أعلنت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم والذي جاء بعنوان «حال النبي صلى الله عليه وسلم مع ربه»، كما أكدت الوزارة أنه من المقرر أن تتناول خطب الجمعة خلال شهر سبتمبر صفات مختلفة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك بمناسبة اقتراب حلول ذكرى المولد النبوي الشريف. 

خطبة الجمعة اليوم 

ووفقا لوزارة الأوقاف، فتُفتتح خطبة الجمعة اليوم بـ: «الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الكريم لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم): "وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ"، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأشهد أن سيدنا ونبينا مُحَمَّدًا عبده ورسوله، اللَّهُمَّ صَلَّ وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: فإن المتأمل في حال خاتم أنبياء الله ورسله سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) مع ربه سبحانه يدرك أنه عليه الصلاة والسلام كان أشد الناس حبا لربه سبحانه وأكثرهم خشيةً له، وأعظمهم رجاء فيه، حيث يقول نبينا صلى الله عليه وسلم): (أَمَا - والله - إني لأحْشَاكُمْ اللَّهِ وَأَنْقَاكُمْ لَهُ)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (إنِّي لأعْلَمُكُمْ بِاللهِ، وَأَشَدُكُمْ لَهُ خَشْيَة)».

ولفتت خطبة الجمعة اليوم إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأنس بعبادة الله وكذلك أشارت إلى أنه صلى الله عليه وسلم كان يتعبد في غار حراء، حيث ورد في نص الخطبة: «وكان عليه الصلاة والسلام) يأنس بمناجاة ربه سبحانه ويهناً بقربه (عز وجل)، حتى أنه (صلى الله عليه وسلم قبل بعثته كان يتعبد في غار حراء الليالي ذوات العدد، ولما اصطفاه ربه سبحانه وأرسله رحمة للعالمين كانت قرة عينه وراحة نفسه في عبادة ربه جل وعلا)، حيث يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: (جُعِلتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاةِ)، ويقول(صلى الله عليه وسلم) لبلال (رضي الله عنه: (أرحنا بها - أي: بالصلاة يا بلال). وكان (صلى الله عليه وسلم) يواظب على قيام الليل، حبا لربه، وأنسًا بمناجاته، وشكرا على نعمائه وامتثالا لأمره سبحانه، حيث يقول: {يَا أَيُّهَا الْمُزْمَلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتْلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ، ولما كان عليه الصلاة والسلام) يقوم الليل حتى تورمت قدماه الشریفتان وقيل له : يا رسول الله، قد غفر لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر؟ قال (صلى الله عليه وسلم): (أفلا أكون عبدًا شكورا؟!)».

خطبة الجمعة اليوم لوزارة الأوقاف 

كما توجهت خطبة الجمعة اليوم إلى صيام النبي صلى الله عليه وسلم للنوافل: «وكان (صلى الله عليه وسلم يكثر من صيام النوافل، ويحث عليه حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَدَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا)، ومن ذلك أنه صلوات ربي وسلامه عليه صام الاثنين والخميس وثلاثة أيام من كل شهر، حيث يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: (تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَالخَمِيس، فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ، ويقول سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه: (أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى ونوم على وتر)».

هذا بالإضافة إلى الذكر والاستغفار الذي كان صلى الله عليه وسلم يواظب عليه، حيث تقول خطبة الجمعة اليوم: «كما كان نبينا صلى الله عليه وسلم دائم الذكر والاستغفار لربه سبحانه، امتثالا لأمره (عز وجل) حيث يقول: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا، ويقول سبحانه: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ، ويقول (جل وعلا): {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا، فكان نبينا صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ، ويقول سيدنا عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما): (إنْ) كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ يَقُولُ مِائَةَ مَرَّةٍ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَتُبْ عَلَيَّ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)، وكان نبينا صلوات ربي وسلامه عليه) يقول: (واللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي اليَومِ أَكْثَرَ مِن سَبْعِينَ مَرَّةً)».

رضا النبي بقضاء الله في خطبة الجمعة اليوم

كما أشارت خطبة الجمعة اليوم إلى رضا النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء الله سبحانه وتعالى: «الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.إن من أحوال نبينا صلى الله عليه وسلم مع ربه عز وجل) حال الرضا بقضائه سبحانه، فحينما رأى (صلى الله عليه وسلم) ولدَه إِبْرَاهِيمَ يجود بنفسه، جَعَلَتْ عَيْنَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ تَدْرِفَانِ الدموع رحمةً بولده، ثم قال (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) : (إِنَّ العَيْنَ تَسْمَعُ والقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا ما يَرْضَى رَبُّنَا، وإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ)».

 

وتُختتم خطبة الجمعة اليوم بـ: «وكان صلوات ربي وسلامه عليه يتدبر القرآن، ويحبُّ أن يسمعه من غيره، يقول سيدنا حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: "كان (صلى الله عليه وسلم إذا مرَّ بآيةِ خوف تعود، و إذا مر بآيةِ رَحمةٍ سألَ ، وإذا مرَّ بآيةٍ فيها تَنزيهُ اللهِ سُبَّحَ " ، وعن سيدنا عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم: اقرأ علي القرآن فقلت يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أُنزِل ؟ فقال: نعم، فإني أُحِبُّ أن أسمعه من غيري، قال ابن مسعود رضي الله عنه فافتتحت سورة النساء، فلما بلغت: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ، قال صلى الله عليه وسلم): (حسبُكَ الآن)فالتفت إليه فإذا عيناه صلى الله عليه وسلم تذرفان [تسيل دموعهما].اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله و وصحبه وسلمواحفظ مصرنا وارفع رايتها في العالمين». 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: خطبة الجمعة اليوم خطبة الجمعة وزارة الأوقاف الاوقاف المصرية النبی صلى الله علیه وسلم نبینا صلى الله علیه وسلم علیه الصلاة والسلام خطبة الجمعة الیوم رضی الله عنه مع ربه

إقرأ أيضاً:

«الأرض المباركة».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة

حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة القادمة، بعنوان «الأرض المباركة»، والهدف من هذه الخطبة هو توعية الجمهور بمكانة أرض سيناء المباركة أرض التجلي، علمًا بأن الخطبة الثانية تتناول بيان خطورة التحرش، ودور الأسرة في مواجهته.

ونستعرض في السطور التالية تفاصيل خطبة الجمعة 25 أبريل 2025..

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيـِّـبًا مُبَارَكًا فِيهِ، مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شَاءَ رَبُّنَا مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، حَمْدًا يَلِيقُ بِعَظَمَةِ جَلَالِهِ وَكَمَالِ أُلُوهِيَّتِهِ، وأَشهدُ أنْ لَا إلهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأَشهدُ أنَّ سَيِّدَنَا وَبَهْجَةَ قُلُوبِنَا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ اللهُ تَعَالَى رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَخِتَامًا لِلأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، فَشَرَحَ صَدْرَهُ، وَرَفَعَ قَدْرَهُ، وَشَرَّفَنَا بِهِ، وَجَعَلَنَا أُمَّتَهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَومِ الدِّينِ، وَبَعْدُ:

فَقِفْ أَيُّهَا العَقْلُ عِنْدَ مُنْتَهَاكَ، فَبَيْنَ يَدَيْكَ ذِكْرَى تَحْرِيرِ سَيْنَاءَ، الأَرْضِ المُبَارَكَةِ، أَرْضِ التَّجَلِّيَاتِ، مَجْمَعِ الرِّسَالَاتِ، مَهْبِطِ الأَنْبِيَاءِ، سَاحَةِ الأَبْرَارِ، مَمَرِّ الحُجَّاجِ الكِرَامِ إِلَى بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ، فَعَلَى أَدِيمِهَا الطَّاهِرِ سَارَتِ الأَقْدَامُ المُبَارَكَةُ، وَعَلى تُرَابِهَا المَيْمُونِ ارْتَفَعَت الأَكُفُّ الضَّارِعَةُ وَعَرَجَت الأَرْوَاحُ الهَائِمَةُ، فَكُلَّمَا خَطَوْتَ فِي سَيْنَاءَ خُطْوَةً اسْتَشْعَرْتَ بَرَكَةَ قَسَمِ رَبِّ العَالَمِينَ بِأَرْضِنَا المُبَارَكَةِ، حَيْثُ قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ}.

أَيُّهَا النَّاسُ، تَخَيَّلُوا مَعِي ذَلِكَ المَشْهَدَ الإِلَهِيَّ الكَوْنِيَّ المَهِيبَ، مَشْهَدٌ لَمْ يَشْهَدِ الزَّمَانُ مِثْلَهُ، حِينَ اصْطَفَى اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ لِكَلِيمِهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَشْرَفَ الأَزْمَانِ وَأَرْقَاهَا، وَاخْتَارَ لَهُ أَسْمَى الأَمَاكِنِ وَأَبْرَكَهَا، فتَجَلَّى الرَّبُّ جَلَّ جَلَالُهُ لِنَبِيِّهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَى جَبَلِ الطُّورِ، فَاهْتَزَّ الجَبَلُ خَشْيَةً وَتَدَكْدَكَ عَظَمَةً، بَيْنَمَا كَانَ قَلْبُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَسْتَقْبِلُ نُورَ الهِدَايَةِ وَيَتَشَرَّبُ حِكْمَةَ السَّمَاءِ، إِنَّ هَذِهِ اللَّحْظَةَ الفَرِيدَةَ رَمْزٌ أَبَدِيٌّ لِعَظَمَةِ الوَحْيِ الَّذِي يُضِيءُ دُرُوبَ الحَائِرِينَ، وَكَأَنَّ ذَرَّاتِ رِمَالِ سَيْنَاءَ تَحْمِلُ بَيْنَ طَيَّاتِهَا صَدَى كَلِمَاتِ اللهِ تَعَالَى الَّتِي تَجَلَّتْ عَلَى جَبَلِهَا المُبَارَكِ {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْـمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}، {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَامُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}.

أَيُّهَا المِصْرِيُّونَ، اسْتَشْعِرُوا نِعْمَةَ اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ عَلَى مِصْرَ وَأَهْلِهَا، فَأَيُّ شَرَفٍ وَأَيُّ مَجْدٍ وَأَيُّ بَرَكَةٍ وَأَيُّ نُورٍ وَأَيُّ بَصِيرَةٍ أُفِيضَتْ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى تِلْكَ البُقْعَةِ الغَرَّاءِ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ! أَيُّ فَضْلٍ وَكَرَمٍ وَمِنْحَةٍ وَعَطَاءٍ مِنَ اللهِ لَنَا أَهْلَ مِصْرَ، لَمـَّا أَنِ اصْطَفَى اللهُ تَعَالَى بُقْعَةً مِنْ أَرْضِنَا الطَّاهِرَةِ لِيَتَجَلَّى عَلَيْهَا مُصْطَفِيًا نَبِيَّهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ!

أَيُّهَا المِصْرِيُّونَ، إِنَّ هَذَا التَّجَلِّي لَمْ يَكُنْ آخِرَ العَهْدِ بِأَرْضِ سَيْنَاءَ، بَلْ إنَّه مَا أَنْ مَضَتِ السَّنَوَاتُ، واشْتَاقَتْ أَرْضُ سَيْنَاءَ وَجِبَالُهَا وَوِدْيَانُهَا لِتِلْكَ الأَنْوَارِ وَالبَرَكَاتِ، حَتَّى أَتَى الوَحْيُ الشَّرِيفُ مِنَ اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَدْعُوهُ اللهُ لِمِيقَاتِهِ سُبْحَانَهُ، فَاسْتَشْرَفَتْ أَرْضُ سَيْنَاءَ مِنْ جَدِيدٍ لِشُهُودِ هَذَا التَّجَلِّي العَظِيمِ {وَلـَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}.

أَيُّهَا الكِرَامُ، فَلْنَسْتَلْهِمْ مِنْ صَمْتِ سَينَاءَ الحِكْمَةَ، وَمِنْ وُعُورَةِ دُرُوبِهَا القُوَّةَ، وَمِنْ شَمْسِهَا السَّاطِعَةِ النُّورَ، تَعَالَوْا نَتَأَمَّلُ فِي جِبَالِهَا الشَّمَّاءِ الَّتِي تُشْبِهُ فِي صُمُودِهَا قُلُوبَ المِصْرِيِّينَ، وَفِي وِدْيَانِهَا الفَسِيحَةِ الَّتِي تَحْتَضِنُ آمَالَ المُسْتَبْشِرِينَ، إِنَّ سَينَاءَ المُبَارَكَةَ أَرْضٌ تُرَابُهَا ذَهَب، وَنَخِيلُهَا عَجَب، وَمَعَادِنُ رِجَالِهَا تُحَبّ، رِمَالُهَا فَيْرُوز، وَخَزَائِنُهَا كُنُوز، أَرْضُنَا سَيْنَاءُ كِتَابٌ مَفْتُوحٌ يَقْرَأُ فِيهِ العَارِفُونَ سُطُورَ العَظَمَةِ الإِلَهِيَّةِ، وَالبُطُولَةِ المِصْرِيَّةِ، فَفِي كُلِّ حَجَرٍ حِكَايَة، وَفِي كُلِّ وَادٍ قِصَّة، وَعَلَى كُلِّ شِبْرٍ مَلْحَمَة!

أَيُّهَا الكِرَامُ، بُثُّوا فِي نُفُوسِ أَوْلَادِكُمْ أَنَّ سَيْنَاءَ الأَرْضَ المُبَارَكَةَ عُنْوَانُ الثَّبَاتِ وَالنَّصْرِ، وَأَرْضُ المَلَاحِمِ والبُطُولَاتِ وَالعِزَّةِ والإِبَاءِ وَالكَرَامَةِ، ارْتَوَت أَرْضُهَا بِدِمَاءِ الشُّهَدَاءِ، وَكُلُّ ذَرَّةٍ فِيهَا تَشْهَدُ لِجُنُودِ مِصْرَ الأَوفِيَاءِ، فَاقْدُرُوا لِتِلْكَ الأَرْضِ المُبَارَكَةِ قَدْرَهَا، فَإِنَّ الخَامِسَ وَالعِشْرِينَ مِنْ أَبْرِيلَ شَاهِدٌ أَنَّ سَيْنَاءَ تَنْفِي خَبَثَهَا، حَيْثُ يَجْتَمِعُ في هَذَا اليَوْمِ العَظِيمِ شَرَفُ الزَّمَانِ وَالمَكَانِ والإِنْسَانِ مَمْزُوجًا بِتَكْبِيرَاتِ النَّصْرِ وَنَظَرَاتِ الأَمَلِ فِي مُسْتَقْبَلٍ يَحْمِلُ الخَيْرَ وَالبَرَكَةَ وَالنَّمَاءَ.

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ الأَنبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَبَعْدُ:

فَإِنَّ التَّحَرُّشَ اعْتِدَاءٌ عَلَى حُرُمَاتِ النَّاسِ المَصُونَةِ، وَتَعَدٍّ صَارِخٌ عَلَى القِيَمِ الإِنْسَانِيَّةِ، وَمُخَالَفَةٌ لِلْفِطَرِ السَّوِيَّةِ، يَسْتَبِيحُ حُرْمَةَ النَّاسِ، وَيَتْرُكُ فِي نُفُوسِهِمْ جُرُوحًا غَائِرَةً قَدْ لَا تَنْدَمِلُ، فَيَا أَيُّهَا الكِرَامُ أَدُّوا دَوْرَكُمْ، وَلَا تَتَرَدَّدُوا فِي فَتْحِ هَذَا المَوْضُوعِ الحَسَّاسِ مَعَ ذَويكُم، ابْحَثُوا عَنِ الأُسْلُوبِ المُنَاسِبِ وَالكلِمَةِ المُلَائِمَةِ، وَاشْرَحُوا لَهُمْ أَنَّ بَرَاءَتَهُمْ حِصْنٌ مَنِيعٌ لَا يَحِقُّ لِأَحَدٍ اخْتِرَاقَهُ، وَأَنَّ أَجْسَادَهُمْ مِلْكٌ لَهُمْ وَحْدَهُمْ، فَلَا يحِقُّ لِأَيِّ شَخْصٍ أَنْ يَلْمِسَهَا أَوْ يَقْتَرِبَ مِنْهَا.

أَيُّهَا السَّادَةُ، بُثُّوا فِي نُفُوسِ مَنْ حَوْلَكُمُ قُوَّةَ الرَّفْضِ فِي التَّعَامُلِ مَعَ كُلِّ شَخْصٍ غَرِيبٍ أَوْ فِعْلٍ مُرِيبٍ، وَجِّهُوهم إِلَى الإِبْلَاغِ عَنْ أَيِّ حَالَةِ تَحَرُّشٍ، وَأَدْخِلُوا فِي قُلُوبِهِم السَّكِينَةَ وَالطُّمَأْنِينَةَ أَنَّكُمْ سَتُصَدِّقُونَهُمْ وَسَتَقِفُونَ سَنَدًا لَهُمْ، حَتَّى يَنَالُوا حُقُوقَهُمْ القَانُونِيَّةَ.

أَيُّهَا الكِرَامُ، إِنَّ التَّوْعِيَةَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ كَلِمَاتٍ تُقَالُ، بَلْ هِيَ سُلُوكٌ وَمُمَارَسَةٌ، فَكُونُوا قُدْوَةً حَسَنَةً فِي احْتِرَامِ الآخَرِينَ وَحُدُودِهِمْ، وَكُونُوا يَقِظِينَ لِأَيِّ عَلَامَاتٍ تَدُلُّ عَلَى تَعَرُّضِ مَنْ تُحَبٌونَ لِلْأَذَى، كَالانْطِوَاءِ المُفَاجِئِ، أَوْ تَغَيُّرِ المِزَاجِ، أَو الخَوْفِ غَيْرِ المُبَرَّرِ، فَقَطْرَةُ وِقَايَةٍ خَيْرٌ مِنْ قِنْطَارٍ عِلَاجٍ.

اللَّهُمَّ أَنْزِلِ السَّكِينَةَ عَلَى مِصْرَ وَأَهْلِهَا

وَافْتَحْ لَنَا البَرَكَاتِ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ

وَبَارِكْ فِي مِصْرَ وَرِجَالِهَا وشَعْبِهَا وَجَيْشِهَا

اقرأ أيضاًالأرض المباركة في خطبة الجمعة.. تأملات في تاريخ وتجليات سيناء

إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 18 أبريل 2025

خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف كلمة «أنا» نور ونار

مقالات مشابهة

  • تغلق كل شر.. علي جمعة: 3 أعمال تفتح لك أبواب الغفران والخير
  • ما حكم ترديد الصلاة على النبي أثناء الصلاة؟.. الإفتاء تجيب
  • «الأرض المباركة».. تفاصيل خطبة الجمعة اليوم 25 أبريل 2025
  • موضوع خطبة الجمعة اليوم بمساجد الأوقاف.. كاملة ومكتوبة
  • ما هي الأعمال المستحبة عند زيارة مسجد النبي؟.. داعية يُوضح
  • ما الأعمال المستحبة عند زيارة مسجد النبي؟ أحمد الطلحي يوضح
  • حكم النقاب.. أمين الفتوى: لو كان فرضا لما منعه النبي فى الحج والعمرة
  • أمين الفتوى: لو كان النقاب فرضا لما منعه سيدنا النبي فى الحج والعمرة
  • الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة غدًا.. تعرف عليها
  • «الأرض المباركة».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة