" شمال بحيرة قارون "..أصل الحضارة الفيومية
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
محافظة الفيوم تشتهر بتنوع الاثار من مختلف العصور التاريخية فهى تضم اثار من عصر ماقبل التاريخ حتى العصر الاسلامى ويعتبر إقليم الفيوم من أوائل المناطق التي عرفت الاستقرار البشرى بالتوازي مع أماكن الاستقرار فى وادى النيل, والذى تطور إلى معرفة الزراعة المستقرة خاصة فى شمال شرق بحيرة قارون, وتنتشر مخلفات أصحاب حضارات الفيوم على بعض التلال سميت اصطلاحا الأكوام وأخذت بعض الحروف الهجائية الإنجليزية مثل كوم A وكوم B وكوم W وكوم K , وتوجد على المدرجات التي تقع شمال بحيرة قارون وظهرت بها حضارتان أعقبت إحداهما الأخرى فى العصر الحجري الحديث- حضارة الفيوم أ - وحضارة الفيوم ب.
ويشير الباحث سيد عوض محمد شعيب كبير مفتشى الاثار بالفيوم الى انخفاض مستوى المياه فى البحيرة فى نهاية "العصر الحجري القديم والذى يبدأ خمسة وعشرون ألف سنة قبل الميلاد , حتى وصل إلى 5 متر تحت مستوى سطح البحر, وفى الفترة الانتقالية بين نهاية العصر الحجري القديم أي منذ حوالى عشرة ألاف عام قبل الميلاد ، وبداية العصر الحجري الحديث، ارتفعت مياه البحيرة حتى وصلت 18متر فوق مستوى سطح البحر وذلك نتيجة اتصالها بنهر النيل, ثم هبط مستوى المياه فى البحيرة إلى 4متر فوق مستوى سطح البحر.
وذلك مع بداية الألف الخامسة قبل الميلاد, وظلت هكذا طوال هذه الفترة, وفى هذا الوقت بدأت بعض المجموعات البشرية مدفوعة بالجفاف وتغير المناخ فى الاستقرار على طول الساحل الشمالي لبحيرة قارون, والتي كانت بلا شك تتمتع بمياه عذبة نظرا لأنها كانت تتصل بنهر النيل مباشرة فى ذلك الوقت, وتم الكشف عن مساكن هذه المرحلة دون المقابر, ولم يكشف عن المنازل كاملة أنما تم الكشف عن المواقد التي كانت تتوسط تلك المنازل وكُشف كذلك عن أدوات من الفخار و"رحى جرش" الحبوب وبعض أدوات الزينة.
17 تجمع حضارىوتصل التجمعات الحضارية خلال "العصر الحجري الحديث" بالفيوم إلى سبعة عشر تجمعاً, ومع بداية العصر الحجري الحديث كانت المياه فى البحيرة لا تزال عند مستوى 18متر فوق مستوى سطح البحر واضاف "شعيب " ان الدراسات التي تمت لطبقات الأرض فى شمال شرق البحيرة اشارت الى العثور على بعض البقايا النباتية والحيوانية و من خط الرمال البيضاء التي حددت شاطئ البحيرة عند هذا المستوى. ولقد أنخفض مستوى المياه فى البحيرة مجددا ليصل إلى10 أمتار فوق مستوى سطح البحر وهو ما يمثل العصر الحجري الحديث فى شمال البحيرة, وعند هذا المستوى عَثر الباحثان كيتون طومسون ووليم جاردنر على بقايا مستوطنات القبائل التي وصلت إلى الفيوم ما بين 6000 ألاف- 5000 قبل الميلاد أصحاب حضارة Faiyumian, واستقرت فى هذه المرحلة قبائل أكثر تطوراً عرفت الزراعة المستقرة وتخزين الحبوب فى صوامع والتي كشفت عنها الباحثان السابقين .
وقامت البعثة الأمريكية الهولندية بإعادة الكشف مجدداً عن هذه الصوامع عامي 2004و2006, والصومعة: عبارة عن حفرة بقطر 80سم وعمق 90سم, ويوضع بداخلها سلة من عيدان الشعير أو من نبات الحلفا أو الخوص والأثل وتخزن بداخلها الحبوب سواء كانت الحنطة البرية أو الشعير, وتغطى بطبقة من الطين لحمايتها من الأمطار والرطوبة ، وعثر بداخل بعض هذه الصوامع على بقايا الحبوب المتحللة. ثم انخفضت المياه فى البحيرة لتصل من4 متر فوق مستوى سطح البحر إلى 2 متر تحت مستوى سطح البحر واستمر مستوى مياه البحيرة هكذا حتى عصر ما قبل الأسرات والأسرات الأولى. وعند هذا المستوى ما يعرف بحضارة الفيوم Qarunian.
وتعتبر هذه الحضارة مرحلة متدهورة وأقل من سابقتها وذلك بسبب وصول هجرات جديدة من صحراء أفريقيا إلى الواحات ثم إلى الفيوم, وترجع هذه المرحلة الحضارية إلى الفترة ما بين 4500 قبل الميلاد الى 4200 قبل الميلاد وفى بعض الدراسات بعد استخدام كربون 14لتحليل بعض المواد العضوية والتي عُثر عليها فى المواقع الأثرية لهذه المرحلة بالفيوم من 4400 إلى3860 قبل الميلاد , وأرختها الباحثة كيتون تومسون فى الفترة 4500 الى 4200 قبل الميلاد حيث عثرت على العديد من الأدوات الحجرية من "الظران" مثل رؤوس السهام والفؤوس اليدوية والسكاكين.
وقد عثرت كيتون تومسون وجاردنر على بعض الأدلة الأثرية من إقليم الفيوم فى الأسرات الأولى 3200 الى 2635 قبل الميلاد وعصر الدولة القديمة2635 الى 2140 قبل الميلاد فى شمال شرق بحيرة قارون عند مستوى 2 متر تحت مستوى سطح البحر عبارة عن بعض كسرات فخار من الأسرات الثالثة-السادسة, وهو عصر الدولة القديمة وعند هذا المستوى لم ترتفع مياه البحيرة مرة أخرى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محافظة الفيوم الآثار العصور التاريخية بحيرة قارون شمال هذه المرحلة قبل المیلاد هذا المستوى بحیرة قارون فى شمال
إقرأ أيضاً:
حكم الذكر جماعة وجهرًا عقب صلاة العصر يوم الجمعة
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما حكم جلوس المصلين بعد صلاة العصر يوم الجمعة ليصلوا جميعًا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بصيغة خاصة وبعدد محدد ويدعون الله عز وجل جميعًا؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: أنه لا مانع شرعًا من ذلك؛ فالذكر الجماعي مشروعٌ في المسجد وفي غيره، ومشروعيته ثابتة بالكتاب والسنة وعمل الأمة سلفًا وخلفًا.
مدى مشروعية الجهر بالذكر
مشروعية الجهر بالذكر ثابتة بالكتاب والسنة وعمل الأمة سلفًا وخلفًا، وقد صنف جماعة من العلماء في إثبات مشروعية ذلك؛ كالإمام الحافظ السيوطي في رسالته "نتيجة الفكر في الجهر بالذكر"، والإمام أبي الحسنات اللكنوي في كتابه "سياحة الفكر في الجهر بالذكر" وغيرهما.
مدى مشروعية الصلاة على النبي
وقد ورد الأمر الشرعي بذكر الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مطلقًا، ومن المقرر أن الأمر المطلق يستلزم عموم الأزمنة والأمكنة والأشخاص والأحوال؛ فالأمر فيه واسع، وإذا شرع الله سبحانه وتعالى أمرًا على جهة الإطلاق وكان يحتمل في فعله وكيفية إيقاعه أكثر من وجه فإنه يؤخذ على إطلاقه وسعته، ولا يصح تقييده بوجه دون وجه إلا بدليل.
أدلة الأمر بالذكر
من أدلة الكتاب في الأمر بالذكر على جهة الإطلاق: قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا • وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الأحزاب: 41-42]، فهذا خطاب للمؤمنين يأمرهم بذكر الله تعالى، وامتثال الأمر حاصل بالذكر من الجماعة كما هو حاصل بالذكر من الفرد.
وقوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ [الكهف: 28]، وامتثال الأمر بمعية الداعين لله يحصل بالمشاركة الجماعية في الدعاء، ويحصل بالتأمين عليه، ويحصل بمجرد الحضور.
ومن السنَّة: ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إلى ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً». قال العلامة ابن الجزري في "مفتاح الحصن الحصين": [فيه دليل على جواز الجهر بالذكر، خلافًا لمن منعه] اهـ.
وقال الحافظ السيوطي في "نتيجة الفكر في الجهر بالذكر" المطبوع ضمن "الحاوي للفتاوي" (1/ 376، ط. دار الكتب العلمية): [والذكر في الملأ لا يكون إلا عن جهر] اهـ.
وقد ساق الإمام السيوطي في رسالته هذه خمسة وعشرين حديثًا تدل على مشروعية الجهر بالذكر، ثم قال عقبها محققًا الكلام في ذلك: [إذا تأملت ما أوردنا من الأحاديث عرفت من مجموعها أنه لا كراهة ألبتة في الجهر بالذكر، بل فيه ما يدل على استحبابه؛ إما صريحًا أو التزامًا كما أشرنا إليه، وأما معارضته بحديث: «خيرُ الذِّكْرِ الخَفِيُّ» فهو نظير معارضة أحاديث الجهر بالقرآن بحديث «المُسِرُّ بالقُرآن ِكَالمُسِرِّ بالصَّدَقَةِ»، وقد جمع النووي بينهما: بأن الإخفاء أفضل حيث خاف الرياء أو تأذى به مصلون أو نيام، والجهر أفضل في غير ذلك؛ لأن العمل فيه أكثر؛ ولأن فائدته تتعدى إلى السامعين؛ ولأنه يوقظ قلب القارئ، ويجمع همه إلى الفكر، ويصرف سمعه إليه، ويطرد النوم، ويزيد في النشاط.
وقال بعضهم: يُستَحَبُّ الجهر ببعض القراءة والإسرار ببعضها؛ لأن المسر قد يمل فيأنس بالجهر، والجاهر قد يكل فيستريح بالإسرار. انتهى. وكذلك نقول في الذكر على هذا التفصيل، وبه يحصل الجمع بين الأحاديث] اهـ.
ومن خصوص ما جاء في السنة من الجهر بالذكر جماعةً ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في التكبير في العيدين؛ فعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَلْبَسَ أَجْوَدَ مَا نَجِدُ، وَأَنْ نَتَطَيَّبَ بِأَجْوَدَ مَا نَجِدُ...، وَأَنْ نُظْهِرَ التَّكْبِيرَ، وَعَلَيْنَا السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ" رواه البخاري في "التاريخ" والحاكم في "المستدرك"، والطبراني في "المعجم الكبير". قال الحاكم في "المستدرك": [لولا جهالة إسحاق بن بزرج لحكمت للحديث بالصحة] اهـ. وقد تعقبه ابن الملقن والحافظ ابن حجر وغيرهما بأنه ليس بمجهول بل وثَّقه ابن حبان.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يخرج يوم الفطر والأضحى رافعًا صوته بالتهليل والتكبير حتى يأتي المصلَّى" رواه الحاكم والبيهقي مرفوعًا وموقوفًا، ولكن صحح البيهقي وقفه، وقال الحاكم في "المستدرك": [هذه سنة تداولها أئمة أهل الحديث، وصحت به الرواية عن عبد الله بن عمر وغيره من الصحابة] اهـ.
والثابت عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم جهروا في مواضع من الذكر؛ كما في تكبيرات العيد، سواء في ذلك التكبير المقيد الذي يقال بعد الصلوات المكتوبات، أو التكبير المطلق الذي يبدأ من رؤية هلال ذي الحجة إلى آخر أيام التشريق: ففي "صحيح البخاري" أن عمر رضي الله عنه كان يكبر في قبته بمنًى، فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج مِنًى تكبيرًا، وهذا صريح في الجهر بالتكبير، بل وفي كونه جماعيًّا؛ فإن ارتجاج منًى لا يتأتى إلا بذلك؛ قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (2/ 462، ط. دار المعرفة): [وهي مبالغة في اجتماع رفع الأصوات] اهـ. وكذلك قال الحافظ العيني والشوكاني في "نيل الأوطار"، وأصرح من ذلك رواية البيهقي في "السنن الكبرى" (3/ 312): [فيسمعه أهل السوق فيكبرون؛ حتى تَرْتَجَّ منًى تكبيرًا واحدًا] اهـ.
وفي "صحيح البخاري" تعليقًا: "أن ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهم كانا يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبِّران، ويكبِّر الناس بتكبيرهما". وقد وصله الفاكهي في "أخبار مكة" (3/ 9-10، ط. دار خضر) بلفظ: "فيكبِّران فيكبِّر الناس معهما لا يأتيان السوق إلا لذلك". وهذا والذي قبله صريحان في التكبير الجماعي.
وهكذا جاء الأمر الإلهي بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]، وامتثاله حاصل بفعله في جماعة أو على انفراد.
الخلاصة
بناءً على ذلك: فالذكر الجماعي أمرٌ مشروع في المسجد وفي غيره، وتبديعه في الحقيقة نوع من البدعة؛ لأنه تضييق لِمَا وسَّعه الشرع الشريف، ومخالفة لما ورد في الكتاب والسنة وهدي السلف الصالح وعلماء الأمة المتبوعين.