بقلم/ يحيى يحيى السريحي
ذوبان المبادئ والقيم والاخلاق وانصهار الفضيلة في بوتقة المال يجرد الإنسان من ثوب العفة والعفاف ويفقده قيمته ، ويبقى الإنسان مجرد مسخ بشري مقرف نتن لا يطاق النظر أليه أو الاقتراب منه ، هذا هو حال بعض الناس اليوم في بعض المجتمعات العربية والاسلامية ومنها المجتمع اليمني ، وتحول أولئك اللاأخلاقي وعيشهم في مستنقع الانحطاط والدونية والرذيلة سببه البيئة السيئة التي ترعرع أولئك الناس فيها منذ النشئ وهو سبب داخلي ، وهناك سبب خارجي يتعلل به ضعاف النفوس وهي الحروب التي تنشأ في مجتمعاتهم سواء كانت حربا داخلية أو خارجية ، والإنسان قد خلق على فطرة الاخلاق بصرف النظر عن الدين والجنس واللون ، حتى في العصر الجاهلي كان العرب في ذلك الزمان على خلق يقول رسولنا الأعظم :
انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق " ، وتقول السيدة «عائشة» أم المؤمنين – رضي الله عنها – حينما سئلت عن أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم قالت : كان خلقه القرآن ، ويقول الله عز وجل واصفا نبيه الكريم محمد خاتم الانبياء والمرسلين وأحب الخلق الى الله اجمعين :
﴿وَإِنَّكَ لَعَلىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ (سورة القلم الآية: 4) ، وبالرغم ان العرب والمسلمين في القرن الحادي والعشرين يعيشون عصر النهضة والثورة العلمية والفكرية والمعلوماتية والذكاء الاصطناعي إلا أنهم يعيشون العصور الحجرية الاولى لا عصر الجاهلية الأولى من الناحية الاخلاقية والقيمية ؟!
فآيات القرآن الكريم ٦٢٣٦ آية ، وآيات العبادات في القرآن لا تزيد عن ١٣٠ آية فقط أي بنسبة ٢٪ من القرآن ، في حين أن آيات الأخلاق ١٥٠٤ آية ، أي ما نسبته ٢٤٪ من القرآن تقريبا أو ربع القرآن ، ومع ذلك ركز عدد كبير من المسلمين على العبادات سيما الدعاة وتركوا الجزء الأكبر من القرآن الكريم والعمل به والمتمثل في المعاملات وحُسن الخلق !! قال إبن القيّم الجوزية :
الدين كله خُلق ، فمن فاقَك في الخلق ، فاقَك في الدّين .
فالسلوكيات للافراد وتعامل المسلمين مع بعضهم البعض في الاسرة الواحدة والمجتمع الواحد القائم على الكذب ، والغش ، والسب ، وهتك العرض ، والتطاول بالقذف والاستنقاص والحط من قدر الاخرين ، والتبرم في وجه الآخرين ، والتعالي والاستكبار بالمنصب والجاه والسلطان والمال ، واحتقار الضعيف والمسكين ، والانتهازية والاستغلال ، وأكل حقوق الناس.
والتخلق بخلق الشوارع والملقطين والغوغائيين ، كل تلك السلوكيات وغيرها أفقد المسلمين القيمة الحقيقية للإسلام وعكس صورة سلبية عن الاسلام فوظف اعداء الاسلام ذلك لخدمتهم وديانتهم الأخرى ، وصارت المجتمعات الاسلامية أو البعض منها تعاني التفكك ، والتشرذم ، والتمزق ، ولم يعد المسلمين كما قال عنهم الحبيب محمد ﷺ: ) مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )..
فالغالب غياب المودة والرحمة والشفقة من قلوب وأفئدة المؤمنين ، ولم يبقى في قلوب المؤمنين سوى التلذذ بمعاناة الناس ، والشماتة بأحوالهم والاحتقار والتحقير منهم !! فحينما تخلى أولئك عن أخلاقهم فقدوا أنسانيتهم ، ومن فقد أنسانيته لا عزا عليه ، ولا أمل فيه ، ولا خير يعول عليه .
يقول أمير الشعراء أحمد شوقي :
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه فقوم النفس بالأخلاق تستقم
إذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتما وعويلا .
المصدر: سام برس
إقرأ أيضاً:
«بيت العائلة الإبراهيمية» يكرّم الفائزين بمسابقة مسجد الإمام أحمد الطيب للقرآن الكريم
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةاستضاف بيت العائلة الإبراهيمية في أبوظبي حفل تكريم الفائزين بمسابقة مسجد الإمام أحمد الطيب للقرآن الكريم بدورتها الثانية، التي أقيمت بالتعاون مع الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة.
نُظمت المسابقة بمشاركة 150 متسابقاً ومتسابقة من مختلف أنحاء دولة الإمارات، شملت الأطفال والبالغين، الذين أظهروا براعتهم في حفظ وترتيل وتجويد القرآن الكريم.
وخلال الحفل، تم تكريم 50 فائزاً وفائزة تقديراً لتميزهم في حفظ القرآن الكريم، وذلك ضمن خمس فئات مختلفة، هي حفظ القرآن كاملاً، حفظ 20 جزءاً، حفظ 10 أجزاء، حفظ 5 أجزاء، إضافة إلى حفظ جزء واحد من القرآن الكريم.
حضر الحفل كلٌ من الدكتور محمد المحرصاوي، رئيس أكاديمية الأزهر الدولية لتدريب الأئمة والوعاظ وباحثي الفتوى ورئيس جامعة الأزهر السابق؛ والمستشار محمد عبد السلام، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين؛ وفضيلة الشيخ طالب الشحي، المدير التنفيذي لقطاع الشؤون الإسلامية - الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة.
وفي تعليقه على الأثر الهام للمسابقة في تعزيز قيم التعايش السلمي والتفاهم المشترك، قال عبدالله الشحي، المدير التنفيذي لبيت العائلة الإبراهيمية بالإنابة: «تعد مسابقة مسجد الإمام أحمد الطيب للقرآن الكريم من أبرز الفعاليات التي يحتضنها بيت العائلة الإبراهيمية، حيث يعكس المتسابقون من خلال مهاراتهم والتزامهم القيم النبيلة للإسلام، مثل التراحم، والمحبة، وقبول الآخر، وهي مبادئ أصيلة في ديننا الحنيف، تتناغم مع رسالة بيت العائلة الإبراهيمية».
أُقيمت مسابقة مسجد الإمام أحمد الطيب للقرآن الكريم خلال الفترة من 20 يناير إلى 5 فبراير، مستقطبةً نخبة من حفظة كتاب الله من مختلف أنحاء دولة الإمارات، تكريماً لحفظهم للقرآن الكريم.
وتعكس هذه المسابقة رسالة بيت العائلة الإبراهيمية في ترسيخ قيم التفاهم المشترك، والحوار البناء، وتعزيز روح الأخوة الإنسانية، بما يسهم في تعزيز ثقافة التعايش السلمي والتآخي بين الأفراد والمجتمعات، في ضوء القيم السامية التي يدعو إليها القرآن الكريم.