تثقل مشقّة الطريق أعباء الوصول إلى حجرة الألف. فالصخرة الضخمة عند جبل الصبر في اليمن، بلوغها الذي يمرّ صعودًا عبر أشجار الصبّار والدروب غير المعبّدة، لا يتم إلا بشقّ الأنفس.

 

من علٍ يبدّد تعبَ الرحلة منظرُ مدينة تعز التي تنفلش بيوتها وأسواقها في الأسفل، ويؤنس تاريخ المكان من واجه الصعاب للوقوف على أطلاله.

 

وهذا التاريخ المرتبط بالمدينة الواقعة جنوب غربي البلاد، وشكلت ذات يوم عاصمة للدولة الرسولية، يصوغه السكان المحليون بتوليفة من أساطير ووقائع.

 

وعند الحديث عن حجرة الألف دون غيرها تقودهم الذاكرة إلى ما تناقلته الأجيال عن حكايا الملوك والجن، والغضب والانتقام.

 

حجرة الألف

 

تطل حجرة الألف على قلعة القاهرة من موقعها في جبل الصبر، الذي يرتفع 3200 مترًا عن سطح البحر، ليكون ثاني أعلى جبل في شبه الجزيرة العربية بعد جبل النبي شعيب.

 

وبحسب أحمد جسار، نائب مدير عام الهيئة العامة للآثار والمتاحف، استوطِن الجبل منذ القدم عن طريق تعمير مدرّجاته البديعة ذات التربة الخصبة، وذكره لسان التاريخ الهمداني على أنه الحصن المنيع في تعز.

 

بدوره، ينقل مدير المتحف الوطني في تعز رمزي الدميني، عن المؤرخين قولهم إن من سكن المكان هم ملوك الدولة الرسولية، مشيرًا إلى أن روايات عديدة ارتبطت به.

 

تهديد بالموت سحقًا

 

إحدى هذه الروايات يتضافر لقصّها عدد من جيران حجرة الألف، من بينهم أم بلال وعلي وعبده وآخرون، كل على طريقته.

 

وبحسب المتقاطع من تلك الحكايا، سكن الأمير ود بن ود العامري قصرًا في منطقة "المغربة" رفقة والدته. وعندما خرج في رحلة إلى الحج، طالت ما يقرب 6 أشهر، تركها وحدها.

 

على الأثر، توجهت مجموعة من سكان المدينة التي عانت من الفقر الشديد إلى حجرة الألف. وحمل الرجال معدات بدائية، مهددين بدفع الصخرة إلى القصر.

 

درءًا للخطر الذي شكله التهديد، عمدت أم الملك ـ التي هالها أن تسحقها الصخرة ـ إلى تلبية طلبهم، وواظبت على إعطائهم آلاف القطع الذهبية إلى أن فرغت خزنة العاهل.

 

وبعودة الملك، علم بالأمر فأقسم وقد تآكله الغضب أنه سيسقي بدمهم وادي عصيفرة أو واد آخر في المدينة.

 

كيف أمكن له الإيفاء بقسمه؟

 

بدا للملك أن قتل كل أبناء منطقة صبر ضرب من المستحيل، فاجتمع مع الأعيان والوزراء والمشايخ لإسداء النصح. وكان أن خرج أحدهم باقتراح إخضاع أهالي صبر للحجامة، ثم صب دمائهم في بركة الماء.

 

وهذا ما حصل، ثم أعقبه سكب المزيج الأحمر من علٍ باتجاه ساقية مرتّ بين الشعاب، ثم قلعة القاهرة، ومسجد المظفر، حتى وصلت إلى الوادي.

 

خاتم وجني وامرأة من الصين

 

سياق آخر للرواية يقدّمه عبد الغني عقلان، الذي يجاور في مسكنه جبل صبر.

 

يكشف الرجل أن ملكًا سكن في المغربة ومعه خاتم عجيب، مسح عليه ذات يوم فأتاه الجني بامرأة من الصين تزوجها وأنجب منها ابنَين.

 

وبعد عودتها إلى الصين سألها والدها عن هوية الصغيرين فأخبرته عن زواجها عقب "رحلة" الخاتم. وبينما كانت تقصّ عليه تفاصيل المكان، روت أن من رأتهم كانوا يأكلون الأشجار، فأمرها بأن تحضر إحداها متى عادت إلى ذاك المكان.

 

عقب الرحلة التالية نفذت ما طلبه والدها، غير أن يمنيًا مرّ بجوار القصر وأكل الشجرة، وأخبر الرجل أنها الشجرة التي يأكل منها ملك "الصبر" في تعز.

 

وبرفض الرجل الصيني عودة ابنته إلى المدينة اليمنية، مسح الملك على خاتمه وحمله الجني إليها، تاركًا والدته وحيدة في القصر، الذي يقع أسف صخرة كبيرة.

 

فتحيّن أبناء المنطقة الفرصة لابتزازها. ومقابل الامتناع عن دفع الصخرة باتجاه القصر، تحصّل كل واحد منهم على ألف قطعة ذهبية أسبوعيًا.

 

غضب الملك لدى عودته من الصين برفقة زوجته ونجليه، وأقسم على ملء سد عصيفرة من دم أبناء صبر.

 

وحفاظًا على ذاك القسم، نصحه أحد جلسائه من الأذكياء بإقامة وليمة، يجرح في أعقابها أبناء صبر أيديهم لتسيل دماؤهم في بركة ماء يُسقى منه وادي العصيفرة.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن تراث حكايا جبال اليمن

إقرأ أيضاً:

تفاصيل انقلاب بوليفيا والقبض على عسكريين

قال وزير الداخلية البوليفي إدواردو ديل كاستيلو للتلفزيون المحلي اليوم الخميس، بأن نحو 12 ضابطا بالجيش تم القبض عليهم عقب محاولة الانقلاب يوم الأربعاء، مضيفا أنهم يواجهون اتهامات قد تؤدي إلى أحكام بالسجن تتراوح مدتها بين 15 و30 عاما.

وخلال الانقلاب الفاشل الذي استمر لساعات، تجمعت وحدات عسكرية بقيادة الجنرال خوان خوسيه سونيغا الذي تم إقصاؤه في الآونة الأخيرة من قيادة الجيش في ساحة بلازا موريلو المركزية حيث يوجد القصر الرئاسي والبرلمان.

واقتحمت مركبة مدرعة مدخل القصر ليندفع جنود إلى الداخل.

وانسحب الجنود في نهاية المطاف واستعادت الشرطة السيطرة على الساحة، وانتقد الرئيس لويس آرثيه محاولة الانقلاب وسرعان ما أعلن تعيين قائد جديد للجيش.

وقال ديل كاستيلو إن سونيغا أُبلغ مساء الثلاثاء بأنه سيتم تجريده من منصبه لأن سلوكه «لا يتماشى مع الدستور».

واستقبل سونيغا النبأ بهدوء، وفقا لما قاله ديل كاستيلو.

وأضاف “لكن لم يكن أحد يتخيل أنه في اليوم التالي -قبل التسليم الرسمي للمناصب- سيكون هناك انقلاب فاشل في بلادنا”.

مقالات مشابهة

  • حزب الإصلاح يشيد بموقف الصين تجاه اليمن ويعلن التطلع لدور مستقبلي
  • اتفاقية يمنية صينية لإحياء العلاقات في مجال الكهرباء والطاقة
  • ما حكم المال الذي يُصرف للمتبرع بالدم على سبيل المكافأة؟ الإفتاء تجيب
  • منزل الأسطورة بيليه يتحول إلى مقبرة للذكريات
  • تحرك مهم ونوعي قد يقلب الأمور رأسا على عقب.. الحكومة تدعو الصين للتدخل والعودة إلى اليمن
  • بعد «كيرة والجن».. «عز» و«كريم» في عمل فني جديد
  • الأخضر يشارك اليمن صدارة المجموعة الأولى في ختام منافسات الجولة الثانية من بطولة الديار العربية لمنتخبات غرب آسيا
  • تفاصيل انقلاب بوليفيا والقبض على عسكريين
  • بعد "الانقلاب الفاشل".. القبض على عسكريين في بوليفيا
  • اليمن: فتح طريق تعز يشل أسواق صنعاء