لماذا الآن: حل الدعم السريع والعقوبات على عبد الرحيم

عثمان نواي

فرض الولايات المتحدة الأمريكية العقوبات على عبد الرحيم دقلو نتيجة لضغوطات دولية كبيرة نتجت بشكل أساسي من الانتهاكات الفظيعة فى الجنينة وميسترى والتى وصفتها مسؤولة الأمم المتحدة لمراقبة الابادة الجماعية فى العالم بأنها جرائم ترقى للتطهير الاثنى واستخدام العنف الجنسي على اساس أثنى من الجرائم التى أصبحت دول كثيرة فى العالم من ضمنها أمريكا وكندا تصنفها على أنها جرائم ضد الإنسانية كما وصفتها المحكمة الجنائية بذات الصفة.

ونتيجة لتحركات مجموعات الضغط الحقوقية ومن خلال رسائل بعثت إلى أعضاء الكونجرس خلال الشهرين الماضيين طالبت بفرض عقوبات رادعة تسهم فى وقف الانتهاكات الجارية والمحاسبة عليها مستقبلا، بنت الإدارة الأمريكية قرارها الراهن. واعتمدت الولايات المتحدة الأمريكية في قرارها على أبحاث منظمات حقوقية دولية مثل امنستى وهيومن رايتس ووتش ومسوحات الأقمار الصناعية عبر مشروع مراقبة النزاع فى السودان الذى تديره منظمات أمريكية وهيئات أكاديمية متخصصة مثل ستانفورد بالتعاون مع الإدارة الأمريكية.

ولذلك فإن الادلة الدامغة التى تم جمعها من قبل الجهات الحقوقية جعلت موقف الإدارة الأمريكية واضحا فى الحاجة إلى بدء خطوات مباشرة ضد جرائم قيادات الدعم السريع.

تساؤل الكثيرون المشروع حول أسباب استهداف عبد الرحيم وليس حميدتي له إجابات عدة اهمها ان العملية السياسية التى تقودها الولايات المتحدة لازالت تفرض عليها التعامل مع الدعم السريع ولن تستطيع الإدارة التعامل مع شخصيات هناك عقوبات مباشرة ضدها من الإدارة الأمريكية. لذلك تم التعامل مع انتهاكات الدعم السريع عبر القيادات الثانية لها بالتركيز على دارفور.

تحرك البرهان نحو حل الدعم السريع بالأمس تأثر بهذا القرار، ليس فقط لانه تأكيد على موقف الولايات المتحدة المناهض للدعم السريع. ولكن بشكل أكبر لان الادانة الدولية الواسعة للدعم السريع والعقوبات عليه يمكن أن تؤثر قانونيا على الجيش اذا ظل الدعم السريع قانونيا ودستوريا جزء من الجيش السودانى. كما أن تولي عبد الرحيم دقلو لمنصب عضو مجلس إدارة الصناعات الدفاعية  التابعة للجيش ومجلس إدارة شركات مثل زادنا التى تتبع للجيش أيضا بحكم منصبه فى الدعم السريع الذى كان يتبع قانونيا ودستوريا للدولة والجيش، فإن العقوبات عليه سوف تزيد من حجم العقوبات المفروضة اصلا على منظومة الصناعات الدفاعية منذ شهرين وتغلق علي شركة مثل زادنا مساحات حركة مالية دولية مختلفة.

ولذلك فإن الخطوات أعلاه سوف تكون لها تأثيرات مباشرة على سير العملية السياسية مقبل الايام خاصة مع استمرار الجيش فى التقدم وشعوره بالقدرة على صناعة موقف تفاوضي أقوى مما كان عليه قبل شهرين. التأثير المباشر يتمثل في إضعاف الموقف السياسي للدعم السريع بسبب الادانة الدولية لقيادته وأيضا ضعضعة موقفه التفاوضى، حيث لم تعد خيارات العودة للاتفاق الإطاري على رأس أجندة أي مبادرة سياسية مقبلة. ويبدو ان حكومة أمر واقع عسكرية هي ما سيدير الفترة المقبلة من بورتسودان. فى حين تضيق خيارات الدعم السريع وإمكانيات دخوله في عملية سياسية كشريك للجيش مقابل الجيش.

osman.habila@gmail.com

الوسومالجيش الدعم السريع الصناعات الدفاعية الولايات المتحدة بورتسودان حكومة الامر الواقع عبد الرحيم دقلو عبد الفتاح البرهان عثمان نواي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش الدعم السريع الصناعات الدفاعية الولايات المتحدة بورتسودان عبد الرحيم دقلو عبد الفتاح البرهان الإدارة الأمریکیة الولایات المتحدة الدعم السریع عبد الرحیم

إقرأ أيضاً:

«فورين بوليسي»: خطة ترامب لإضعاف الدولار ليس لها أي معنى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

وعد الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب باتباع العديد من السياسات الاقتصادية التخريبية إذا عاد مجددا إلى البيت الأبيض العام المقبل- وهى قائمة تتضمن زيادات ضريبية هائلة على الواردات، وحرب تجارية عالمية، وعجز كبير فى الميزانية، من بين هذه السياسات إصراره على إضعاف الدولار الأمريكي، إلا أنه ربما يؤدى إلى نتائج عكسية تماما.

وذكرت مجلة "فورين بوليسي" إنه لعقود من الزمن، ظل ترامب يطالب بإضعاف الدولار، أولا بصفته مطورا عقاريا مثقلا بالديون، ثم كمرشح رئاسي، ثم كرئيس، والآن مرة أخرى كمرشح لإعادة انتخابه.

داعمون للحملة
واكتسبت حملة ترامب الرامية إلى خفض قيمة الدولار، الدعم من شخصيات رئيسية مثل روبرت لايتهايزر، الممثل التجارى فى إدارة الرئيس الأمريكى السابق، الذى قد يلعب دورا محوريا فى إدارة ترامب الثانية.

ومنطقهم بسيط؛ فهم يزعمون أن قيمة الدولار مبالغ فيها مقارنة بالعملات التى يستخدمها المنافسون التجاريون مثل الصين واليابان وأوروبا.

إلا أنه من شأن الدولار الأضعف أن يجعل الواردات أكثر تكلفة بكثير بالنسبة للأمريكيين ويجعل الصادرات الأمريكية أكثر جاذبية فى الأسواق العالمية.

إضعاف الدولار والأسعار
اتباع مثل هذه السياسة من شأنه أن يتعارض بشكل مباشر مع الشيء الوحيد الذى يدعى ترامب أنه يحارب ضده، والذى يبدو أنه لا يزال يثير قلق الأمريكيين أكثر من غيره وهي: الأسعار المرتفعة، بحسب "فورين بوليسي".

وقال كبير الاقتصاديين الأسبق فى صندوق النقد الدولى موريس أوبستفيلد: "ليس من المنطقى أن نواجه التضخم المرتفع، ثم ندعو إلى خفض أسعار الفائدة، وزيادة التعريفات الجمركية، وإضعاف الدولار، وكل ذلك سيزيد من التضخم"، كبير الاقتصاديين الأسبق فى صندوق النقد الدولي؛ مضيفا أن هذا الطرح لا معنى له."

وقال الباحثون فى معهد بروكينجز عندما طرح ترامب نفس الفكرة عندما كان رئيسا: "إذا كان هدف الإدارة الأمريكية هو تفاقم عجزها التجاري، فما عليها سوى خفض قيمة سعر الصرف الفعلى الحقيقى للولايات المتحدة بشكل مؤقت، وتعزيز التجارة".

أرصدة الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، ودعم الاقتصاد الصينى والتقليل من قيمة سعر الصرف الفعلى الحقيقى للصين، لا توفر سوى ضربة مؤقتة للاقتصاد الأمريكي، وتؤدى إلى تفاقم اختلالات العملة العالمية وتثير الانتقام من شركائها التجاريين.

السؤال الأهم هو لماذا؟، ولا تزال أسعار الفائدة الأمريكية مرتفعة لترويض التضخم، وهو ما يفسر سبب انخفاض الين. ولكن الكثير يتعلق بحقيقة أن الدولار الأمريكى هو العملة الاحتياطية فى العالم. وهذا يعنى أن البنوك المركزية الأجنبية تشترى وتحتفظ بالدولار، مثل أى شخص آخر فى الاقتصاد العالمي، مما يعزز قيمتها.

تظل الأوراق المالية الأمريكية، مثل الديون الحكومية، الملاذ الآمن المطلق للمستثمرين فى أوقات الاضطرابات، حتى عندما تنبثق تلك المشاكل، كما حدث أثناء الأزمة المالية ٢٠٠٨-٢٠٠٩، من الولايات المتحدة. وهذا الطلب يدعم الدولار.

ويتطلب العجز المالى الهائل فى الولايات المتحدة، مثل العجز الناجم عن تخفيض ترامب الضريبى بقيمة ١.٩ تريليون دولار، تمويلا أجنبيا وهذا الطلب يدعم الدولار.

مشاكل إضعاف الدولار
ولكن المشاكل المرتبطة بملاحقة سياسة الدولار الضعيف تظل كثيرة، حتى ولو كانت هذه السياسة قابلة للتطبيق بالفعل.

فالدولار الأضعف لن يضع حاكما على واردات الولايات المتحدة ولن يحفز صادرات الولايات المتحدة، وهو الهدف الواضح للنهج كله. وعلى المدى القصير للغاية، فإن سياسة المال الرخيص والدولار الضعيف من شأنها أن تعزز النمو الاقتصادى الأمريكي، وهو ما من شأنه أن يضع الأموال فى جيوب المستهلكين.

وهو ما من شأنه أن يؤدى إلى زيادة طفيفة فى الواردات. ولهذا السبب يتسع العجز التجارى الأمريكى عندما تكون الأوقات جيدة فى الداخل، حيث يكون المستهلكون فى حالة تدفق.

ولكن الأهم من ذلك أن الدولار الضعيف لن يفعل الكثير لتعزيز الصادرات الأمريكية.

والمشكلة الأخرى هى أن أسهل طريقة لإجبار الدولار على الانخفاض هى خفض أسعار الفائدة الأمريكية، وهو أحد هواجس ترامب الطويلة الأمد. الشيء الوحيد الذى يتبع بشكل بديهى انخفاض أسعار الفائدة (ما لم تكن اليابان) هو ارتفاع التضخم، وهو بالضبط ما كان ترامب ومعاونوه يهاجمون الرئيس الأمريكى جو بايدن لسنوات.

وهناك عنصر الأمن القومى أيضًا، حيث تحتفظ الولايات المتحدة بحوالى ٨٠٠ قاعدة عسكرية خارجية فى أكثر من ٧٠ دولة، والتى تدعم بشكل جماعى الإسقاط العالمى للقوة الأمريكية.

ويتم الاستمرار فى ذلك يومًا بعد يوم من خلال إنفاق الدولارات على الوقود والطاقة والإمدادات وأشياء أخرى، وكلما كان الدولار أضعف، زادت تكلفة الحفاظ على التزامات البلاد المترامية الأطراف فى الخارج، وهو ما يتعارض إلى حد ما مع خطط مستشارى ترامب لتحقيق "السلام من خلال القوة" فى الخارج.

لكن خطط ترامب لإضعاف الدولار سيكون من الصعب تحقيقها على أى حال، وهو ما يجعل الممارسة برمتها محيرة.

ويبدو أن ترامب نفسه حريص على تكرار ما حدث فى ثلاثينيات القرن العشرين، وهو ليس بالضبط العصر الذهبى للولايات المتحدة والاقتصادات العالمية.

كان ترامب يسعى لإضعاف الدولار لعقود من الزمن ولم يتمكن من الوصول إلى ذلك خلال فترة ولايته الفوضوية. وقد لا يصل مرة أخرى، حتى لو عاد إلى البيت الأبيض مجددا. ولكن هذا بمثابة تذكير بأنه، بعيد عن الجرائم والجنح.
 

مقالات مشابهة

  • البلاغة من فوهة البندقية.. لماذا صنفت الولايات المتحدة أبا عبيدة إرهابيا؟
  • وزير الداخلية السوداني يتهم "الدعم السريع" بالإفراج عن إرهابيين مسجونين
  • توسع المعارك في ولاية سنار يجبر آلاف السودانيين على الفرار بظروف إنسانية قاسية
  • مع من يجب أن نبحث وقف الحرب؟ و لماذا
  • أمريكا وأكلاف الكيان الصهيوني الباهظة
  • «فورين بوليسي»: خطة ترامب لإضعاف الدولار ليس لها أي معنى
  • ما هو المشروع السياسي لقيادة الجيش؟
  • الأمم المتحدة تدعوا الجيش السوداني والدعم السريع لمفاوضات الأسبوع المقبل
  • الأمم المتحدة: الحرب تشرد 136 ألفاً من جنوب شرق السودان
  • غرق 25 شخصًا خلال فرارهم من المعارك بوسط السودان