انا لو كنت هنالك عند غابة ... لاعلوما لادروسا لاثقافة ... عند جدول غني ماءه ( ماؤه ) ... لااساءة من صغير او كبير ... إنما سيد نفسي ... زادني الإصرار جاها !!..
المكان حنتوب الجميلة ، الزمان العام ١٩٦٤ عام أكتوبر الأخضر ، عام انضمامي لهذا الصرح الشامخ الذي كان معلما مضيئا في سماء التعليم النوعي في بلادنا الحبيبة نعمت به أجيال وأجيال ومن الجوار العربي والافريقي جاء الحضارمة ووفد الصوماليون وكانت لوحة مجتمعية فريدة مضافة للتنوع العبقري لطلاب قدموا من مختلف نواحي القطر تعايشوا في سهولة ويسر وكانت بوتقة انصهار لمستقبل تشكل منذ ضربة البداية كله إصرار ، كله استقرار والبحث عن نجيمة بعيدة وغيمة غنية بالماء والنماء والحرية والعدالة للإنسان !!.
العنبر العمومي ال ( Common Room ) مخصص لطلاب الفرقة الرابعة المتاهبة لخوض معركة الشرف امتحان الشهادة في مارس شهر الكوارث وكان سبب التسمية أن هذا الشهر اشتهر بأحداث جسام في تاريخ السودان ومنها الهيجة التي ولعت عند زيارة الرئيس المصري محمد نجيب للخرطوم لافتتاح البرلمان والزيارة لم تدوم وخلفت وراءها دماء واشلاء في شارع الاسفلت وحسرة في القلب وغصة في الحلق ولهبة توقدت بين الضلوع !!..
فضل الطالب المنقول للصف الرابع أن يظل بعنبره الذي عاش فيه ثلاثة سنين وتحصن باحدي زوايا الغرفة أمامه دولاب يحجب عنه الرؤيا عن بقية الصحاب وهذه عزلة مجيدة عندما يكون في سريره يعب المقررات عبا وينكب علي الكتب أيما انكباب فلا يري إلا وهو خارج من العنبر أو قادم إليه من خلال الباب !!..
اسمه عبد اللطيف قادم من بلاد المحس لكنا ابدا لم نحظي معه بالمخاطبة من أي نوع وقد افهمنا من غير أن ينبس ببنت شفة أنه لا وقت له يضيعه في الثرثرة علي النيل أو نهر التايمز فامتحان الشهادة عنده هو معركة واترلو ولا بد من خوضها من غير ماتهاون وإلا يكون دون الجميلة ومستحيلة خرط القتات !!..
في يوم من الايام حصل مالم يكن متوقعا ولا حتي في افلام هوليود أو السيرك الهندي والقمم العربية والدوري الممتاز ... وقف عبد اللطيف عند باب العنبر علي غير العادة ولم يدلف مباشرة للحارة حيث يسكن مابين الدولاب والحايط محصنا في قلعته المنيعة مثل ( وندسور ) كافياً نفسه شر الونسات الفارغة والحديث في السياسة التي لا يات من وراءها الا الحمي ووجع الرأس والنعاس وأبو ( كباس ) !!..
وقف ورفاقه في العنبر تحلقوا حوله يستجلون الأمر وقد بدأ لهم أنه ربما يكون عنده بيان أو قرارا خطيراً يود أن يبلغهم إياه وكانوا كلهم اذنا صاغية ومن غير مقدمات ولا تحيات أو مجاملات سرد عليهم بلغته المحسية المميزة أن الاخبار واتته من البلد أن اخا له خرج ولم يعد ... وكان بالغ التأثر ولم يزد علي هذه الافادة الموجزة وتركنا من غير استئذان وذهب للصومعة ووقف وراء الدولاب وارتجل ابيات من الشعر أظنها من نظمه لأنها تشبه خط سيره في الحياة الذي حفظناه من منهج سكناه في متاهة بين دولاب وحائط وعزلة مجيدة !!..
هذه الابيات هي عينها التي تشكل العنوان أعلاه وقد طبقها هذا المحسي القادم من بلاد ( سالي فو حمر ) نفهم أن تكون أمنيته إن يعيش في الادغال وهي عزلة مافي كلام وزمان كان أهل التصوف يفضلون العيش في البرية مع وحش الخلاء ويتفرغون للعبادة بعيدا عن الأضواء والضجيج !!..
بالنسبة للعلوم والدراسة والكتابة فقد رأيناه متابطا كتابه طالعا ونازلا وربما يكون علي حسب ماجاء في نظمه الاستثنائي أنه مؤمن بنظرية الفن للحياة وليس الفن للفن يعني أن كل ما يشغل باله هو ( Grade One ) ودخول كلية القانون في جامعة الخرطوم والعمل بعد التخرج في الخليج أو امريكا والحلم بأن يكون وكيلاً للنيابة أو مستشارا لأكبر الشركات العابرة للقارات !!..
تري اين عبد اللطيف الآن وقد كان دائما في عجلة من أمره ولم يكن عنده وقت يضيعه وماتحدث يوماً عن نفسه والي يوم الناس هذا لم يبق من اسمه في ذاكرتنا الا اسمه الأول فقط لكننا ربما نري صورته يوما في الفضائيات وقد صار من المشاهير في عالم القانون والتففه الدستوري !!..
حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
لاجئ بمصر .
ghamedalneil@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: من غیر
إقرأ أيضاً:
الشيخ عمر عبد الكافي: هكذا يكون الفرد من أهل الرحمة في رمضان
وتناولت حلقة (2025/3/3) من برنامج "حكم وحكمة" التي تبث على منصة "الجزيرة 360" ويقدمها الشيخ عمر عبد الكافي، موضوع رحمة الله سبحانه وتعالى، وكيفية تحصيلها خلال شهر رمضان المبارك، حيث أجاب الشيخ على أسئلة الحاضرين حول طرق الفوز برحمة الله وما يحجبها عن العبد.
واستهل الشيخ الحلقة بالتأكيد أن الله سبحانه وتعالى جعل الأيام التي نعيشها خلال شهر رمضان أبوابا "نلج إليها لنقف على باب الرحمان الرحيم الذي يرعانا في صغير الأمر وكبيره"، مشيرا إلى أن رحمة الله لها آلاف الأبواب.
وأوضح أن "منهم من يقف على باب الصدقة، ومنهم من يقف على باب القيام، ومنهم من يقف على باب القرآن، ومنهم من يُفطر صائما، ومنهم من يفك رقبة أو يسد دين إنسان مدين، أو يفك كرب إنسان مكروب"، مؤكدا أن الشقاء الحقيقي هو أن "يخرج المسلم من رمضان خالي الوفاض، لم يقف على باب من هذه الأبواب أو غيرها".
واستشهد الشيخ عبد الكافي بالحديث النبوي الشريف الذي يبين سعة رحمة الله قائلا "الله خلق الرحمة مئة جزء، أنزل إلى أرضنا جزءا واحدا يتراحم به الخلائق، حتى إن الدابة لترفع حافرها خشية أن تطأ وليدها، وحجز عنده 99 جزءا يرحم بها الخلائق يوم القيامة".
إعلانوشرح أن مظاهر الرحمة الموجودة في الدنيا، مثل الأم التي تصبر تسعة أشهر على جنينها، والأب الذي يكد ويتعب لينفق على أطفاله، إنما هي من جزء واحد من مئة جزء من رحمة الله.
شروط الرحمة
وردا على سؤال أحد الحاضرين عما إذا كانت رحمة الله تشترط الأعمال الكبيرة، أكد الشيخ أن "الله عز وجل لا ينظر إلى الكم الذي أتيت به من عمل أو مال أو جهد.. قد يقبل منك كلمة، قد يقبل منك دمعة تطفئ بحورا من نار".
واستشهد بقصة رجل في عام مجاعة لم يجد ما يتصدق به، فمر وسط الجبال وقال "وعزتك وجلالك لو كانت هذه الجبال طعاما لوزعتها على عبادك"، فقال الله لموسى عليه الصلاة والسلام "أخبر عبدنا أننا قبلنا منه صدقته".
وحول سؤال عن الأعمال التي تحجب رحمة الله عن العبد، أوضح الشيخ أن "أسوأ الأعمال التي تحجب الثواب والبركة هو الرياء في العمل، لأن اليسير من الرياء شرك"، مشددا على أهمية الإخلاص في العمل.
وقال "الله يقول: أنا أغنى الأغنياء عن الشرك، فمن أشرك في عمل معي غيري، تركت نصيبي لشريكي"، ونصح المستمعين بضرورة تجديد النية في كل عمل وإخلاصه لله.
وعن كيفية الفوز برحمة الله في شهر رمضان، أكد الشيخ عمر أن أهم شرط هو "القلب السليم"، موضحا أن "آفات القلب تربو على عشرة، منها: الغل، والحقد، والحسد، وتمني الشر للناس، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، والكبر، والرياء".
وشدد على أن هذه الآفات "تمحق البركة من أرض القلب، فلا يصلح هذا القلب لأن تهبط على أرضه رحمة إلهية"، داعيا الجميع إلى تطهير القلوب قبل التوجه إلى الأعمال الصالحة.
3/3/2025