الغذاء والطاقة أبرزها.. خبراء يحددون سيناريوهات الحفاظ على الموارد الاستهلاكية
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
رفعت الدول ذات الدخل المتوسط المرتفع حصتها العالمية من الاستهلاك المحلي للمواد من 33% عام ١٩٧٠ إلى ٥٦ % عام ٢٠١٧ وتجاوزت مستويات الاستهلاك المباشر للفرد للمواد في هذه الفئة مستويات مجموعة الدخل المرتفع حتى 2022 .
وانخفضت حصة استهلاك المواد المحلية في الدول مرتفعة الدخل من ٥٢ % إلى ٢٢ %، وارتفع استهالك المواد المحلية للمجموعات ذات الدخل المتوسط المنخفض بنسبة ٧% فقط ، في حين ظلت المجموعات منخفضة الدخل ثابتة عند أقل من 3 % وهذا يدل على أنه لم يذهب أيا من النمو الهائل في استهلاك المواد في الالفية الجديدة إلى أغنى الدول، أو أفقرها، وهي المجموعة التي تعتبر في أشد الحاجة إلى مستويات معيشة مادية أعلى.
وقالت الدكتورة يمن الحماقي، الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس أن هناك ديناميكيتين رئيسيتين تجدرالاشارة اليهما فى عملية الموارد المستهلكة والتى تندرج تت الموارد الطبيعية والموارد المائية والزراعية والطاقة والصناعه وغيرها من الموارد ، حيث تقوم الدول الصناعية الحديثة ببناء بنية تحتية جديدة، وتقوم الدول مرتفعة الدخل بالاستعانة بموارد خارجية من الدول التي تمر بمرحلة انتقالية داخل مجموعة الدخل المتوسط المنخفض، وذلك لتولي مراحل الانتاج المادية وكثيفة الاستهلاك للطاقة.
وأضافت الحماقى فى تصريحات خاصة لـ “ صدى البلد ” كما تستورد الدول مرتفعة الدخل الموارد والمواد، وتعهد بالتالى بالتأثيرات البيئية السلبية المتعلقة بالانتاج إلى الدول المتوسطة والمنخفضة الدخل ، لافته الى انه تجعل البصمة المادية للاستهلاك ، حيث تعد البصمات المادية لمجموعة الدول مرتفعة الدخل أعلى كثيرا مقارنة باستهالكها المادي المحلي.
وأشارت إلى أنه على الرغم من ذلك، فاقت معدلات البصمة المادية لمجموعة الدول ذات الدخل المتوسط المرتفع تلك الخاصة بالدول مرتفعة الدخل، وتحتفظ مجموعة الدول مرتفعة الدخل ببصمة مادية الاستهلاك تزيد بنسبة ٦٠ % عن مجموعة الدخل المتوسط المرتفع، وبواقع 13 ضعفا عن مستوى مجموعة الدخل المنخفض.
تصدير الموارد الاستهلاكية والتجارة العالمية ..
ومن جانبه أكد الدكتور على الادريسى استاذ الاقتصاد أن ارتفاع الناتج المحلي الاجمالي العالمي ، أتاح إحراز تقدم اقتصادي هائل في العالم ونجاة مليارات الناس من براثن الفقر، و أن هذا النمو الاقتصادي تزامن مع الطلب المستمر على الموارد الطبيعية، فلم يتراجع الطلب على الموارد الطبيعية في أي وقت من الاوقات ومهما كان مستوى الدخل.
وتابع قائلا :" أسفرت أنماطنا الاستهلكية القائمة على استهلاك و استخراج الموارد وتصنيعها مما تسبب الى انخفاض نسبه ٩٠ % من فقدان التنوع البيولوجي ونقص المياه، وأن نصف انبعاثات غازات الدفيئة في العالم ناجمة عن هذه الأنشطة ذاتها.
ولفت إلى أن أكثر الموارد الاستهلاكية التى تسببت فى أزمة هى السلع الغذائية والتى انخفاضها يؤدى الى اندلاع الحروب ، لافتا الى ان تتيح التجارة العالمية في المواد للمنتجين فرصة التعويض عنالاختلافات الاقليمية بشأن توافر الموارد الطبيعية كما تدعم . بالاضافة الى خلق قيمة في النظم العالمية المتعلقة بالانتاج والاستهلاك وبلد المنشأ.
واشار الى انه قد تسهم حركة الموارد أيضا في التوزيع غير المتساوي لاثاربيئية أو اجتماعية نتيجة فوائد استخدام الموارد عبر وداخل الدول، موضحا انه يشير الميزان التجاري إلى ما إذا كانت الدولة أو المنطقة مستوردة صافية أو مصدره صافية للمواد الالولية، ويعطي فكرة عن مركز الدولة ودورها في سلاسل التوريد العالمي.
المواد الاولية او الخامات المستوردة ..
وأكد سمير رؤوف الخبير الاقتصادى ان النشاط الاقتصادي في مجموعة الدول مرتفعة الدخل يعتمد على عمليات استخراج المواد الخام من الموارد المختلفة التي تتم في الدول الاخرى ذات المستويات الكبيرة والمتنامية من المواد الاولية، والتي يتم استيرادها فعليا من السلع المتداولة.
وأضاف أنه اعتمدت مجموعة الدول مرتفعة الدخل على 8.9 طن من الموادالاولية التي تم تعبئتها في أماكن أخرى من العالم. وتزايد هذا الاعتماد على المواد الخارجية بمعدل 6.1 % سنويا منذ عام ٢٠٠٠.
وأشار إلى أن تجارة المواد أدت إلى نقل الاثار البيئية والصحية السلبية من الدول المستهلكة مرتفعة الدخل إلى الدول ذات الدخل المتوسط والمنخفض، ويبلغ نصيب الفرد من التأثيرات الناجمة عن استهالك الدول مرتفعة الدخل ما بين 3 الى 6 أضعاف التأثيرات في الدول منخفضة الدخل، وتظهر التأثيرات المائية الارضية تباينا أقل من التأثيرات المناخية والصحية والتى تتعلق بشكل أساسي باستهلاك الغذاء، وهو أقل تغيرا من الوقود.
الموارد والمستقبل ..
على مدى العقود الخمسة الماضية، تضاعف عدد السكان في العالم، وزاد معدل استخراج المواد بمعدل 10 أضعاف كما ارتفع الناتج المحلي الاجمالي بمقدار15 أضعاف. وقد زاد أيضا استخراج ومعالجة الموارد الطبيعية على مدى العقدين الماضيين، وترتب على ذلك فقدان أكثر من ٩٠ % من التنوع البيولوجي.
سيناريوهات استهلاك الموارد..
هناك سيناريوهان يفترض سيناريو "الاتجاهات التاريخية" استمرار الاتجاهات واستخدام موارد المشروعات، والنشاط الاقتصادي، والخدمات الاساسية والمؤشرات البيئية ذات الصلة.
أما سيناريو "نحو تحقيق الاستدامة" فيفترض قيام الحكومات والقطاع الخاص باتخاذ الإجراءات الازمة لتحسين كفاءة استخدام الموارد، وفصل النمو الاقتصادي عن الاثار البيئية السلبية، وتعزيز الاستهلاك والانتاج المستدامين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أستاذ الاقتصاد الاجراءات الازمة الاستهلاك المحلي التجارة العالمي التجارة العالمية الخبير الاقتصادي الدول الصناعية الموارد الطبیعیة
إقرأ أيضاً:
سيناريوهات التعايش بين العهد والثنائي
في خضم التحولات السياسية المُعقدة التي يشهدها لبنان، يبرز سؤال مصيري بشأن طبيعة العلاقة التي سيرسمها العهد الجديد مع الثنائي الشيعي، "حزب الله" و"حركة أمل". تُشكّل هذه العلاقة اختبارًا حاسمًا لاستقرار البلاد، خاصة في ظل بيئة إقليمية مُتفجرة وتداخلات خارجية عميقة. تتنافس هنا ثلاثة سيناريوهات رئيسية، كل منها يحمل تداعيات مختلفة على مستقبل لبنان، الذي يئن تحت وطأة أزمات اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة.
السيناريو الأول يرتكز على سياسة الإقصاء واتخاذ قرارات أحادية الجانب لتغيير التوازنات السياسية بعد الحرب الإسرائيلية الاخيرة، وهو مسار تنتهجه بعض الأصوات الداعية لاستعادة السيادة. لكن هذا النهج يحمل مخاطر عالية، إذ أن محاولة تجريد "حزب الله" الذي يمتلك ترسانة عسكرية وتأثيرًا أمنيًا وسياسيًا واسعًا من نفوذه بالكامل، من دون تفاهم مسبق قد يؤدي إلى مواجهات داخلية أو انفجار الشارع، خاصة في المناطق التي تُشكّل معاقل لهذه القوى. تاريخيًا، أثبتت المواجهات المباشرة مع اي جماعة طائفية، مع غياب التوافق الشعبي الواسع حولها، انها قد تؤدي إلى حرب أهلية مُبطنة، خصوصًا مع وجود انقسامات مذهبية واجتماعية حادة.
أما السيناريو الثاني فيتجه نحو "الاحتواء" عبر تفاهمات تُحافظ على التوازنات القائمة، مع محاولة استيعاب هذه القوى ضمن لعبة سياسية مُقننة. لكن نجاح هذا الخيار مرهون بدعم خارجي، خصوصًا من دول خليجية قادرة على ضخ أموال لإعادة الإعمار وخلق فرص اقتصادية تُهدئ من غضب الشارع. المشكلة هنا أن العلاقة بين "حزب الله" والدول الخليجية لا تزال باردة بسبب الصراعات الإقليمية القديمة، ما يجعل أي اتفاقٍ ضعيفًا أمام تقلبات التحالفات الخارجية. مع ذلك، قد تُفضي هذه الصيغة إلى هدنة طويلة الأمد، تُدار خلالها الخلافات عبر حوارات مُغلقة، من دون حل جذري لإشكالية السلاح.
السيناريو الثالث يتمحور حول هجوم سياسي وإعلامي مُمنهج لتحجيم نفوذ "حزب الله" و"أمل" عبر كسب المعركة الانتخابية المقبلة، وتحشيد الرأي العام ضد أدائهما، خاصة في ظل تزايد الانتقادات الداخلية لفساد النخب الحاكمة وارتباطها بأجندات خارجية. لكن هذا المسار يواجه تحديات كبرى، فالقوتان تمتلكان قاعدة جماهيرية صلبة، وقدرة على تعبئة الشارع عبر خطاب حزبي وأيديولوجي، كما أن التغيير الانتخابي في لبنان بطيء وغير مضمون النتائج بسبب قانون الانتخاب المعقد وتشابك المصالح الطائفية.
لا يمكن فصل هذه السيناريوهات عن السياق الإقليمي المُتسارع، فلبنان ليس جزيرة معزولة. أي تصعيد بين إسرائيل وإيران، أو تغيير في تحالفات دول الخليج، أو تطورات في الملف النووي، قد تُعيد رسم الخرائط بين ليلة وضحاها. "العهد الجديد" سيكون أمام خيارات صعبة: إما المغامرة بمواجهة قد تُفجّر البلد، أو التعايش مع واقع قديم تحت ضغوط اقتصادية هائلة، أو المراهنة على زمن سياسي طويل لتغيير المعادلات من الداخل. في كل الأحوال، الثمن سيدفعه اللبنانيون، الذين علقوا بين مطرقة الواقعية وسندان التدخلات الخارجية.
المصدر: خاص "لبنان 24"