هل يمهّد الأردن لخيارات جديدة في سورية؟
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
#سواليف
“الأسد يتذاكى علينا”، هذه خلاصة #الموقف_الرسمي_الأردني، الذي عبرت عنه صحيفة الغد بشفافيةٍ وواقعيةٍ، والواضح أن وزير الخارجية #أيمن_الصفدي أوصل هذه الخلاصة بصيغ وقوالب غير دبلوماسية إلى #النظام_السوري.
وقد طفح الكيل في الأردن، ولم يعد ممكنا تزويق أفعال نظام الأسد، فعل الأردن ذلك في مرحلة سابقة على أمل دفع نظام الأسد إلى تغيير سلوكه الضارّ بالأردن، أمنيا واجتماعيا واقتصاديا، إلى درجة بات الأردن رأس حربة مشروع تأهيل الأسد عربيا، وتخفيف حدّة العقوبات الاقتصادية.
المفارقة أن نظام الأسد الذي استفاد من الدور الأردني الذي ساهم في إقناع الأطراف العربية المتردّدة في قبول التطبيع معه يحاول تجاهل طلبات الأردن، والقفز على الدور الأردني، وترتيب علاقاته مع تلك الدول، بل ذهب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، أبعد من ذلك، في اجتماعات لجنة الاتصال العربية في القاهرة، في التحريض على الأردن واتهامه المملكة بأنها تضغط على نظام الأسد لإجباره على التسليم بشروط الخارج، وحسب صحيفة الأخبار اللبنانية، اتهم المقداد أيضا مصر في إشاعة هذه المناخات المعادية لنظامه.
مقالات ذات صلةأدرك الأردن، بعد جولاتٍ معقّدة من التفاوض مع نظام #الأسد، أن هذا النظام لا يرغب بالتفاعل الإيجابي مع كل القضايا المطروحة للنقاش مع عمّان، وهي قضايا ليست تفصيلية للأردن، بقدر ما هي في صلب الأمن الأردني، إلى درجة أن استمرارها بدون حلول تشكل مخاطر وجودية على الأردن، مثل قضايا #المخدرات و #المياه و #اللاجئين. وبات الأردن بسببها على بعد خطوات قليلة من حصول أزمات داخلية، كل قضية من هذه القضايا قابلة لتفجير الأوضاع في البلد الذي يقف على تخوم ساحات متفجّرة من فلسطين إلى العراق فسورية.
بدو أن نظام الأسد يخطّط لحرب طويلة في إطار سياسته عقاب الأردن والدول العربية خلفه التي يتّهمها بالوقوف ضده في الأعوام السابقة
دقّت صحافة الأردن، وخصوصا المستقلة، ناقوس الخطر، عبر رسائل غير مشفّرة مرسلة إلى نظام الأسد مباشرة، حاولت، في البداية، إيصال حجم الانزعاج الرسمي الأردني من سلوك نظام الأسد وإفهامه أن الكيل طفح، وعليه عدم المراهنة على استمرار قدرة عمّان بالتحمّل، ثم دعت إلى عسكرة الملف السوري، وإخراجه من يد السياسيين، في مؤشّر على أن الأسد لا يعطي أهمية للدبلوماسية، بدليل زيارات الصفدي الخائبة الى دمشق من حيث النتائج، الأمر الذي يوجِب تغيير المقاربة وأدوات التعاطي بما يتناسب والتحدّي الذي يفرضه نظام الأسد على الأردن.
اكتشف الأردن أن حرب نظام الأسد ضدّه تأخذ طابعا منهجيا تصعيديا، إذ وبعد أن عدّل الأردن قواعد الاشتباك، عبر التعامل مع مهربي المخدّرات بالنار، عمل نظام الأسد، في المقابل، على تطوير أدوات حربه باستخدام الطائرات المسيّرة لتهريب المخدرات في البداية، ثم الأسلحة والمتفجّرات، ما يعني وجود خطة لضرب الأمن والاستقرار في الأردن عبر أكثر من محور، ومن خلال دمج التهديدات الاجتماعية بالتهديدات الأمنية.
ويبدو أن لعبة الطائرات المسيّرة ليست حدثا عرضيا كما يمكن تصوّرها، ذلك أن النوع الذي يستخدمه النظام، ووفق خبراء عسكريين، لا يمكن أن تراه الرادارات ليلا، لأن بصمته صغيرة جدا، ثم أن حدودا طولها أكثر من 370 كيلومترا سيكون من الصعب على الأردن ضبطها، وقد يحتاج إلى جيوش رديفة من دول الإقليم والحلفاء للسيطرة عليها، أو أن يستنفد قوّة جيشه في استنفار لا يوجد أفق لنهايته، ذلك أن نظام الأسد يبدو أنه يخطّط لحرب طويلة في إطار سياسته عقاب الأردن والدول العربية خلفه التي يتّهمها بالوقوف ضده في الأعوام السابقة.
من غير المنطقي أن يبقى الأردن تحت رحمة ما تجود به مخيّلة طرفٍ صار محترفا بالإجرام والتخريب
ما هي خيارات الأردن إزاء نظام الأسد الذي لم تنفع معه جميع الطرق الدبلوماسية التي ارتكزت على قاعدة إغرائه بالانفتاح لدفعه إلى تغيير سياساته والانخراط الإيجابي مع المحيط العربي؟ من الواضح أن الأردن بات يملك بنك أهداف في سورية، سواء لخريطة مصانع الكبتاغون أو التجار والقائمين على هذه التجارة، وحتى أماكن انطلاق الطائرات المسيّرة. وفي المرحلة المقبلة، سيعمد إلى التصرّف بنفسه داخل سورية، على قاعدة أن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم، إذ إن سياسة القبض على تجّار المخدرات وإسقاط الطائرات المسيّرة داخل الأردن، وإن حقّقت بعض النجاح، إلا أن نظام الأسد استطاع تجاوزها عبر تطوير أدواته، ومن غير المنطقي أن يبقى الأردن تحت رحمة ما تجود به مخيّلة طرفٍ صار محترفا بالإجرام والتخريب.
الخيار الآخر، قد يجد الأردن نفسه مضطرّا له، وقد سبق له أن رفضه، وهو خيار المنطقة العازلة، وقد تكون بمساعدة إقليمية ودولية، خصوصا بعد تغير المعطيات، نتيجة ثورة السويداء وعودة اشتعال مناطق الجنوب، وهو ما يوفّر للأردن بيئة مناسبة للتقدّم بطرح فكرة المنطقة العازلة والحصول على تأييد خارجي، خصوصا وأنه ينطوي على حماية مكوّنات سورية من خطر الإبادة، وحينها سيكون الأسد الذي تفاخر بأن سرّ بقائه في أنه لم يقع في “الفخاخ التي صنعها له الغرب”، في مقابلته مع “سكاي نيوز عربية” قد صنع فخّه بنفسه!
ثمّة تمهيد أردني واضح لتغيير المقاربة والأدوات في التعاطي مع النظام السوري، إذ لا نظام الأسد يريد أن يتعقلن ويكفّ يد الأذى عن جارته، ولا الأردن قادرٌ على الاستمرار في لعبة خطرة باتت تتطوّر بسرعة، وتضعه في قلب الاستنزاف وعلى شفا انهيار على مستويات عديدة.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف أيمن الصفدي النظام السوري الأزمة السورية الأسد المخدرات المياه اللاجئين على الأردن
إقرأ أيضاً:
المنظمة السورية للطوارئ قلقة من التضليل المتعلق بأحداث الساحل
أعربت المنظمة السورية للطوارئ عن بالغ قلقها إزاء حملة الإعلام المضللة التي تنشر أخبارا كاذبة عن أحداث العنف التي شهدتها منطقة الساحل السوري الأسبوع الماضي.
وقالت المنظمة في بيان نشرته على منصة "إكس"، أمس الأربعاء، إنها تعرب عن بالغ قلقها حيال الحملة الإعلامية المضللة التي تهدف إلى تأجيج الفتنة الطائفية في سوريا من خلال نشر مزاعم كاذبة تتحدث عن استهداف ممنهج تمارسه الحكومة ضد الأقليات الدينية.
وشدد البيان على أن "أعمال العنف جرى تنفيذها من قبل فصائل مسلحة منفلتة"، وأن "القوى الأمنية كانت في طليعة الجهود الرامية لحماية السكان واحتواء الموقف في مواجهة محاولات فلول النظام السابق إثارة الفوضى وتأجيج الصراع الطائفي".
ولفت إلى أن "هذه الادعاءات تروج لها جهات مرتبطة بنظام الأسد وتضخمها بعض وسائل الإعلام، وتهدف إلى تشويه الحقائق الميدانية وعرقلة الجهود الرامية إلى استعادة الأمن والاستقرار في البلاد".
رفض التحريض الطائفيودعا البيان جميع الأطراف إلى ضبط النفس ورفض كل أشكال التحريض الطائفي التي تسعى إلى تأجيج الصراع وإعادة البلاد إلى دوامة العنف.
كما أعرب البيان عن دعم المنظمة لكافة الجهود الرامية إلى تحقيق العدالة وتعزيز المصالحة الوطنية وبناء مستقبل تسوده المواطنة المتساوية، بعيدا عن رواسب الماضي وصراعاته.
إعلانوفي السادس من مارس/آذار الجاري، شهدت منطقة الساحل السوري توترا أمنيا على وقع هجمات منسقة لفلول نظام الأسد، هي الأعنف منذ سقوطه، ضد دوريات وحواجز أمنية، ما أوقع قتلى وجرحى.
وإثر ذلك، استنفرت قوى الأمن والجيش ونفذت عمليات تمشيط ومطاردة للفلول، تخللتها اشتباكات عنيفة سقط فيها قتلى من رجال الأمن والجيش والمدنيين، وانتهت باستعادة الأمن والاستقرار وبدء ملاحقة الفلول وضباط النظام البائد في الأرياف والجبال.
يُشار أنه بعد إسقاط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، أطلقت السلطات السورية مبادرة لتسوية أوضاع عناصر النظام السابق، من الجيش والأجهزة الأمنية، شريطة تسليم أسلحتهم وعدم تلطخ أيديهم بالدم.
واستجاب عشرات الآلاف لهذه المبادرة، بينما رفضتها بعض المجموعات المسلحة من فلول النظام، لا سيما في الساحل السوري، حيث كان يتمركز كبار ضباط نظام الأسد.
ومع مرور الوقت، اختارت هذه المجموعات الفرار إلى المناطق الجبلية، وبدأت بإثارة التوتر وزعزعة الاستقرار وشن هجمات متفرقة ضد القوات الحكومية خلال الأسابيع الماضية.