الرئيس علي ناصر: واشنطن عملت على إثارة الصراع بين بلدان القرن الإفريقي (38)
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
(عدن الغد)خاص.
إعداد/ د. الخضر عبدالله:
البحر الأحمر والقرن الإفريقي
أشرنا في العدد الماضي من حديث الرئيس علي ناصر محمد حول حديثه عن إغراء السوفييت والعراق المادي مقابل منحهم جزيرة سقظرى ومدينة البريقة.. وفي هذا العدد يحكي الرئيس ناصر عن علاقة اليمن الجنوبي مع دول القرن الافريقي .. و يقول مستدركا في حديثه:" لعل حقائق الجغرافيا الثابتة التي لا يمكن تغييرها هي التي أوجدت اليمن الديمقراطية الشعبية عند أهم موقع استراتيجي في باب المندب، وجعلته أهم مرتكز على البحر الأحمر والقرن الإفريقي والمحيط الهندي، وذلك ما أعطاها عبر التاريخ أهمية استراتيجية ودوراً غير تقليدي في تجارة العالم، وفي تحريك أحداث هذه المنطقة الحيوية منذ عهد الرومان إلى العصور الحديثة حين بدأت المنافسة التجارية بين البرتغاليين والهولنديين والبريطانيين.
وواصل حديثه :" هذا الموقع على الطريق بين الشرق والغرب هو الذي قاد خُطى الأطماع الدولية للسيطرة على موقع عدن الاستراتيجي وإخضاعها بالقوة. وقد أخفقت في ذلك قوى أجنبية كثيرة، حتى نجح البريطانيون في احتلالها وإخضاعها لسيطرتهم التي استمرت مئة وتسعة وعشرين عاماً بدءاً من عام 1839م..
ارتباط متعدد الأوجه
ويوضح الرئيس ناصر في حديثه :" لا يخفى أن العلاقة بين اليمن ودول الخليج والقرن الإفريقي ذات خصوصية. فهناك ارتباط متعدد الأوجه بين شعوب المنطقة لمدى تاريخي طويل، والقرن الإفريقي يُعَدّ امتداداً سكانياً وجغرافياً واستراتيجياً لليمن، ودول الخليج والجزيرة، بالإضافة إلى وحدة المصالح ووقوعها على شواطئ البحر الأحمر والمحيط الهندي. من القدم أُرسيت هنا حضارة وعلاقة تعاون وثيقة بين شعوب هذه المنطقة يمكن أن تجعلها في شبه وحدة.
لكن ويا للأسف الشديد، لم تستوعب دول المنطقة قطّ حجم المصالح التي تجمع بين شعوبها بسبب التباين في أنظمتها السياسية والاجتماعية، أو بسبب الأطماع والتدخلات السياسية والأجنبية في شؤون دولها سعياً نحو أسر إرادتها والسيطرة على مواردها، أو بسبب النظام الدولي السابق المحكوم بصراع قوتين عظيمتين هما الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي.
واشنطن وأثارة الصراع
ومضى الرئيس ناصر يقول في كلامه :" لم يمض وقت طويل حتى سادت التوترات المنطقة، إذ لم يكن بوسع القوى الأجنبية الطامعة التسليم بإرادة شعوب المنطقة التي أخذ أغلبها ينتهج طريقاً مستقلاً، فقد كان لها مصالح واسعة يصعب التخلي عنها، كذلك كانت لها طموحات كبيرة في المنطقة، لا سيما في البحر الأحمر والقرن الإفريقي والمحيط الهندي. وقد استخدمت دول الغرب النزاعات الإقليمية أداة لتحقيق هذه الأهداف.
شدّد مساعد وزير الخارجية الأميركي «آرثر هارتمان» في بيان وزعته الخارجية الأميركية في حزيران/يونيو 1977م على مصالح الولايات المتحدة في القرن الإفريقي. ومن ناحية أخرى، أكد الجنرال «جورج براون» رئيس الأركان المشتركة للولايات المتحدة أهمية القرن الإفريقي البالغة لموقف بلاده في الشرق الأوسط.
من هنا عملت واشنطن على إثارة الصراع بين بلدان القرن الإفريقي. وهذا التكتيك يدخل في نطاق التكتيكات الاستعمارية الجديدة الناشئة عن استراتيجيتها السياسية العامة الهادفة إلى إحباط، أو أقله، إبطاء عملية التحولات المعادية للغرب وتقوية مواقعها في تلك المنطقة من العالم الحيوية استراتيجياً.
ما أرغب في قوله، أن الاستعمار ترك لشعوب القارة الإفريقية، ومن بينها شعوب القرن الإفريقي، تركة ثقيلة وجملة قضايا معقدة من جميع الأنواع، بما في ذلك قضية الحدود، وقد استخدمت هذه المشاكل لتوتير العلاقات بين بلدان هذه المنطقة وتصعيد النزاعات الانفصالية والإقليمية. لم يكن الهدف بذر الشقاق بين دول القرن الإفريقي وإشعال فتيل حرب محلية في هذه المنطقة فحسب، ولكن أيضاً شلّ الاتجاهات التقدمية في تطورها الاجتماعي.
ما كان يحدث في تلك المنطقة كان يهمنا جداً، ويؤثر فينا. وقد سعينا إلى تسوية الخلاف بين الصومال وإثيوبيا فور بروزه. وكنا نرى ضرورة تسوية المشكلة التي ظهرت بين البلدين الجارين بالتفاهم والطرائق السلمية ولكن دون جدوى.
العلاقة مع الصومال
ويتابع الرئيس علي ناصر قوله :" ارتبطت اليمن عبر التاريخ بعلاقات ووشائج قربى بدول الجوار الإفريقية، وخصوصاً الصومال وجيبوتي وإثيوبيا. كان للصومال قنصلية في عدن لرعاية مصالح جاليتها الكبيرة قبل الاستقلال ورفعت إلى مستوى السفارة بعده. كذلك افتتحت اليمن الجنوبية سفارة لها في مقديشو، وقد تطورت العلاقات الثنائية والدبلوماسية بين البلدين، وخصوصاً بعد ثورة 21 تشرين الأول/أكتوبر الصومالية عام 1969م التي أطاحت النظام الصومالي، وكانت الجمهورية الصومالية تأسست من شمال الصومال وجنوبه في نهاية حزيران/يونيو وبداية تموز/يوليو عام 1960 بعد استقلالهما عن المملكة المتحدة البريطانية التي كانت تحتل الصومال الشمالي (أرض الصومال) وإيطاليا التي كانت تحتل القسم الجنوبي منذ عام 1905 بعد أن تنازلت عنها سلطنة عُمان لإيطاليا، وقد اتخذ الرئيس سياد بري طريقاً جديداً بالنسبة إلى توجهات الصومال نحو جيرانها، وأقام علاقات مع الأنظمة التقدمية والدول الاشتراكية.
ويضيف الرئيس ناصر في حديثه قائلا :" توترت العلاقات بين اليمن الديمقراطية والصومال، وخصوصاً بعد سقوط نظام الإمبراطور «هيلا سلاسي» في إثيوبيا وقيام النظام الثوري في أديس أبابا بقيادة الرئيس منغستو هيلاميريام وتأييدنا لهذا النظام الجديد ووقوف الصومال ضده. قامت اليمن الديمقراطية بمحاولات جادة في عدة مراحل من النزاع للتوسط بين الدولتين، داعية إياهما إلى حلّ مشاكلهما الحدودية بالطرائق السلمية وعبر الحوار الأخوي ووفقاً لميثاق منظمة الوحدة الإفريقية الذي ينصّ على عدم تغيير الحدود الموروثة عن الاستعمار في القارة، غير أن التعنت الصومالي وإصرار سياد بري على تحرير أوغادين، وأحلامه ببناء ما سمّاه «الصومال الكبرى» كان السبب في تفجّر حرب القرن الإفريقي. ضمن جهودنا هذه استضفنا في عدن في 16 آذار/مارس 1977م لقاءً للمصالحة حضره كل من الرئيس الإثيوبي منغستو هيلا ميريام، والرئيس الصومالي محمد سياد بري، والزعيم الكوبي فيديل كاسترو، بالإضافة إلى رئيس مجلس الرئاسة سالم ربيع علي والأمين العام عبد الفتاح إسماعيل - وأنا - علي ناصر محمد .
أكدنا في اللقاء أن العلاقة بين الصومال وإثيوبيا ذات خصوصية بالغة، ومصالحهما واحدة، وينتهجان الخط السياسي والاجتماعي نفسه تقريباً. ولهذا، فإن الخلاف ليس من مصلحتهما على الإطلاق، بل يضرّ بهما معاً وبدول المنطقة.
مشكلة أوغادين
ويردف الرئيس ناصر وقال :" ثم انتقلنا إلى الحديث عن مشكلة أوغادين. قلنا إنها لا يمكن أن تكون مثاراً للنزاع على الإطلاق، فالحدود بين الصومال وإثيوبيا واضحة تماماً طبقاً لميثاق منظمة الوحدة الإفريقية الذي يعترف بحدود كل الدول الإفريقية الموروثة عن الاستعمار، ويرفض إجراء أي تعديل فيها أو المسّ بتلك الحدود القائمة، إلا أن الرئيس الصومالي كان يصرّ على إعادة إقليم «أوغادين» (الغني بالنفط الذي لم يُستخرج) إلى سيادة الصومال، بينما كان الرئيس الإثيوبي مستعداً للتفاهم، وكان يقول: «نحن نمثل ثورتين شقيقتين وعلينا أن نتفاهم». خلال اللقاء اقترح تشكيل لجان من البلدين لحلّ المشكلة بالطرائق السلمية، لكنه في الوقت نفسه حرص على تمسكه بميثاق منظمة الوحدة الإفريقية التي تتخذ من «أديس أبابا» مقراً دائماً لها منذ تأسيسها في عام 1965م، والذي يؤكد عدم المسّ بالحدود القائمة بين الدول الإفريقية الموروثة عن الاستعمار.
أذكر أننا بذلنا جهوداً مضنية مع سياد بري، لكن تلك الجهود لم تثمر معه. أبدى الرئيس الصومالي تشدداً غير متوقع خلال اللقاء الذي استغرق اثنتي عشرة ساعة كاملة أي من الساعة 7 مساءً وحتى الساعة 7 صباحاً، حتى إن «كاسترو» علّق في نهاية اللقاء بأنه «أطول اجتماع في التاريخ!»، وأتذكر أنني رافقته إلى دار الضيافة وكان يردد أننا أخفقنا مع سياد بري ويجب أن ندعم منغستو. وفي الطريق علمنا باغتيال السيد كمال جنبلاط في لبنان وحزنّا كثيراً لهذا النبأ ونحن نستقبل يوماً جديداً بعد المعركة التي دارت بين الرئيسين الصومالي والإثيوبي.
يبدو لي أن «أوغادين» كانت تشكل شيئاً خاصاً لسياد بري باعتباره مولوداً فيها، كذلك فإنه كان يعتقد أنه سيحصل على دعم مزدوج من بعض الدول العربية ومن الاتحاد السوفياتي الذي كانت علاقته به ممتازة في الوقت نفسه. لكنه لم يحصل على هذا ولا ذاك، وكان ذلك خطأً قاتلاً في الحسابات الصومالية. وكانت النتيجة أنه خسر حرب أوغادين، ولم يستطع فيما بعد الحفاظ على وحدة إقليم الصومال نفسه. ولعله قد تعلم بعد فوات الأوان أن اللجوء إلى الحرب لا يحسم أي خلاف، وأن الحسم العسكري نصر مؤقت.
ضاع الجهد الدؤوب الذي بذلناه مع الرئيس الصومالي للعدول عن شنّ الحرب أو اللجوء إلى القوة في حلّ المسائل الخلافية مع إثيوبيا عبثاً. ما لبث أن تغير مجرى الحرب، وباتت القوات الصومالية في وضع لا يحسد عليه. حينـئذ فقط جاءنا سياد بري طالباً وساطتنا لوقف الحرب. أذكر أنني في شباط/فبراير من عام 1981م، بينما كنت أحضر مؤتمر القمة الإسلامي في السعودية، جاءني كل من الشاذلي القليبي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، ومعه الرئيس الصومالي سياد بري بعد انضمام الصومال إلى جامعة الدول العربية بهدف الحصول على المساعدات التي لم يحظَ بها.
العلاقة مع إثيوبيا
و أشار الرئيس ناصر عن العلاقات التاريخية التي تربط اليمن الجنوبي مع إثيوبيا و جيبوتي ..حيث قال :" ترتبط إثيوبيا بعلاقات تاريخية مع اليمن، وكان لها قنصلية في عدن قبل الاستقلال لرعاية مصالح الجالية، وكان لليمن الجنوبي جالية كبيرة في إثيوبيا، فافتتحت قنصلية عامة في أديس أبابا لرعاية مصالح الجالية هناك. ولم يسمح الحكم الإمبراطوري لهيلا سلاسي في ذلك الوقت برفع مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى السفراء، وهو ما أمكن الوصول إليه بعد قيام الثورة الإثيوبية وإطاحته، وقد تطورت العلاقة بين البلدين منذ ذلك الوقت، وشهدت تعاوناً في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
بعد انتصار الثورة الإثيوبية في عام 1974، وجدنا أن المصلحة تقتضي الوقوف مع النظام الثوري في «أديس أبابا»، إذ كان من رأينا أن المنظمات الثورية التي كانت تناضل من أجل إطاحة الإمبراطور تستطيع أن تجد لغة مشتركة للتفاهم مع النظام الجديد باعتباره قد حقق ما كانت تسعى لتحقيقه. لهذا، سعينا لتشجيع الحوار والمصالحة بين المنظمات الإريترية والنظام الجديد في أديس أبابا.
ويكمل الرئيس ناصر حديثه ويقول :" لكن بعض الدول العربية التي لم تكن تصغي مجرد الإصغاء إلى هذه التنظيمات في مرحلة كفاحها ضد الإمبراطور احتضنت هذه المنظمات في محاولة لاستخدامها في مصلحة تكتيكية ضد نظام الحكم الجديد في إثيوبيا، ولم يكن الغرض منها مصلحة هذه التنظيمات أو الحفاظ على وحدة إثيوبيا.
في ما يخصنا، كان الأمر مختلفاً. فقد رأينا أن بروز نظام ثوري جديد في إثيوبيا يعني بداية تغيير أساسي في موازين المنطقة. وعزز وجهة نظرنا السياسات الجديدة التي اتخذها النظام في أديس أبابا الذي قطع علاقاته بدولة إسرائيل، وأغلق سفارتها في العاصمة الإثيوبية، وطرد خبراءها الذين كانوا يدربون الجيش وقوات الأمن الإثيوبيين، واعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية، وفتح مكتباً لها في أديس أبابا محل السفارة الإسرائيلية. من هنا، كان مهماً لنا انضمام إثيوبيا إلى أسرة الدول المؤيدة للقضية العربية، بالإضافة إلى أهمية دورها الإقليمي بما لها من ثقل سكاني وما تتمتع به من موقع جغرافي استراتيجي وحضاري يمكّنها من القدرة على التأثير المستقبلي.
حركة التحرر الوطني العربية والإفريقية
واستطرد الرئيس ناصر وقال :" كنا نعتقد أن حركة التحرر الوطني العربية والإفريقية قد كسبت قوتين لا يستهان بهما على مستوى البحر الأحمر والقرن الإفريقي.
في هذه الظروف نشأت أولى المشكلات بين النظامين، الصومالي والإثيوبي، حول مصير «جيبوتي». كان لكلا النظامين طموحات في ضم جيبوتي إليه، وكان كل منهما يعتقد أحقيته بضمها إليه، استناداً إلى أنّ جيبوتي تتكون من مجموعتين إثنيتين هما (العفر) ذات الجذور الإثيوبية و(العيسى) ذات الأصول الصومالية.
أجرينا الاتصالات بحكومتي البلدين في مقديشو وأديس أبابا لإقناعهما بأن هذا الخلاف على مصير جيبوتي وأحقية تبعيتها لهذا أو ذاك ليس من مصلحة النظامين ولا من مصلحة جيبوتي، وأن الأولوية يجب أن تعطى لأن تنال جيبوتي استقلالها عن الاستعمار الفرنسي. وقد حققت جهودها في الأخير ونالت هذه الدولة استقلالها في حزيران/يونيو 1977م، وأصبحت عضواً في جامعة الدول العربية، وفي الأمم المتحدة.
المصالحة الإثيوبية الإريترية
على المستوى نفسه، سعينا لإجراء مصالحة بين النظام الإثيوبي والمنظمات الإريترية التي كانت تناضل من أجل استقلال إريتريا. وأذكر هنا تماماً ما اقترحه أمير دولة الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح ووزير الخارجية الكويتي صباح الأحمد الصباح في عام 1982م عندما بحثنا معاً إيجاد حل لمشكلة إريتريا، حيث اقترحا إقناع الإثيوبيين بوقف العمليات العسكرية بين الجانبين الإثيوبي والإريتري مقابل تعهد إريتريا بفتح منفذ بحري لإثيوبيا في (عصب).
كانا يستندان إلى منطق قوي عَبَّرَا عنه قائلين:
إن إسقاط النظام الإثيوبي غير ممكن. كذلك إن هزيمة الثوار الإريتريين أمر صعب.
وطلبا مني إقناع الإثيوبيين بوقف العمليات العسكرية مقابل إقناع الإريتريين بمنحهم منفذاً بحرياً في عصب، كما أشرت.
بعد عشر سنوات كاملة من الحرب الأهلية، اتضح إلى أي مدى كانت مهمة وبعيدة النظر تلك الفكرة التي طرحها الشيخان جابر وصباح لإجراء مصالحة شاملة بين الإثيوبيين والإريتريين. أدت الحرب الأهلية إلى تمزيق هذا البلد الإفريقي الذي كنا نرى فيه عمقنا الاستراتيجي.. وقد دُمِّر قبله الصومال وتشظى إلى أكثر من كيان تحت قيادة تجار الحروب في شمال الصومال وجنوبها.
العلاقة مع جيبوتي
ويواصل حديثه الذي اجرته معه (عدن الغد) وقال موضحا :" لم يكن لليمن الديمقراطية تمثيل دبلوماسي في جيبوتي حتى أعلنت استقلالها عن فرنسا في أيار/مايو عام 1977م واحتفظت فرنسا بقاعدة جوية وبحرية فيها بحكم الموقع الاستراتيجي المهم في القرن الإفريقي وعلى مداخل مضيق باب المندب مقابل تقديم المساعدة إلى هذه الجمهورية الفتية الفقيرة التي كان سكانها يعتمدون على القاعدة الفرنسية والسياحة والملح والأسماك التي يصطادونها ويصدّرونها إلى الخارج، كذلك يعتمد بعض السكان على التجارة، وفي مقدمتهم التجار من حضرموت وعدن والحجرية الذين أقاموا أفضل العلاقات مع سكان جيبوتي من قبيلتي العفر والعيسى، إضافة إلى حركة التجارة بين جيبوتي وأديس أبابا وعبر طرق المواصلات الأخرى. وقفت اليمن الديمقراطية ضد كل المحاولات التي كانت تستهدف ضم جيبوتي إلى الصومال، كما أشرنا إلى ذلك آنفاً، وتطورت العلاقات الرسمية والشخصية بيننا وبين جيبوتي بعد استقلالها تحت قيادة الرجل الحكيم الرئيس حسن جوليد، الذي يُعَدّ أباً ورمزاً للوحدة الوطنية في جيبوتي التي كانت لإثيوبيا والصومال أطماع في ضمها، بحجة أن قبيلتي العيسي والعفر تنتميان إليهما، ولكنهما فضّلتا البقاء والوحدة في دولة جيبوتي. وفي فترة حكم الرئيس منغستو تطورت العلاقة مع الرئيس حسن جوليد لمصلحة الشعبين الإثيوبي والجيبوتي، وكان يربط البلدين منذ بداية القرن العشرين خط سكة حديد بين ميناء جيبوتي وأديس أبابا. باركت اليمن الديمقراطية وساندت هذا التعاون والتفاهم بين أديس أبابا وجيبوتي.
تبادل التمثيل الدبلوماسي بين عدن وجيبوتي
ومضى يقول في حديثه :" وأقامت أفضل العلاقات، وجرى تبادل التمثيل الدبلوماسي بين عدن وجيبوتي وتبادل الزيارات الرسمية والشخصية للمسؤولين في البلدين، وكان عدد من المسؤولين في جيبوتي ينتمون إلى عائلات في عدن وحضرموت وشمال اليمن، ويسعون بدورهم إلى تعزيز العلاقات بين عدن وجيبوتي، وقد وصل بعض منهم إلى مناصب مهمة في هذه الدولة، وكان منهم وزراء وأعضاء في البرلمان، وقد توجت هذه الاتصالات والزيارات بالزيارة التي قمت بها لجيبوتي في نهاية عام 1982م، حيث استقبلت استقبالاً حافلاً من قبل الشعب في جيبوتي الذي خرج عن بكرة أبيه للترحيب بنا وهم يهتفون «علي ناصر»، وكنت أول رئيس يمني وعربي يزور جيبوتي منذ استقلال هذا البلد الفقير. مع الأسف، إن العرب لم يقدموا أي دعم أو مساعدة أو قروض لتنمية وتطور هذا البلد الذي يتمتع بأهم موقع استراتيجي في القرن الإفريقي. بعد هذه الزيارة قام الرئيس حسن جوليد بزيارة عدن واستقبل استقبالاً حاراً من قبل المواطنين والمسؤولين الذين يرتبطون بعلاقات الإخاء وروابط الدم، وتطورت العلاقات الشخصية والرسمية بيني وبين الرئيس حسن جوليد وأسرته الذين كانوا لا يترددون في طلب العسل والتنباك الحمومي الحضرمي عندما يحتاجون إلى ذلك. ومثل هذه العلاقات الشخصية مألوفة بين رؤساء الدول، فقد كنا نرسل العسل والتنباك والسيجار وأسماك اللوبيستر والجمبري إلى بعض المسؤولين في شمال اليمن ودول الخليج، وكان الرئيس فيديل كاسترو يزودنا بالسيجار تعبيراً عن العلاقات الحميمة والشخصية، وقد حافظ هذا الرجل الحكيم حسن جوليد على أمن جيبوتي واستقرارها ووحدتها حتى تنازل عن الحكم ديمقراطياً للرئيس إسماعيل جيله الذي تتلمذ في مدرسته وتخرج منها، وقد نأى ببلاده عن الصراعات الإقليمية والدولية مع احتفاظه بالقاعدة الفرنسية التي لا تتدخل في الشأن الداخلي لبلاده، لكنها كانت أماناً وضماناً للحفاظ على النظام واستقراره، وصولاً إلى العديد من القواعد العسكرية البحرية والجوية لدول، كاليابان والصين والأميركان والامارات من أجل الحصول على المال وفرص العمل لأبناء الشعب الجيبوتي.
(للحديث بقية)
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: الرئیس الصومالی القرن الإفریقی الدول العربیة فی أدیس أبابا عن الاستعمار هذه المنطقة الرئیس ناصر فی إثیوبیا العلاقة مع فی جیبوتی التی کانت علی ناصر التی کان فی حدیثه لها فی فی عدن لم یکن
إقرأ أيضاً:
التحالف المُحتمل بين إسرائيل وإقليم “أرض الصومال”
يُشكل التحالف المحتمل بين إسرائيل وأرض الصومال تحولًا جيوسياسيًا مهمًا في القرن الأفريقي، يحمل في طياته تداعيات عميقة على المنطقة، وهو ما كشف عنه موقع “ميدل إيست مونيتور” في الخامس عشر من أكتوبر 2024، بأن هناك نوايا إسرائيلية لإنشاء قاعدة عسكرية في إقليم أرض الصومال، ذلك الإقليم الانفصالي الذي أعلن استقلاله بشكل منفرد عام 1991، ولكن لم يتم الاعتراف به دوليًا. يأتي هذا التوجه الإسرائيلي في سياق توظيف إيران عملية طوفان الأقصى التي اندلعت في السابع من أكتوبر 2024، لتهديد المصالح الإسرائيلية من خلال المواجهات غير المباشرة، وذلك عبر وكلائها في المنطقة “جماعة الحوثيين”. وردًا على ذلك، تسعى إسرائيل إلى بناء تحالفات استراتيجية مع دول المنطقة، لا سيما تلك المطلة على الممرات البحرية الحيوية، بهدف تقويض قدرات الحوثيين وإضعاف نفوذ إيران في المنطقة.
مُحفزات التقارب المُحتمل بين إسرائيل وأرض الصومال
نجد أن هناك مجموعة من العوامل التي تدفع إسرائيل لفتح قنوات تواصل مع أرض الصومال، والتي يُمكن استعراضها، وذلك على النحو التالي:
الموقع الاستراتيجي: تقع أرض الصومال في قلب أحد أهم الممرات المائية العالمية؛ إذ تطل على خليج عدن ومضيق باب المندب، الذي يُعد حلقة وصل استراتيجية في طرق التجارة البحرية التي تربط المحيط الأطلسي والبحر المتوسط بالمحيط الهندي، كما يمر عبر باب المندب حوالي 4 ملايين برميل من النفط يوميًا في طريقه إلى أوروبا، وحوالي 25 ألف سفينة، أو 7 في المائة من حجم التجارة البحرية العالمية كما يمتد ساحل أرض الصومال على طول خليج عدن لمسافة تزيد عن 500 ميل، مما يوفر لها نفوذًا كبيرًا على التجارة البحرية الدولية. بالإضافة إلى ذلك، تبعد أرض الصومال حوالي 70 ميلًا عن مضيق باب المندب. هذا الموقع الجغرافي المتميز لأرض الصومال، ترغب إسرائيل في توظيفه لتقويض نشاط حركة الحوثيين، وذلك من خلال إيجاد منفذ على البحر الأحمر؛ حيث تُسيطر جماعة الحوثيين على معظم الساحل اليمني المطل على البحر الأحمر.
الحسابات الأمنية: عملت حركة الحوثيين على تعطيل حركة الملاحة البحرية، وهو ما دفع عددًا متزايدًا من شراكات الشحن بإعادة توجيه سفن الشحن الخاصة بها لتجنب البحر الأحمر، مع اتخاذ بدائل أكثر استهلاكًا للوقت ومكلفة للوصول إلى وجهتها. لذا، تُشكل سيطرة الحوثيين على أجزاء من السواحل المطلة على البحر الأحمر مصدر قلق دولي، بما في ذلك إسرائيل؛ إذ تُمثل الواردات والصادرات من وإلى آسيا نحو ربع إجمالي حجم التجارة الخارجية لإسرائيل، ومعظم السفن الإسرائيلية التي تلعب دورًا في هذه التجارة تمر عبر ممرات البحر الأحمر، وهو ما يجعل من تأمين هذه المنطقة مسألة أمن قومي بالنسبة لإسرائيل. وفي ضوء ما سبق ذكره، نجد أنه في حال حدوث تقارب بين إسرائيل وأرض الصومال، فمن المُحتمل أن يكون هناك تعاون مُشترك لمواجهة الإرهاب البحري الحوثي المدعوم من إيران، وذلك من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية للكشف عن التهديدات البحرية المحتملة، ومكافحة القرصنة البحرية، وهو ما يُسهم في ضمان حرية الملاحة.
العامل الاقتصادي: تتمتع أرض الصومال بمقدرات اقتصادية هائلة؛ إذ تحتوي أرض الصومال على ثروات طبيعية ضخمة، تشمل احتياطات نفطية محتملة تُقدر بنحو 110 مليار برميل، بالإضافة إلى الذهب والمعادن الأخرى. كما تعمل أرض الصومال على إحداث تطور في البنية التحتية، لا سيما مجال النقل والموانئ؛ حيث تم تحديث ميناء بربرة، وهو ما يجعله بوابة تجارية مهمة للمنطقة. ويمكن لإسرائيل تعزيز العلاقات مع أرض الصومال في المجال الاقتصادي من خلال إبرام اتفاقيات تعاون ومذكرات تفاهم بشأن بناء القدرات في مجالات الزراعة والسياحة والطاقة وتطوير البنية التحتية.
تداعيات مُحتملة
نجد أنه من المُرجح في حال قيام إسرائيل بإنشاء قاعدة عسكرية في أرض الصومال، أن يحمل هذا التحرك العديد من الدلالات والتداعيات، والتي يُمكن توضيحها:
تقويض النفوذ الإيراني في القرن الأفريقي: نجد أن إحدى ركائز السياسة الخارجية الإيرانية تتمثل في معارضة إسرائيل والغرب، والسعي إلى تأسيس إقليمي بديل، ولذا، برزت إيران على مدى العقد الماضي كلاعب إقليمي رئيسي في اليمن يدعم أنصار الله (المعروفين باسم الحوثيين). كما عملت إيران على توظيف موقع اليمن الجيوستراتيجي على طول أحد أهم الممرات المائية في العالم، مضيق باب المندب، وهو ما يمنحها نفوذًا كبيرًا على حركة الشحن العالمي، وهو ما اتضح جليًا منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023، فقد زودت إيران الحوثيين بطائرات بدون طيار وصواريخ كروز؛ مما مكنهم من استهداف أكثر من 80 سفينة تجارية بطائرات بدون طيار وصواريخ، وهو ما أدى إلى تهديد السفن التي تمر عبر مضيق باب المندب، وتعطيل طرق التجارة العالمية. وفي ضوء الاستعراض السابق، تحاول إسرائيل إيجاد موطئ قدم للسيطرة على منطقة باب المندب وخليج عدن، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال التقارب مع أرض الصومال. بالإضافة إلى ذلك، قرب أرض الصومال من اليمن، سيؤدي إلى إتاحة المجال أمام إسرائيل لجمع المعلومات الاستخباراتية، وتسهيل إمكانية استهداف الحوثيين، وعرقلة أنشطتهم الرامية بتعطيل الملاحة البحرية.
احتمالية تشكيل تحالف أرض الصومال- إسرائيل- إثيوبيا: في حال التقارب بين إسرائيل وأرض الصومال، فمن المُرجح تغيير موازين القوى في المنطقة، وبزوغ تحالف بين أرض الصومال وإسرائيل وإثيوبيا، مع الأخذ في الاعتبار قيام إثيوبيا بتوقيع اتفاق مع رئيس أرض الصومال موسى بيهي عبدي، وستمنح الصفقة إثيوبيا، وهي دولة غير ساحلية، إمكانية الوصول التجاري والعسكري المباشر إلى البحر الأحمر. وبموجب الاتفاق، وافقت أرض الصومال على استئجار ميناء عسكري في خليج عدن و20 كيلومترًا من ساحل أرض الصومال إلى إثيوبيا لمدة 50 عامًا. وبحسب العديد من المسئولين في أرض الصومال، بما في ذلك الرئيس موسى بيهي، يزعمون أن إثيوبيا قد وعدت بالاعتراف بأرض الصومال رسميًا كدولة ذات سيادة والحصول على جزء من أسهم شركة الطيران الرئيسية في إثيوبيا، الخطوط الجوية الإثيوبية. واتصالًا بما سبق ذكره، نجد أن الموقف الإسرائيلي لا يمانع الصفقة الاثيوبية مع أرض الصومال، وهو ما اتضح من خلال تصريح سفير إثيوبيا لدى إسرائيل يناير 2024، فقد أوضح أن المسئولين الإسرائيليين أظهروا لفتة إيجابية لتطلع إثيوبيا للوصول المباشر إلى البحر الأحمر وخليج عدن، كما أشار السفير الإثيوبي لدى إسرائيل أن الحكومة الإسرائيلية تتوقع حصول إثيوبيا على قاعدة عسكرية كخطوة جيدة لتحقيق الاستقرار في المنطقة المضطربة ولا تعارض صفقة الميناء التي أبرمتها الأخيرة مع أرض الصومال. ويمكن استنتاج، احتمالية التنسيق بين إسرائيل وإثيوبيا لإنشاء قوة بحرية في خليج عدن والبحر الأحمر، على اعتبار أنها بمثابة فرصة للتعاون لتحقيق المصالح المشتركة، لا سيما تعزيز الأمن والاستقرار وحماية التجارة وحركة الملاحة بهذه المنطقة، والحيلولة دون سيطرة الجماعات الإرهابية على الممرات الملاحية وتهديد أمن الطاقة. كما نجد أن هذا التحالف المُحتمل سيكون مضادًا للتحالف الذي تم تدشينه في العاشر من أكتوبر 2024، بين مصر وإريتريا والصومال، على اعتبار أن هذا التحالف قد تم تأسيسه لمناهضة التحركات الإثيوبية في المنطقة، لا سيما بعد توقيع اتفاقية مع أرض الصومال مطلع عام 2024، وهو ما يعني أن إقليم القرن الأفريقي سيشهد تحولات نوعية تُعيد تشكيل ملامحه الجيوسياسية.
تزايد نشاط الحركات الإرهابية: لا شك أنه في حال حدوث تقارب بين إسرائيل وأرض الصومال، سيؤدي إلى تزايد الهجمات الإرهابية من جانب حركة الشباب الإرهابية، التي سترفض الوجود الإسرائيلي، وستعمل على حشد وتعبئة المزيد من المقاتلين لشن هجمات إرهابية من خلال استغلال مشاعر العداء تجاه إثيوبيا. وهناك احتمالية في أن تستفيد حركة الشباب من الاتفاق لحشد وتجنيد المزيد من المقاتلين، لشن “حرب دينية” ضد إسرائيل، وهو ما سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة. علاوة على ذلك، هناك توقعات بأن تتحالف حركة الشباب الصومالية مع جماعة الحوثيين، وأن يكون هناك تنسيق في المجالات الأمنية والاستخباراتية، لتهديد المصالح الإسرائيلية في المنطقة، إلى جانب توسيع عملياتهم البحرية ضد خطوط الملاحة الدولية، وهو ما يُشكل تهديدًا للأمن البحري والتجارة الدولية.
حسابات أرض الصومال
على الرغم من عدم وجود أي تصريح رسمي من جانب أرض الصومال بشأن احتمالية قيام إسرائيل بتدشين قاعدة عسكرية داخل أرضيها، سواء بالتأكيد أو بالنفي حتى كتابة هذه الورقة البحثية، فإنه من خلال متابعة التفاعلات السياسية في أرض الصومال، يُمكن تقديم تصور مُحتمل بشأن حسابات النخبة السياسية في أرض الصومال، فيما يتعلق بالتقارب المُحتمل مع إسرائيل، وهو ما يمكن استعراضه على النحو التالي:
دراسة ردود الأفعال المُتوقعة: نجد أن حسابات النخبة السياسية في أرض الصومال، ستضع في اعتباراتها عند دراسة العرض الإسرائيلي لإنشاء قاعدة عسكرية داخل أراضيها، أبرز ردود الفعل المُتوقعة حيال هذه الخطوة، والتي يمكن استعراضها، وذلك على النحو التالي:
على صعيد دول الجوار: لا شك أنه في حال قيام إسرائيل بالاعتراف الدولي بأرض الصومال، فإنه من المؤكد أن هذه الخطوة ستقابل بالرفض من جانب الحكومة الصومالية الفيدرالية، وكذلك الدول المُساندة لمبدأ الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي الصومالية، والمناهضة لأي تحرك من جانب الحركات الانفصالية في إقليم القرن الأفريقي. مع الأخذ في الحسبان، أن إثيوبيا ربما ترحب بالحضور العسكري الإسرائيلي في أرض الصومال.
على الصعيد الدولي: نجدأنه من المُرجح أن تُبارك الولايات المتحدة الأمريكية قيام إسرائيل بتدشين قاعدة عسكرية في أرض الصومال؛ حيث إن التقارب الإسرائيلي المُحتمل مع حكومة أرض الصومال سيمكنها من الوصول إلى مطار وميناء بربرة، الذي يطل على خليج عدن، وعلى مضيق باب المندب، ومن شأن ذلك حماية المصالح الاقتصادية والأمنية الإسرائيلية وكذلك الأمريكية في منطقة القرن الأفريقي، وموازنة الاستثمارات الصينية في المنطقة. وهنا نجد أن هناك تساؤلًا في غاية الأهمية بشأن مدى احتمالية قيام الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بالاعتراف الدولي بحكومة أرض الصومال، نجد أن الإدارة الأمريكية لديها موقف راسخ يتمثل في وحدة الصومال؛ حيث تتعاون مع حكومة أرض الصومال كما تتعاون مع الحكومة المركزية الصومالية لتحقيق الأهداف المشتركة، وتعتبر مسألة وضع أرض الصومال شأنًا داخليًا يقرره الشعب الصومالي، فالإدارة الأمريكية تتخوف من أنها إذا دعمت أرض الصومال للحصول على الاعتراف الدولي، سيشجع الحركات الانفصالية في جميع أنحاء القارة الأفريقية، وهو ما سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في القارة. وبالنسبة للجانب الإسرائيلي، فمن المُحتمل أن تقدم إسرائيل على الانخراط في مفاوضات مع أرض الصومال بشأن مسالة الاعتراف بها كدولة مستقلة، في مقابل تطبيع العلاقات في مختلف المستويات، وهو ما سيؤثر في وحدة وسيادة الدولة الصومالية.
إحراز تقدم في مسالة الاعتراف الدولي: من خلال الاستعراض السابق، وتوضيح أبرز ردود الأفعال المُتوقعة، نجد أن هناك احتمالًا بأن توافق أرض الصومال على ذلك العرض الإسرائيلي بإنشاء قاعدة عسكرية داخل أراضيها، وذلك مع الأخذ في الاعتبار أن إسرائيل حليف قوي للولايات المتحدة الأمريكية، وفي حال تعزيز العلاقات مع إسرائيل، فإن هناك احتمالية لحصول أرض الصومال على الاعتراف الدولي كدولة مستقلة، وهو ما تسعى إليه أرض الصومال. علاوة على ذلك، يبذل رئيس أرض الصومال جهودًا حثيثة للانخراط في مباحثات مع الإدارة الأمريكية، بهدف الحصول على الاعتراف الدولي International Recognition” “. بالإضافة إلى ذلك، تعمل النخبة السياسية في أرض الصومال على تعزيز العلاقات مع المؤسسات المالية الدولية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة الأمريكية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وهو ما يُحفز الاستثمار الأجنبي في أرض الصومال، وهو ما سينعكس بشكل إيجابي على تحقيق التنمية الاقتصادية؛ مما يُمكن حكومة أرض الصومال من التمتع بالشرعية السياسية، والاستقرار السياسي والأمني.
وفي الختام، يمكن القول إن إسرائيل تسعى إلى توسيع نفوذها، خاصةً فيما يتعلق بإيجاد منفذ على البحر الأحمر. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تأمين مصالحها، وتحقيق أهدافها في إقليم القرن الأفريقي، ولذا يتعين على دول الإقليم الأفريقي والمجتمع الدولي العمل معًا لتعزيز سيادة القانون ومنع انتهاكات السيادة الإقليمية لخلق بيئة مستقرة في القرن الأفريقي.
المصدر: المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية
يمن مونيتور7 نوفمبر، 2024 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام الحوثيون: عمليات البحر الأحمر لن تتأثر بانتخاب ترامب مقالات ذات صلة الحوثيون: عمليات البحر الأحمر لن تتأثر بانتخاب ترامب 7 نوفمبر، 2024 مجلة أمريكية تكشف: صاروخ حوثي كاد يصيب حاملة الطائرات “أيزنهاور” 7 نوفمبر، 2024 الحزبية ونهضة الأمة 7 نوفمبر، 2024 أهلي صنعاء يتجرع الخسارة الثانية في كأس الخليج للأندية 6 نوفمبر، 2024 اترك تعليقاً إلغاء الرد
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق آراء ومواقف في ذاكرة القلب: رحلة في حنايا المشاعر المختبئة 4 نوفمبر، 2024 الأخبار الرئيسية التحالف المُحتمل بين إسرائيل وإقليم “أرض الصومال” 7 نوفمبر، 2024 الحوثيون: عمليات البحر الأحمر لن تتأثر بانتخاب ترامب 7 نوفمبر، 2024 مجلة أمريكية تكشف: صاروخ حوثي كاد يصيب حاملة الطائرات “أيزنهاور” 7 نوفمبر، 2024 الحزبية ونهضة الأمة 7 نوفمبر، 2024 أهلي صنعاء يتجرع الخسارة الثانية في كأس الخليج للأندية 6 نوفمبر، 2024 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 اخترنا لك في ذاكرة القلب: رحلة في حنايا المشاعر المختبئة 4 نوفمبر، 2024 الروايةُ وأسئلةُ الحروب المعاصرة! 3 نوفمبر، 2024 التداعيات الكارثية لقوانين إسرائيل المناهضة للأونروا 2 نوفمبر، 2024 إلى «اليمن» دُر 27 أكتوبر، 2024 إيران وتجرّع كأس السم 25 أكتوبر، 2024 الطقس صنعاء غيوم متفرقة 15 ℃ 22º - 13º 51% 3.04 كيلومتر/ساعة 22℃ الخميس 22℃ الجمعة 22℃ السبت 22℃ الأحد 22℃ الأثنين تصفح إيضاً التحالف المُحتمل بين إسرائيل وإقليم “أرض الصومال” 7 نوفمبر، 2024 الحوثيون: عمليات البحر الأحمر لن تتأثر بانتخاب ترامب 7 نوفمبر، 2024 الأقسام أخبار محلية 28٬372 غير مصنف 24٬189 الأخبار الرئيسية 14٬965 اخترنا لكم 7٬068 عربي ودولي 6٬989 غزة 6 رياضة 2٬356 كأس العالم 2022 72 اقتصاد 2٬259 كتابات خاصة 2٬089 منوعات 2٬011 مجتمع 1٬842 تراجم وتحليلات 1٬803 ترجمة خاصة 83 تحليل 14 تقارير 1٬615 آراء ومواقف 1٬548 صحافة 1٬485 ميديا 1٬415 حقوق وحريات 1٬328 فكر وثقافة 903 تفاعل 816 فنون 481 الأرصاد 326 بورتريه 64 صورة وخبر 36 كاريكاتير 32 حصري 22 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل English © حقوق النشر 2024، جميع الحقوق محفوظة | يمن مونيتورفيسبوكتويترملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويترملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 أكثر المقالات تعليقاً 1 ديسمبر، 2022 “طيران اليمنية” تعلن أسعارها الجديدة بعد تخفيض قيمة التذاكر 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 4 يوليو، 2024 دراسة حديثة تحلل خمس وثائق أصدرها الحوثيون تعيد إحياء الإمامة وتغيّر الهوية اليمنية 26 فبراير، 2024 معهد أمريكي يقدم “حلا مناسباً” لإنهاء هجمات البحر الأحمر مع فشل الولايات المتحدة في وقف الحوثيين أخر التعليقات Abdaullh Enanنور سبتمبر يطل علينا رغم العتمة، أَلقاً وضياءً، متفوقاً على...
SALEHتم مشاهدة طائر اللقلق مغرب يوم الاحد 8 سبتمبر 2024 في محافظة...
محمد عبدالله هزاعيا هلا و سهلا ب رئيسنا الشرعي ان شاء الله تعود هذه الزيارة ب...
.نرحو ايصال هذا الخبر...... أمين عام اللجنة الوطنية للطاقة ال...
issamعندما كانت الدول العربية تصارع الإستعمار كان هذا الأخير يمرر...