قال مسؤول استخباراتي أمريكي سابق، ومحللة أمنية وعسكرية لعقيدة الجيش الروسي، إن الكرملين يواصل الانخراط في ألعاب عقلية نفسية، بالتلويح باللجوء إلى السلاح النووي، لكن الغرب هو من سمح لنفسه بالخضوع لهذا التأثير المدروس.

وأشار الخبيران، ديفيد شيد القائم بأعمال مدير وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية سابقا، والباحثة بعقائد الأمن والجيش الروسي الدكتورة إيفانا ستراندر بمقال في مجلة فورين بوليسي، ترجمته "عربي21"، إلى أن التكتيك الأكثر فعالية الذي استخدمه بوتين هو استخدام الابتزاز النووي مستغلا مخاوف الغرب من تصعيد الحرب في أوكرانيا.



وقالا إنه استخدم هذا التكتيك مرارا لردع الغرب بنجاح عن زيادة المساعدات العسكرية لأوكرانيا، وتوفير أنواع جديدة من الأسلحة، والدعم الكامل لانتصار كييف على موسكو.



وأوضحا في المقال أن هذه التلاعبات، تعكس الأسلوب السوفييتي القديم المتمثل في التحكم الانعكاسي، والذي يعني حملة متواصلة لتغذية الخصم بالمعلومات التي تم تصميمها لدفع هذا الخصم إلى التصرف، بمحض إرادته، لمصلحة الكرملين. وفي سياق الحرب التي تخوضها روسيا لإخضاع أوكرانيا، يدرك بوتن أن لا شيء يضغط على أزرار الغرب أفضل من التهديد بالتصعيد النووي.

وقالا إن بوتين، اعتمد على المخاوف الغربية من التصعيد النووي للتلاعب بأنصار أوكرانيا في واشنطن وبرلين والعواصم الغربية الأخرى، وكانت النتيجة الردع الذاتي خوفا من دفع بوتين إلى أبعد مما ينبغي.

وقد سمحت إدارة بايدن، على وجه الخصوص، بأن يتلاعب بها بوتين بهذه الطريقة، ولقد حدت من المساعدات العسكرية، ووضعت قيودا صارمة على كيفية استخدام أوكرانيا لأسلحة معينة، وأخرت الإذن المطلوب لمختلف حلفاء الناتو لإعادة تصدير الأسلحة الأمريكية الصنع إلى أوكرانيا. إذا كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يريدون حقا أن تنتصر أوكرانيا، فقد حان الوقت لكشف تلاعب الكرملين.

وبدأت روسيا لعبة التصعيد النووي، بحسب المجلة، بمجرد بدء الحرب في شباط/ فبراير 2022. وكتحذير للغرب من الوقوف في طريقها، وضعت روسيا قوتها النووية في حالة تأهب قصوى. وفي أيلول/ سبتمبر 2022، حذر بوتين الغرب بأن يأخذوا تهديداته المتعلقة بالأسلحة النووية على محمل الجد.

وبعد بضعة أسابيع، ذكر الرئيس الأمريكي جو بايدن الأمريكيين بأن العالم يواجه "هرمجدون" نووية محتملة، ومثلها مثل كلب بافلوف الشهير، لم يكن بوسع وسائل الإعلام الغربية إلا أن تقفز على السيناريوهات المروعة للحرب العالمية الثالثة. وخوفا من التصعيد، رفضت إدارة بايدن إرسال أسلحة مختلفة إلى أوكرانيا، بما في ذلك الصواريخ الأطول مدى، مثل أنظمة الصواريخ التكتيكية التابعة للجيش.

ورأى الكرملين أن تكتيكه نجح، وفي شهر حزيران/ يونيو الماضي، أكد رجل بيلاروسيا القوي ألكسندر لوكاشينكو علنا أن روسيا كانت تنقل رؤوسا نووية تكتيكية إلى بيلاروسيا. وفي الأسبوع التالي، حذر بايدن من أن هذا يشكل تهديدا حقيقيا لاستخدام بوتين للأسلحة النووية في الحرب. وفي الأسبوع الماضي فقط، أعلنت روسيا أنها وضعت نظام الصواريخ النووية المتقدم سارمات في "المهمة القتالية"، محذرة أعداء موسكو "فكروا مرتين".

ويدرك بوتين تمام الإدراك أن ذكرى الحرب الباردة والتهديد الدائم بالحرب النووية لا يزال باقيا في أذهان الناس ــ وأن أي حديث عن هجوم نووي يؤدي تلقائيا إلى إطلاق سيناريو هرمجدون في الذاكرة الجماعية. ولذلك فهو ومساعدوه لا يتعبون أبدا من الضغط على زر الخوف النووي.

ورغم أن التهديدات النووية الروسية تثير انزعاج العديد من صناع السياسات في الغرب، فإن رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، كيريلو بودانوف، يعتقد أن روسيا تخادع. وربما كان على حق، لا سيما في ضوء الأولوية القصوى الممنوحة للتأثير على العمليات في الفكر الروسي.

وينص موقع وزارة الدفاع الروسية رسميا على ما يلي: "حرب المعلومات هي المواجهة بين دولتين أو أكثر في الفضاء المعلوماتي، وهي تلاعب نفسي هائل بالسكان لزعزعة استقرار الدولة والمجتمع، وكذلك إجبار الدولة على اتخاذ قرارات لصالح القوة المعارضة".

وقال مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز إن "اليأس المحتمل" قد يدفع بوتين إلى إصدار أمر باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية. لكن بوتين ليس لديه أي حافز عقلاني لاستخدام الأسلحة النووية. أولا، في غياب النصر الصريح، فإن استراتيجيته الرئيسية تتمثل في الدخول في حرب طويلة الأمد، إما استنفاد رغبة الغرب وقدرته على دعم أوكرانيا أو انتظار انتخابات الولايات المتحدة وغيرها من الانتخابات لتفرز زعيما أكثر ودية لروسيا، وإن المواجهة النووية يمكن أن تعيق تلك النتيجة المفضلة.

أما الأمر الثاني فيبدو أن الصين والهند وهما شريكان مهمان تعتمد عليهما روسيا حذرا بوتين بالفعل من استخدام الأسلحة النووية. وثالثا، من المرجح أن يصل أي تساقط إشعاعي في أوكرانيا إلى روسيا نظرا للمسافات القصيرة والرياح الغربية السائدة في المنطقة.

وقال المختصان، إنه حان الوقت لواشنطن أن تدرك حقيقة ألاعيب بوتين وتتوقف عن تضخيم المخاوف التي تزرعها موسكو عمدا. والخطوة الأولى هي تغيير محتوى الخطاب، ولتحقيق هذه الغاية، قال بايدن إنه إذا استخدمت روسيا الأسلحة النووية، فإنها "سوف تصبح منبوذة في العالم أكثر من أي وقت مضى".



وهدد مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان "بعواقب كارثية" إذا صعدت روسيا إلى استخدام الأسلحة النووية. وهذه بداية جيدة: فبدلا من تضخيم رسائل الكرملين بسيناريوهات هرمجدون، يجب أن تدور الحجة حول ما قد يحدث إذا استخدمها بوتن. وقد تكون إحدى العواقب الانتقامية غير النووية، مثل تدمير أسطول البحر الأسود التابع للبحرية الروسية.

والأهم من ذلك هو أن ما تفتقده معظم الحكومات الغربية هو بذل جهد استراتيجي شامل لمعالجة عمليات النفوذ الروسية وغيرها من وسائل التلاعب. إحدى الخطوات الفورية هي أن يصدر بايدن أمرا تنفيذيا يطالب كل رئيس وزارة ووكالة أمريكية بالالتزام برد على مستوى الحكومة لمواجهة الحرب النفسية وحرب المعلومات الموجهة إلى الولايات المتحدة. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى زيادة الوعي بهذه العمليات، وتقليل فعاليتها، وتوجيه المزيد من الموارد نحو المشكلة.

كما قالا إنه يجب على بايدن أيضا تعيين إدارة أو وكالة لتنسيق العمليات المعلوماتية الخاصة بالولايات المتحدة، بهدف مواجهة رسائل الخصوم وضمان تنسيق هذه العمليات بين مختلف أجزاء الحكومة. ويجب على مجلس الأمن القومي الأمريكي، الذي يعتمد على الإدارات والوكالات الرئيسية، تعزيز وتنسيق الجهود المماثلة بين حلفاء الولايات المتحدة وشركائها.

وشددا على أنه لا ينبغي للغرب أن يقع فريسة للألعاب النفسية التي تمارسها روسيا، ولقد حان الوقت لكي تتوقف إدارة بايدن عن التصرف بالطريقة التي خطط لها بوتين أن تتصرف بها، منذ نهاية الحرب الباردة، عبر تدهور استخدام واشنطن للعمليات المعلوماتية وسط التركيز على القوة الصارمة، والتلاعب بالغرب من خلال هذه التهديدات.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة النووي بوتين امريكا النووي بوتين اوكرانيا صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة استخدام الأسلحة النوویة الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

صحفي يحرج بايدن بسؤال عن بوتين.. والبيت الأبيض في موقف حرج

أوضح الخبير الأمريكي جيفري ساكس أن تهرب الرئيس جو بايدن من الإجابة عن أسئلة حول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يظهر بوضوح أن بايدن لم يعد هو من يتخذ القرارات الرئيسية في الإدارة الأمريكية.

وفي مقابلة مع قناة "Judging Freedom" على منصة "يوتيوب"، علّق ساكس على رد فعل بايدن تجاه سؤال من أحد الصحفيين حول بوتين، قائلاً: "بايدن لم يعد يتواصل بشكل مباشر مع الشعب الأمريكي. نراه يلوّح أو يصرخ على الصحفيين أثناء توجهه إلى المروحية، ولكننا لم نعد نسمع منه أي شيء ذو مغزى". 

 

وأضاف ساكس: "هذا الوضع مقلق للغاية، خاصة وأننا في خضم أزمة خطيرة. يبدو أننا لا نعرف من يتخذ القرارات في البيت الأبيض، ويبدو بوضوح أنه ليس بايدن". وربط الخبير بين هذا السلوك والفوضى التي تعيشها الإدارة الأمريكية، خصوصًا مع تصاعد الصراع في أوكرانيا.

 

وأشار ساكس إلى أن التصعيد المستمر في أوكرانيا هو المحور الرئيسي، حيث "روسيا تحقق تقدمًا، وأوكرانيا تواجه نقصًا حادًا في القوات"، مضيفًا أن "الغرب، وخاصة بريطانيا، أصبح أكثر عدوانية من الولايات المتحدة نفسها".

 

وكانت صحيفة "نيويورك بوست" قد ذكرت أن بايدن أثناء اجتماع في البيت الأبيض مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، وبخ صحفيًا سأله عن تصريحات بوتين بشأن احتمال وقوع حرب إذا سمح لواشنطن باستخدام أسلحة بعيدة المدى ضد روسيا. ورد بايدن بحدة قائلاً: "أقول لك أن تصمت حتى أتكلم". 

 

في الوقت ذاته، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن أي مشاركة مباشرة من الغرب في الأزمة الأوكرانية ستغير جوهر الصراع بشكل كبير، وقد تصل إلى حالة حرب مباشرة مع روسيا.

 

الجيش الأردني يحبط محاولة طائرة مسيرة العبور إلى أراضي المملكة

 

أفادت وكالة "رويترز" أن الجيش الأردني أعلن اليوم عن إحباطه محاولة طائرة مسيرة غير مأهولة دخول الأجواء الأردنية قادمة من خارج الحدود. 

 

وقال مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية إن القوات رصدت الطائرة أثناء محاولتها عبور الحدود إلى داخل المملكة، وتم التعامل معها فوراً باستخدام وسائل الدفاع الجوي المتاحة، مما أدى إلى إسقاطها قبل أن تصل إلى الأراضي الأردنية.

 

وأكد المصدر أن الجيش الأردني سيواصل التصدي لأي محاولات تهدد أمن واستقرار المملكة، مشيراً إلى أن القوات المسلحة في حالة تأهب دائم لمواجهة مثل هذه التحديات التي تشهد تصاعداً في المنطقة.

 

ويأتي هذا الحادث في إطار سلسلة من المحاولات التي أحبطتها القوات الأردنية مؤخراً لمنع تهريب المواد المهربة والأسلحة عبر الحدود، مما يعكس التحديات الأمنية التي تواجه المملكة.

مقالات مشابهة

  • الغرب يسعى لمعاقبة روسيا من خلال دول في آسيا الوسطى
  • ترامب: نحن قريبون من حرب عالمية ثالثة مع انتشار الصراعات في ظل انتشار الأسلحة النووية
  • ترامب: كان من الممكن أن نصل إلى اتفاق مع روسيا بشأن أوكرانيا
  • صحفي يحرج بايدن بسؤال عن بوتين.. والبيت الأبيض في موقف حرج
  • كيف ستكون الحرب النووية بين روسيا وأميركا؟ ومن سينجو؟
  • الناتو يترك للدول الأعضاء حرية اتخاذ القرار حول استخدام أوكرانيا للصواريخ بعيدة المدى ضد روسيا
  • استنفار إسرائيلي.. كيف يتلقّف لبنان التلويح بعملية برية وشيكة؟!
  • مسؤولان أمريكيان لـCNN: فريق بايدن ليس لديه خطط وشيكة حول اقتراح محدث لوقف إطلاق النار في غزة
  • هذه الأسلحة ستكون أشد فتكا من الأسلحة النووية والعالم يتسابق لامتلاكها
  • روسيا ترفع عدد قوات الجيش للمرة الثالثة خلال الحرب على أوكرانيا.. كم وصل؟