أكد المهندس أسامة الفيومي رئيس محور تكنولوجيا المعلومات بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، أن «مركز المعلومات» على قناعة تامة بأهمية مواكبة التطورات الحديثة والبدء في تطويع تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وإبراز التقنيات بجميع العمليات الداخلية بالمركز بما يخدم الباحثين، إضافة إلى تعزيز قدرة المركز على القيام بمهمته الأساسية في دعم متخذ القرار بالبيانات والتحليلات واستشراف المستقبل.

جاء ذلك خلال ندوة دولية عبر الإنترنت، التي نظمها مركز المعلومات، تحت عنوان "مستقبل النظام التعليمي في ظل منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي"، بحضور نخبة من الخبراء والمتخصصين الدوليين في مجال الذكاء الاصطناعي، بهدف بحث مستقبل منصات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها على طرق التعليم والبحث العلمي، وذلك بمقر المركز في العاصمة الإدارية.

وجاء انعقاد الندوة على هامش إطلاق إصدار «المستقبل بعيون الذكاء الاصطناعي»، كنشرة شهرية للمركز تهدف إلى إلقاء الضوء على التطورات الكبيرة للذكاء الاصطناعي واستخداماته في مختلف المجالات، وتحليل انعكاساته محليا وعالميا، في ظل ما يشهده العالم من معدلات غير مسبوقة في تطور تلك التقنيات، خاصة مع ظهور برامج للدردشة الآلية بإمكانها إجراء محادثات كالبشر بعد تزويدها بالبيانات اللازمة، وبما يولّد محتوى معرفي يمكن استخدامه في مجالات التعليم والبحث وغيرها، فيما يعرف بـ "الذكاء الاصطناعي التوليدي"، كخطوة قد تسهم في تغيير أنماط التعليم المألوفة حاليًا.

وأوضح الفيومي، أن المركز يؤمن بأن تكنولوجيا المعلومات تمثل الذراع الدافع داخل المركز نحو تحقيق دوره الهام كمركز فكر الحكومة المصرية ورؤيته الطموحة في أن يكون مركز الفكر الأكثر تميزا في مجال دعم اتخاذ القرار وصنع السياسات العامة في قضايا التنمية الشاملة، عبر تطوير بنية تكنولوجية ومعلوماتية ومعرفية تتسم بالحداثة والفاعلية والاستدامة، ودعم جهود التحول الرقمي بالمركز نحو بناء حلول تكنولوجية ذكية على مستوى عالمي لدفع التعاون والابتكار، وتحسين بيئة أداء الأعمال، وتعزيز عملية صنع القرار بالاعتماد على التقنيات الذكية كالنمذجة والذكاء الاصطناعي.

وأشار إلى أن التبني المتزايد للذكاء الاصطناعي التوليدي سيُحدث تحولات جذرية في شتى المجالات، ليصاحبه تغييرات في طريقة عملنا وتواصلنا مع العالم من حولنا، فقُدر حجم سوق الذكاء الاصطناعي العالمي بحوالي 120 مليار دولار أمريكي في عام 2022، ومن المتوقع أن يشهد سوق الذكاء الاصطناعي نموًا قويًا في العقد المقبل، وأن تتضاعف قيمته عشرين ضعفًا بحلول عام 2030، لتصل إلى ما يقرب من تريليوني دولار أمريكي.

وأوضح الفيومي، أن التأثيرات المستقبلية للذكاء الاصطناعي أثارت جدلًا واسعاً بين العديد من الخبراء والمفكرين على مستوى العالم، ففي الوقت الذي أشار فيه المفكر الأمريكي "نعوم تشومسكي"، في مقال بجريدة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إلى المخاطر المحتملة لتلك التطبيقات بالنسبة للأخلاق والتعليم والوظائف، وقدرات الطلاب الإبداعية داخل المجتمع البحثي والأكاديمي، كما أشار الملياردير الأمريكي بيل جيتس، في أحدث مقالاته، إلى الفرص والمزايا التي يتيحها الذكاء الاصطناعي في خفض حالات عدم المساواة وتقليل حدة التفاوت بين الأفراد حول العالم.

ومن جانبها.. تطرقت سالي عاشور المدير التنفيذي لإدارة الدراسات المستقبلية والنمذجة بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، إلى نشرة "المستقبل بعيون الذكاء الاصطناعي"، ومدى أهميتها في تناول التأثيرات المحتملة للذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والمؤسسية، بالإضافة إلى رصد حصاد الذكاء الاصطناعي في شهر.

فيما سلط المهندس محمد شريف نائب رئيس شركة "دوزين" بالولايات المتحدة الأمريكية، الضوء على فرص منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجال التعليم، حيث يمكن أن تساعد برامج الدردشة الطلاب والمعلمين عبر إلقاء الأسئلة والتعلم من إجابتها، مشيرا إلى إطلاق برامج يمكنها ترجمة العديد من الكتب والأبحاث العلمية إلى اللغة العربية، كما تتمكن من تلخيص الأبحاث والأوراق العلمية بما يفيد منظومة التعليم والبحث العلمي في مختلف الدول العربية.

كما تناول الدكتور عماد أبو الغيط أستاذ التسويق وإدارة الأعمال بجامعة غرب كونيتيكت بالولايات المتحدة، كيفية التكامل بين أدوات الذكاء الاصطناعي وأساليب التعليم والبحث العلمي التقليدية، كون أن الذكاء الاصطناعي التوليدي قادر على فهم النصوص وتلخيص النقاط المهمة بناء على تعليمات محددة يحددها الباحث، الأمر الذي ييسر عملية البحث العلمي، ولكن في المقابل أشار الدكتور أبو الغيط إلى أنه لا تزال هناك العديد من المشكلات تتمثل في حقوق الملكية الفكرية للبحث العلمي، والتخوفات لظهور ما يطلق عليه "الهلوسة" hallucinations كنتيجة لتُقدّم برامج أو بوتات الدردشة لبيانات أومعلومات لا وجود لها وليست صحيحة بالمرّة بل وغير موجودة أو مضمَّنة ضمنَ البيانات التي تدرَّبت عليها أصلًا.

بدوره، أكد المهندس عمرو السحيمي الخبير في مجال الذكاء الاصطناعي، أهمية الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة بجانب العنصر البشري لتسريع المهمة وليس لإنجازها بشكل كلي، كما أوضح في المقابل أبرز الاستخدامات السلبية لتلك التقنيات عبر ما يعرف بتقنية (deep fake) لتغيير صور وأصوات الأشخاص، لافتًا إلى وجود تطبيقات يمكنها تقديم معلومات مغلوطة حول المنتجات المختلفة بما قد يعد تضليلًا للمستهلك أو يولّد صورة متحيزة بناء على البيانات المتوفرة، مشيرا إلى أهمية الحوكمة لضبط قواعد استخدام الذكاء الاصطناعي للتحكم في المحتوى ومصدر المعلومات.

وفي المقابل، قال الدكتور وائل بدوي عضو مجلس الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، "إن نظم الذكاء الاصطناعي متواجدة في حياتنا ولا تستدعي أي مخاوف كون أننا نستخدمها منذ سنوات عبر العديد من التقنيات مثل: مخالفات سرعة المرور".. مضيفًا أن الذكاء الاصطناعي سوف يسمح بالتعرف على الطلاب الموهوبين عبر تحليل إجابات الطلاب ومراقبة أفعالهم، ولكن من جهة أخرى قد يقود الاستخدام المكثف للذكاء الاصطناعي إلى العزلة والاكتئاب ومحاولات الانتحار.

ولفت بدوي إلى أنه يجب أن يكون دور الذكاء الاصطناعي مكملًا لدور المعلم وليس بديلًا له.. مؤكدًا على أهمية الذكاء الاصطناعي بالنسبة لمستقبل التعليم حال تفادي التحديات والمخاطر المرتبطة بتطبيقاته المختلفة.

واختتمت الجلسة بمناقشة مفتوحة حول السيناريوهات المحتملة لشكل النظام التعليمي في ظل منصات الذكاء الاصطناعي، وخلصت إلى أنه رغم إعلان بعض الجامعات العالمية منع استخدام برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي، أو الحد من استخدامه ليقتصر على المعلم فقط دون الطلاب، فإن ظهور برامج عديدة قادرة على كشف ما إذا كان الطالب قد استخدم برامج الذكاء الاصطناعي في كتابة البحث العلمي من عدمه، قد أتاح الفرصة لإمكانية إعلان الجامعات العالمية استخدام تلك البرامج، مع التأكيد على أهمية استخدام الطالب لها لمساعدته فقط وليس للاعتماد عليها كليًا.

وأكدت الندوة الافتراضية حرص مركز المعلومات على إقامة حوارات بناءة حول مختلف القضايا والموضوعات ذات الأولوية والمثارة على الساحة، وطرح الرؤى والأفكار المختلفة المتعلقة بها، بمشاركة مختلف الأطراف الفاعلين ذات الصلة، وذلك لاستخلاص التوصيات والمقترحات التي يمكن الاعتماد عليها في وضع السياسات وتخطيط ومتابعة كفاءة الأداء، بهدف دعم متخذ القرار.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الدكتور مصطفى مدبولي معلومات الوزراء الذكاء الاصطناعي مجال الذكاء الاصطناعي تقنيات الذكاء الاصطناعي مستقبل التعليم مستقبل التعليم في مصر الذکاء الاصطناعی التولیدی للذکاء الاصطناعی التعلیم والبحث مرکز المعلومات الاصطناعی فی العدید من فی مجال إلى أن

إقرأ أيضاً:

معلومات الوزراء: بيئة الاستثمار العالمي تواجه تحديات بسبب الانقسامات الاقتصادية والصراعات الإقليمية

سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء الضوء على التقرير الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد" بعنوان: "متتبع اتجاهات الاستثمار العالمي"، والذي أظهر أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر استمرت في التراجع خلال النصف الأول من عام 2025؛ وانخفضت بنسبة 3%، لتواصل بذلك تراجعها المستمر على مدار عامين متتاليين، كما تراجعت إعلانات المشروعات الجديدة نتيجة لتزايد الحذر لدى المستثمرين وسط تصاعد الرسوم الجمركية والتوترات الجيوسياسية، مما أدى إلى تجميد واسع في قرارات الاستثمار عبر العديد من القطاعات.

وأوضح التقرير أنه على المستوى الإقليمي، انخفضت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الاقتصادات المتقدمة بنسبة 7% في النصف الأول من 2025، رغم ارتفاع التدفقات إلى ألمانيا وفرنسا بفضل عدد من الصفقات الضخمة، في حين تراجعت التدفقات في بلجيكا وإسبانيا والبرتغال والنرويج. في المقابل، ارتفع الاستثمار في أمريكا الشمالية بنسبة 5%.

وسجلت صفقات الاندماج والاستحواذ عبر الحدود انخفاضًا بنسبة 18% لتصل إلى 173 مليار دولار، وكان الانخفاض الأكبر في قطاعي الخدمات والتصنيع، بينما ارتفعت العمليات في قطاعي النقل والكيماويات. وشهدت الصفقات المستهدفة للولايات المتحدة الأمريكية انخفاضًا بنسبة 33%، وفي المملكة المتحدة بنسبة 59%.

وأشار التقرير إلى أن عدد المشروعات الجديدة في الاقتصادات المتقدمة تراجع بنسبة 20%، بانخفاض حاد في ألمانيا وإسبانيا والولايات المتحدة  وفرنسا والمملكة المتحدة ورغم ذلك، ارتفعت القيمة الإجمالية لهذه الاستثمارات بنسبة 48% بفضل زيادة كبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا؛ إذ بلغت الإعلانات الأمريكية 237 مليار دولار في النصف الأول من العام الجاري، منها 103 مليارات لمشروعات أشباه الموصلات و27 مليارًا لمراكز البيانات، وشمل أكبر مشروع توسعة بقيمة 100 مليار دولار لـ"شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة" (TSMC)، بينما شهدت فرنسا مشروعًا ضخمًا بقيمة 43 مليار دولار من شركة "إم جي إكس لإدارة الصناديق" (MGX Fund Management) الإماراتية.

وأظهر التقرير انخفاض مشروعات التصنيع في الاقتصادات المتقدمة بنسبة 29% والخدمات بنسبة 13%، وتراجعت استثمارات السيارات المعلن عنها بنسبة 65%، في حين تراجع تمويل المشروعات الدولية بنسبة 16% لتواصل اتجاهها الهبوطي المستمر منذ عامي 2023 و2024.

في المقابل، استقرت تدفقات الاستثمار في الاقتصادات النامية، لكن أفريقيا شهدت انخفاضًا حادًا بنسبة 42%، مقابل ارتفاع في آسيا النامية وأمريكا اللاتينية. 

وتراجعت إعلانات المشروعات الجديدة في الدول النامية بنسبة 12% من حيث العدد و37% من حيث القيمة، مع تراجع واضح في قطاعات التصنيع والطاقة والسيارات، بينما ظلت صفقات التمويل الدولي شبه مستقرة، وارتفعت قيمتها الإجمالية بنسبة 21% بدعم من مشروعات ضخمة في بنما والإمارات وأوزبكستان.

واستمر الضعف في صفقات الاندماج والاستحواذ عبر الحدود في الدول النامية نتيجة عمليات بيع كبيرة في قطاعات الطاقة والمرافق. ويُظهر التقرير أن ارتفاع تكلفة التمويل واستمرار المخاطر الجيوسياسية يضغطان على الاستثمار الدولي، رغم بروز القطاعات الرقمية كمحرك رئيسي للنشاط الاستثماري العالمي في عام 2025.

وأكد التقرير أن الاستثمار المرتبط بأهداف التنمية المستدامة سجّل مزيدًا من التراجع مع انخفاض عدد مشروعاته بنسبة 10% في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025، كما تتجه المشروعات في الدول الأقل نموًا إلى التراجع بنسبة إضافية تبلغ 5% لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2015.

وتوقع التقرير استمرار التحديات في بيئة الاستثمار العالمي لبقية عام 2025 نتيجة الانقسامات الاقتصادية والصراعات الإقليمية، رغم أن تحسّن الأوضاع المالية وارتفاع نشاط صفقات الاندماج والاستحواذ في الربع الثالث من العام وزيادة إنفاق الصناديق السيادية قد يوفر دعمًا محدودًا للاستثمار العالمي بنهاية العام الجاري.

طباعة شارك مركز المعلومات مجلس الوزراء الاستثمارات الأجنبية الاستثمار الأجنبي

مقالات مشابهة

  • «سامسونج» تعتزم استثمار 310 مليارات دولار في تقنيات الذكاء الاصطناعي
  • وكيل الأزهر يناقش مع وزير الشؤون الدينية بماليزيا التعاون في التعليم والدعوة
  • مؤتمر دولي بمسقط يناقش مستقبل تسوية المنازعات
  • معلومات الوزراء: بيئة الاستثمار العالمي تواجه تحديات بسبب الانقسامات الاقتصادية والصراعات الإقليمية
  • مسار الأحداث يناقش القرار الذي قدمته واشنطن لمجلس الأمن بشأن غزة
  • السوداني والإطار… مواجهة مفتوحة على مستقبل السلطة
  • وسط جدل البطالة والذكاء الاصطناعي.. فايننشال تايمز: مستقبل العمل ما زال إنسانيا
  • البحوث الزراعية ينظم الملتقى العملي الثالث حول استخدامات الذكاء الاصطناعي في التعليم
  • «تريندز» يستشرف مستقبل الدبلوماسية الرقمية في «الحوار السنوي الثاني حول الذكاء الاصطناعي»
  • «غرفة الشارقة» تستشرف «مستقبل الجودة في ظل الذكاء الاصطناعي»