شبكة انباء العراق:
2024-09-19@06:09:03 GMT

الهابطين إلى الجحيم

تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT

بقلم : فراس الغضبان الحمداني ..

إرحموا عزيز قوم ذل . هذا المثل تكرر دائماً وفي كل زمان من أزمنة العراق المستباح الذي تؤدي فيه التقلبات في أحوال الناس بشكل يثير الغرابة ، حيث تصعد فئة من الحضيض إلى القمة وهي لا تمتلك أي مؤهلات إلا النفاق والولاء ، وتهبط فئة من القمة إلى القاع رغم أنها تمتلك كل المؤهلات ، وفي المقدمة من طوابير الهابطين إلى الجحيم هم الشعراء والأدباء والمثقفين والصحفيين والفنانين .


وإليكم تفاصيل هذه المسرحية الحياتية التي ما زلنا نعيش في ذروتها الدرامية من 2003 حتى قيام الساعة . كنا وحتى الأمس القريب نتأمل أحوال الفنانين والأدباء والصحافيين ونشعر بالأسى ، لأن النظام السابق قد ضيق عليهم وحاول توظيفهم في الدعاية السياسية ورصد أنفاسهم ، فمن كان يتمادى بالتلميح وليس بالتصريح ليعبر عن قضية ما يجد نفسه في قصر النهاية أو في المقابر الجماعية ، وكلنا يعلم كيف آلت عليه أحوال المبدعين من المثقفين في سنوات الحروب العجاف وما تلتها من سنوات الحصار وكيف أكل فيها الشعب حتى النفايات المخلوطة في طحين الحصة التموينية .
ولكن كل الذي جرى كان مبرراً ويكفي إننا نصف النظام بالدكتاتوري والقمعي والإستبدادي وهذا الحكم معناه أن النظام الديمقراطي سوف يفتح أبواب الجنة للعراقيين ، ولكن واقع الحال والوقائع اليومية تؤشر لنا زيف الديمقراطية وتقلباتها الخطيرة بتطبيقاتها الخاطئة ، وهيمنة بعض الفئات كانت متعطشة للثروة والمناصب والوجاهات ، فركبت حصان الديمقراطية مستعينة بالعشائرية والحزبية والطائفية فأصبحت الديمقراطية مثل إنحسار مفردات الحصة الغذائية ..
نعم فقد صعدت إلى دنيا السياسة بعض الشخصيات كان همها الأول والأخير التعويض عن حرمانها ومظلوميتها هي فقط ، وليس الشعب ، فأسكنت نفسها في القمة وتركت الشعب في القاع يعاني الأمرين من تركة النظام السابق وفساد النظام اللاحق ، وبين هذا وذاك أصبحت أحوال المثقفين وعموم المبدعين لا تقارن بأسوأ حال عرفته البلاد أو البلاد الأخرى في الهند والسند والصومال ، مازال المثقف العراقي هائماً على وجه في الغربة يبحث عن لقمة العيش ويطأطأ رأسه لمن هب ودب عسى أن يوفر له فرصة عمل يقتات منها أو تتاح إليه فرصة ليقول كلمته في هذا الزمن العجيب .
وتمتد معاناة المغتربين الأدباء والمثقفين و الفنانين لأمور أبعد من الإقتصاد والسياسة ولعل أخطرها ، وهو ما يحز بنفس كل مثقف نبيل ومبدع هو إغترابه من عراقيته وتهميشه ، مما ولد له الشعور بأنه لا يساهم من بعيد أو قريب في بناء تجربته الديمقراطية أو الحصول على حصته الشرعية من خيرات البلاد التي ذهبت إلى زيد وعمر وما بينهما من سيدات وسادة إحتلوا المواقع وأخترقوا كل أجهزة الدولة ونهبوا كل ما يمكن نهبه وبمختلف كل الطرق للإستحواذ على السلطة تماما كما كان يفعل السابقون ربما كان أكثر سوءاً .
وليست أحوال المثقفين الذين بقوا قابعين في مدن العراق في أحسن حال من الذين هاجروا أو هجروا فهم أيضاً أغراب ومهمشون لأن السياسيين أستولوا على الجمل بما حمل ولم يتركوا للشعب إلا الفتات ، والأنكى من ذلك أن بعض هؤلاء الساسة الذين لا يعرفون شيئاً في السياسة نصبوا أنفسهم أمراء وخلفاء على الطريقة الأموية والعباسية ، وأصبحوا ينظرون إلى كل الشعب وخاصة المبدعين ومن سار على دربهم بأنهم مثل الجواري عليها أن تغني وترقص وتتغنج وتتملق لهم وكأنهم السلاطين الجدد عسى أن يمن عليهم بدرجة وظيفية أو مكرمة رئاسية أو حزبية ، وقد يكون الأمر أبعد من ذلك هو الحصول على عفو للإبقاء على حياتهم دون أن تتعرض حياتهم للخطر ، وتعبر هذه الأجندات عن سعادتها حين تقتنص شاعراً وفناناً أو صحافياً حاول أن يغرد خارج السرب .

Fialhmdany19572021@gmail.com

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

المركزية الديمقراطية … أُس العِلَّة (6)

المركزية الديمقراطية التي أُعيدت للائحة في مؤتمر الحزب السادس هي أُس العِلَّة والداء العضال الذي فتك بكل التجارب السابقة في المعسكر الشرقي. وسأتوقف عندها هنا نظريا وعملياً، وأبين كيف أنها وباء فتاك لا عِلاقة له بالديمقراطية من قريب أو بعيد، بل هي خصم لدود للديمقراطية ولكل ما ديمقراطي.
فالديمقراطية كمفهوم فلسفي مرادف للحرية، تعد، حتى الآن، أفضل ما توصل إليه الإنسان في إدارة شئونه المجتمعية. وهي عبارة عن عقد اجتماعي يتيح للأفراد في أي كيان مشترك المشاركة في اتخاذ القرارات. في ظلها يتمتع العضو بالسلطة العليا، ويمارس هذه السلطة إما مباشرة (بممارسة الاستفتاءات والتصويت على القرارات) أو غير مباشرة (بالرجوع إلى انتخاب ممثلين عنه). والديمقراطية تضمن حماية الحقوق والحريات الأساسية مثل حرية التعبير وحرية التجمع وحقوق الأقليات. الهدف الرئيسي للديمقراطية هو تحقيق نظام عادل يعبّر عن إرادة الجماعة ويحترم حقوق الأفراد، أما المركزية فهي ترسخ لحكم الفرد والدكتاتورية، وهي في جوهرها مفهوم مضاد للحرية وجمعها مع الديمقراطية في مصلح سياسي واحد (المركزية الديمقراطية) كالجمع بين النقيضين ليس أكثر من تضليل سياسي وضحك على الذقون.
المركزية الديمقراطية هي مفهوم أو مبدأ لينيني فرضته ظروف الثورة البلشفية في روسيا بامتداداتها الشاسعة، حيث كان لابد من وجود مركز واحد للقيادة. الهدف منها هو الربط بين الوحدة الفكرية داخل الحزب (الأيديولوجية)، ووحدته التنظيمية (الهيكل التنظيمي الهرمي). أهم مبادئها إلزام الهيئات الدنيا بقرارات الهيئات العليا، وخضوع الأقلية لرأي الأغلبية، هذا حتى تتم السيطرة بواسطة الوحدة التنظيمية والوحدة الفكرية، بالنسبة للحزب الشيوعي بين في لائحته أهم تلك المبادئ في المركزية الديمقراطية مع التأكيد على حق الأقلية في الاحتفاظ برأيها، وعلى الأغلبية احترام ذلك الرأي، وانتخاب جميع الهيئات القيادية في الحزب من القاعدة إلى القمة بصورة ديمقراطية هذا هو المفهوم الحزبي على المستوى النظري لكن التطبيق العملي شيء آخر! حيث لا توجد أي آليه أو منابر يمكن من خلالها للأقلية بلورة رأيها والدعاية له ونشره أو الدفاع عنه، كما ليس هناك أي توضيح للكيفية التي يمكن للأقلية الاحتفاظ برأيها، دون خرق للائحة، حتى انتخاب المكاتب والقيادات تتم بترشيح وتذكية من الهيئات والمكاتب الأعلى، وفي المؤتمرات تقدم القيادة قائمة لمرشحيها وأي محاولة لمنافستها مجرد إجراءات شكلية لا طائل منها، والأمَرَّ من ذلك ما يحدث في التنظيمات الديمقراطية من اتحاد شباب وجباه ديمقراطية يتم اختيار المرشحين باستعمال (الفراكشن) الحزبي وتكون الانتخابات مجرد إجراء صوري لا يسمن ولا يغني عن جوع، والديمقراطيون الحلفاء الذين يتقاسمون نفس خندق النضال مع الشيوعيين يعيشون مرارة هذه الهيمنة الحزبية على كافة أنشطتهم وبرامجهم واختيار قياداتهم. لذا فأي حديث عن الديمقراطية لا يخرج عن كونه شكل من الاستهبال السياسي كما وصفه الراحل الخاتم عدلان. هذا الوضع ليس فقط في الحزب الشيوعي السوداني الذي على الدوام في كفة المعارضة، ولكنه الحال في كل الأحزاب الشيوعية التي كانت على سدة السلطة، تحولت هذه السلطة بفضل المركزية والقرارات الفوقية وانعدام الشفافية إلى دكتاتورية بغيضة إلى أن جرفها طوفان الشعوب المطالبة بالحرية والديمقراطية الحقيقية.
إن المركزية الديمقراطية تفرز قيادة تحتكر لنفسها الديمقراطية، وتفرخ قاعدة تسبح بحمدها وتنسج حولها الأساطير، ويكون الولاء والطاعة هو المعيار للترقي والتصعيد من القاعدة للقيادة. لذا فلا غرو أن نجد كثير من الكوادر الضعيفة فكرياً في مراكز القيادة، بعد أن حلت الطاعة والعلاقات الشخصية والاستلطاف مكان الالتزام والقدرة على العطاء العملي والفكري في العمل الحزبي، مما أدى للأزمة الراهنة في قيادة الحزب.
عموماً من أكبر المخاطر في تطبيق المركزية الديمقراطية إنها تقود إلى الديكتاتورية وسيطرة الفرد، حيث تؤدى إلى أن تحل مكاتب الحزب التنظيمية محل الحزب كله، وأن تحل اللجنة المركزية محل مكاتب الحزب، وفى النهاية تتلخص اللجنة المركزية في مكتب أو هيئة، وينتهي ذلك المكتب أو الهيئة ومن ثم الحزب كله في يد فرد.
في المؤتمر الخامس تم إلغاء المركزية الديمقراطية، لكن لم يتم أي نقد جاد لها أو للممارسات التي نتجت عنها. على الرغم من الاحتفاظ ببعض ملامحها فإنه كان من الواضح أن الحزب قد تجاوزها في صمت، لذا لم يكن مفاجئاً أن تطل بوجهها القبيح، وبطريقة أكثر سفوراً من سابقتها، في مؤتمر الحزب السادس، الذي جعل منها أساس الوحدة الفكرية. وهي حالة خاصة ربما لم تشهدها أكثر الأحزاب الشيوعية تشدداً في التاريخ، كما ورد في مقدمة الدستور (أن وحدة الحزب تكون على أساس مبدأ المركزية الديمقراطية) على الرغم من التأكيد في نفس المقدمة بأن (الحزب يستند في بنيانه وممارسته كتنظيم ماركسي، إلى المبادئ الواردة في نظرية البناء الحزبي الماركسي). فأين المركزية الديمقراطية في الماركسية؟! فالماركسية بريئة من مفهوم أو مبدأ "المركزية الديمقراطية" براءة الذئب من دم ابن يعقوب. وهي إضافة لينينية فرضها ظرف محدد، وكان لينين قد تنبه في أواخر أيامه لخطرها، لكنه لم يتمكن من كبح جماحها. فالقيادات الحزبية ما كان لها أن تتنازل عن امتيازاتها المكتسبة نتيجة تطبيق ذلك المبدأ الذي أفرز الستالينية بكل جبروتها وسطوتها.
كان الأجدى والأسلم، على الأقل نظرياً، بعد التأكيد في دستور الحزب على أنه حزب ماركسي، أن يذكر بأن الوحدة الفكرية تقوم على مبادئ النظرية الماركسية، أو على أسس الاشتراكية العلمية بأبعادها الثلاث ... الفلسفية، والتاريخية، والاقتصادية، بدلاً عن قيام وحدته الفكرية على أساس ما يطرحه المركز، كأننا في مؤسسة عسكرية وليس حزب سياسي يقاتل من أجل إرساء أسس الديمقراطية والحكم الرشيد.
والادعاء بأن المركزية الديمقراطية تحمي حق الأقلية، هو ادعاء كاذب ومضلل تدحضه اللائحة التي تحظر أي شكّل للتكتلات والاتصالات الجانبية. فكيف تتشكل الأقلية وتبلور رأيها؟ لا يمكن لأي شخص الإجابة على هذا السؤال، ربما الأقلية يعنى بها الفرد، أما لو كانا اثنان أو أكثر فهو تكتل وتواطؤ واتصال جانبي وتآمر بالتالي فهو فعل محظور يعرض فاعليه للإيقاف والتحقيق وربما الفصل، كما جرى مع الدكتور الشفيع خضر، حاتم قطان، هاشم تلب، على الرغم من عدم إثبات تلك الفرية عليهم، فإنه تم فصلهم ولم يشفع لهم تاريخهم النضالي في الحزب.
وللحديث بقية ...
في الخميس القادم (7) الأسباب الموضوعية للتشكيك في القيادة الحالية

عاطف عبدالله  

مقالات مشابهة

  • قائد محور همدان بن زيد يطلع على أحوال المرابطين في جبهات الحدود
  • هل انتهى التاريخ عند الليبرالية الديمقراطية ؟!
  • حمدان بن زايد: متابعة أحوال المواطنين تتصدر سلم الأولويات قيادتنا الرشيدة
  • الديمقراطية في يومها العالمي
  • تغير المناخ يزيد حجم الجليد في "بوابة الجحيم"
  • الجحيم بضغطة زر.. ما هي أجهزة البيجر التي أثارت الرعب في لبنان ؟
  • "الديمقراطية" تدين الجريمة الإسرائيلية ضد الشعب اللبناني ومقاومته الباسلة
  • “يشبه الجحيم”.. نيمار يحذر نجوم ريال مدريد من مبابي
  • المركزية الديمقراطية … أُس العِلَّة (6)
  • رئيس «رعاية المبتكرين»: «gen z» تكتشف المبدعين.. ودعمها يصل لمليوني جنيه