نشوء وتطور التيار القومي المصري.. من الحملة الفرنسية إلى ثورة يوليو 1952
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
لا تزال فكرة القومية العربية أو العروبة القائمة على فهم أن العرب أمة واحدة تجمعها اللغة والثقافة والتاريخ والجغرافيا والمصالح، قائمة لدى تيار عريض من النخب العربية. وعلى الرغم من الهزائم السياسية التي منيت بها تجارب القوميين العرب في أكثر من قطر عربي، إلا أن ذلك لم يمنع من استمرار هذا التيار، ليس فقط كفاعل سياسي هامشي، بل كواحد من الأطراف السياسية الفاعلة في تأطير المشهد السياسي في المنطقة العربية.
ومع مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، الذي دشنته الثورة التونسية، عادت الحياة مجددا إلى الفعل السياسي وتجدد السجال التاريخي بين التيارات الرئيسية التي شكلت ولا تزال محور الحياة السياسية العربية، أي القوميين والإسلاميين واليساريين، بالإضافة لتيار تكنوقراط يحسب نفسه على الوطنية ناشئا على هامش هذا السجال.
وإذا كان الإسلاميون قد مثلوا الصوت الأعلى في مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي؛ بالنظر إلى كونهم التيار الأكثر تعرضا للإقصاء في العقود الماضية، ولأنه كذلك التيار الأقرب إلى غالبية روح الأمة التي تدين بالإسلام، فإن ذلك لم يمنع من عودة الحياة مجددا للتيار القومي، الذي بدا أكثر تمرسا بأدوات الصراع السياسي؛ على اعتبار تجربته بالحكم في أكثر من بلاد عربية، وأيضا لقربه من دوائر صنع القرار، خصوصا العسكرية والأمنية منها.
"عربي21"، تفتح ملف القومية العربية، أو التيارات القومية العربية بداية من المفاهيم التي نشأت عليها، وتجاربها والدروس المستفادة من هذه التجارب، بمشاركة كتاب ومفكرين عرب من مختلف الأقطار العربية، والهدف هو تعميق النقاش بين مكونات العائلات الفكرية العربية، وترسيخ الإيمان بأهمية التعددية الفكرية وحاجة العرب والمسلمين إليها.
اليوم يفتح الكاتب والباحث المصري محمد سالم ملف التيار القومي في مصر، ظهوره ونشأته ورموزه وأطروحاته..
تاريخ النشأة
نشأ التيار القومي في مصر في أواخر القرن الثامن عشر، واشتد عوده مع المقاومة المصرية الباسلة للحملة الفرنسية على مصر، وارتبط تطوره بالأحداث الفاصلة والمراحل التاريخية والثورات والانقلابات المتعددة التي مرت بها مصر في العصر الحديث. لذلك يمكن تقسيم تاريخ تكوين وتطور وتنوع التيار القومي في مصر إلى مرحلتين رئيسيتين فيهما مراحل فرعية:
ـ حملة نابليون وحكم أسرة محمد علي حتى حركة الجيش في يوليو 1952.
ـ من حركة الجيش 52 حتى الآن مرورا بثورة يناير.
أولا ـ حملة نابليون وفترة حكم أسرة محمد على
الحملة الفرنسية على مصر
في أواخر القرن الثامن عشر، ومع ضعف الدولة العثمانية وتراخي قبضتها على الولايات بما فيها مصر، ومع تفشي المظالم الاجتماعية والاقتصادية، وقبل حملة نابليون على مصر، شهدت المدن المصرية، وخصوصا القاهرة، حراكا اجتماعيا واسعا عقب الأزمات الاقتصادية وأيام المجاعات واشتداد وطأة الجباية التي كان يقوم بها المماليك لصالحهم الشخصي وللوالي العثماني. وكان للأزهر دوره في قيادة المصريين في هذه الأحداث.
وفي عام 1798، غزا نابليون مصر، وفي محاولة منه لاستقطاب المصريين وإضعاف قوة المماليك سياسيا بعد أن هزمهم عسكريا، طرح أفكارا جديدة مثل تأسيس الدواوين، والتي بدت كأنها خطوة أولية لممارسة نوع من الحكم الذاتي، ولترسيخ احتلاله لمصر. لكن لم تحل هذه الأفكار والإجراءات دون انفجار غضب شعبي واسع شمل كافة أفراد الشعب كبارا وصغارا، رجالا ونساء، بل وحتى أطفالا، مسلمين وغير مسلمين باستثناء من رضي بالتبعية للمستعمر من كلا الطرفين. كانت المقاومة الشعبية مؤثرة وشجاعة. وانسحب الفرنسيون من مصر نتيجة ضغوط محلية ودولية، ونتيجة تحطم المشروع الإمبراطوري لنابليون على أسوار عكا.
الشعب يولي محمد علي حكم مصر
بعد انسحاب الفرنسيين، يقول الدكتور محمد جابر الأنصاري: "برزت إرادة الرأي العام لتفرض إسقاط الحاكم العثماني الذي جاء بعد نابليون، ولتفرض تولية محمد علي مكانه حاكما باسم الإرادة العامة. وكان لرجال الدين دورهم الكبير في قيادة العامّة في فترة الانتفاضة الشعبية 1804 – 1805. وقد اقترف المشايخ خطأ تاريخيا غير يسير في هذه الفترة المبكرة التي لم يصل فيها محمد علي إلى مرتبة الحاكم المطلق؛ إذ كان في وسعهم أن يفرضوا عليه مجلس شورى منهم ويحددوا صلاحياته".
بتولي محمد علي حكم مصر وتخلصه من المماليك والقادة المؤثرين شعبيا كعمر مكرم، تغير وجه المجتمع المصري، إذ زالت طبقة المماليك القديمة، وبرزت حكومة عسكرية مركزية وبيروقراطية جديدة. لذلك، فإنه كما يقول د. جابر الأنصاري: "إن الفكرة الوطنية المصرية الحديثة استمدت جذورها الاجتماعية والشعورية والفكرية الأولى من تكون هذه الطبقة في مطلع القرن التاسع عشر، ومن الظروف التاريخية التي أحاطت بنشأتها". كما أن المؤرخ عبد الرحمن الرافعي ـ في كتابه عن التيار القومي ـ يعد هذه اللحظة أولى بدايات تشكل الفكر القومي المصري في العصر الحديث.
إذن، فقد بدأ التيار القومي في مصر إسلاميا في قيادته وتوجيهه، شعبيا في إدارته وتشكيله، ومصريا في آماله وتطلعاته. لكن زعماء التيار من الأزهريين والشعبيين أخفقوا في الاستمرار ومجابهة الأمر الواقع ومشكلات الحكم، ويرجع ذلك إلى ثقافتهم النظرية وخبرتهم المحدودة في الحياة السياسية.
فترة حكم محمد علي وإذكاء الشعور الوطني
قام محمد على بتحديث النظم الإدارية، وبناء المدارس والمصانع، وتحديث الري وزيادة الرقعة الزراعية. واستفاد من المصريين في تحديث مصر وبناء جيشها. وأوفد النابهين من المصريين في بعثات علمية إلى أوروبا. واستقدم العلماء الأجانب. كل ذلك، ساهم في نشأة التيار القومي الذي كان هو الأول من نوعه في التاريخ العربي الحديث. لذا، كانت البذور الأولى للفكر القومي مصرية بامتياز قبل أي بقعة أخرى من عالمنا العربي المعاصر، وقبل ظهور فكر القومية العربية بما لا يقل عن سبعة عقود. تحدث الدكتور محمد عمارة في كتابه عن رفاعة الطهطاوي عن العاملين الرئيسيين في ظهور القومية والوطنية في مصر:
ـ ما حدث في فترة حكم محمد علي من تطورت كثيرة ازدهر بها المناخ الذي أطلق المشاعر الوطنية والروابط القومية من عقالها، ووصلت البلاد كما يقول جمال الدين الأفغاني إلى حالة تعارفت فيها أهاليها، وقوي فيهم معنى الأخوة الوطنية، وارتفعت بذلك أصواتهم بعدما جالت فيه أفكارهم.
ـ أما المفكر الذي تجسدت في فكره هذه الظاهرة الجديدة، وانعكست في كتاباته المشاعر الوطنية، فعرّف بها، ودعا إليها، وفلسفها، وابتكر لها المصطلحات والصياغات. فكان رفاعة الطهطاوي هو أبو الفكر الوطني في الوطن العربي على الإطلاق. وكان من بين كلمات الطهطاوي التي أرست الوطنية والمواطنة قوله: "يجب أدبا، لمن يجمعهم وطن واحد: التعاون على تحسين الوطن، وتكميل نظامه فيما يختص شرف الوطن وإعظامه وغناءه وثروته؛ لأن الغنى يتحصل من انتظام المعاملات وتحصيل المنافع العمومية، وهي تكون بين أهل الوطن على السوية، لاقتناعهم بمزية النخوة الوطنية".
تيار مصري فكرا، عروبي تصورا ومستقبلا
لم تكن بدايات التيار القومي مصرية الفكر فقط، بل كانت أيضا عروبية في تصورها المستقبلي وأفكار التطبيق، فلقد تحدث رفاعة الطهطاوي عن الدور الإقليمي لمصر ومدى تطلع العرب لهذا الدور، فقال عن مصر في فترة حكم محمد علي: "إن المتأمل في سيرها يحكم حكما ربما لم يكن بعيدا عن الواقع، أن عاصمتها لا بد أن تصير، في وقت قريب أو بعيد، كرسي مدنية لأعظم الممالك الشرقية، بل كان ذلك أمرا مقررا في أنفُس جيرانها من سكان البلدان المتاخمة لها، وهو أملهم الفرد كلما ألمّ خطر أو حل خطب". كما تحدث الطهطاوي عن موقف محمد علي من احتلال فرنسا للجزائر، وكيف أن الذين جاهدوا دفاعا عن عروبة الجزائر واستقلالها كانت لهم مكانة بمصر وتقدير من حاكمها؛ على عكس الذين فرطوا أو قصروا ولم يسمعوا نصيحة النضال ضد الفرنسيين.
النضال الدستوري قبل ثورة عرابي
أفاق المصريون بسبب الحملة الفرنسية على واقع مؤلم من التراجع الحضاري، فبرغم استبسال المماليك وعامة المصريين في مواجهة الحملة؛ إلا أن العلوم الحديثة جعلت للفرنسيين الغلبة على الشجاعة والكثرة، مما سرع بعد ذلك من أفكار التحديث والتطوير.
وكان من ثمار الحراك الشعبي واستمراره، أن شهدت مصر نضالا دستوريا مهما لوضع دستور أو لوائح منظمة للحكم والمجتمع. وهو بلا شك أساس مهم لتشكل الحياة والتيارات السياسية والتعبير عن الشعب والمشاركة في إدارة شئون البلاد. وقد مر هذا النضال الدستوري بعدة مراحل تؤكد وجود تيار وطني مصري شكل نواة قوية للتيار القومي المصري:
ـ انتزاع العلماء والزعامات الشعبية في أخريات القرن الثامن عشر "حجة" مكتوبة من الوالى العثماني والمماليك.
ـ الأمر السلطاني الصادر في 27 نوفمبر سنة 1824 بتأسيس المجلس العالي وطريقة إدارة مناقشاته. وكذلك قانون ترتيب المجلس العالي الصادر في يوليو 1833 .
ـ عرفت مصر أول نص ذي طابع شبه دستوري عام 1837 عندما صدر "قانون أساسي" عرف باسم "سياستنامه"، بمقتضاه تم تأسيس بعض الدواوين الجديدة، ونظم عملها واختصاصاتها.
ـ صدور لائحة مجلس شوري النواب في 22 أكتوبر 1866 تحت وطأة الضغط الشعبي في عهد الخديوي إسماعيل، وهو أول نص منظم لمجلس نيابي تمثيلي في مصر الحديثة.
ـ مشروع دستور 1879 في أواخر عهد الخديوي اسماعيل في فترة أزمة خلع الخديوي عن حكم مصر؛ لكنه عُرِض على مجلس النواب باعتباره جمعية تأسيسية أصدرت هذا الدستور، وبمقتضاه أصبح التشريع من حق مجلس النواب فلا يصدر قانون إلا بموافقته.
ـ دستور 1882 الذي يعتبر أولى دستور ديمقراطي صدر في الدول العربية كافة، وكان ميلادا طبيعيا للثورة العرابية التي أجبرت الخديوي توفيق على إصداره في 7 فبراير سنة 1882، ليحل محل دستور سنة 1879. ويعد محاولة متواضعة لتطبيق نظام ديمقراطي.
الثورة العرابية
امتدت الثورة العرابية من عام 1879 إلى عام 1882 حتى الاحتلال البريطاني لمصر. وقادها ضباط وطنيون مثل أحمد عرابي ومحمود سامي البارودي عبد العال حلمي. وشارك فيها علماء الأزهر كالشيخ محمد عبده. كما شاركت فيها طوائف كثيرة من الشعب. كان الغرض من الثورة: نيل الضباط المصريين حقوقهم في الترقي ورفع عدد الجيش إلى 18 ألف جندي طبقا للفرمان العثماني، إنشاء مجلس شورى على النمط الأوروبي، والتصدي للتدخل الأجنبي البريطاني والفرنسي في شئون مصر إثر الديون التي أوقع فيها مصر الخديوي السابق إسماعيل، بل ارتفعت مطالبهم إلى المطالبة بعزل الخديوي توفيق عندما خالف الدستور ورفض تنفيذ حكم المحكمة العسكرية العليا بتحريض من بريطانيا. ورفعت الثورة شعار مصر للمصريين ردا على التدخل الأجنبي السافر في شئون البلاد. وعندما ضرب الأسطول البريطاني الإسكندرية في 11 يوليو 1882، هبت مصر لصد العدوان البريطاني والوقوف ضد الخديوي توفيق، فتم عقد جمعية وطنية ممثلة من أعيان البلاد وأمرائها وعلمائها في 17 يوليو 1882، وأجمع أعضاؤها على استمرار الاستعدادات الحربية ما دامت بوارج الإنجليز في السواحل، وجنودها يحتلون الإسكندرية.
وفي 22 يوليو 1882م، عُقِد اجتماع في وزارة الداخلية، حضره نحو خمسمائة من الأعضاء، يتقدمهم شيخ الأزهر وقاضي قضاة مصر ومفتيها، ونقيب الأشراف، وبطريرك الأقباط، وحاخام اليهود، والنواب والقضاة والمفتشون، ومديرو المديريات، وكبار الأعيان وكثير من العمد، فضلا عن ثلاثة من أمراء الأسرة الحاكمة. وفي الاجتماع أفتى ثلاثة من كبار شيوخ الأزهر بمروق الخديوي عن الدين؛ لانحيازه إلى الجيش المحارب لبلاده. وبعد مداولة الرأي أصدرت الجمعية قرارها بعدم عزل عرابي عن منصبه، ووقف أوامر الخديوي ونظّاره وعدم تنفيذها؛ لخروجه عن الشرع الحنيف والقانون المنيف ولم يكتفوا بهذا بل جمعوا الرجال والأسلحة والخيول من قرى وعزب وكفور البلاد.
الاحتلال الإنجليزي لمصر
نعم، نجح الإنجليز في بسط سيطرتهم على مصر، وتم نفي قادة الثورة العرابية خارج البلاد؛ لكنها كانت من أعظم اللحظات في تاريخ الحركة القومية المصرية، فقد وحدت الثورة بين كافة فئات وطوائف الشعب، مصريين وغير مصريين، مسلمين وأقباط وحتى اليهود، وكذلك بين عامة الشعب وبعض أمراء أسرة محمد على، مما كان له أبلغ الأثر بعد ذلك في الكفاح الوطني والشخصية المصرية منذ 1882 وحتى سقوط الملكية في مصر، والتي إحقاقا للحق، كانت مصر في عهدهم أفضل بكثير عما حدث فيما بعد من 1952، باستثناء فترتي الخديوي توفيق وإسماعيل وباستثناء بعض المظالم الاجتماعية، والتي طالب رواد وزعماء الحركة الوطنية المصرية بالتصدي لها، فطالبوا بتحديد الملكية، وإعادة توزيع الأراضي ورفع مستوى الحياة في الريف المصري.
وإحقاقا للحق أيضا، فقد دعم الحركة الوطنية بعض حكام مصر مثل الخديوي عباس حلمي الثاني والسلطان حسين كامل، وكان لبعض أمراء العصر الملكي ورجالاته أيادي بيضاء كثيرة في تحديث مصر وإنشاء جامعة القاهرة وبناء المستشفيات ورفع المعاناة والمظالم عن المصريين. وكان البرلمان سلطة محاسبة الملك وتحديد نفقاته، وهو ما لم يستطع أي برلمان أن يفعله بعد 1952. حتى عندما لم يوافق 16 برلمانيا من أفضل رجالات مصر على معاهدة السلام مع إسرائيل، حل السادات مجلس الشعب.
النضال المصري ضد الاحتلال حتى سقوط الملكية
لم يهدأ للمصريين نضال في مواجهة الاحتلال، فتزعم الحركة الوطنية أسماء سياسية ودينية وأدبية لها مكانة وتاريخ في قلوب المصريين مثل: مصطفى كامل، محمد فريد، الشيخ محمد عبده، عبد الله النديم، عبد العزيز جاويش، أحمد شوقي، حافظ إبراهيم، وعزيز المصري، وغيرهم كثير، والذين كان لهم دور كبير في إذكاء الروح الوطنية ليس في مصر وحدها، بل أيضا في المنطقة، وكان لمصر دور بارز في دعم جهاد الشعب الليبي ضد الغزو الإيطالي عام 1911. وصارت مصر مقصد الأحرار العرب، وبيت ثقافة العرب.
وأججت أحداث الشعور الوطني مثل حادثة دانشوي، والحرب العالمية الأولى، وسقوط دولة الخلاف العثمانية. وكان من أعظم الأحداث في تلك الفترة ثورة 1919، التي شهدت وحدة وطنية رائعة بين كافة مكونات المجتمع المصري، واصطفافا وطنيا خلف قادة الثورة والذين شكلوا الوفد المتحدث باسم مصر لمطالبة إنجلترا بالجلاء عن مصر، ثم صدور تصريح 28 فبراير الذي عترف باستقلال مصر، وإن كان استقلالا منقوصا، وصدور أفضل دستور في تاريخ مصر حتى الآن وهو دستور 1923.
شهدت هذه الفترة تناميا للروح القومية فأنشأ مصطفى كامل الحزب الوطني، ورفع شعار مصر للمصريين، وبرز دعاة الفكر الإسلامي القومي كالشيخ رشيد رضا، وأنشئت جماعة الإخوان المسلمين عام 1928، كما برز التيار الاشتراكي ممثلا في مصر الفتاة ثم الحزب الاشتراكي، وبرز أيضا خلال هذه الفترة تيار الليبرالية المصرية في صورتها المصرية العربية ممثلة في حزب الوفد، أو في صورتها التغريبية ممثلة في بعض دعاتها كطه حسين وعبد العزيز فهمي وأحمد لطفي السيد. وظهرت المنظمات النسوية ليبرالية وإسلامية وبرز دورها في الحياة العامة. كما ظهرت أيضا التنظيمات اليسارية والشيوعية.
في بدايات القرن العشرين تمت الدعوة للمؤتمر القبطي الأول، وأُنشئت بعد ذلك جماعة الأمة القبطية؛ لكن لم تلق هذه التوجهات قبولا لدى الرأي العام، أو حتى بين المسيحيين أنفسهم.
وكان من المعالم البارزة للدور العربي المصري، هو دعم ثورات الشعب الفلسطيني ضد العصابات الصهيونية، وإنشاء جامعة الدول العربية، ثم دخول حرب 1948.
وخاض المصريون خلال هذه الفترة نضالا حاسما ضد الاستعمار البريطاني إدى إلى معاهدة 1936 والتي منحت مصر استقلالا جزئيا، وأدت إلى انسحاب الجيش الانجليزي خارج المدن المصرية إلى معسكراته في القناة. كما شهدت هذه الفترة نضالا مصريا ـ شعبيا ورسميا ـ في المحافل الدولية لمحاولة الحصول على الاستقلال الكامل عن بريطانيا.
وفي عام 1951، وعلى إثر الضغوط الشعبية، أعلن النحاس باشا رئيس الوزراء إلغاء المعاهدة، وقال: "باسم الشعب وقعت المعاهدة واليوم باسم الشعب ألغيها"، كما ألغيت اتفاقية الحكم الثنائي على السودان.
وخاض المصريون نضالا شعبيا في صورة مظاهرات بالمدن الكبرى وعمليات عسكرية ضد معسكرات البريطانيين في القناة، إلى أن قامت ثورة 1952، فانتقلت مصر بتياراتها وأحزابها وقواها السياسية إلى مرحلة جديدة نتناولها في الحلقة القادمة.
إقرأ أيضا: ما هي البيئة التي هيأت لنشأة التيار القومي في مصر؟ الجغرافيا والتاريخ
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير التاريخي مصر مصر تاريخ سياسة أفكار سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القومیة العربیة المصریین فی هذه الفترة فترة حکم محمد علی على مصر فی فترة وکان من مصر فی
إقرأ أيضاً:
برعاية حمدان بن محمد.. “دبي للتوحد” يطلق حملته التوعوية الـ 19
تحت رعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، أطلق مركز دبي للتوحُّد حملته السنوية التاسعة عشرة للتوعية بالتوحُّد، التي تستمر فعالياتها لمدة شهر كامل ابتداءً من اليوم العالمي للتوعية بالتوحُّد الذي يوافق (2 أبريل) من كل عام وفقاً لما أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال هشام عبدالله القاسم، رئيس مجلس إدارة مركز دبي للتوحُّد: ” تأتي رسالة حملتنا السنوية لهذا العام تماشياً مع أهداف “عام المجتمع” الذي أعلنه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، ترسيخاً لركائز مجتمع يتسم بالشمولية ويتقبل جميع فئاته المختلفة”.
وأكد أن دعم وتمكين أصحاب الهمم من ذوي التوحُّد، مسؤولية مجتمعية تتطلب تعاوناً شاملاً بين جميع القطاعات، لضمان دمجهم بصورة تتيح لهم الاستفادة الكاملة من إمكاناتهم والمساهمة في مسيرة التنمية المستدامة، معرباً عن شكره وتقديره لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم على دعمه المستمر لهذه الحملة، مشيرا إلى أن رعاية سموه للحملة تعكس التزام القيادة الرشيدة بتوفير بيئة دامجة ومستدامة لأصحاب الهمم لضمان مشاركتهم الفاعلة في المجتمع.
وفي إطار دعم الحملة، قال معالي سعيد محمد الطاير، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي: “نحرص على دعم الجهود الوطنية الهادفة إلى دمج أصحاب الهمم في المجتمع، انسجاماً مع السياسة الوطنية لتمكين أصحاب الهمم التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، بهدف بناء مجتمع دامج خالٍ من الحواجز، يضمن التمكين والحياة الكريمة لأصحاب الهمم وأسرهم، ومبادرة “مجتمعي…مكان للجميع” التي أطلقها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، وتهدف إلى تحويل دبي إلى مدينة صديقة لأصحاب الهمم”.
وأضاف: “يأتي دعمنا للحملة السنوية للتوعية بالتوحُّد 2025، التي يطلقها مركز دبي للتوحد، انطلاقاً من حرصنا على الإسهام في بناء مجتمع دامج وتوطيد الأواصر الاجتماعية بين جميع فئات المجتمع ورفع الوعي المجتمعي باضطراب التوحد ودمج أصحاب الهمم من ذوي اضطراب التوحد ودعم أسرهم، لاسيما ونحن في “عام المجتمع” في دولة الإمارات، تحت شعار “يداً بيد”، الذي يهدف إلى تعزيز الروابط الأسرية والمجتمعية، وتنمية العلاقات بين الأجيال، وتهيئة بيئة شاملة تعزز قيم التعاون والانتماء”.
من جانبه، قال محمد العمادي، المدير العام لمركز دبي للتوحُّد وعضو مجلس إدارته: “إن دعم وتمكين أصحاب الهمم من ذوي التوحُّد هو مسؤولية مجتمعية تتطلب تعاوناً شاملاً بين جميع القطاعات، لضمان توفير فرص متكافئة لهم وتمكينهم من المشاركة الفاعلة في المجتمع، ولهذا تسلط الحملة الضوء على أهمية تعزيز الوعي المجتمعي بخصائص الأفراد ذوي التوحُّد والتحديات التي يواجهونها، مما يساهم في تهيئة بيئة دامجة تلبي احتياجاتهم وتساعدهم على تحقيق إمكاناتهم الكاملة”.
وشدد العمادي على أهمية توعية المجتمع بالخصائص النمائية لاضطراب طيف التوحُّد، والتي تؤثر بشكل رئيسي على ذوي التوحُّد في ثلاثة مناحي رئيسية تتمثل بصعوبات النطق والتواصل، وصعوبات التفاعل الاجتماعي، ومشاكل السلوك، حيث يواجه العديد من الأفراد ذوي اضطراب التوحُّد تحديات في التعبير عن أنفسهم وفهم اللغة؛ وصعوبات التفاعل الاجتماعي، ويجدون صعوبة في تكوين العلاقات الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين؛ بالإضافة إلى مشاكل السلوك، والتي قد تشمل أنماط سلوكية متكررة أو مقاومة للتغيير”.
وتتضمن فعاليات الحملة لهذا العام مجموعة متنوعة من الأنشطة، من بينها إضاءة عدد من المعالم البارزة في دبي باللون الأزرق احتفاءً باليوم العالمي للتوحُّد.
كما تشمل تنظيم ورش عمل أسبوعية في جميع مدارس الدولة لرفع مستوى الوعي حول وسائل الكشف الأولي عن التوحُّد، إلى جانب تخصيص فقرات أسبوعية ضمن برنامج “بلسم” عبر قناة نور دبي لزيادة التوعية حول التوحُّد. بالإضافة إلى ذلك، سيقدم المركز جلسات مجانية للكشف المبكر والتقييم الشامل للأطفال ذوي اضطراب التوحُّد والاضطرابات النمائية.
وبالتزامن مع حملة هذا العام، أعلن مركز دبي للتوحد عن إصدار كتابه الجديد بعنوان “إدارة التحديات السلوكية للأطفال ذوي التوحد”، من إعداد الدكتور بسام درويش، والذي يعد دليلًا عمليًا شاملًا للآباء والأمهات والمربين.
يهدف الكتاب إلى تزويد الأسر والمختصين بالمعرفة والأدوات اللازمة لفهم الأسباب الكامنة وراء السلوكيات المختلفة للأطفال ذوي التوحد وتطبيق إستراتيجيات فعالة لمساعدتهم.
ويستعرض الكتاب، المكوّن من أربعة فصول، أساليب علمية ومنهجية لدعم الأطفال ذوي التوحد من خلال تعزيز التفاعل الاجتماعي، وتعليم المهارات الاجتماعية، وتهيئة بيئات داعمة تسهم في تحسين جودة حياتهم.
وتقدّم محمد العمادي بالشكر إلى الجهات الراعية والداعمة للحملة، وفي مقدمتها كل من هيئة كهرباء ومياه دبي ومجموعة وصل لإدارة الأصول شريكي الحملة الإستراتيجيين، إلى جانب الشركاء الرئيسيين: بنك الإمارات الإسلامي، ومؤسسة الأوقاف وإدارة أموال القُصَّر، وشركة بترول الإمارات الوطنية “اينوك”، ودبي القابضة، ودبي للاستثمار، وتعاونية الاتحاد، كما شكر الشركاء الداعمين، ومنهم هيئة الطرق والمواصلات بدبي، وشرطة دبي، ومطارات دبي، وهيئة الصحة بدبي، وهيئة تنمية المجتمع، وبلدية دبي، وهيئة دبي للثقافة والفنون، ومركز دبي التجاري العالمي، ومكتبة محمد بن راشد، ومؤسسة الجليلة.
كما أشاد بجهود داعمي الحملة إعلامياً، معرباً عن شكره لكل من المكتب الإعلامي لحكومة دبي وكذلك شبكة قنوات زي الفضائية التابعة لشركة زي للمشاريع الترفيهية، وجلف نيوز، ودار الخليج، مثمناً الجهود الإعلامية لشركة بلسم لتطوير الرعاية الصحية الداعمة للحملة والممثلة ببرنامج “بلسم” في قناة وإذاعة نور دبي.
وأعرب محمد العمادي عن شكره لكل من القرية العالمية، ومركز ميركاتو للتسوق، وسكي دبي، وشركة هايبرميديا للإعلانات، وشركة باور ميديا، وشركة باك لايت ميديا، وشركة ميديا 247، وشركة ساهم لإدارة المبادرات المجتمعية، ومطاعم العالمية ناندوز، ومطاعم ألو بيروت، وفندق ميديا ون، وشركة نايت فرانك، مؤكداً أهمية تكاتف جهود أفراد ومؤسسات المجتمع في تحقيق أهداف السياسة الوطنية لتمكين أصحاب الهمم.
تجدر الإشارة إلى أن المؤسسات المعنية بالتوحد في جميع أنحاء العالم تحتفي باليوم العالمي للتوعية بالتوحد من خلال تنظيم عدد من الانشطة والفعاليات ودعوة المؤسسات العامة والخاصة إلى إضاءة أهم معالم المدن والمباني باللون الازرق للمشاركة في احياء هذا اليوم، وقد بادرت عدة جهات حكومية وخاصة بإضاءة المباني والمنشآت التابعة لها، أبرزها برج خليفة، وبرج العرب، وبرواز دبي، ومكتبة محمد بن راشد، والقرية العالمية.
يذكر بأن مركز دبي للتوحد سعى منذ إنشائه إلى تعزيز وعي المجتمع باضطراب طيف التوحد ليس بالتوعية بأعراضه فقط بل بتعريف الأفراد والمؤسسات بمتطلبات التعامل الملائمة مع الأشخاص ذوي التوحد من خلال إطلاقه للعديد من الحملات والبرامج التوعوية، أبرزها الحملة السنوية للتوعية بالتوحد والتي سعى المركز لتنظيمها منذ 2006 متخذاً من اليوم العالمي للتوعية بالتوحد (2 أبريل) مناسبة مثالية لانطلاقها في كل عام.
تم إنشاء مركز دبي للتوحُّد في عام 2001 كأول مؤسسة إماراتية غير ربحية معنية بتوفير خدمات متكاملة استشارية وتربوية وعلاجية متخصصة في مجال اضطراب طيف التوحُّد بموجب المرسوم رقم (21) لسنة 2001 الصادر عن صاحب السموّ حاكم دبي، ويتمثل أحد أهداف المركز الرئيسية وفقًا للمرسوم رقم (26) لسنة 2021 الصادر بشأن مركز دبي للتوحُّد، في المُساهمة في جعل الإمارة مركزاً رائِداً على مُستوى العالم في مجال تقديم برامج التربية الخاصّة والخدمات العلاجيّة التأهيليّة المُتخصِّصة المُعتمدة للأشخاص الذين تم تشخيصُهم بالتوحُّد.
يُشار إلى أن التوحُّد يُعد أحد أكثر اضطرابات النمو شيوعاً ويظهر تحديداً خلال الثلاث سنوات الأولى من عمر الطفل ويصاحب المصاب به طوال مراحل حياته، ويؤثر التوحُّد على قدرات الفرد التواصلية والاجتماعية مما يؤدي إلى عزله عن المحيطين به.
وتشير معظم الدراسات العالمية إلى النمو السريع لهذا الاضطراب حيث تُقدّر نسبة المصابين به اعتماداً على تقرير مركز التحكم بالأمراض في الولايات المتحدة الأمريكية (CDC) الصادر عام 2021، بإصابة واحدة لكل 36 طفلا، مع تقارب نسبة الانتشار في معظم دول العالم.وام