ماذا يقلق أمريكا في التحالف الروسي - الكوري الشمالي؟
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
تبدي الولايات المتحدة قلقاً حيال دعم عسكري محتمل بين كوريا الشمالية وروسيا من شأنه إطالة أمد حربٍ طاحنةٍ في أوكرانيا وتعزيز الأهداف النووية لبيونغ يانغ.
تحتاج روسيا إلى مصادر إنتاج إضافية
وكتب براد دريس في مجلة "ذا هيل" الأمريكية، أن كوريا الشمالية تدرس تزويد موسكو بقذائف مدفعية وصواريخ في مقابل حصولها على تكنولوجيا حساسة ومواد غذائية، في صفقة قد يتم التوقيع عليها في وقت لاحق من هذا الشهر خلال زيارة مرتقبة للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون لموسكو.
وقال نائب رئيس المركز الاستراتيجي لآسيا والمحيط الهادئ ديفيد ماكسويل، إنه من مصلحة كوريا الشمالية وروسيا المضي في اتفاق كهذا، خصوصاً وأن كيم قد يرى في التجارة تعزيزاً لصورته.
وأضاف: "من وجهة نظر كورية شمالية، أعتقد أن كيم جونغ أون ينظر باهتمام إلى هذا الإجتماع لأنه يجعله على صلة بالواقع نوعاً ما...وأنا متأكد بأننا سنرى رواجاً لحملات دعائية محلية كون قوى شبه عظمى تأتي لتوسل المساعدة من كوريا الشمالية".
ولم تدعم كوريا الشمالية القوات المسلحة الروسية بشكل مباشر خلال الحرب في أوكرانيا، على رغم مما قيل عن دعمها لشركة فاغنر بالصواريخ والمدفعية. وأدى ذلك إلى فرض عقوبات على كيانات كورية شمالية مسؤولة على تسليم الأسلحة.
Why the North Korea-Russia alliance is worrying America https://t.co/Mw643MYhui pic.twitter.com/fSDMLNwkxX
— The Hill (@thehill) September 7, 2023 شويغو في بيونغ يانغ
لكن مسؤولين أمريكيين حذروا مؤخراً من أن العلاقات الكورية الشمالية-الروسية قد تتوطد قريباً.
وسافر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى كوريا الشمالية في يوليو (تموز) طالباً مساعدة عسكرية، وفق مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، الذي قال إن روسيا تحاول يائسة ملء مستودعاتها من الذخائر للحرب الأوكرانية. وأضاف: "واصلنا الضغط على القاعدة الصناعية العسكرية الروسية وها هم الآن يبحثون عن أي مصدر يتوافر لهم".
وتحولت الحرب في أوكرانيا إلى حرب استنزاف طاحنة، يأمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الانتصار فيها من طريق التفوق على أوكرانيا. ولعل القذائف المدفعية هي أكثر أنواع الذخائر التي يحتاج إليها الجانبان- وحتى الولايات المتحدة طلبت من الحلفاء (بمن فيهم كوريا الجنوبية) المساعدة في مواكبة معدل استهلاك أوكرانيا.
وتستهلك القوات الروسية قذانف مدفعية بمعدل أعلى من أوكرانيا، ومع أن موسكو لم تصل إلى درجة اليأس بعد، فإنها تحتاج إلى مصادر إنتاج إضافية، وفق ما يقول مدير الاستراتيجية الكبرى في معهد كوينسي لفن الحكم المسؤول جورج بيبي. وأضاف: "إنها حرب يتم خوضها على الموارد، وعلى القدرة لإيجاد قوى تزود خطوط القتال بالأسلحة والذخائر...إن روسيا لديها الأفضلية في هاتين الناحيتين. وهكذا فإن الروس يحاولون الحفاظ على هذه الميزة".
قاعدة صناعية قوية
وتملك كوريا الشمالية التي لا تزال في حرب من الناحية التقنية مع كوريا الجنوبية في صراع مجمد، قاعدة صناعية قوية من أجل إنتاج القذائف المدفعية. وتطلق القوات الكورية الشمالية بشكل دائم قذائف مدفعية قرب الحدود، رداً على تدريبات أميركية-كورية جنوبية مشتركة.
ولا تقيم روسيا علاقات اقتصادية مهمة مع كوريا الشمالية، على رغم من أن موسكو دأبت على دعم بيونغ يانغ، وهي فعلت ذلك إلى حد كبير من منطلق دعمها للصين، بحسب فيودور تيرتيتسكي الزميل الباحث البارز في جامعة كوكمين بسيول.
وقال تيرتيتسكي في تحليل له إنه خلال زيارة شويغو، فتحت كوريا الشمالية ذراعيها له، ورفعت الرايات الحمر وأطلقت عليه لقب "الرفيق"، بما يوحي أن بيونغ يانغ تلتفت إلى أيام الحرب الباردة أملة في تدفق المساعدة الاقتصادية من موسكو".
وسبق لكيم أن التقى بوتين للمرة الأولى في 2019، ومن ثم حافظ الرجلان على علاقات ودية مذذاك، بما فيها خلال الحرب في أوكرانيا.
ويبدو أن الولايات المتحدة تحاول التعريض بالإتفاق المتوقع بين كوريا الشمالية وروسيا أملاً في الإطاحة به. و حذر سوليفان الثلاثاء في البيت الأبيض من أن كوريا الشمالية "ستدفع ثمناً" في حال دعمت روسيا بمساعدة فتاكة.
واعتبر الناطق باسم البنتاغون البريغادير جنرال بات رايدر أن اتفاقاً لنقل الأسلحة سيعد "انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن العديدة ... وسيطيل من معاناة غير ضرورية للمدنيين الأوكرانيين الذين تأثروا بالحرب الروسية العدوانية في أوكرانيا".
وفي وقت سابق من العام الجاري، نشرت الولايات المتحدة علناً معلومات استخباراتية تتحدث عن اعتزام الصين تزويد روسيا بمساعدة فتاكة، وذلك كجزء من محاولة لثني بكين عن المضي في قرارها. ولا دلائل على حصول تجارة أسلحة رسمية بين الصين وروسيا.
ويعتبر المؤرخ العسكري في جامعة كورنيل ديفيد شيلبي: "يبدو أنه أمر إيجابي بالنسبة إلى كيم جونغ أون أن يتلقى تهديداً من الولايات المتحدة...إن ذلك يخدم سرديته التي تقول بإن الغرب يلاحقه". وأضاف أنه مع ذلك، فإن لدى الصين لنوعاً من تأثير على كوريا الشمالية، وقد تكون الولايات المتحدة قادرة على الضغط على بكين لكبح جماح الصفقة المزمعة بين كوريا الشمالية وروسيا.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني كوريا الشمالية روسيا کوریا الشمالیة وروسیا الولایات المتحدة فی أوکرانیا
إقرأ أيضاً:
لماذا يهز تعليق الولايات المتحدة للتعاون الاستخباراتي مع أوكرانيا عالم التجسس؟
نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، تقريرًا، سلّطت خلاله الضوء عن تساؤل تحالف "العيون الخمس"، الذي تأسّس في سنة 1940 ويضم الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا، حول أمن شبكته.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنّه: "خلال الولاية الأولى لدونالد ترامب، حرصت أجهزة الاستخبارات الأمريكية على طمأنة نظيرتها البريطانية بشكل منتظم".
وأضافت: "قرار ترامب تعليق شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا وتبادل المعلومات الاستخباراتية أثار جدلًا كبيرًا. بعد اللقاء الذي جمع ترامب وزيلينسكي، في البيت الأبيض، طلبت واشنطن من حلفائها البريطانيين وقف نقل المعلومات التي يتم الحصول عليها عبر تحالف "العيون الخمس" إلى الأوكرانيين، رغم الاعتماد الكبير على هذه البيانات لاكتشاف الهجمات الروسية وتحديد الأهداف الاإتراتيجية".
وتابعت: "بشكل غير مسبوق، زعزع تقارب دونالد ترامب الجلي، مع موسكو، تحالف العيون الخمس لأول مرّة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. عليه، بات استمرار هذا التحالف، الذي يضم الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا موضع الشك، لا سيما في ظل إعادة نظر أعضاء هذا التحالف، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 70 سنة، في درجة أمنه".
لغز محير
ذكرت الصحيفة أنّ: "فرنسا وبريطانيا تستمران في تقديم المعلومات الاستخباراتية لأوكرانيا، رغم محدودية فعاليتها بسبب غياب المساهمة الأمريكية. بالنسبة لوكالات الأمن البريطانية؛ يتسم الوضع بالتعقيد إذ يتعين عليها التمييز بين المعلومات المستمدة من مصادر وطنية بحتة والأخرى المتأتية من مصادر مشتركة ضمن تحالف "العيون الخمس".
وأردفت: "دفع تقارب ترامب مع موسكو بعض المسؤولين في أجهزة الاستخبارات إلى التساؤل بشأن "أمن" المعلومات المتبادلة ضمن تحالف "العيون الخمس" في المستقبل، إذ قد تصبح بعض المصادر الاستخباراتية موضع تهديد. وذهب البعض إلى حد التشكيك في استمرار تواجد الولايات المتحدة ضمن هذا التحالف بصيغته الحالية".
"في الشهر الماضي؛ اقترح المستشار الاقتصادي السابق والحليف المقرّب لدونالد ترامب، بيتر نافارو، استبعاد كندا من تحالف "العيون الخمس"، في ظل توتر العلاقات بين واشنطن وأوتاوا" بحسب الصحيفة نفسها.
ومضت بالقول: "في ظل هذا الوضع غير المسبوق اقترحت مصادر في وزارة الدفاع البريطانية إنشاء مجموعة فرعية تتيح استمرار تبادل المعلومات الاستخباراتية حتى في حال معارضة الولايات المتحدة ذلك. وأوضح أحد هذه المصادر أن: الأمر لا يتعلق بالانسحاب من تحالف 'العيون الخمس، ولكن بإنشاء العيون الأربع داخله، دون أمريكا".
من جهته؛ يرى السفير البريطاني السابق لدى الولايات المتحدة، ديفيد مانينغ، أنّ: مسألة تبادل المعلومات الاستخباراتية قد تصبح معقدة في المستقبل.
مفككي الشفرات
يعود تأسيس تحالف "العيون الخمس" إلى أوائل الأربعينيات، خلال الاجتماعات السرية المنعقدة بين خبراء فك الشيفرات البريطانيين والأمريكيين. في كانون الثاني/ يناير 1941، أي قبل أحد عشر شهرًا من الهجوم على بيرل هاربر، دُعي الأمريكيون إلى "بليتشلي بارك"، مكان تواجد المركز البريطاني السري لفك الشفرات.
وبعد انضمام الولايات المتحدة إلى الحرب العالمية الثانية، اقترحت لندن تولّي دور القيادة في جمع المعلومات الاستخباراتية بشأن ألمانيا، بينما ركّز الأمريكيون جهودهم على اليابان ومنطقة المحيط الهادئ.
وبعد الانتصار في سنة 1945، تم اتخاذ قرار بشأن تمديد هذه الاتفاقيات التي وُضعت خلال زمن الحرب. في شباط/ فبراير سنة 1946، اتفقت الولايات المتحدة وبريطانيا على تبادل المعلومات الاستخباراتية، باستثناء المتعلقة بـ"المصلحة الوطنية". وبموجب ذلك، تم تبادل ضباط الاتصال ودمج العملاء داخل مختلف الأجهزة الأمنية.
في سنة 1949، انضمت كندا إلى هذا التعاون من خلال اتفاق مع الأمريكيين. ثم، في سنة 1956، وقّعت كل من أستراليا ونيوزيلندا الاتفاقية كأطراف مستقلة، بعدما كانتا ممثلتين في السابق عبر بريطانيا.
في الوقت الراهن، بات اتفاق "العيون الخمس" يركّز بشكل أساسي على اعتراض الاتصالات والاستخبارات الإلكترونية أكثر من المعلومات المستمدة من المصادر البشرية. وبفضل وكالة الأمن القومي الأمريكية، التي تُعدّ أداة استخباراتية قوية، توفر الولايات المتحدة 80 في المئة من المعلومات الاستخباراتية داخل التحالف.
في المقابل؛ تساهم دول التحالف الأخرى بقدرات محددة، خاصة في المناطق التي تتمتع فيها بنفوذ قوي، ما يعزز فعالية التعاون الاستخباراتي.
واختتم التقرير بالقول: "إلى جانب مسألة تبادل المعلومات الاستخباراتية، يفتح الوضع الراهن أمام البريطانيين الباب للتساؤل عما إذا كانوا سيجدون أنفسهم أكثر عزلة في مواجهة روسيا. وفي مؤشر على تدهور العلاقات، أعلنت موسكو، الإثنين، عن طرد دبلوماسيين بريطانيين بتهمة: القيام بأعمال تخريبية وتجسس".
واستطرد بأن: "لندن تُعدّ من أبرز الداعمين لأوكرانيا؛ حيث تعمل على تدريب زيلينسكي على المفاوضات الصعبة من أجل السلام ويتجلّى ذلك في الزيارة التي أداها مستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول، لتقديم المشورة لفريق الرئيس الأوكراني".