بقلم/ عبدالباري عطوان
تحذير إلى الدولة السوريّة ومحور المُقاومة والحليف الروسي: السكّين الأمريكي الإسرائيلي وصل إلى العظم.. وإذا لم تتحرّكوا بسُرعةٍ ستخسرون كُلّ شيء وبهزيمةٍ مُذلّة.. وما يجري في “السويداء” و”شرق الفرات” يُثير الرّعب

سورية تقف حاليًّا أمام مُخطّطٍ أمريكيّ إسرائيليّ لتجديد، وتحديث، مُؤامرة التّفكيك، باستِخدام بعض أبناء الأقليّات التي قدّم “النظام” الكثير لحِمايتها، خاصّةً في جنوبها (السويداء)، أو في الشّمال الشّرقي، أيّ الأكراد في “شرق الفُرات”، ولهذا بات التصدّي لهذا المُخطّط حتميًّا ويجب أن يقع على عاتِقِ دُول محور المُقاومة وأذرعه العسكريّة، وليس عاتِقِ سورية وجيشها فقط، لأنّ الخطر يُهَدّد الجميع دُون استِثناء، وعليكم أن تتذكّروا أن سورية تُقاتل كحائطِ صَدٍّ عنكُم وبسببكُم.



لأن الولايات المتحدة وجميع عُملائها في سورية ودُول الجِوار لم يجدوا من يردعهم، زادوا من شراسَتهم، وتفرّدوا بالقُطر السوري، سواءً من خِلال الحِصار التجويعيّ القاتِل، أو من خِلال “أُكذوبة” إعادة سورية إلى الحُضْنِ العربيّ، والاحتِفال باستِقبال الرئيس بشار الأسد في بعضِ العواصِم العربيّة، حيث تبيّن أنها خطّة أمريكيّة مدروسة لبيع الوهم، وصرف الأنظار، وكسب الوقت لتنفيذِ هذا المُخطّط.

الجُوع لم يعد مقصورًا على بعض أهلِنا الدروز في السويداء، حتى يُدمّروا مُؤسّسات الدّولة، ويتمرّدون عليها، فكُلّ أبناء الشعب السوري باتُوا يُواجهون ظُروفًا معيشيّةً صعبةً أشدّ فتْكًا من نظيرتها في عِراق صدام حسين، حيث لا ماء، ولا كهرباء، ولا وقود، ولا خُبز، فاستِيلاء أمريكا على الثّروات النفطيّة والغازيّة والمَخزون الغِذائي الضّخم في شرق الفُرات، بتواطؤٍ مع قوّات سورية الديمقراطيّة “قسد” كان مدروسًا “لتثوير” الشعب السوري وفِئاته التي قاتَل أبناؤها أكثر من 12 عامًا للحِفاظِ على الدولة السوريّة ووِحدتها الترابيّة والوطنيّة، وللمُطالبة بإسقاط النّظام يَأسًا وإحباطًا وسَعيًا للخَلاص.

عِراق صدام حسين واجه المُخطّط التجويعيّ نفسه، ولكنّ المشهد السوري أكثر قساوةً، ففي السّنوات الأخيرة، جرى تخفيف الحِصار ولو جُزئيًّا على حواليّ 20 مِليون عِراقي، من خِلال منظومة “النفط مُقابل الغذاء”، وبعد ضُغوطٍ عالميّة مُتصاعدة، ولكن هذه الصّيغة لم تُطبّق على سورية ولن تُطبّق، لأنّ مُعظم الحُكومات العربيّة محكومة أمريكيًّا، وجرى الاستِيلاء على آبار الغاز والنفط وإحكام السّيطرة عليها، وسرقة مواردها، ومنْع وصول إمدادات الغذاء التي كانت تُغطّي حاجات الشعب السوري السنويّة بالكامِل، مع فائضٍ يكفي لأكثر من ثلاثِ سنوات.

فَشِلُوا في استِخدام الإسلام السّياسي المُسلّح، ومِئات المِليارات من الدّولارات في تقسيم سورية، وإسقاط النظام، والآن يلجأون إلى “الخطّة B”، أي إقامة مناطق حُكم ذاتي إداري وسياسي مُستقلّة في الأطراف السوريّة الثّلاث، السويداء ودرعا في الجنوب (كحائطِ صدٍّ عن “إسرائيل)”، وفي شِمال شرق سورية، بزعامةٍ كُرديّة، وشِمال غرب سورية برعايةٍ تركيّة.

هذه إدارات حُكم ذاتي مفروض بالقُوّة والتّجويع، مُرشّحة للتطوّر إلى دُولٍ مُستقلّة، بدَعمٍ من الولايات المتحدة وقوّاتها المُتمركزة في قواعدٍ خاصّة في شرق الفرات، حمايةً لإسرائيل وجبَهات دِفاعٍ عنها، ولا نستبعد أن نرى قواعد أمريكيّة مُماثلة في الجنوب السوري وفي السويداء ودرعا، لتكون مُوازية لنظيراتها على الأراضي الأردنيّة، و”التنف” قُرب المُثلّث الحُدودي السوري الأردني العِراقي، وتَعزِل دِمشق كُلّيًّا وجيشها عن جبهة الجُولان.

الاحتِجاجات التي انطلقت بقِيادة ومُشاركة “بعض” الجماعات الدرزيّة ذات الطّابع الانفِصالي، وأحرقت علم الدّولة، وأغلقت مُؤسّساتها تحت ذريعة تدهور الظّروف المعيشيّة والفساد، هي قمّة جبل الجليد للمُخطّط الأمريكي الإسرائيلي القديم المُتجدّد، وشهادة حق أُريد بِها باطل، والشّيء نفسه يُقال أيضًا عن ما يَحدُث في شرق دير الزور وريف إدلب وحلب.

انتِفاضة العشائر ورجالها الشّرفاء ضدّ القاعدة الأمريكيّة وجيش “قسد” الحامِي لها، جيّدة وإن جاءت مُتأخّرة، ولكنّها ليست كافية، ويجب أن يتم دعمها بالجيش السوري علانية، ومهما كان الثّمن، الصّمت على هذه المُؤامرات من خِلال اتّباع نظريّة “الصّبر الاستراتيجي” هو الذي أدّى إلى هذه النّتائج، وأعطى نتائج عكسيّة تمامًا.
أمريكا لا تعرف غير لغة القوّة، ولم تخرج من أفغانستان وفيتنام وأجزاء من العِراق بقذائفٍ من الورود، ونتمنّى أن تصل هذه الرّسالة الواضحة، والمُكرّرة إلى المعنيّين في سورية، فسورية التي نَعرِفها ونُحبّها، وأهلنا فيها مُهدّدةٌ بالضّياع.

للمرّة الثانية نقول إن مسؤوليّة إحباط هذا المُخطّط، ليست مسؤوليّة سورية وجيشها المُنهَك فقط، الذي دافع عن كرامة الأُمّة وتُرابها وهُويّتها أكثر من 12 عامًا مُتواصلة، وقدّم عشَرات آلاف الشّهداء، وإنّما كُل قِوى محور المُقاومة وأذرعها، وعلى رأسِها إيران، فسورية تدفع ثمن تحالفها مع إيران جُوعًا، وفقرًا، وتفكيكًا بسبب رفضها التخلّي عن تحالفها مع طِهران، والشّيء نفسه يُوجّه أيضًا إلى الحليف الروسي، الذي حمَت اقتِصاده برفضها مُرور الغاز القطري لأوروبا، الذي يَحرِمها، أيّ سورية، من الغِطاء الجوّي، والأسلحة والدّفاعات الجويّة التي تُمكّنها من التصدّي للغارات الإسرائيليّة المُهينة التي فاقَ عددها 300 غارة حتّى الآن، وتطوّرت إلى ضربِ غِلافِ العاصمةِ دِمشق، وتعطيل مطاراتها.

خِتامًا، نُطالب الشعب السوري الشّقيق أن يصمد وأن يتحمّل، ولكنّنا نُطالب أكثر السّلطات السوريّة، ومِحورها، وحُلفاءها أن يتحرّكوا أيضًا، وبسُرعة، لمُواجهة هذه المُؤامرة بكُلّ الطّرق والوسائل، وقبل فوات الأوان، وإذا كان لا بُدّ من الشّهادة، فيجب أن تكون في ميدان الشّرف والكرامة، وليس الموت جُوعًا وتفكّكًا وإذلالا.

نقلاً عن رأي اليوم

المصدر: سام برس

كلمات دلالية: الشعب السوری السوری ة الم خط ط

إقرأ أيضاً:

"مستقبل الأسد" ضمن 3 شروط سورية لإبقاء القواعد الروسية

وضعت الإدارة السورية للمرحلة الانتقالية ثلاثة شروط للموافقة على إبقاء القواعد الروسية بالبلاد منها تحديد مستقبل الرئيس السابق بشار الأسد.

وبحسب ما نقلت وكالة رويترز عن مصادر سورية وروسية وأخرى دبلومسية، فإن الاجتماع الأول بين الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع ومبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شهد 3 طلبات من الشرع للإبقاء على القواعد.

دعم المالي وإسقاط الديون

وفق الوكالة، يريد الشرع إعادة التفاوض بشأن عقود التأجير التي منحها الأسد لموسكو والتي تضمنت عقد إيجار لمدة 49 سنة لقاعدة طرطوس وعقد غير محدود المدة لقاعدة حميميم، لكنه لا يرغب في إخراج الروس بصورة نهائية.

ولا يمانع الشرع في احتفاظ روسيا بقواعدها مقابل دعم دبلوماسي وتعويض مالي لا سيما وأن روسيا متغلغلة في الاقتصاد السوري، وكذلك في قدرات الجيش.

وقال دبلوماسي سوري: "العداء المتبادل لم يعد مجديا... القيادة السورية الجديدة مستعدة لعقد السلام حتى مع أعدائها السابقين، وروسيا لا تزال تملك ما تقدمه لسوريا".

وبحسب الوكالة، ففي اجتماع 29 يناير بدمشق، طالب الشرع بإلغاء الديون السورية المستحقة لموسكو، والتي تتراوح قيمتها من 20 إلى 23 مليار دولار، وفقا لما ذكر وزير المالية السوري محمد أبازيد.

وفي ظل تقديرات الأمم المتحدة بأن إعادة إعمار سوريا ستكلف 400 مليار دولار، تطالب دمشق بتعويضات عن الدمار الذي لحق بها خلال الحرب.

لكن روسيا ترفض تحمل المسؤولية، وقد تقدم بدلا من ذلك مساعدات إنسانية، وفقا لمصدر مطلع على الموقف الروسي.

في ديسمبر، عرض بوتين استخدام القواعد الروسية كـمراكز لتوزيع المساعدات الإنسانية، لكن مصادر أممية تقول إنه لم يتم نقل أي مساعدات عبر القواعد حتى الآن.

مصير الأسد

كما طالب المسؤولون السوريون بعودة الأسد إلى البلاد، لكن دون طرح الأمر كشرط رئيسي لاستئناف العلاقات مع روسيا، وفقا لأحد المصادر.

كما أكد مصدر روسي بارز أن موسكو لن تسلم الأسد لأي طرف، ولم يطلب منها ذلك رسميا.

يبقى مصير الأسد ومن لجأوا إلى موسكو قضية حساسة، حيث ترفض روسيا تسليم الأسد، وتصر على الحفاظ على تحالفاتها القديمة.

وقال مصدر روسي رفيع المستوى: "روسيا لا تتخلى عن حلفائها لمجرد أن الرياح تغيرت اتجاهها".

إعادة الأموال السورية

كما طلب الشرع بإعادة الأموال السورية المودعة في روسيا خلال فترة حكم الأسد، لكن الوفد الروسي نفى وجود أي أموال من هذا النوع، بحسب دبلوماسي مطلع على المحادثات.

مقالات مشابهة

  • إضرام النار بعلم الاحتلال في السويداء السورية بعد رفعه من قبل مجهولين (شاهد)
  • خبير اقتصادي: الدولة تهتم بالشريحة التي تحتاج الرعاية المجتمعية
  • وليد جاب الله: الدولة المصرية تهتم بالشريحة التي تحتاج للرعاية المجتمعية
  • تركيب محولة كهربائية في منطقة الحروبي بمدينة السويداء
  • صور.. العثور على مستودع سري لـ "ذخائر هاون" في مدينة سورية
  • "مستقبل الأسد" ضمن 3 شروط سورية لإبقاء القواعد الروسية
  • سوريا.. وفد من قيادات السويداء يصل إلى جرمانا لاحتواء التوتر بعد اشتباكات بين مسلحين والأمن العام
  • المغرب الدولة العربية الوحيدة التي أعلنت الأحد أول أيام رمضان
  • تحذير.. وزير الخارجية الروسي: واشنطن تريد إنهاء الصراع في أوكرانيا وأوروبا ترفض
  • توقف خدمة الإنترنت والاتصالات الخارجية في السويداء جراء انقطاع ‏كبل ضوئي