تدمير وتخطيط.. هل سيكون لنجوم كرة القدم العالميين تأثير سياسي على السعودية؟
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
بغداد اليوم - متابعة
تتعرض السعودية لانتقادات مفادها أنها وعلى ضوء سجلها في مجال حقوق الإنسان، تمارس "الغسيل الرياضي" عبر استخدام بعض أشهر لاعبي كرة القدم في العالم. لكن السؤال هو: هل يمكن أن يؤدي ذلك إلى تغييرات إيجابية في المملكة؟
في الأسبوع الماضي، قال لاعب كرة القدم الألماني المحترف في ريال مدريد توني كروس للصحفيين إن السعودية تدمر لعبة كرة القدم.
فالنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو والبرازيلي نيمار والمهاجم الفرنسي كريم بنزيمة والسنغالي ساديو ماني وعدد آخر، جميعهم وقعوا على عقود مع فرق في الدوري السعودي لكرة القدم، المسمى بدوري "روشن". وتشير التقديرات إلى أن قيمة صفقاتهم قد تتجاوز مليار دولار (926 مليون يورو)، كرواتب لحوالي 20 لاعبًا دوليًا.
وخلال مقابلة في أغسطس/ آب المنصرم مع النسخة الألمانية من مجلة "" سبورتس إلوستريتد" (SPORTS ILLUSTRATED) قال كروس عن اللاعبين الذين غادروا إلى السعودية: "في النهاية، إنه قرار يتعلق بالمال - وضد كرة القدم". وأضاف كروس: "ومن تلك النقطة، يصبح الأمر صعبًا بالنسبة لكرة القدم التي نعرفها ونحبها جميعًا".
ولكن هل يمكن لكرة القدم أن تجعل موقف الحكومة الأوتوقراطية في السعودية أكثر صعوبة؟ ففي نهاية المطاف، فإن النظرة الفاحصة والمتزايدة من قبل المجتمع الدولي، التي تأتي مع مثل هؤلاء اللاعبين البارزين تعني أيضاً المزيد من الاهتمام بالطريقة التي تُحكم بها المملكة العربية السعودية كنظام ملكي، فضلاً عن سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان. وقال كروس نفسه إنه لن يذهب إلى الدوري السعودي بسبب وضع حقوق الإنسان هناك.
الاستراتيجية الرياضية السعودية
تعد الحملة السعودية المنسقة للعب دور أكبر بكثير في كرة القدم الدولية جزءًا من الخطة الطموحة "رؤية السعودية 2030" للدولة الخليجية الغنية بالنفط. وتهدف الخطة إلى تنويع اقتصاد البلاد بعيدًا عن دخل النفط، عبر تنمية قطاعات مثل السياحة والترفيه.
ومن خلال العديد من الأدوات المالية والرعاية، استثمر السعوديون أيضًا مبالغ ضخمة في كل شيء بدءًا من الغولف والكريكيت وركوب الدراجات والفورمولا 1 والتنس والمصارعة ومؤخرًا الفنون القتالية المختلطة.
لم تكن كرة القدم دائما على جدول الأعمال. وكما لاحظ جيمس دورسي، وهو خبير بكرة القدم في الشرق الأوسط، فقد طُلب من المستشارين الأوائل الذين عملوا على استراتيجية الرياضة الوطنية في السعودية التركيز على الرياضات الفردية مثل التنس أو الغولف بدلاً من الرياضات الجماعية.
جيمس دورسي هو زميل بارز في كلية راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة، وهو أيضا مؤلف النشرة الإخبارية المشتركة، "العالم المضطرب لكرة القدم في الشرق الأوسط" وفي عامود كتبه في أغسطس/ آب، ذكر أن "التقليل من التركيز على الرياضات الجماعية كان يهدف إلى الحد من إمكانات كرة القدم كمكان للاحتجاجات المناهضة للحكومة".
كرة القدم كمشكلة محتملة
هناك الكثير من الأمثلة التاريخية التي توضح كيف يمكن لكرة القدم أن تكون مزعجة سياسياً في المنطقة. ففي عام 1958، أثناء الحملة الجزائرية للاستقلال عن القوة الاستعمارية الفرنسية، أثار بعض أفضل اللاعبين الجزائريين جدلاً من خلال الانشقاق عن الدوري الفرنسي لكرة القدم لتشكيل فريقهم الوطني المستقل.
وفي عام 2000، اقتحم مشجعو كرة القدم الليبيون الملعب في بنغازي بعد مباراة غير عادلة ضد نادي يملكه نجل الدكتاتور معمر القذافي. وفي عام 2011، لعب مشجعو كرة القدم المتعصبون في مصر المعروفون باسم "الألتراس" دورًا مهمًا في الثورة التي أطاحت في نهاية المطاف بالديكتاتور حسني مبارك الذي حكم البلاد لفترة طويلة. وفي الآونة الأخيرة، غيرت قطر قوانين العمل الخاصة بها بعد الانتقادات الدولية قبل وأثناء بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022، التي استضافتها.
وعلى الرغم من هذه الأمثلة، يبدو أن النصيحة بالابتعاد عن الرياضات الجماعية قد تم التخلي عنها بعد عام 2018، عندما عزز ولي العهد السعودي الطموح الأمير محمد بن سلمان قبضته على السلطة.
وتقول الحكومة السعودية الآن إن تركيزها على كرة القدم ينصب على التنويع الاقتصادي وتطوير البنية التحتية الرياضية وتحسين صحة السكان المحليين، حيث يعاني أكثر من 60% من المواطنين السعوديين من السمنة أو الوزن الزائد. ولا يتفق نشطاء حقوق الإنسان مع تلك الأقوال، ويذكرون أن الأمر يتعلق بـ "الغسيل الرياضي"، أي استخدام الأحداث الرياضية كوسيلة لصرف الانتباه عن أشياء، منها مثلا سياسات قمعية موجودة في البلاد. وترجح الآراء أن الاستراتيجية الرياضية السعودية مدفوعة باعتبارات سياسية داخلية وخارجية.
السعوديون مهووسون
حوالي ثلثي المواطنين السعوديين تحت سن 35 عامًا، وكرة القدم هي الرياضة المفضلة في البلاد. ويقول دورسي: "لذلك أعتقد أنه (محمد بن سلمان) أدرك أنه لا يمكنك حقًا بناء قطاع رياضي بدون كرة القدم". وتابع: "عليه توفير وظائف واستدامة اقتصادية والرياضة هي جزء من ذلك. هناك أيضًا عوامل غير اقتصادية".
وأوضح مؤلفو ورقة بحثية صدرت عام 2022 بعنوان "الأحداث الرياضية الدولية والقمع في الأنظمة الاستبدادية"، والتي نُشرت في مجلة العلوم السياسية الأمريكية American Political Science Review، أنه "للحد من مخاطر التحديات.. يعتمد معظم المستبدين على مزيج من القمع والشرعية والاستقطاب".
وقال آدم شاربف، أحد مؤلفي الدراسة والأستاذ المساعد في العلوم السياسية بجامعة كوبنهاغن، لـ DW: "لذلك فإنهم يستخدمون كرة القدم لأغراض الشرعية، وإلى حد ما، لأغراض الاستقطاب".
وأكد شاربف أن وجود أفضل لاعبي كرة القدم في العالم في الدوري المحلي يثير إعجاب المواطنين ويظهر أن البلاد يمكن أن تتصرف على قدم المساواة على المسرح العالمي، وأضاف: "بالطبع، هناك أيضًا قمع. ويتم الجمع بين كل هذا بطريقة استراتيجية".
إنه شيء يشبه "الخبز والسيرك"، كما اتفق دورسي وشاربف، في إشارة إلى القول الروماني المأثور بأنه عندما يتمتع المواطنون بالترفيه ويحصلون على طعام جيد، فإنهم لن يهتموا بالسياسة.
سيمون تشادويك، الأستاذ في كلية سكيما للأعمال في فرنسا، والمتخصص في الروابط بين الرياضة والسياسة، صرح لصحيفة ذا اتلانتيك The Athletic، وهي مطبوعة رياضية، في يونيو/ حزيران: "في الأساس، ما تفعله الحكومة الآن هو القول: حسنًا، إذا كنت تريد كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي، فسنعطيهما لك". وأضاف تشادويك: "لكن الجانب الآخر من ذلك هو أنهم لا يريدون أن يتم استجوابهم. حتى الآن هذا العام، كان هناك المزيد من الاعتقالات للأشخاص في السعودية بسبب نشر تعليقات سلبية حول الحكومة أكثر من أي وقت مضى. العقد هو أنه يمكنك الحصول على أي شيء تريد، ولكن لا تسألنا".
الأنظمة الاستبدادية
وبعد النظر بالتفصيل في بطولة كأس العالم عام 1978 في الأرجنتين، خلص شاربف وغيره من الباحثين إلى أن الأنظمة الاستبدادية تدرك جيدًا الطبيعة المزدوجة للأحداث الرياضية الكبيرة وتتعمد وضع استراتيجيات للتعامل معها. وقد تشمل هذه زيادة العنف قبل وبعد الحدث وزيادة المراقبة. وقال شاربف: "لذلك، من نواحٍ عديدة، لا يجعل الحدث الرياضي الأمور أفضل للأشخاص الذين يعيشون في البلد، بل يجعلها أسوأ".
في الواقع، فإنه على الرغم من كل التفاؤل بشأن كون الرياضة حافزًا للتغيير الاجتماعي الإيجابي، فإن كرة القدم هي مجرد أداة، كما قال دورسي. أمّا أنّها تحقق التغيير أو لا لأن هذا يعتمد على الظروف وكيفية اختيار القادة السياسيين لاستخدامها.
وأوضح دورسي: "في عام 2011، عندما لعب مشجعو كرة القدم دورًا رئيسيًا في مصر، كانت هناك العديد من الظروف القائمة مسبقًا". وتابع: "لقد كان هناك استياء واسع النطاق وكان الاستاد أحد الأماكن القليلة التي يمكن التعبير فيها عن هذا السخط وحيث كان لدى الناس شعور بالقوة وبالأعداد (الكبيرة). هل هذه الظروف ممكنة من الناحية النظرية في المملكة العربية السعودية؟ بالتأكيد. هل هناك أي مؤشر على أن هذا سيناريو واقعي في أي وقت قريب؟ بالتأكيد لا".
بالطبع، قد تظل كرة القدم تلعب دورًا إيجابيًا على المستوى الشخصي أو المجتمعي. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بالسياسة على المستوى الوطني، لا يعتقد شاربف ولا دورسي أن كرة القدم على وشك أن يكون لها أي تأثير في السعودية. في الواقع، كما أشار شاربف، فهو لا يعرف أي دراسات علمية قوية في أي مكان تظهر أن الرياضة تساعد في إحداث تغيير سياسي في القمة.
يقدم بحث مختصر باستخدام غوغل إجابة أخرى، وإن كانت غير علمية إلى حد كبير، حول ما إذا كانت الإستراتيجية السعودية لكرة القدم ناجحة على المستوى الدولي.
فخلال بحث محدد بتاريخ معين ظهر حوالي 10 عناوين إخبارية باللغة الإنجليزية حول محمد الغامدي، المدرس السعودي المتقاعد الذي حُكم عليه مؤخرًا بالإعدام لنشره آراء سياسية على موقع إكس X (المعروف سابقًا باسم تويتر). وجاء ذلك بعد أسبوع من إصدار هيومن رايتس ووتش بيانًا بشأن قضيته.
وفي نفس الإطار الزمني، كان هناك أكثر من 1000 عنوان إخباري يظهر اسم لاعب كرة القدم البريطاني، جوردان هندرسون، أحد أحدث المنضمين إلى الدوري السعودي.
المصدر: "DW"
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: حقوق الإنسان کرة القدم فی فی السعودیة لکرة القدم فی عام
إقرأ أيضاً:
تعادل الظفرة وبني ياس في «دولية ليوا» لكرة القدم
أبوظبي (وام)
تعادل الظفرة وبني ياس 2 - 2، وفاز فريق الخلود السعودي على الجزيرة 2 - 1، ضمن منافسات بطولة «ليوا الدولية لكرة القدم»، ويستضيف نادي الظفرة، البطولة حتى 28 ديسمبر الجاري، بمشاركة أندية العين والجزيرة وبني ياس والوحدة والظفرة والخلود السعودي.
وتختتم غداً منافسات الدور الأول من البطولة بمباراتين بين فريقي العين والجزيرة، ثم الوحدة وبني ياس.