أزمة ضمير
أمل محمد الحسن
تفاعل رواد السوشيال ميديا مع التسجيل الأخير لقائد الدعم السريع (المحلول) حميدتي في اتجاه أنه أثبت كونه مازال على قيد الحياة بعد تأكيدات قوية من سفير السودان بليبيا على قناة الجزيرة مباشر بموته!
لكن لم تجد اتهامات (البعاتي) لقائد الجيش بأنه خان ضباط 28 رمضان، الذين عدموا النائحة وزوار القبور! أي اهتمام!
بل شملت اتهامات حميدتي للبرهان في ذات التسجيل بأنه قام بجرائم في “صليحة”، وفضح عنصريته التي قال إنها ظهرت أمام عدد من الأشخاص في حديثه عن إثنيات معينة بعبارات يعف لسان قائد القوات التي قتلت وسرقت واغتصبت؛ عن ذكرها!
حسناً، كل ما قاله قائد الدعم السريع (المحلول) تعتبر مجرد اتهامات تحتاج للأدلة والبراهين ليتم تصديقها، لكن بالنظر عميقاً لهذه الاتهامات التي من الواضح أنها شملت الكثير من الأحداث والجرائم في كريندق، وصليحة، وفض الاعتصام، تجعلنا نتساءل أين كان ضمير “حميدتي” وقتها؟ هل كان يضعه في ثلاجة مشاركة السلطة والمحاصصة ونال مقابل إسكات ضميره غض نظر البرهان عن تهريبه الذهب وبناء امبراطوريته الاقتصادية؟؟
من الجهة الأخرى؛ سبق كل من الجيش والداخلية حميدتي بكيل الاتهامات له في تصريحات للفريق ياسر العطا الذي تحدث عن تهريب الذهب! وتصريحات اللواء هاشم من الشرطة لقناة الحدث بأن حميدتي قام بتجنيس قرابة مليون شخص لينضموا إلى صفوف “مليشياته”!
أين كانت قيادات الجيش، والاستخبارات والمخابرات وكل الأجهزة الأمنية والرقابية في البلاد من سرقة حميدتي لموارد البلاد، ومنح الجنسية السودانية للمرتزقة؟؟
هل انطبق المثل العربي الذي يقول: “إذا اختلف اللصوص ظهر المسروق” على واقع المحاسبية في أعلى أجهزة الدولة السيادية؟ التي بات يديرها العسكر بصورة مباشرة وحصرية بعد انقلابهم في 25 اكتوبر من العام 2021، وكانوا يديرونها قبل ذلك بمنطق القوة! والسيطرة على الأجهزة الأمنية والعسكرية والشرطية!
هذه الاتهامات التي توضح كم الجرائم الضخم خلفها، والتي لم تتم فيها أي نوع من المساءلة من قبل.
فيما كان عهد الأخوية السابق يقول: سأشيح بوجهي نحو الجهة الأخرى ريثما تنهي أفعالك الإجرامية!
الاتهامات التي أشار بها الجيش والشرطة لحميدتي هي إدانة واضحة للنظام الحاكم، هي فضيحة لتواطؤ العسكر مع السارق والمزور، تجعل جريمتهم لا تقل عن جرائمه، بل على العكس تتفوق عليها!
فالأجهزة المنوط بها حماية الوطن أرضه وشعبه وماله تقوم بتوفير الساتر لمجرم يسرق خيرات البلاد ويوزع جنسياتها على من يشاء يجعلها تحمل أضعاف أوزار الجاني الذي اختبأ خلف سلاسل الفساد وهو ذنب في حق الوطن لا يجب أن يغتفر!
الإفلات من العقاب في كل الجرائم الخطيرة التي حدثت في تاريخ البلاد هو ما أغرى الآخرين بارتكاب المزيد والمزيد منها! الدم السوداني الذي أريق على مر السنوات؛ الشرف المهدر من جرائم دارفور التي اعتبرها من كان رئيس البلاد وقتها بـ(الشرف) للمغتصبات من الدارفوريات، إلى اغتصابات فض الاعتصام ومواكب ما بعد الانقلاب العسكري، هي التي فتحت شهية عصابات الدعم السريع بالمواصلة فيها! والزيادة عليها بالنهب والخراب!
مزاد الاتهامات المبذولة بالصوت والصورة من شهود العيان شملت مع الأسف الشديد ما أشار له القيادي بالحرية والتغيير طه عثمان، باللقاء بين نائب رئيس القضاء والمطلوب لدى المحكمة الجنائية؛ السجين وقتها، أحمد هارون! هذا الاتهام الأخير كان بمثابة الطعنة في خاصرة الثقة بين قوى الثورة وقيادات القوى السياسية!
فالحاضنة السياسية لحكومة الثورة تعترف الآن بأنها رأت وسمعت بأم عينيها هذا التجاوز القانوني الخطير، فيما لم تتم محاسبة، ولا ضجة، ولا زلزلة في النظام القضائي وقتها!
شركاء السلطة من العسكر غطوا على جرائم بعضهم البعض طمعاً في السلطة والجاه والذهب، غضوا الطرف لبعضهم البعض لمصالحهم الذاتية، لكن ما هو السبب الذي يجعل الحرية والتغيير تغض الطرف عن إدارة فلول النظام البائد للمسرح السياسي العبثي من خلف قضبانهم؟ يعقدون اجتماعاتهم التنظيمية، ويجرون اتصالاتهم الهاتفية بحرية كاملة، وتأتي الحرية والتغيير الآن لتشير بأصابع اتهام لهم بأنهم أطلقوا الرصاصة الأولى، بل ويشاركون بكتائبهم الجهادية في الحرب!
أين كانت الحرية والتغيير، وحكومة الثورة من محاسبة النظام البائد؟ أين كانت من إدارة ملف العدالة؟ من التجاوزات القانونية التي ارتكبت؟ وهي التي تسلمت مفاتيح حراسة الثورة من ميدان الاعتصام؟
كل تلك الاتهامات المتبادلة تكشف بصورة جلية عن قائمة الأزمات المتجذرة من انعدام الضمير الأخلاقي والإنساني، وانعدام الوطنية.
في رأيي أن التفاعل الضعيف مع كل تلك الاتهامات المقدّمة سببه انعدام الدهشة! وتوقع الأسوأ كل يوم في ظل حرب تتمدد وتستعر، وكلما قتلت وشردت وهتكت الأعراض، يصرخ عاشقو الخراب “هل من مزيد؟”.
لابد أن يكون هناك درس، وأن تعقد المواثيق المغلظة بانتهاء زمن “الدسدسة” مرة واحدة وإلى الأبد، وأن لا يكون هناك من تحميه السلطة أو المال والنفوذ من أن يطبق فيه القانون!
الوسومأحمد هارون أمل محمد الحسن البرهان الجيش الحرية والتغيير الدعم السريع السودان النظام البائد حميدتي رئيس القضاء طه عثمانالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أحمد هارون البرهان الجيش الحرية والتغيير الدعم السريع السودان النظام البائد حميدتي رئيس القضاء طه عثمان الحریة والتغییر الدعم السریع أین کان
إقرأ أيضاً:
حماس وإسرائيل تتبادلان الاتهامات بتأخير الاتفاق على وقف إطلاق النار
القدس المحتلة - الوكالات
تبادلت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وإسرائيل الاتهامات اليوم الأربعاء بالتسبب في عدم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة حتى الآن على الرغم من إعلان كل منهما إحراز تقدم في الأيام الماضية.
وقالت حماس إن إسرائيل وضعت شروطا جديدة، بينما اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حماس بالتراجع عن تفاهمات تسنى التوصل إليها بالفعل.
وقالت حماس في بيان "مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى تسير في الدوحة بالوساطة القطرية والمصرية بشكل جدي، وقد أبدت الحركة المسؤولية والمرونة، غير أن الاحتلال وضع قضايا وشروطا جديدة تتعلق بالانسحاب ووقف إطلاق النار والأسرى وعودة النازحين، مما أجل التوصل للاتفاق الذي كان متاحا".
ورد نتنياهو في بيان قائلا "منظمة حماس الإرهابية تواصل الكذب، وتتراجع عن تفاهمات تسنى التوصل إليها بالفعل، وتستمر في إيجاد الصعوبات في المفاوضات".
وأضاف أن إسرائيل ستواصل جهودها رغم ذلك بلا كلل لإعادة الرهائن.
وقال مكتب نتنياهو أمس الثلاثاء إن فريق تفاوض إسرائيليا عاد من قطر أمس لإجراء "مشاورات داخلية" بشأن اتفاق يتعلق بإطلاق سراح الرهائن بعد محادثات بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة استمرت أسبوعا.
وكثفت الولايات المتحدة وقطر ومصر جهود الوساطة للتوصل إلى اتفاق في الأسبوعين الماضيين.
* إسرائيل تواصل الضغط العسكري
في الوقت نفسه، واصلت القوات الإسرائيلية عملياتها في قطاع غزة، وقال مسعفون إن ما لا يقل عن 24 شخصا لقوا حتفهم في ضربات إسرائيلية في أنحاء القطاع الفلسطيني اليوم الأربعاء.
وأضافوا أن إحدى الضربات استهدفت مدرسة تؤوي عائلات نازحة في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف مسلحا من حماس يقوم بعمليات في حي الفرقان بمدينة غزة.
وفي منطقة المواصي التي أعلنتها إسرائيل منطقة آمنة في خان يونس بجنوب القطاع، قُتل وأصيب عدة فلسطينيين في ما قال الجيش إنها ضربة استهدفت مسلحا آخر من حماس يقوم بعمليات هناك.
وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة الذي تديره حماس إن القوات الإسرائيلية استمرت في حصار المستشفيات الثلاثة الوحيدة التي لا تزال تعمل بالكاد في بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا عند الطرف الشمالي للقطاع.
وأجبر الجيش الإسرائيلي مسؤولي المستشفى الإندونيسي على إجلاء المرضى والموظفين أمس الثلاثاء وواصل العمليات في محيط مستشفى كمال عدوان القريب. كما أمر بإخلاء مستشفى كمال عدوان لكن المسؤولين هناك رفضوا ذلك، مشيرين إلى المخاطر التي تهدد عشرات المرضى.
وواصلت القوات الإسرائيلية العمليات في محيط المستشفى خلال اليومين الماضيين، وذكر مسؤول أمني إسرائيلي أن المنطقة معقل لحماس.
وقال المسؤول "كمال عدوان هو منطقة القتال الأكثر تعقيدا في جباليا... نحن حذرون للغاية".
ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بالسعي إلى إخلاء شمال غزة بشكل دائم لإنشاء منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.
واندلعت الحرب بعد أن شنت حماس هجوما في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 على جنوب إسرائيل، والذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى إنه تسبب في مقتل 1200 شخص وخطف 251 رهينة واحتجازهم في غزة.
أما حملة إسرائيل على حماس في قطاع غزة، فيقول مسؤولو الصحة فيه إنها أدت منذ ذلك الحين إلى مقتل أكثر من 45361 فلسطينيا ونزوح معظم السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة وتدمير جزء كبير من القطاع.