(عدن الغد)خاص.

إعداد/ د. الخضر عبدالله:
البحر الأحمر والقرن الإفريقي
أشرنا في العدد الماضي من حديث الرئيس علي ناصر محمد  حول حديثه عن إغراء السوفييت والعراق المادي مقابل منحهم جزيرة سقظرى ومدينة البريقة.. وفي هذا العدد  يحكي الرئيس ناصر عن علاقة اليمن الجنوبي مع  دول القرن الافريقي .. و يقول مستدركا في حديثه:" لعل حقائق الجغرافيا الثابتة التي لا يمكن تغييرها هي التي أوجدت اليمن الديمقراطية الشعبية عند أهم موقع استراتيجي في باب المندب، وجعلته أهم مرتكز على البحر الأحمر والقرن الإفريقي والمحيط الهندي، وذلك ما أعطاها عبر التاريخ أهمية استراتيجية ودوراً غير تقليدي في تجارة العالم، وفي تحريك أحداث هذه المنطقة الحيوية منذ عهد الرومان إلى العصور الحديثة حين بدأت المنافسة التجارية بين البرتغاليين والهولنديين والبريطانيين.


وواصل حديثه :" هذا الموقع على الطريق بين الشرق والغرب هو الذي قاد خُطى الأطماع الدولية للسيطرة على موقع عدن الاستراتيجي وإخضاعها بالقوة. وقد أخفقت في ذلك قوى أجنبية كثيرة، حتى نجح البريطانيون في احتلالها وإخضاعها لسيطرتهم التي استمرت مئة وتسعة وعشرين عاماً بدءاً من عام 1839م..

ارتباط متعدد الأوجه

ويوضح الرئيس ناصر  في حديثه :" لا يخفى أن العلاقة بين اليمن ودول الخليج والقرن الإفريقي ذات خصوصية. فهناك ارتباط متعدد الأوجه بين شعوب المنطقة لمدى تاريخي طويل، والقرن الإفريقي يُعَدّ امتداداً سكانياً وجغرافياً واستراتيجياً لليمن، ودول الخليج والجزيرة، بالإضافة إلى وحدة المصالح ووقوعها على شواطئ البحر الأحمر والمحيط الهندي. من القدم أُرسيت هنا حضارة وعلاقة تعاون وثيقة بين شعوب هذه المنطقة يمكن أن تجعلها في شبه وحدة.
لكن ويا للأسف الشديد، لم تستوعب دول المنطقة قطّ حجم المصالح التي تجمع بين شعوبها بسبب التباين في أنظمتها السياسية والاجتماعية، أو بسبب الأطماع والتدخلات السياسية والأجنبية في شؤون دولها سعياً نحو أسر إرادتها والسيطرة على مواردها، أو بسبب النظام الدولي السابق المحكوم بصراع قوتين عظيمتين هما الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي.

واشنطن وأثارة الصراع

ومضى الرئيس ناصر يقول في كلامه :" لم يمض وقت طويل حتى سادت التوترات المنطقة، إذ لم يكن بوسع القوى الأجنبية الطامعة التسليم بإرادة شعوب المنطقة التي أخذ أغلبها ينتهج طريقاً مستقلاً، فقد كان لها مصالح واسعة يصعب التخلي عنها، كذلك كانت لها طموحات كبيرة في المنطقة، لا سيما في البحر الأحمر والقرن الإفريقي والمحيط الهندي. وقد استخدمت دول الغرب النزاعات الإقليمية أداة لتحقيق هذه الأهداف.
شدّد مساعد وزير الخارجية الأميركي «آرثر هارتمان» في بيان وزعته الخارجية الأميركية في حزيران/يونيو 1977م على مصالح الولايات المتحدة في القرن الإفريقي. ومن ناحية أخرى، أكد الجنرال «جورج براون» رئيس الأركان المشتركة للولايات المتحدة أهمية القرن الإفريقي البالغة لموقف بلاده في الشرق الأوسط.
من هنا عملت واشنطن على إثارة الصراع بين بلدان القرن الإفريقي. وهذا التكتيك يدخل في نطاق التكتيكات الاستعمارية الجديدة الناشئة عن استراتيجيتها السياسية العامة الهادفة إلى إحباط، أو أقله، إبطاء عملية التحولات المعادية للغرب وتقوية مواقعها في تلك المنطقة من العالم الحيوية استراتيجياً.
ما أرغب في قوله، أن الاستعمار ترك لشعوب القارة الإفريقية، ومن بينها شعوب القرن الإفريقي، تركة ثقيلة وجملة قضايا معقدة من جميع الأنواع، بما في ذلك قضية الحدود، وقد استخدمت هذه المشاكل لتوتير العلاقات بين بلدان هذه المنطقة وتصعيد النزاعات الانفصالية والإقليمية. لم يكن الهدف بذر الشقاق بين دول القرن الإفريقي وإشعال فتيل حرب محلية في هذه المنطقة فحسب، ولكن أيضاً شلّ الاتجاهات التقدمية في تطورها الاجتماعي.
ما كان يحدث في تلك المنطقة كان يهمنا جداً، ويؤثر فينا. وقد سعينا إلى تسوية الخلاف بين الصومال وإثيوبيا فور بروزه. وكنا نرى ضرورة تسوية المشكلة التي ظهرت بين البلدين الجارين بالتفاهم والطرائق السلمية ولكن دون جدوى.

العلاقة مع الصومال

ويتابع الرئيس علي ناصر قوله :" ارتبطت اليمن عبر التاريخ بعلاقات ووشائج قربى بدول الجوار الإفريقية، وخصوصاً الصومال وجيبوتي وإثيوبيا. كان للصومال قنصلية في عدن لرعاية مصالح جاليتها الكبيرة قبل الاستقلال ورفعت إلى مستوى السفارة بعده. كذلك افتتحت اليمن الجنوبية سفارة لها في مقديشو، وقد تطورت العلاقات الثنائية والدبلوماسية بين البلدين، وخصوصاً بعد ثورة 21 تشرين الأول/أكتوبر الصومالية عام 1969م التي أطاحت النظام الصومالي، وكانت الجمهورية الصومالية تأسست من شمال الصومال وجنوبه في نهاية حزيران/يونيو وبداية تموز/يوليو عام 1960 بعد استقلالهما عن المملكة المتحدة البريطانية التي كانت تحتل الصومال الشمالي (أرض الصومال) وإيطاليا التي كانت تحتل القسم الجنوبي منذ عام 1905 بعد أن تنازلت عنها سلطنة عُمان لإيطاليا، وقد اتخذ الرئيس سياد بري طريقاً جديداً بالنسبة إلى توجهات الصومال نحو جيرانها، وأقام علاقات مع الأنظمة التقدمية والدول الاشتراكية.

ويضيف الرئيس ناصر  في حديثه قائلا :" توترت العلاقات بين اليمن الديمقراطية والصومال، وخصوصاً بعد سقوط نظام الإمبراطور «هيلا سلاسي» في إثيوبيا وقيام النظام الثوري في أديس أبابا بقيادة الرئيس منغستو هيلاميريام وتأييدنا لهذا النظام الجديد ووقوف الصومال ضده. قامت اليمن الديمقراطية بمحاولات جادة في عدة مراحل من النزاع للتوسط بين الدولتين، داعية إياهما إلى حلّ مشاكلهما الحدودية بالطرائق السلمية وعبر الحوار الأخوي ووفقاً لميثاق منظمة الوحدة الإفريقية الذي ينصّ على عدم تغيير الحدود الموروثة عن الاستعمار في القارة، غير أن التعنت الصومالي وإصرار سياد بري على تحرير أوغادين، وأحلامه ببناء ما سمّاه «الصومال الكبرى» كان السبب في تفجّر حرب القرن الإفريقي. ضمن جهودنا هذه استضفنا في عدن في 16 آذار/مارس 1977م لقاءً للمصالحة حضره كل من الرئيس الإثيوبي منغستو هيلا ميريام، والرئيس الصومالي محمد سياد بري، والزعيم الكوبي فيديل كاسترو، بالإضافة إلى رئيس مجلس الرئاسة سالم ربيع علي والأمين العام عبد الفتاح إسماعيل - وأنا - علي ناصر محمد .
أكدنا في اللقاء أن العلاقة بين الصومال وإثيوبيا ذات خصوصية بالغة، ومصالحهما واحدة، وينتهجان الخط السياسي والاجتماعي نفسه تقريباً. ولهذا، فإن الخلاف ليس من مصلحتهما على الإطلاق، بل يضرّ بهما معاً وبدول المنطقة.

مشكلة أوغادين

ويردف الرئيس ناصر وقال :" ثم انتقلنا إلى الحديث عن مشكلة أوغادين. قلنا إنها لا يمكن أن تكون مثاراً للنزاع على الإطلاق، فالحدود بين الصومال وإثيوبيا واضحة تماماً طبقاً لميثاق منظمة الوحدة الإفريقية الذي يعترف بحدود كل الدول الإفريقية الموروثة عن الاستعمار، ويرفض إجراء أي تعديل فيها أو المسّ بتلك الحدود القائمة، إلا أن الرئيس الصومالي كان يصرّ على إعادة إقليم «أوغادين» (الغني بالنفط الذي لم يُستخرج) إلى سيادة الصومال، بينما كان الرئيس الإثيوبي مستعداً للتفاهم، وكان يقول: «نحن نمثل ثورتين شقيقتين وعلينا أن نتفاهم». خلال اللقاء اقترح تشكيل لجان من البلدين لحلّ المشكلة بالطرائق السلمية، لكنه في الوقت نفسه حرص على تمسكه بميثاق منظمة الوحدة الإفريقية التي تتخذ من «أديس أبابا» مقراً دائماً لها منذ تأسيسها في عام 1965م، والذي يؤكد عدم المسّ بالحدود القائمة بين الدول الإفريقية الموروثة عن الاستعمار.
أذكر أننا بذلنا جهوداً مضنية مع سياد بري، لكن تلك الجهود لم تثمر معه. أبدى الرئيس الصومالي تشدداً غير متوقع خلال اللقاء الذي استغرق اثنتي عشرة ساعة كاملة أي من الساعة 7 مساءً وحتى الساعة 7 صباحاً، حتى إن «كاسترو» علّق في نهاية اللقاء بأنه «أطول اجتماع في التاريخ!»، وأتذكر أنني رافقته إلى دار الضيافة وكان يردد أننا أخفقنا مع سياد بري ويجب أن ندعم منغستو. وفي الطريق علمنا باغتيال السيد كمال جنبلاط في لبنان وحزنّا كثيراً لهذا النبأ ونحن نستقبل يوماً جديداً بعد المعركة التي دارت بين الرئيسين الصومالي والإثيوبي.
يبدو لي أن «أوغادين» كانت تشكل شيئاً خاصاً لسياد بري باعتباره مولوداً فيها، كذلك فإنه كان يعتقد أنه سيحصل على دعم مزدوج من بعض الدول العربية ومن الاتحاد السوفياتي الذي كانت علاقته به ممتازة في الوقت نفسه. لكنه لم يحصل على هذا ولا ذاك، وكان ذلك خطأً قاتلاً في الحسابات الصومالية. وكانت النتيجة أنه خسر حرب أوغادين، ولم يستطع فيما بعد الحفاظ على وحدة إقليم الصومال نفسه. ولعله قد تعلم بعد فوات الأوان أن اللجوء إلى الحرب لا يحسم أي خلاف، وأن الحسم العسكري نصر مؤقت.
ضاع الجهد الدؤوب الذي بذلناه مع الرئيس الصومالي للعدول عن شنّ الحرب أو اللجوء إلى القوة في حلّ المسائل الخلافية مع إثيوبيا عبثاً. ما لبث أن تغير مجرى الحرب، وباتت القوات الصومالية في وضع لا يحسد عليه. حينـئذ فقط جاءنا سياد بري طالباً وساطتنا لوقف الحرب. أذكر أنني في شباط/فبراير من عام 1981م، بينما كنت أحضر مؤتمر القمة الإسلامي في السعودية، جاءني كل من الشاذلي القليبي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، ومعه الرئيس الصومالي سياد بري بعد انضمام الصومال إلى جامعة الدول العربية بهدف الحصول على المساعدات التي لم يحظَ بها.


العلاقة مع إثيوبيا

و أشار  الرئيس ناصر عن العلاقات التاريخية  التي تربط  اليمن الجنوبي مع إثيوبيا  و جيبوتي ..حيث قال  :"  ترتبط إثيوبيا بعلاقات تاريخية مع اليمن، وكان لها قنصلية في عدن قبل الاستقلال لرعاية مصالح الجالية، وكان لليمن الجنوبي جالية كبيرة في إثيوبيا، فافتتحت قنصلية عامة في أديس أبابا لرعاية مصالح الجالية هناك. ولم يسمح الحكم الإمبراطوري لهيلا سلاسي في ذلك الوقت برفع مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى السفراء، وهو ما أمكن الوصول إليه بعد قيام الثورة الإثيوبية وإطاحته، وقد تطورت العلاقة بين البلدين منذ ذلك الوقت، وشهدت تعاوناً في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية. 
بعد انتصار الثورة الإثيوبية في عام 1974، وجدنا أن المصلحة تقتضي الوقوف مع النظام الثوري في «أديس أبابا»، إذ كان من رأينا أن المنظمات الثورية التي كانت تناضل من أجل إطاحة الإمبراطور تستطيع أن تجد لغة مشتركة للتفاهم مع النظام الجديد باعتباره قد حقق ما كانت تسعى لتحقيقه. لهذا، سعينا لتشجيع الحوار والمصالحة بين المنظمات الإريترية والنظام الجديد في أديس أبابا.
ويكمل الرئيس ناصر حديثه ويقول :" لكن بعض الدول العربية التي لم تكن تصغي مجرد الإصغاء إلى هذه التنظيمات في مرحلة كفاحها ضد الإمبراطور احتضنت هذه المنظمات في محاولة لاستخدامها في مصلحة تكتيكية ضد نظام الحكم الجديد في إثيوبيا، ولم يكن الغرض منها مصلحة هذه التنظيمات أو الحفاظ على وحدة إثيوبيا.
في ما يخصنا، كان الأمر مختلفاً. فقد رأينا أن بروز نظام ثوري جديد في إثيوبيا يعني بداية تغيير أساسي في موازين المنطقة. وعزز وجهة نظرنا السياسات الجديدة التي اتخذها النظام في أديس أبابا الذي قطع علاقاته بدولة إسرائيل، وأغلق سفارتها في العاصمة الإثيوبية، وطرد خبراءها الذين كانوا يدربون الجيش وقوات الأمن الإثيوبيين، واعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية، وفتح مكتباً لها في أديس أبابا محل السفارة الإسرائيلية. من هنا، كان مهماً لنا انضمام إثيوبيا إلى أسرة الدول المؤيدة للقضية العربية، بالإضافة إلى أهمية دورها الإقليمي بما لها من ثقل سكاني وما تتمتع به من موقع جغرافي استراتيجي وحضاري يمكّنها من القدرة على التأثير المستقبلي.

حركة التحرر الوطني العربية والإفريقية

واستطرد الرئيس ناصر  وقال :" كنا نعتقد أن حركة التحرر الوطني العربية والإفريقية قد كسبت قوتين لا يستهان بهما على مستوى البحر الأحمر والقرن الإفريقي.
في هذه الظروف نشأت أولى المشكلات بين النظامين، الصومالي والإثيوبي، حول مصير «جيبوتي». كان لكلا النظامين طموحات في ضم جيبوتي إليه، وكان كل منهما يعتقد أحقيته بضمها إليه، استناداً إلى أنّ جيبوتي تتكون من مجموعتين إثنيتين هما (العفر) ذات الجذور الإثيوبية و(العيسى) ذات الأصول الصومالية.
أجرينا الاتصالات بحكومتي البلدين في مقديشو وأديس أبابا لإقناعهما بأن هذا الخلاف على مصير جيبوتي وأحقية تبعيتها لهذا أو ذاك ليس من مصلحة النظامين ولا من مصلحة جيبوتي، وأن الأولوية يجب أن تعطى لأن تنال جيبوتي استقلالها عن الاستعمار الفرنسي. وقد حققت جهودها في الأخير ونالت هذه الدولة استقلالها في حزيران/يونيو 1977م، وأصبحت عضواً في جامعة الدول العربية، وفي الأمم المتحدة.
المصالحة الإثيوبية الإريترية 
على المستوى نفسه، سعينا لإجراء مصالحة بين النظام الإثيوبي والمنظمات الإريترية التي كانت تناضل من أجل استقلال إريتريا. وأذكر هنا تماماً ما اقترحه أمير دولة الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح ووزير الخارجية الكويتي صباح الأحمد الصباح في عام 1982م عندما بحثنا معاً إيجاد حل لمشكلة إريتريا، حيث اقترحا إقناع الإثيوبيين بوقف العمليات العسكرية بين الجانبين الإثيوبي والإريتري مقابل تعهد إريتريا بفتح منفذ بحري لإثيوبيا في (عصب).
كانا يستندان إلى منطق قوي عَبَّرَا عنه قائلين:
إن إسقاط النظام الإثيوبي غير ممكن. كذلك إن هزيمة الثوار الإريتريين أمر صعب.
وطلبا مني إقناع الإثيوبيين بوقف العمليات العسكرية مقابل إقناع الإريتريين بمنحهم منفذاً بحرياً في عصب، كما أشرت.
بعد عشر سنوات كاملة من الحرب الأهلية، اتضح إلى أي مدى كانت مهمة وبعيدة النظر تلك الفكرة التي طرحها الشيخان جابر وصباح لإجراء مصالحة شاملة بين الإثيوبيين والإريتريين. أدت الحرب الأهلية إلى تمزيق هذا البلد الإفريقي الذي كنا نرى فيه عمقنا الاستراتيجي.. وقد دُمِّر قبله الصومال وتشظى إلى أكثر من كيان تحت قيادة تجار الحروب في شمال الصومال وجنوبها.

العلاقة مع جيبوتي  

ويواصل حديثه الذي اجرته معه (عدن الغد) وقال موضحا :" لم يكن لليمن الديمقراطية تمثيل دبلوماسي في جيبوتي حتى أعلنت استقلالها عن فرنسا في أيار/مايو عام 1977م واحتفظت فرنسا بقاعدة جوية وبحرية فيها بحكم الموقع الاستراتيجي المهم في القرن الإفريقي وعلى مداخل مضيق باب المندب مقابل تقديم المساعدة إلى هذه الجمهورية الفتية الفقيرة التي كان سكانها يعتمدون على القاعدة الفرنسية والسياحة والملح والأسماك التي يصطادونها ويصدّرونها إلى الخارج، كذلك يعتمد بعض السكان على التجارة، وفي مقدمتهم التجار من حضرموت وعدن والحجرية الذين أقاموا أفضل العلاقات مع سكان جيبوتي من قبيلتي العفر والعيسى، إضافة إلى حركة التجارة بين جيبوتي وأديس أبابا وعبر طرق المواصلات الأخرى. وقفت اليمن الديمقراطية ضد كل المحاولات التي كانت تستهدف ضم جيبوتي إلى الصومال، كما أشرنا إلى ذلك آنفاً، وتطورت العلاقات الرسمية والشخصية بيننا وبين جيبوتي بعد استقلالها تحت قيادة الرجل الحكيم الرئيس حسن جوليد، الذي يُعَدّ أباً ورمزاً للوحدة الوطنية في جيبوتي التي كانت لإثيوبيا والصومال أطماع في ضمها، بحجة أن قبيلتي العيسي والعفر تنتميان إليهما، ولكنهما فضّلتا البقاء والوحدة في دولة جيبوتي. وفي فترة حكم الرئيس منغستو تطورت العلاقة مع الرئيس حسن جوليد لمصلحة الشعبين الإثيوبي والجيبوتي، وكان يربط البلدين منذ بداية القرن العشرين خط سكة حديد بين ميناء جيبوتي وأديس أبابا. باركت اليمن الديمقراطية وساندت هذا التعاون والتفاهم بين أديس أبابا وجيبوتي.

تبادل التمثيل الدبلوماسي بين عدن وجيبوتي

ومضى يقول في حديثه :"  وأقامت أفضل العلاقات، وجرى تبادل التمثيل الدبلوماسي بين عدن وجيبوتي وتبادل الزيارات الرسمية والشخصية للمسؤولين في البلدين، وكان عدد من المسؤولين في جيبوتي ينتمون إلى عائلات في عدن وحضرموت وشمال اليمن، ويسعون بدورهم إلى تعزيز العلاقات بين عدن وجيبوتي، وقد وصل بعض منهم إلى مناصب مهمة في هذه الدولة، وكان منهم وزراء وأعضاء في البرلمان، وقد توجت هذه الاتصالات والزيارات بالزيارة التي قمت بها لجيبوتي في نهاية عام 1982م، حيث استقبلت استقبالاً حافلاً من قبل الشعب في جيبوتي الذي خرج عن بكرة أبيه للترحيب بنا وهم يهتفون «علي ناصر»، وكنت أول رئيس يمني وعربي يزور جيبوتي منذ استقلال هذا البلد الفقير. مع الأسف، إن العرب لم يقدموا أي دعم أو مساعدة أو قروض لتنمية وتطور هذا البلد الذي يتمتع بأهم موقع استراتيجي في القرن الإفريقي. بعد هذه الزيارة قام الرئيس حسن جوليد بزيارة عدن واستقبل استقبالاً حاراً من قبل المواطنين والمسؤولين الذين يرتبطون بعلاقات الإخاء وروابط الدم، وتطورت العلاقات الشخصية والرسمية بيني وبين الرئيس حسن جوليد وأسرته الذين كانوا لا يترددون في طلب العسل والتنباك الحمومي الحضرمي عندما يحتاجون إلى ذلك. ومثل هذه العلاقات الشخصية مألوفة بين رؤساء الدول، فقد كنا نرسل العسل والتنباك  والسيجار وأسماك اللوبيستر والجمبري إلى بعض المسؤولين في شمال اليمن ودول الخليج، وكان الرئيس فيديل كاسترو يزودنا بالسيجار تعبيراً عن العلاقات الحميمة والشخصية، وقد حافظ هذا الرجل الحكيم حسن جوليد على أمن جيبوتي واستقرارها ووحدتها حتى تنازل عن الحكم ديمقراطياً للرئيس إسماعيل جيله الذي تتلمذ في مدرسته وتخرج منها، وقد نأى ببلاده عن الصراعات الإقليمية والدولية مع احتفاظه بالقاعدة الفرنسية التي لا تتدخل في الشأن الداخلي لبلاده، لكنها كانت أماناً وضماناً للحفاظ على النظام واستقراره، وصولاً إلى العديد من القواعد العسكرية البحرية والجوية لدول، كاليابان والصين والأميركان والامارات من أجل الحصول على المال وفرص العمل لأبناء الشعب الجيبوتي.

(للحديث بقية)

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: الرئیس الصومالی القرن الإفریقی الدول العربیة فی أدیس أبابا عن الاستعمار هذه المنطقة الرئیس ناصر فی إثیوبیا العلاقة مع فی جیبوتی التی کانت علی ناصر التی کان فی حدیثه لها فی فی عدن لم یکن

إقرأ أيضاً:

صاحب مقابلة القرن مع بوتين يستعد لمقابلة مع زيلينسكي

قال الصحفي الأمريكي تاكر كارلسون، إنه سيجري مقابلة مع فلاديمير زيلينسكي، مشيرا إلى أن الهدف منها تقديم معلومات يحتاجها الأمريكيون بشدة حول الصراع الذي يغير مكانة بلادهم في العالم.

 

صحيفة أمريكية: كتيبة نازية أوكرانية نفذت انقلابا عسكريا على زيلينسكي زيلينسكي: مستعد للقاء ترامب للاستماع إلى خطته بشأن السلام

 

وكتب كارلسون في حسابه على منصة "إكس": "على ما يبدو، سنجري مقابلة مع زيلينسكي، نحاول القيام بذلك منذ عامين، وبشكل خاص منذ المقابلة مع الرئيس بوتين في فبراير، والهدف من ذلك هو تقديم معلومات يحتاجها الأمريكيون بشدة حول الصراع الذي يغير مكانة بلادهم في العالم بالكامل".

وأشار كارلسون، إلى أمله في أن يتم عقد لقاء مع زيلينسكي "قريبا".

 

وقد أجرى كارلسون مؤخرا عددا من المقابلات رفيعة المستوى مع العديد من الأشخاص، ومن بينها مقابلة القرن مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورائد الأعمال والمبرمج الروسي بافل دوروف، والفيلسوف ألكسندر دوغين.

 

ووصل عدد مشاهدات المقابلة التي أجراها كارلسون مع الرئيس بوتين على منصة "إكس" إلى 200 مليون مشاهدة بعد أيام قليلة من بثها في 9 فبراير.

 

وأعلن الملياردير الأمريكي إيلون ماسك حينها أن تنزيل تطبيق "إكس" شهد ارتفاعا غير مسبوق منذ الإعلان عن المقابلة مع الرئيس بوتين.

 

مقالات مشابهة

  • صاحب مقابلة القرن مع بوتين يستعد لمقابلة مع زيلينسكي
  • بحث مثير: فرس النهر يطير
  • بحث مثير: فرس النهر "يطير"
  • خبير دولي يُحذر من مخاطر الصراع في السودان
  • السيسي يهنئ هاتفيا محمد ولد الشيخ الغزواني لإعادة انتخابه رئيسا لموريتانيا
  • التوافق السياسي السوداني: تأملات واقتراحات
  • روسيا ترد على تصريحات ترامب بشأن الأزمة الأوكرانية
  • الأشجار تشرب الملح!!
  • أكاديمي إسرائيلي يستعرض تاريخ الصراع مع حماس.. لن ترفع الراية البيضاء
  • وماذا بعد تلك التصريحات؟