قمة آسيان قد تعمق الخلاف بين الدول العظمى
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
رغم أن قمة آسيان تمثل أول مناسبة تجمع مسؤولين كباراً من الولايات المتحدة وروسيا والصين، إلا أن الخلاف حول بنود مشروع البيان الختامي للقمة المنعقدة في إندونسيا، شكل محطة لتعميق الخصومة بين الدول العظمى.
ورأى مراقبون أن عدم التوافق على مشروع البيان الختامي بين دول مجموعة آسيان يؤكد على زيادة الفجوة والعداوة بين معسكر الصين وروسيا ومعسكر الولايات المتحدة والدول المؤيدة لها، مما يشير إلى فكرة زيادة الصراع بينهما خلال الفترة المقبلة دون التوافق على تهدئة الأجواء
Indonesian President Joko Widodo called on world leaders on Thursday to step back from confrontation as they met at a Southeast Asian-hosted security and trade summit against a backdrop of big-power rivalries.
صراع معلن
وقال الدكتور ضياء حلمي الفقي، عضو لجنة الشئون الأسيوية بالمجلس المصري للشئون الخارجية إن ما شهده البيان الختامي لقمة آسيان من خلاف بين الدول الكبرى، يؤكد أن الصراع أصبح معلناً وعلى مرأى ومسمع الجميع بين الدول العظمى ولا مجال حتى الآن لاحتواء التوتر والاتجاه لتهدئة الأوضاع.
وأوضح الدكتور ضياء حلمي لـ24 أن الحرب بين الولايات المتحدة من جانب وبين روسيا والصين من جانب آخر سوف تستمر في طريقها رغم الزيارات الأخيرة للمسؤولين الأمريكيين إلى بكين، مؤكداً أن الولايات المتحدة الأمريكية ترفض فكرة أن يكون هناك عالم متعدد الأقطاب ومازالت تتمسك بفكرة الدولة العظمى المسيطرة على العالم.
كما أكد حلمي أن الصين ترى أن واشنطن تتناقض مع نفسها بين الأقوال والأفعال ولا يحتاج ذلك إلى تحليل سياسي، حيث تتحدث واشنطن عن أمور لا تنفذها على أرض الواقع، وقال "في الوقت التي كانت تزور فيه وزيرة التجارة الأمريكية بكين، كانت الولايات المتحدة تواصل بيع الأسلحة إلى تايوان بلا ضرورة مما أثار غضب الصين".
حرب باردةواعتبر الدكتور ضياء حلمي أن العالم الآن دخل مرحلة الحرب الباردة وقد تؤدي إلى ظهور صراعات جديدة على أرض الواقع بين الصين وتايوان مثلما حدث بين روسيا وأوكرانيا، ولكن العالم لن يتحمل تداعيات ذلك في ظل المعاناة التي تعانيها دول العالم من التداعيات الاقتصادية جراء الحرب الأوكرانية.
وأوضح عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية أن قمة آسيان كانت فرصة لاحتواء الخلاف في وجهات النظر بين الدول ولكن كانت فرصة لإظهار الخلاف أمام الجميع والتأكيد على أن الولايات المتحدة لا ترغب في وجود عالم سياسي متعدد الأقطاب.
Leaders of Southeast Asian Nations and their partner countries have attended a gala dinner hosted by Indonesian President Joko Widodo and his wife Iriana Widodo on Wednesday (September 6), ahead of the last day of the 43rd ASEAN Summit in Jakarta. Heads of state from the 11 ASEAN… pic.twitter.com/69KOol1W9g
— Zhang Meifang (@CGMeifangZhang) September 8, 2023وجمعت قمة دول آسيان الـ18 في جاكرتا نائبة الرئيس الأمريكي كاملا هاريس ورئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ حول الطاولة ذاتها، غداة تحذير رئيس الوزراء الصيني من أن على القوى الكبرى تسوية خلافاتها لتفادي "حرب باردة جديدة".
وكانت الأضواء مسلطة على المحادثات بين مسؤولي أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم في ظل التوتر القائم بينهما حول مجموعة من المسائل، من الخلاف حول تايوان إلى العلاقات مع موسكو مرورا بالصراع على النفوذ في المحيط الهادي، وذلك قبل أيام من انعقاد قمة "مجموعة العشرين" في نيودلهي.
وقال الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو بعد القمة "يتحمّل كلّ زعيم مسؤولية متساوية في عدم إحداث صراعات، وعدم إثارة توترات جديدة، وفي الوقت نفسه... في تقليل نقاط الاحتكاك". وأضاف "يمكنني أن أضمن أنه إذا عجزنا عن إدارة خلافاتنا، فسوف نُدمَّر".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني قمة آسيان الولایات المتحدة قمة آسیان بین الدول
إقرأ أيضاً:
الصِّيغة الجديدة لأمْرَكة العالم
واشنطن في سعيها لتحقيق مصالحها ــ حسب رؤية ترامب ـ تهدم البناء الكلي للنظام العالمي
تعاطي الولايات المتحدة الأمريكية من خلال رئيسها الجمهوري دونالد ترامب مع قضايا العالم ـ خاصة الشائكة منها ـ يفرض على الدول نمطاً جديداً من العلاقات، يمكن اعتباره صيغة فريدة من التفاعل، حيث يرجّح الصراع بدل التعاون، ويبلغ في حده الأقصى" أمْركة" لصناعة القرارات، الأمر الذي يقلل من أهمية المؤسسات الدولية، بما فيها مجلس الأمن والأمم المتحدة.
لا يقف التوصيف السّابق عند المواقف الآنية المتناقضة التي تُجَاهر بها الإدارة الأمريكية عند نظرتها لمجمل القضايا من زاوية المصالح الأمريكية ذات الطابع النفعي المُتوحّش فحسب، إنما يتابع، ويستشهد، من ناحية التحليل بالقرارات الأمريكية الأخيرة المهددة للسلم والأمن العالميّيْن.. تلك المواقف التي تكشف كل يوم عن تحالفات تلغي الثوابت لصالح المتغيرات، في ظل سباق محموم لأجل بلوغ أهداف تعَلِّي من الدور الأمريكي بعيداً عن أيِّ شراكة مع الآخرين، حتى لو كانوا حلفاء.
هذه الممارسة الأمريكية تأتي من عاملين، أولهما، مواقف الرئيس الأمريكي المتغيرة والمتناقضة من القضايا المختلفة على الصعيدين الداخلي والخارجي، بمنطق "غلبة العدو" في حال الرفض للقرار الأمريكي، وثانيهما، الهلع العام الذي أصاب معظم دول العالم، الأمر الذي دفعها نحو صيغ مختلفة للاستجابة للقرارات الأمريكية، في محاولة منها لتطويع نفسها بما يحقق نجاتها من التغول، حتى لو كانت في الحد الأدنى.
الاستجابة للقرارات "الترامبية" أو الرد عنها من خلال التحايل أو التأجيل هي التي تحدد اليوم مواقف الدول على المستوى الرسمي، حيث العجز البيّن لدى كثيرين منها، وأخرى تترقب ما ستفسر عنه تلك القرارات من رد فعل من قوى دولية أخرى، وخاصة التنظيمات والجماعات، الخارجة عن سلطة الدول، كونها هي القادرة على التمرد، بل إنها توضع اليوم في الصف الأول لمواجهة القرارات الأمريكية.
على خلفية ذلك، ستشكل التنظيمات والجماعات ـ كما يلوح في الأفق ـ قوى يعوّل عليها في تثبيت القرارات الأمريكية، وتطويع الأنظمة الرسمية لها، ليس فقط لما ستحظى به من اعتراف أمريكي يجعل منها ـ حقيقة أو وهماً ـ قوى منافسة، قد تحلُّ في المستقبل المنظور بدل الحكومات القائمة حالياً، وتُسْهم في إعادة تشكيل خرائط الدول، بل تُغيِّر من المفاهيم، ومنها مصطلح الإرهاب بوجه خاص، وإنما لما هو أهم من ذلك بالنسبة للإدارة الأمريكية، وهو تكريس خيارها السّاعي إلى تغيير سياسة العالم بما يحقق غلبة أمريكية مطلقة، والدخول في مرحلة "ما فوق القوة".
من هنا، فإنَّ الشعور العام لدى الدول، خاصة تلك التي تتواجد في مناطق صراع مع الولايات المتحدة الأمريكية، هو أن واشنطن في سعيها لتحقيق مصالحها ــ حسب رؤية ترامب ـ تهدم البناء الكلي للنظام العالمي السائد، انطلاقا من ضغطها على الدول عبر تنظيمات وجماعات داخلية أو خارجية معادية لها، في محاولة منها لتكون الدولة الوحيدة الصانعة للقرارات العالمية، بما يحقق لها سيطرة كاملة من خلال الخوف والترهيب، مع عدم مبالاة لما ستؤول إليه الأمور بعد ذلك من انهيار لقيم وأشكال الدولة المعاصرة.
إذاً الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب تعمل على تعميم سياسية التبديل في حال عدم قبول الدول بأطروحاتها المهددة لوجودها، وهذا من خلال تحريكها للتنظيمات والجماعات المختلفة بشكل ظاهر ومعلن، لدرجة أنها تحاور اليوم بعضاً ممن صنفتها تنظيمات إرهابية في وقت سابق، وتدعمها لتشكل "شبه دولة"، وهو ما نراه اليوم في عدد من مناطق العالم، خاصة في منطقتنا، حيث الحوار المباشر مع تنظيمات ليست منافسة للدول على مستوى العلاقة مع الولايات المتحدة فحسب، وإنما تمثل بديلاً لها ليس في مقدور الأنظمة الرسمية مواجهته، كونه يأتي محملاً بوعود أمريكية نافذة اليوم، وإن كانت مجهولة اليقين بعد ذلك.