعات الطاقة المتجددة للقطاع الخاص التي تم توقيعها في إطار محور الطاقة بالبرنامج.

وأوضح التقرير أن الجهود المبذولة من قبل وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، نجحت في توفير تمويلات ميسرة للقطاع الخاص بقيمة 4 مليارات دولار لتنفيذ مشروعات طاقة متجددة بقدرة 4.2 جيجاوات كالتالي:

رانيا المشاط: الاقتصاد الأخضر وبرنامج "نوفي" يعززان الأمن المائي والغذائيرانيا المشاط: نجاح مصر في استكمال المراجعة الرابعة مع صندوق النقد الدولي يعزز الثقة في الاقتصادرانيا المشاط: الحكومة تواصل تنفيذ إصلاحات هيكلية لتعزيز دور القطاع الخاص


توقيع اتفاقية الإغلاق المالي لمشروع إنشاء مزرعة رياح جديدة في منطقة خليج السويس 2 بقدرة 650 بين تحالف البحر الأحمر لطاقة الرياح (تحالف أوراسكوم للإنشاءات المصرية وإنجي الفرنسية وتويوتا اليابانية)، وتبلغ التكلفة الاستثمارية للمشروع 725 مليون دولار بتمويل من بنك اليابان للتعاون الدولي (JBIC)، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية EBRD.
توقيع اتفاقية الإغلاق المالي لمشروع إنشاء محطة "أبيدوس" لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بقدرة 500 ميجاوات بمدينة كوم أمبو بمحافظة أسوان تنفيذ شركة إيميا باور AMEA Power؛ وتبلغ التكلفة الاستثمارية للمشروع 500 مليون دولار بتمويل من كل من مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، والبنك الهولندي للتنمية (FMO)، والوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA)، وقد تم افتتاح المحطة في ديسمبر 2024.

 توقيع اتفاقية الإغلاق المالي لمشروع إنشاء محطة "أمونت"، في منطقة رأس غارب بمحافظة البحر الأحمر لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح بقدرة 500 ميجاوات تنفيذ شركة إيميا باور AMEA POWER، وتبلغ التكلفة الاستثمارية للمشروع 700 مليون دولار بتمويل من كل من مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، وبنك اليابان للتعاون الدولي (JBIC)، وبنك ستاندرد تشارترد، ومؤسسة سوميتومو ميتسوي المصرفية (SMBC)، وبنك سوميتومو ميتسوي ترست، ومن المتوقع بدء التشغيل التجاري في مايو 2025.


 توقيع اتفاقية الإغلاق المالي لمشروع محطة "كوم أمبو" للطاقة الشمسية الكهروضوئية بطاقة 200 ميجاوات تنفيذ شركة أكوا باور ACWA POWER، وتبلغ إجمالي التكلفة الاستثمارية للمشروع 182 مليون دولار أمريكي، بتمويل من البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية EBRD، وصندوق أوبك للتنمية الدولية OPEC FUND، وبنك التنمية الإفريقي AFDB، وصندوق الطاقة المستدامة لإفريقيا التابع للبنك الإفريقي للتنمية، وصندوق المناخ الأخضر GCF، والشركة العربية للاستثمارات البترولية APICORP، والبنك العربي.

 توقيع اتفاقية الإغلاق المالي لمشروع إنشاء محطة طاقة رياح بخليج السويس بقدرة 1100 ميجاوات تنفيذ تحالف أكوا باور ACWA POWER وحسن علام للمرافق HAU، وتبلغ التكلفة الاستثمارية للمشروع 1,1 مليار دولار أمريكي، بتمويل من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية EBRD، مؤسسة الاستثمار البريطانية BII، ومؤسسة DEG التابعة لبنك التعمير الألماني، وصندوق أوبك للتنمية الدولية OPEC FUND، وبنك التنمية الإفريقي AFDB، الشركة العربية للاستثمارات البترولية APICORP.

 توقيع اتفاقية الإغلاق المالي لمشروع إنشاء محطة طاقة رياح بخليج السويس بقدرة 200 ميجاوات تنفيذ تحالف (مصدر – انفينيتي)، وتبلغ التكلفة الاستثمارية للمشروع 215 مليون دولار أمريكي، بتمويل من البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية EBRD، وشركاء آخرون، ومن المتوقع أن يبدأ التشغيل التجاري له في أكتوبر 2026.
 

توقيع اتفاقية الإغلاق المالي لمشروع إنشاء محطة طاقة شمسية "Obelisk" في نجع حمادي بقدرة 1000 ميجاوات مع نظام تخزين طاقة البطارية 200 ميجاوات في الساعة (BESS)، وتبلغ التكلفة الاستثمارية للمشروع 600 مليون دولار أمريكي، بتمويل من البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية، مؤسسة الاستثمار البريطانية BII، وبنك التنمية الإفريقي AFDB، شركة تمويل التنمية الدولية الأمريكية DFC.

 كما أنه من المتوقع التوقيع على اتفاقيات الإغلاق المالي لعدة مشروعات طاقة متجددة (شمسي/ رياح) بقدرات 3,4 جيجاوات خلال النصف الأول من عام 2025.

مقالات مشابهة

  • “التخطيط”: 6.7 مليار جنيه استثمارات بخطة 2025/2024 لربط 4 مشروعات طاقة متجددة
  • «المشاط»: 6.7 مليار جنيه استثمارات عامة بخطة 2025/2024 لربط 4 مشروعات طاقة متجددة
  • وزير الرباط وسلا…بنسعيد و “كيليميني” أو حينما يدعو وزير القطاعات الثلاثة مغاربة الهامش إلى كره السياسة والسياسيين
  • وزير الرباط وسلا…بنسعيد و “كيليميني” أو حينما يدفع مغاربة الهامش إلى كره السياسة والسياسيين
  • «أشغال الشارقة» تزور منشأة إنتاج الخرسانة البوليمرية في قطر
  • بقيمة 4 مليارات دولار.. تمويل مشروعات الطاقة المتجددة للقطاع الخاص ببرنامج نوفي
  • تفاصيل مشروعات الطاقة المتجددة للقطاع الخاص الموقعة ضمن برنامج «نُوَفِّي»
  • المشاط: مبادرة إقليمية مع البنك الأفريقي للاستفادة من نجاحات برنامج «نُوفي»
  • أحدث نقلة نوعية.. أول طبيب عراقي يجد حلاً لمشكلة “صعبة عالمياً”  
  • أمن المنافذ يتمكن من ضبط 5 قضايا فى مجال جرائم تهريب البضائع